رغم مضي قرابة أسبوع كامل علي الحدث الإعلامي الكبير برنامج' المصريون' الذي اتحدت في سبيل تقديمه سبع قنوات مصرية' رسمية وخاصة' إلا أن هناك الكثير من الأسرار والخفايا التي تستحق أن نتوقف أمامها الآن لنرويها. إلي جانب تقييم تلك التجربة الإعلامية دون انفعال أو مجاملة لاسيما وأن فكرة اندماج القنوات المصرية سواء العامة والخاصة في الأحداث المهمة والمؤثرة التي تعيشها مصر ليست بالجديدة فقد سبق تقديمها مرارا من قبل إلا أن الجديد في الأمر هذه المرة يكمن في حالة الاختلاف التي كان عليها بعض من مسئولي تلك القنوات قبل بداية البث حيث كان البعض منهم يرفض الفكرة وقبل بها علي مضض كيلا يتعرض لهجوم شديد ويتهم بعدم الوطنية. وحسب ما قاله مصدر باتحاد الإذاعة والتليفزيون فإن: الفكرة بالفعل كانت تلقي بعض الاعتراضات من بعض القنوات حيث رفض البعض فكرة البث الموحد من مكان واحد وطلب أن يتم البث من الاستوديوهات علي أن يوحد الموضوعات والشعار وشكل البرامج من ناحية الفواصل والخلفيات لكن تم رفض طلبها, وبعض القنوات الأخري رأت أن تنفيذ البث الموحد لن يفيد إنما ترجمة الأعمال إلي لغات مختلفة أفضل وتوضع عليها شعارات القنوات وترسل إلي قنوات أجنبية لبثها هناك توضح الموقف وتفيد توجهات الدولة والقضية وترد علي ما يقوله الغرب عن مصر وعلاقات المسلمين بالمسيحيين, لكن تم تأجيل الفكرة وعقدت علي مدي ثلاثة أيام اجتماعات لبدء خطوات التنفيذ, وتم إسناد الإشراف إلي إدارة البرامج الاستثمارية تحت قيادة أحمد طه وتخصيص ميزانية خاصة له وبالفعل تم توجيه أكثر من وحدة إذاعة خارجية إلي هناك لنقل البث, ورغم بعض المشاكل الصغيرة مثل: عدم القيام ب'بروفة جنرل' أو نهائيه- للجميع ووصول البعض متأخرا إلا أن فكرة التجمع الأولي جاءت من أحمد طه الذي رأي استغلال السلم الموجود في الخلفية دائما لبدأ الحلقة وترك كل مقدم منهم أن يرتجل الكلمة مع البدء بالأقدم والأكبر ثم الأصغر ثم الأكبر وهكذا,وتم اختيار الخلفية الموسيقية لعمرو مصطفي كما تم الاعتماد في الفواصل علي مقطع من أغنية أم كلثوم( كنوا كراما تحت ظل العلم). وكما شاهدنا تم التنفيذ في السابعة والنصف بدلا من السابعة بسبب تأخر عدد كبير من مقدمي البرنامج جراء حركة المرور, لكن أتضح من الارتجال في الكلام عدم معرفة البعض مضمون وهدف رسالة البث الموحد وإنتاج البرنامج فتحدث كل فرد منهم في اتجاه, فتحدثت مني الشاذلي عن الاختلاف في القنوات والثقافات والأجيال بدعوي أن الجميع يجب أن يصنع سدا لمنع الطوفان بينما اكتفي محمود سعد بتقديم تهنئة بالعيد فقط, في حين قالت لميس الحديدي أن هذه الوقفة وهذا التجمع لن يفيد شيئا ولن ينهي الأزمة ولن ينهي الوجع ولكن هي جاءت لتقول للجميع إنها وزملاءها المذيعين يشعرون بنا كشعب ويشعرون بأحزاننا, ثم جاءت باقي الكلمات تسير في خط الدعوة للهدوء وأننا شعب واحد. كما كان لافتا وجود تباين شديد في نوعية فقرات البرنامج فبعضها إعداد مقدمي البرنامج أنفسهم,وبعضها لم يخرج بجديد عما سبق طرحة في الأيام السابقة التي تلت وقوع حادث الإسكندرية. كما صعب علي كثير من المشاهدين فهم لماذا حشد كل هذا العدد الكبير من مقدمي البرامج( محمود سعد, أسامة منير, ريم ماجد, وريهام السهلي, خيري رمضان لميس الحديدي, رولا خرسا, لبني عسل, تامر أمين, شريف عامر, معتز الدمرداش, مني الشاذلي, مني الشرقاوي) في برنامج واحد لم تتجاوز مدته3.5 ساعة فلم يستسغ بعض المشاهدين ذلك التشتيت ورأوا انه كان من الأفضل اقتصار الأمر علي أربعة مذيعين او خمسة بالكثير يتناوبون فيما بينهم تقديم فقرات البرنامج فيما يشبه الصالون الثقافي من خلال إعداد جيد ولا يترك الأمر هكذا لارتجال المذيع واجتهاده في طرح الأسئلة ومناقشة الضيف فلا يعقل ان يكون الهدف فقط من برنامج بفكرة المصريون هو التأكيد علي أن القنوات المصرية تستطيع التجمع فورا للرد عن أزمات الوطن في اي وقت! ورغم ذلك شهد البرنامج العديد من الفقرات والحوارات المهمة أبرزها ما جاء من الأنبا موسي في حواره عن شخصية البابا والقضايا التي يهتم بها وقصة الكنيسة المصرية التي دائما ما كانت تعبر عن مصر وحديث جمال الغيطاني عن ظروفه الصحية واتصال مندوب البابا بالأب ميخائيل كي يصلي من أجل شفائه, نقيب الصحفيين مكرم محمد احمد: لابد أن نعمل تشخيصا للمشاكل وتشديده علي ضرورة أن تكون هناك صراحة وقلب مفتوح, مطلوب أناس عقلاء, وعلاج قصير المدي وطويل المدي فالتعاطف جميل ولكنه ليس الحل فلابد من إطار زمني وآلية للتنفيذ, إلي جانب تأكيد د.مصطفي الفقي, أن الرئيس مبارك أولي الملف القبطي ما لم يوليه رئيس سابق, وحرص حمدي رزق علي الإشارة إلي أن الحدث أظهر عمق الوحدة الوطنية والحزن القبطي هو حزن لمصر كلها'. وتناول البرنامج لتلك العلاقة الوطيدة التي تربط بين البابا وشيخ الازهر د.أحمد الطيب وكيف تعبر مؤسسة الأزهر عن جوهرالإسلام المعتدل وسعي البعض للنيل من دورها وهو ما أدي للتطرف, ودعا البرنامج إلي استعادة الأزهر لدوره كمؤسسه دينية وتنويره وثقافية كما أوضح البرنامج حال التلاحم في الأعياد بين المسلمين والمسيحيين. كما شهد البرنامج العديد من اللافتات الإنسانية الرائعة علي لسان ضيوفه منها ما قاله الموسيقار عمار الشريعي:' لم انم من3 أيام كنت موجوعا بالمواطن المصري جواي, كلمت ناس كثير نلحن نغني نعمل أي شيء زي ما حصل في حرب أكتوبر..' يا جماعة دي كارثة لكننا أصحبنا علي قلب رجل واحد. وما قاله النجم الكبير عادل إمام: لا ينبغي أن نعلق علي شماعة إسرائيل فهذا إرهاب ونحن بلد قوي وهناك من يسعي لزعزعة أمن واستقرار مصر فيجب أن ننتبه ونتصدي للإرهاب'. وتأكيد الفنانة يسرا: أحنا أخوات طول عمرنا وبنعيش في حب وسلام مسلم جنب مسيحي فربنا اصطفي مصر بالديانات الثلاث وبالأمان لأرضها وبالتسامح والسلام لشعبها, وقول الفنان هاني رمزي:' مفيش دين بيقول إعمل شر, كل الأديان تدعو للخير والحب والسلام.