ربما لا يوجد قانون يعاقب من يتعمد تقديم البرامج" التافهة" ويهدف إلى تغييب وتسطيح عقل المشاهد! وربما نختلف - أنا وأنت - في تحديد إجابة واحدة لهذا السؤال؟ ما الفائدة التي عادت علينا من كم البرامج المختلفة التي أذاعتها القنوات الفضائية منذ بداية شهر رمضان ؟! ولكن الأمر المؤكد إلى درجة اليقين أن غالبيه تلك البرامج لا نحتاجها في شهر الصوم ولا في بقيه شهور العام خاصة وان أحداثها خدشت حياء المشاهدين بما تضمنته من فضائح وجنس ومخدرات ! فهل يستحق المشاهد المصري ذلك ؟ وهل هان إلي درجه أن تصبح الراقصات ومطربي الكباريهات هم نجوم مجتمعه فتتسابق البرامج -عن عمد - لاستضافتهم واستعراض فضائحهم التي لا حصر لها ؟ أغلب الظن أن السؤال لا يجب أن يطرح هكذا لأنه لا يكفي أن تكون الاجابه: لا يستحق المشاهدين ذلك! ربما ستكون أجابه غير كافية .. فما حدث من تحول إعلامى تلفزيوني إلى درجة الانحلال الاخلاقى على مدار الأيام المنصرمة من شهر الصيام أخطرمن أن نجلس جميعا في سرادق عزاء نعدد مناقب المرحوم " الإعلام الراقي والنظيف "! فالشيىء الأهم حاليا هو أن نسال أنفسنا : هل يوجد أمل في تصحيح مسار الإعلام التلفزيوني ؟ فإذا كانت الإجابة نعم ، إذا ما الخطوة الأولي علي طريق هذا الأمل؟ ما دورك وما دوري وما دور المجتمع ككل في المرحلة المقبلة ؟ الخطوة الأولى تبدأ بكشف حقيقة ما قدمته تلك البرامج من مواد في رأى الكثيرين ممن التقينا بهم هى أخطر على العقل من المخدرات وأقرب إلى الجريمة المكتملة الأركان التي يجب ألا تمر دون عقاب لكل من أسهم فيها ولو بذنب صغير . فالتلفزيون المصري الذي احتفل قبل أسابيع قليلة بخمسين عاما على نشأته لم تتناسب برامجه مع عمره ووقاره إثر إقدامه على إنتاج وعرض برنامج " 100 مسا" الذي تقوم فكرته على قيام الفنانة الشابة " ميس حمدان " بتقديم بعض الاسكتشات الكوميدية والاستعراضية تقوم فيها بتقليد الفنانين وبعض المواطنين البسطاء في مواقف ساخرة قدمت بشكل فج غلب عليه الابتذال في الملابس والحركات والتدني في اللغة المستخدمة مما أثار حفيظة البعض واعتبروه إساءة للمصريين ، وعبروا عن ذلك تارة بالشكاوى وأخرى بإنشاء "جروبات على الفيس بوك " تطالب وزير الإعلام أنس الفقى بالتدخل فورا لوقف هذا البرنامج الذي تكلف إنتاجه 13 مليون جنية ولم يجنى المصريين منه إلا الإهانة! في حين شهد برنامج " أسمع كلامك " تقديم دينا رامز واقعة أخرى مبتذلة عندما كشفت الراقصة لوسى عن معايير اختيار الضيوف في هذا البرنامج قائله :" أنا لو ما كنتش رقاصة ما كنتشي تستضيفيني هنا، وأردفت .. أنا فخورة إنى رقاصة ولن أتوقف أبدا عن الرقص ، قالتها وسط تصفيق الجمهور المأجور الموجود فى بلاتوه التصوير وابتسامة دينا رامز ومباركتها لما تقول !
الجريئة والمشاغبون بلغت ذروة برامج الابتذال إثارتها في غالبية حلقات برنامج " الجريئة والمشاغبون من تقديم المخرجة إيناس الدغيدى ، والتي لا يعرف أحدا سر حرص إدارة التلفزيون المصري على أن تكرر تجربتها في تقديم البرامج بعد كم الانتقادات الكثيرة التي نالها برنامجها "الجريئة" في رمضان الماضي ، و بدلا من أن تبتعد الدغيدى وتعود إلى عملها الأصلى عادت لتطل عليهم ببرنامج جديد حصلت عنه على أاجر مالي 1,5 مليون جنيه ، مع حقها الكامل في اختيار ضيوف البرنامج ونوعية الأسئلة التي تطرحها عليهم دون تدخل من أى مسئول رقابي بالتلفزيون ، وهو ما أثمر عن أسئلة غاية في الجرأة والابتذال من نوعية سؤال وجهته إلى الملحن الكبير حلمي بكر : كيف تعيش كرجل مع زوجة أصغر منك بأربعين سنة ؟ والمغزى من السؤال واضح لاسيما بعد أن رد عليها بكر بافتخار : زى الفل .. لافتا إلى إنها الزوجة رقم ثمانية. بينما فى حلقة المستشار مرتضى منصور وصلت مفردات الحوار إلى الحديث عن السراير في سابقة هي الأولى من نوعها في التلفزيون المصري ، وذلك عندما سألها مرتضى : ما الذي تريدين قوله في أفلامك فإجابته الدغيدى : حاجات كثير ففى واحد من أفلامي وهو "عفوا أيها القانون" كانت فكرته تناقش لماذا يعطى القانون للرجل الحق فى أنه لو ضبط خيانة زوجته وقتلها تعتبر جنحة ولكن إذا حدث العكس تعتبر جناية؟ ، ورد عليها منصور مستنكرا :" دى قضية فاسدة .. القانون مش قانون سراير، فعاتبته الدغيدى بتلقائية وهى تبتسم : ده القانون معمول عشان خاطر السراير! الحلقة المذاعة في شهر رمضان شهدت أيضا مهاجمة الدغيدى لكل امرأة ترتدي الحجاب قائلة :" أنا ضد الحجاب والخمار .. المجتمع كله يرتدى الحجاب لسبب اقتصادي أو اجتماعي ، وعن نفسي فقد جربت ارتداء الطرحة ووجدت شكلي بقى وحش خالص فقلت لنفسي ليه أبقى وحشة طالما إن ربنا أعطاني شويه شعر حلوين لازم أبينهم " ، عندئذ لم يملك مرتضى منصور إلا أن يدعو لها بالهداية ، فلم تمهله الدغيدى وقاطعته قائلة : ربنا يهديك أنت .. أنا ذهبت لأداء فريضة الحج مرة وقمت بأداء العمرة 14مرة! كما شهدت قنوات التلفزيون المصري نوعية أخرى من البرامج الهابطة المبتذلة فى لغتها ومحتواها أبرزها "مصري أصلى " لعمر طاهر و " أسعد الله مساءكم " لاكرم حسنى الشهير بسيد ابو حفيظة والذي تكلف سبعة ملايين جنيه ، و" بالمقلوب " للفنانة منى هلا و" فبريكانو" للفنانة انتصار و "حيلهم بينهم من الآخر" للفنان ادوارد ، و" حمرا " لإبراهيم عيسى. القنوات الفضائية المصرية الخاصة هي الأخرى لم تخلو برامجها من الابتذال والإثارة أبرزها ما جاء فى برنامج "حوار صريح جدا " لاسيما فى حلقة المطرب الشعبي أحمد عدوية وزوجته ، والتى شهدت حديثا عن المخدرات والخمر والقوة الجنسية .. وذلك عندما فوجىء جمهور المشاهدين بمقدمه البرنامج منى الحسيني تسال عدوية عن الحادث الذى تعرض له قبل سنوات ، ودخل على أثره فى غيبوبة أثرت على قدراتة الصحية ، فأوضح عدوية بأنه كان فى سهرة مع أحد الأمراء العرب والذى قم بوضع جرعة هيروين ومواد مخدرة بمشروب تناوله عدوية على الفور مما تسبب فى تعرضه لأزمة صحية حادة ودخوله فى غيبوبة استمرت عده أيام وانتقلت منى بالسؤال الحرج الى زوجه عدوية التى فطنت لما تقصده مذيعة البرنامج ولذا لم تتردد فى أن تجيبها بالقول : ناس كتير قالوا ان الأطباء أجروا لعدوية في أثناء الغيبوبة عملية في منطقة حساسة ولكن أنا أؤكد لكم جميعا أن عدوية راجل 100% ، والغيبوبة لم تؤثر إلا على قدرته على المشي فقط لا غير وأنا زوجته وأشهد على ذلك !
ثلاثي القاهرة والناس وفى قائمة الابتذال أيضا وتقديم الإثارة جاءت البرامج الثلاثة المذاعة على قناة القاهرة والناس وهى " بدون رقابة " تقديم وفاء الكيلانى والذي يعيد تقديم حلقات سبق إذاعتها منذ شهور على قناة LBC بمايمثل نوعا من الخداع والتدليس على المشاهد ! ناهيك عن ما يقدم في برنامجي " بلسان معارضيك " لطونى خليفة و" مع نضال الأحمدية " والأخير شهد واقعة مؤسفة للغاية في حلقة المطرب الشاب رامي عياش الذي تحدث عن المخرج اللبناني الكبير " سيمون أسمر " والذى يعود له الفضل فى اكتشاف عشرات المواهب الغنائية من بينهم رامي نفسه إلا أن الحلقة وبمباركة مقدمتها شهدت هجوم شديد القسوة من رامى بقوله : لقد وعدت سيمون أسمر في الماضي أنه في حال تكلم عني بالسوء فسأرد عليه وسأجلسه في بيته ولن يكون له الجرأة لأن ينظر في وجه أحد أبدا .. أولاده من عمري فعيب أن أفضحه .. ولذا اقول له في حال تكلمت عنى ثانية .. فسأمحوك من الوجود ! والغريب موقف نضال كإعلامية انتظر منها الجمهور أن تكبح غضب رامى عياش ، إلا أن الكاميرا أظهرت قسمات وجهها وعلامات الزهو تطل منه ببرنامجها الذي نجح في إشعال نار الفتنة بين التلميذ والأستاذ كما جعل عقل كثير من المشاهدين يشطح بعيدا في الخيال كي يحاول التعرف عن تفاصيل ما جرى بين رامى عياش وسيمون أسمر ليجعل من الأخير عرضه للتهديد بفضيحة مخجلة لا يقدر على يواجهه أبنائه بها!
" 2 فى 2 " وقفة لابد منها وبعدها نواصل .." المتامل لنوعية مقدمى تلك البرامج يجد أن المقولة الشهيرة للفنان الكبير عادل أمام " بلد بتاعة شهادات صحيح " التي كان يسخر بها قبل أربعين عاما من المجتمع الذي لا يقدر مواهب الناس لم تعد ذات جدوى ، فلم تعد بلد شهادات أو مواهب و إنما خليط من المجاملات ، والوساطة وتصفية الحسابات ،ناهيك عن الاستخفاف بالناس على مسوى أسماء البرامج ومضمونها الخادش للحياء مثل إبراهيم عيسى الذي يسمي برنامجه " حمرا " وهى كلمة عامية مبتذلة تحمل أكثر من مغزى ومعنى فى أذهان الناس أقربهم.." مؤخرة القرد " ! أى ما كان تفسير تلك الكلمة فإن البرنامج قد شهد كما كبيرا من التدني في اللغة ونوعية الأسئلة أبرزها ما جاء فى حلقة المطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم من حديث حول المخدرات وتناوله إياها ..عيسى يسأله :"معك حتة " وشعبولا يجيبه :" خلاص بطلنا" ! وفى حلقة أخرى مع الفنانة انتصار لم يخجل عيسى أن يسألها لماذا يلون الناس غرف نومهم باللون الأحمر وهل هذا من أساسيات الليالي الحمراء؟! وعندما شرعت انتصار في سرد تفاصيل الحياة الزوجية نهارا ، سارع بمقاطعتها قائلا: عاوزين ليلا وليس صباحا. مجدي الجلاد ووائل الإبراشى حيث جاء برنامجهم " 2 فى 2 " بعيدا عن المتوقع ومخيبا للآمال ، بل حمل قدرا كبيرا من الابتذال والاستخفاف لدرجة أن كثير من الناس يرون إذا كان البرنامج قد أعطاهم المال حوالي ( 5 مليون جنية ) فقد خصم من رصيدهما الكثير والكثير عند الناس التي كانت تصدقهم عندما يكتبون! ففي حلقة جمعتهم بإبراهيم عيسى وممتاز القط شهدت عدم حيادية واضحة دفعت بالقط إلى القول :" إيه الحكاية .. كده الحلقة بقت ثلاثة على واحد" ، واستمرارا لمسلسل الابتذال سال إبراهيم عيسى عن الكلمة المناسبة التي يريد توجهها إلى ممتاز القط فقال:" نو نو "!! ولم يوضح عيسى لمقدم الحلقة مقصده من تلك " النونوه" هل يستخف بزميله الصحفي أم بجمهور المشاهدين ؟! وفي حلقة أخرى من البرنامج نفسه جمعت أثار الحكيم بإيناس الدغيدى أجمع كثير من المشاهدين على أنها سقطة إعلامية لا تغتفر جراء ما شهدته من خدش واضح وغير مسبوق لحياء المشاهدين وسط مباركة مقدمي البرنامج وسعادتهم الغامرة بمضمون ما يقدمونه للناس ، فقد شاهدنا آثار الحكيم دون خجل أو تردد تتوجه بسؤال حرج وشائك الى إيناس الدغيدي قائلة :" أنت مطلقة منذ عام فكيف تعايشين مع الكبت الجنسي خلال هذه المدة ؟! وردت عليها إيناس الدغيدي بتهكم وسخرية :" انا شبعت زواج لأكثر من 30 سنة فماذا عنك أنت لافتة إلى أن أثار الحكيم بعد طلاقها مباشرة تزوّجت بشاب يصغرها بعشر سنوات، وتساءلت الدغيدى :" هل كانت تلك الزيجة لمواجهة الكبت الجنسي الذي عانت منه آثار بعد الطلاق ؟ حدث كل ذلك في حلقات مسجلة وليست على الهواء حتى نلتمس لمقدمي البرنامج العذر في ذلك ، حيث كان في مقدورهما حذف ذلك في المونتاج وتوجيه دفة الحوار إلى ناحية أكثر إحتراما لعقل المشاهد ولا تداعب غرائزه ، ونفس الأمر ينسحب على الحلقة التي جمعت سعد الصغير بهاني شاكر.
تحريض على الفسق أسماء البرامج كثيرة ومحتوى الإثارة و الابتذال أكثر وخطايا مقدميها وضيوفها يطول الحديث عنه ، لذا توجهت بالسؤال إلى الدكتورة فوزية عبد الستار أستاذ القانون الجنائي بجامعه القاهرة ورئيس اللجنة التشريعية الأسبق بمجلس الشعب وسألتها سؤالا محددا ودقيقا : هل يوجد قانون يعاقب من يتعمد تسطيح عقول الناس وإغراقهم بالتفاهة والكلمات البذيئة ؟ فجاءت أجابتها قطعه بأداة الجزم : لا ! قبل أن تستطرد قائلة: على الرغم من عدم وجود نص صريح في القانون يعاقب القائمين على تلك البرامج إلا أننا يجوز أن نصفهم بالمحرضين على الفسق والفجور وهى جنحة يعاقب عليها القانون وفقا لما يراه القاضي ، وتؤكد د. فوزية عبد الستار أن غالبية ما يعرض على القنوات الفضائية منذ مطلع شهر رمضان يعد بمثابة تحريض علني على الفسق والفجور ويمثل تهديدا صريحا لأبنائنا في سن المراهقة والشباب ، فبعضهم يتخذ من مشاهير المجتمع - لاسيما في مجال الفن - مثل أعلى وقدوة وعندما يعلم أن هذا الفنان يخون زوجته أو يشرب الخمر أويتعاطى المخدرات ويتهرب من الضرائب وغيرها من الموبقات والجرائم التي يعاقب عليها القانون فان هذا الشاب بالتأكيد سيسعى إلى تقليد نجمه المفضل والنتيجة : كارثة أخلاقية ، والمجتمع المصري وحده هو من سيدفع ثمنها في القريب العاجل. الأسرة تمضى سنوات طوال في تربية أبنائها وتحذيرهم من مخاطر المخدرات والخمور والكذب وغيرها من الموبقات تقول د. عبد الستار ، ثم يأتي برنامج تلفزيوني أو مسلسل في وقت وجيز للغاية ويدمر كل ما زرعته الأسرة من قيم في نفوس أبنائها ، ولذا فانا أرى أن ما يعرض الآن هو تحريض متعمد على الفسق والفجور ويجب على الأجهزة الرسمية في الدولة الانتباه له وردع المخالفين. وأوضحت خبيرة القانون الجنائي أن كل فرد في المجتمع من حقه أن يقيم دعوى قضائية ضد أى برنامج مسف أو مسلسل متدن أخلاقيا إذا ما أثبت تضرره من محتوى ذلك البرنامج أو المسلسل وأن ما بث من أفكار ولغة مبتذلة قد وصل إلى مسامع أطفاله وبناته وخدش حيائهم وقتها لابد أن يتحرك المجتمع ككل حتى يرتدع أمثال هؤلاء المسيطرين على الإعلام التلفزيوني ، ومن قبلهم يجب أن يتحرك المسئولين عن الإعلام والتلفزيون ويتم وضع ميثاق شرف أخلاقى يلتزم به الجميع سواء في الإعلام المملوك للدولة أو الخاص ، أما إذا لم يتحرك أحدا وبقى الجميع ساكنا فان القادم سيكون أسوء بكثير ، و" ربنا يستر على أولادنا من الشر القادم إليهم من برامج التلفزيون "! من جهته يتفق الدكتور عبد المعطى بيومى عضو مجمع البحوث الاسلامية مع الطرح السابق ويؤكد أن ما يقدم من محتوى تلك البرامج والمسلسلات هو فساد أخلاقى وشر كبير يتعرض له المجتمع ، ولابد من وقفة صارمة من قبل وزارة الإعلام وجميع الجهات المعنية. وقال : هؤلاء الضيوف اللذين يخرجون علينا في تلك البرامج باعترافات وإفشاء لأسرارهم الشخصية بغرض الحصول على مقابل مادى من مسؤلي البرنامج أو متبرعا بالاعتراف لنيل الشهرة هؤلاء فى نظر الشريعة الإسلامية مجاهرون بالمعصية وعقابهم عند الله شديد لقولة تعالى " لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا " أي: يبغض ذلك ويمقته ويعاقب عليه ، ويشمل ذلك جميع الأقوال السيئة التي تسوء وتحزن كالشتم والقذف والسب ، وكذلك المجاهرة بمعصية سبق وإن فعلها وستره الله كارتكاب الفواحش فاذا به يأتى ويفشى ذلك على الملأ من خلال برامج التلفزيون وهو الأمر الذي يبغضه الله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كل أمتى معافى الا المجاهرون بالمعاصي , وأن المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً , ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول : يا فلان عملت البارحة كذا وكذا , وقد بات يستره ربه , ويصبح يكشف ستر الله " . كما يشير عضو مجمع البحوث الإسلامية الى أن مقدمى البرامج الذين يسعون إلى النبش فى قلوب ضيوفهم وفضح أسرارهم الشخصية بدعوى حرية الإعلام هم ملعنون ويرتكبون ذنبا كبيرا ، فالنابش فى القلوب كالنابش في القبور وعقابهم شديد عند الله .
فى حين يرى الدكتور سامي عبد العزيز عميد كلية الإعلام بجامعه القاهرة أن المتأمل لحصاد عام كامل من الإعداد التلفزيوني لبرامج رمضان المختلفة التي نراها الآن يكتشف أنه حصاد هزيل لا يتناسب إطلاقا مع 11 شهرا من العمل المتواصل كما يزعم بذلك بعض القائمين على تلك البرامج فالأفكار متشابهة ومكررة والضيوف أيضا غالبيتهم سبق استضافته أكثر من مرة وبات ما لديه من حكايات وأسرار معروف مسبقا لغالبية المشاهدين وهو ما يدعونا للتعجب لماذا تراجع المحتوى الاعلامى التلفزيوني إلى هذه الدرجة ؟ ويتوقف د. سامي عند تجربة البرامج التلفزيونية التي يقوم على تقديمها عدة أسماء صحفية قائلا : للأسف الشديد كنت أتمنى أن تكون تجربة تواجد الصحفيين في العمل التلفزيوني مثمرة من الناحية الثقافية والمردود الطيب لجمهور المشاهدين لما يمتلكونه من خبرات فى العمل الإعلامى إلا أن تجاربهم جميعا لم تأتى بجديد وسقطت فى فخ النمطية وتكرار الضيوف واللعب على وتيرة الإثارة لجذب المشاهدين. ويشير عميد كلية الإعلام إلى أننا بحاجة ماسة إلي فكر جديد يستثمر شهر رمضان,ويستثمر الطاقات الكامنة فيه لدى كل من وسائل الإعلام والجمهور. وقال :" تخيلوا معي لو أننا جعلنا المضامين الإعلامية بداية من شهر رمضان المقبل ولمدة خمس سنوات علي الأقل بحيث نركز علي قضية جوهرية من قضايانا المعاصرة وصبت كل اهتمامها علي تهيئة الجمهور نفسيا ومعرفيا وسلوكيا لنبني الأطر الإيجابية في هذه القضية ، ماذا لو جعلنا قضية رمضان المقبل هي قضية النظافة أو حقوق الإنسان أو محو الأمية أو غيرها من القضايا الجوهرية المصرية ؟ وهو ما يطلق عليه في الدراسات العلمية مصطلحات تأثيرات وضع الأجندة التهيئة المعرفية. ويستطرد د. سامي عبد العزيز قائلا : قد يقول البعض بأن تبني قضية جادة في شهر رمضان من شأنه أن يصرف الجمهور عن وسائل الإعلام والرد بأن ذلك جائز في حالة أن يتم تقديم هذه المضامين بأشكال تقليدية. ولكن لماذا لا يتم استغلال حالة التوهج الفني في رمضان في إنتاج هذه البرامج والمضامين القومية؟ ، لافتا إلى إنه يكاد يجزم بأنه لو حدث هذا الاتفاق وتم الالتزام به لعدة سنوات لتغيرت كثير من معالم الحياة في مصر. ويشير د. سامي عبد العزيز إلى أن كلية الإعلام بجامعة القاهرة بصدد الإعداد لأكبر دراسة علمية حول أنماط استخدام الجمهور المصري لوسائل الإعلام المصرية والعربية خلال شهر رمضان ودراسة استخداماتهم وتقييماتهم لهذه المضامين , والتركيز علي تحليل احتياجاتهم الحقيقية من برامج ومسلسلات رمضان.. موضحا أن هذه الدراسة يمكن أن تغذي كافة أطراف العملية الإنتاجية والتسويقية بإجابات حقيقية عن كافة الأسئلة التي نحتاج إلي رأي علمي بشأنها.