سانا: مقتل 5 وجرح العشرات في انفجار عبوات ناسفة مزروعة داخل مسجد بحي وادي الذهب في حمص    رئيس وزراء السودان: اللقاءات مع الجانبين المصري والتركي كانت مثمرة    بث مباشر مش مشفر «شجع أم الدنيا»..، منتخب مصر ×جنوب افريقيا يخوض مواجهة جديدة اليوم وكل الأنظار على الفراعنة    وزير الرياضة يطلق إشارة البدء للنسخة العاشرة من ماراثون زايد الخيري    3 أشخاص يشعلون النار في مقهى بطوخ وأنبوبة الغاز وراء الواقعة    الناقد الفني أسامة عبدالفتاح يطمئن جمهور محمود حميدة: حالته الصحية جيدة وعاد لمنزله    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    خطوات هامة لسلامة المرضى وحقوق الأطباء.. تفاصيل اجتماع اللجنة العليا للمسئولية الطبية    الرعاية الصحية تعلن قيد جمعية الخدمات الاجتماعية للعاملين بالهيئة رسميا بوزارة التضامن    جيش الاحتلال يشن هجوما ضد أهداف لحزب الله في لبنان    كواليس متابعة صابرين الحالة الصحية للفنان محيي إسماعيل لحظة بلحظة    القاهرة الإخبارية: غارات مفاجئة على لبنان.. إسرائيل تبرر وتصعيد بلا إنذار    الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا.. وعيار 21 يتجازو 6 آلاف جنيه لأول مرة    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    افتتاح 3 مساجد بعد الإحلال والتجديد بسوهاج    حصاد نشاط الإسكان خلال أسبوع (فيديوجراف)    نائب وزير الصحة تشارك بورشة عمل «مصرية–ليبية» حول تطوير الرعاية الصحية الأولية    تعزيز الوعى الصحى لطلاب جامعة القاهرة.. فعالية مشتركة بين طب قصر العينى والإعلام    «شيمي»: التكامل بين مؤسسات الدولة يُسهم في بناء شراكات استراتيجية فعّالة    الوزير: موانئ مصر البحرية استقبلت 464 سفينة بزيادة 41% خلال 2025    موعد مباراة المغرب ومالي في أمم أفريقيا 2025.. والقنوات الناقلة    أحمد عبد الوهاب يكتب: حل الدولتين خيار استراتيجي يصطدم بالاستيطان    وزارة الخارجية ووزارة الاتصالات تطلقان خدمة التصديق علي المستندات والوثائق عبر البريد    مجلس جامعة القاهرة يعتمد ترشيحاته لجائزة النيل.. فاروق حسني للفنون ومحمد صبحي للتقديرية    هل انتهى زمن صناعة الكاتب؟ ناشر يرد بالأرقام    وزارة التضامن تفتتح غدا معرض ديارنا للحرف اليدوية والتراثية بالبحر الأحمر    غارات وقصف ونسف متواصل يستهدف مناطق واسعة بقطاع غزة    إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة ربع نقل بقنا    رخصة القيادة فى وقت قياسى.. كيف غير التحول الرقمي شكل وحدات المرور؟    كلية المنصور الجامعة تعزّز الثقافة الفنية عبر ندوة علمية    تحذير رسمي من وزارة الزراعة بشأن اللحوم المتداولة على مواقع التواصل    وزير الكهرباء يبحث مع مجموعة شركات صاني الصينية التعاون في مجالات الطاقة المتجددة    زيلينسكي: اتفقت مع ترامب على عقد لقاء قريب لبحث مسار إنهاء الحرب    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 26-12-2025 في قنا    زعيم كوريا الشمالية يدعو إلى توسيع الطاقة الإنتاجية للصواريخ والقذائف    مسؤول أمريكي: إسرائيل تماطل في تنفيذ اتفاق غزة.. وترامب يريد أن يتقدم بوتيرة أسرع    مباراة مصر وجنوب أفريقيا تتصدر جدول مباريات الجمعة 26 ديسمبر 2025 في كأس أمم أفريقيا    مخالفات مرورية تسحب فيها الرخصة من السائق فى قانون المرور الجديد    متحدث الوزراء: مشروعات صندوق التنمية الحضرية تعيد إحياء القاهرة التاريخية    شروط التقدم للوظائف الجديدة بوزارة النقل    وزير العمل يصدر قرارًا وزاريًا بشأن تحديد العطلات والأعياد والمناسبات    معركة العمق الدفاعي تشغل حسام حسن قبل مواجهة جنوب إفريقيا    تفاصيل جلسة حسام حسن مع زيزو قبل مباراة مصر وجنوب إفريقيا    عمرو صابح يكتب: فيلم لم يفهمها!    ريهام عبدالغفور تشعل محركات البحث.. جدل واسع حول انتهاك الخصوصية ومطالبات بحماية الفنانين قانونيًا    اختتام الدورة 155 للأمن السيبراني لمعلمي قنا وتكريم 134 معلماً    الفريق أحمد خالد: الإسكندرية نموذج أصيل للتعايش الوطني عبر التاريخ    وفاة الزوج أثناء الطلاق الرجعي.. هل للزوجة نصيب في الميراث؟    الإفتاء تحسم الجدل: الاحتفال برأس السنة جائزة شرعًا ولا حرمة فيه    كأس مصر - بتواجد تقنية الفيديو.. دسوقي حكم مباراة الجيش ضد كهرباء الإسماعيلية    الأقصر تستضيف مؤتمرًا علميًا يناقش أحدث علاجات السمنة وإرشادات علاج السكر والغدد الصماء    بروتوكولي تعاون لتطوير آليات العمل القضائي وتبادل الخبرات بين مصر وفلسطين    أسامة كمال عن قضية السباح يوسف محمد: كنت أتمنى حبس ال 18 متهما كلهم.. وصاحب شائعة المنشطات يجب محاسبته    كشف لغز جثة صحراوي الجيزة.. جرعة مخدرات زائدة وراء الوفاة ولا شبهة جنائية    ساليبا: أرسنال قادر على حصد الرباعية هذا الموسم    "التعليم المدمج" بجامعة الأقصر يعلن موعد امتحانات الماجستير والدكتوراه المهنية.. 24 يناير    40 جنيهاً ثمن أكياس إخفاء جريمة طفل المنشار.. تفاصيل محاكمة والد المتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاطف كامل يكتب : وهم الريادة!
نشر في الدستور الأصلي يوم 30 - 07 - 2010

احتفل التليفزيون المصري في الأيام القليلة الماضية باليوبيل الفضي «50 سنة» علي إنشائه، ومازالت نبرة المسئولين تؤكد أننا أصحاب الريادة الإعلامية في الوطن العربي، وهي لا تفرق كثيراً عن نبرة «النعرة الفرعونية المصرية» بأننا أحسن ناس، وهي نظرة تأتي بأثر رجعي، فقد كنا أحسن ناس وكنا أصحاب الريادة الإعلامية ، ولكن يبدو أننا نعيش علي أطلال الماضي وهو يأتي عندما تقل إنجازات الحاضر وتفقد الرؤية المستقبلية.
ظللنا نهلل ونفرح ونفتخر بأننا أبناء وأحفاد الفراعنة الذين أذهلوا العالم بإنجازاتهم البشرية في مختلف المجالات من هندسة معمارية وطب وفنون وغيرها، وأننا أصحاب ريادة في كل شيء، ووقفنا عند مرحلة التهليل والتهويل، في الوقت الذي بدأ العالم يدرس في هذه الحضارة ويأخذ منها ومن علمها، ويضيف عليها الكثير بفعل التطور والحداثة حتي كونوا لنفسهم حضارات أخري بها إنجازات كبيرة واختراعات عظيمة أفادت البشرية أيضاً، ومازالت في تطور يومًا بعد الآخر.
وهذا هو الفارق الكبير بين شعوب كثيرة الكلام وقليلة الفعل، وشعوب كثيرة الفعل وقليلة الكلام.. الفارق الثاني هو قدرة هذه الشعوب علي تقييم ذاتها وتقييم الآخرين.
وهنا أعود لفرط الحديث من القيادات الإعلامية في الأيام السابقة عن حجم الحرية الممنوحة وأننا أصحاب الريادة.... تاني؟!!!
ودعونا نتوقف عند بعض المعاني. خاصة معني الريادة. صحيح أن التليفزيون المصري هو أول تليفزيون أنشئ في المنطقة، وصحيح أنه حفل بقيادات إعلامية وإعلاميين يرفع لهم القبعة في مجال التقديم التليفزيوني والإعداد، وصحيح أنه كان مفرخة للعاملين في العمل التليفزيوني بباقي القنوات الفضائية منذ ظهور القنوات الخاصة، بل مفرخة لتدريب العاملين بتليفزيونات الدول العربية عند إنشاء قنواتها.
كل هذا كنا أصحاب مبادرة فيه، بل وأصحاب ريادة «علشان القيادات ماتزعلش»، ولكن أين نحن الآن، وأين موقعنا؟
هل مازلنا رواد الإعلام؟!
الرائد دائماً هو القدوة، هو صاحب المرتبة الأولي ويأتي بعده التابعون.
إذن علينا أن نقيّم أنفسنا بموضوعية حتي تكون تلك هي البداية لاسترداد مكانة الريادة التي سحبت منا.
والتقييم الموضوعي هو أن التليفزيون المصري رغم التطورات الأخيرة والمحاولات الجادة في حالة يرثي لها. قل لي كم عدد المصريين الذين توجد في منازلهم قنوات أرضية ويتابعونها؟!
الدراسات الأخيرة تؤكد أن نسبة مشاهدة الفضائيات أعلي بمراحل من مشاهدة القنوات الأرضية، اللهم إلا إذا كان هناك برنامج أو اثنان علي الأكثر، من الممكن مشاهدتهما وبس!
إذن من حيث نسبة المشاهدة.. لم نعد أصحاب ريادة.
قل لي أين الإعلاميون المخضرمون الذين تعلمنا منهم معني القيادة «LEADERSHIP» وتعلمنا منهم تواصل الأجيال وصناعة صف ثان من القيادة، واكتشاف المواهب وصناعة النجوم.
وهناك أسماء كثيرة ولكني أقف عند اسم واحد فقط علي سبيل المثال وعلي سبيل الخبرة الشخصية، هو السيدة سهير الإتربي التي كانت تقود دفة التليفزيون بضمير وفكر وحنكة لا مثيل لها.
كان كل همها... الشاشة.
وكانت تلتقط المواهب وتضع معايير لمن تختارهم من ثقافة وفكر وحضور وابتكار ثم تقوم بتضفيرهم مع من يملك نفس المعايير من أبناء التليفزيون وتحثهم وتشجعهم علي العمل ومن ثم كانت الشاشة زاخرة بأعمال قيمة، وبالتالي بنسبة مشاهدة عالية، وكان وقتها أيضاً الفضائيات الخاصة قد بدأت، وتوجد منافسة حقيقية، وخدمة إعلامية متجددة ورسائل اجتماعية واضحة.
وهذا هو الإعلام وهذه هي القيادة، وإن أرادوا، هذه هي الريادة.
وبدلاً من أن يستفاد من خبراتهم، أرسلوا لها، خطاب شكر علي مجهوداتها السابقة، يعني مش عايزين نشوف حضرتك تاني!!!
سؤال آخر يتردد كثيراً هذه الأيام.. أين أبناء التليفزيون؟!
- أنا أقول لك: اذهب إلي مبني ماسبيرو، ومر مرور الكرام علي مكاتب المخرجين والمعدين والمذيعين إما أن تجدها خاوية لأنهم يجلسون في المنزل، أو أنهم يندبون حظهم علي سنوات العمر التي مضت في هذا المبني، وخبرتهم التي وضعت في الأدراج مع الأوراق المهملة هل هذا هو حال أصحاب الريادة الإعلامية؟!
كنت أظن من الوزير أنس الفقي - وأرجو أن تسود بيننا ثقافة الاختلاف - أن يأتي باستراتيجية وأهداف تسترد لنا بساط الريادة الذي سحب.
كنت أظن أن هناك متخصصين في العمل الإعلامي، وأصحاب رؤية ودراسات ومنهج علمي يسيرون عليه، أن يأتي بهم ويقيموا له - للوزارة أقصد - العاملين في مختلف المجالات، ويأخذ منهم المبدعين ويكسبهم مزيدًا من الخبرة بدورات تدريبية، برحلات خارجية للإطلاع علي تليفزيونات العالم المتقدمة بأي طريقة كانت ثم يستفيد منهم ويكبرهم وينميهم، وهذا هو دور القائد.
كنت أظن من الوزير أن يعمل بروح الفريق، وتستفيد الوزارة والشاشة من الجيل الجديد والذي يحمل كثير منهم رؤي مغايرة تستطيع أن تنهض بمستوي الشاشة ومستوي الإعلام المصري واسترداد الريادة التي ننشدها.
فالعمل الإعلامي - كما يدرك الإعلاميون - عمل يختلف في تفاصيله ومنهجه عن أي عمل آخر.
فهو لا يأتي بشكل مركزي أو رأسي من أعلي إلي أسفل. أي أن القيادة عايزة كذا وكذا وانتوا نفذوا من غير كلام أو جدال.
العمل الإعلامي عمل يقوم علي معايير فكرية في المرتبة الأولي، أي أن سقف الأفكار والأحلام والإبداع فيه غير محدود ومن هنا يأتي الابتكار.
وهو ما يتنافي مع تقييد الإعلاميين بأوامر أو رؤي أو توجهات محددة.
من أين يأتي الابتكار والمبتكرون من أساسه مبعدون؟!
كنت أظن أن القيادات الإعلامية ستقدم تجربة رائدة في مفهوم القنوات الخاصة، وتفض الاشتباك بين الهيمنة الحكومية الإعلامية والقنوات الخاصة، لكن أن يخرج نجيب ساويرس وأحمد بهجت صاحبا قنوات خاصة ويعلنان تخوفهما من سيطرة الإعلام الحكومي بقوانينه، وتدخله في سياسات قنواتهما، فهذا يعني أن هذه القنوات هي قنوات حكومية ب«نيو لوك» فقط، لكن مازال سقف كل شيء محدودًا بالنسبة لهما، والحدود تضعها الدولة.
لا أقول أن ترفع الدولة يدها عن منح التراخيص للقنوات الخاصة أو منعها، فلتقوم بهذا الدور، ولكن هذا هو الدور الوحيد، لكن أن تتدخل في تفاصيل الشاشة التي ستخرج بها هذه القنوات لدرجة أن تسمح الدولة بوجود برنامج توك شو يومي أولاً علي هذه الشاشات.. فهذا مع احترامي ليس دور الدولة علي الإطلاق.
وأري أن صاحب القناة يستوفي جميع الإجراءات القانونية والموافقات الأمنية التي تؤخذ علي القناة وعلي صاحبها، يكفي أن يوقع ميثاق شرف بعدم المساس بالأخلاق والآداب العامة وعدم ازدراء الأديان أو المساس بالصالح العام للدولة.
ثم يُترك للقائمين علي هذه القناة حرية الإبداع وحرية التعبير وحرية اختيار الرسائل الإعلامية الموجهة، وحرية ضبط إيقاع الشاشة، فكل هذه القيود تجعل حتي هذه القنوات ذات إيقاع بطيء وغير ممتع ولا يحمل في طياته أفكارًا جديدة أو حتي ابتكارًا، ومن هنا بدأت قنوات عربية أخري تسير علي هذا المنهج، وتضبط إيقاعها، وتجتذب المشاهدين، وتسحب البساط.
كنت أظنُ.. ويا ليتني ما ظننت.
وبمرور خمسين عاماً علي إنشاء التليفزيون المصري لابد من تحية تقدير للقيادات المُبعدة.
ولابد من إعادة تقييم أنفسنا، فقد قال يوسف السباعي بعد إنشاء التليفزيون مقولته الشهيرة: «اعطني تليفزيوناً.. أعُطي لك شعباً» فإن نظرت الآن إلي حال الشعب المصري، ستعرف حال التليفزيون المصري!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.