السيدة رجاء حسين رئيس القطاع الاقتصادي بالتلفزيون المصري كانت تعلق على وصول ديون التليفزيون إلى 14 مليار جنيه فقالت إنه لا مشكلة في ذلك فكل جهات الدولة على حسب قولها عليها مديونيات أكثر من التلفزيون، ونحن لا نسعى إلى الربح بل الريادة..!! ولا أعلم عن أي تليفزيون تتحدث السيدة رجاء حسين..، فالتلفزيون الذي نشاهده ونحتفل باليوبيل الذهبي له لم يعد يحقق ربحًا ولا يثبت ريادة، بل هو تليفزيون كما تقول الإعلامية القديمة سامية صادق أصبح في مرحلة المراهقة يلتمس معالم الطريق وأصبح واقعًا تحت السيطرة اللبنانية في عملية تقليد ممسوخة للطريقة اللبنانية لم ينجم عنها إلا تراجع في المستوى والأداء وصورة باهتة مكررة لتليفزيونات أخرى أكثر تحررًا. ولا ندري أيضًا هل أصبح خسارة المليارات من الجنيهات أمرًا بهذه السهولة حتى تقول رئيسية القطاع الاقتصادي أنه لا توجد مشكلة في أن تصل ديون التليفزيون إلى 14 مليار جنيه، وهو مبلغ يكفي لتنشيط السوق في مصر حاليًا حيث يعاني السوق من أزمة سيولة هائلة نتيجة عدم سداد وزارات الدولة لالتزاماتها تجاه الشركات والمصانع وهو ما أصاب العديد من هذه المصانع والشركات بالجمود حتى كادت أن تتوقف عن العمل والإنتاج. وقد يكون مقبولاً أن تكون هناك ديونًا ضخمة على التليفزيون المصري، وأن نتحمل هذه الديون ونلتمس العذر للتليفزيون فيها وذلك في حالة أن التليفزيون يقدم فعلا رسالة وقيمة وأنه يقود مسيرة الريادة الثقافية والإعلامية وأنه يمثل صوت مصر الحضاري عربيًا ودوليًا.. ولكن التليفزيون حاليًا لا يمثل إلا إهدارًا للموارد، وإنفاقًا مبالغًا فيه في غير موضعه، فالرسالة الإعلامية لتليفزيوننا غير واضحة وغير مفهومة، وحتى الفضائية المصرية التي يفترض أن لها رسالة تجاه المصريين في الخارج وتجاه نقل أحداث مصر للآخرين هي قناة بلا فلسفة وبلا إدارة جيدة، ولا برامج مدروسة ولا يمكن أن تستطيع الدخول في منافسة مع قنوات فضائية أخرى أكثر تحررًا وأكثر حرفية..! ثم ما الذي يقدمه التليفزيون من برامج ومسلسلات تستحق المشاهدة..! إن التغطية الإخبارية للتليفزيون المصري رغم كل القنوات الإخبارية المتخصصة لازالت ضعيفة، ولا يوجد إنفراد في الأخبار، ولا يوجد مراسلون على مستوى متميز، والتقارير الإخبارية ساذجة ورديئة، والحوارات مملة، والمراسلين بحاجة إلى تدريب من نوع آخر، وعليهم مراقبة ومتابعة مندوبي قناة "الجزيرة" الإخبارية أو حتى قناة "العربية" الإخبارية ليقارنوا ويتعرفوا على الفارق في المعالجة والمتابعة وتغطية الحدث..! ولا يمكن إلقاء اللوم على العاملين في التليفزيون في تراجع المستوى، فالأجور ضعيفة وهزيلة، والمكافئات والحوافز والمرتبات الضخمة من نصيب مجموعة معينة من القيادات التليفزيونية، والتليفزيون ينفق بسخاء وبكرم على الذين يستعين بهم من خارج مبناه، بينما يبخل كثيرًا على أبناء التليفزيون بمنحهم الفرصة أو مساندتهم ماديًا ومعنويًا وكأنه يفترض بهم أن يحمدوا الله فقط على أنهم قد دخلوا مبنى التليفزيون. والتليفزيون المصري تتوافر له كل إمكانيات التفوق والنجاح وتحقيق الريادة المطلوبة، فلدينا الكفاءات والخبرات البشرية اللازمة سواء من داخل التليفزيون أو خارجه حيث نجح بعض الذين استقدمهم التليفزيون في تقديم برامج مميزة أعادت بعض الاعتبار له،؟ ولكن ما ينقص هذا الجهاز الضخم هو وجود مجلس متخصص للسياسات والمتابعة، يضم عددًا من المتخصصين والدارسين وذوي الصلة بالعمل الإعلامي يكون في مقدورهم وضع الفلسفة المطلوبة لاستعادة الريادة، وتحرير التليفزيون من القيود البيروقراطية والروتينية في العمل والتحرك، والدفع بقيادات جديدة أكثر إلتصاقًا وتأقلمًا مع معطيات العصر، والتوقف عن الإيمان بأننا أصحاب الريادة،لأن الريادة هي قدرة على العطاء والإبداع واجتذاب المشاهدين، وهذا ما لم يعد متوافرًا حاليًا.. وهذا ما يجب أن يسعى أصحاب الريادة إلى تحقيقه..!! [email protected]