كتب: أحمد عبادي يبدو أن الوسيلة المثلي لإيقاظ الصعيد من غفوته وانتشاله من قيود الفقر والبطالة نحو آفاق التنمية والتحديث تتطلب منه عودته إلي صباه ونشأته, عودته إلي طبيعته الزراعية الريفية التي تجعله منتجا لا مستهلكا عائلا لا معيلا. من هنا تبدو أهمية الإستثمار الزراعي في صعيد مصر والذي بدأ الإهتمام به يتزايد ويأخذ أشكالا كثيفة مؤخرة سواء كان هذا الإهتمام حكوميا أو من قبل القطاع الخاص الذي بدأ ينظر إلي الصعيد باعتباره منطقة مثلي للاستثمار في مجال الزراعة والصناعات الغذائية. ويؤكد الخبراء أن قيمة هذا التوجه يكمن في أن الإستثمار الزراعي أصبح يمثل حاجة عالمية ملحة نتيجة أزمات الغذاء العالمية مما يجعل منه وسيلة مثلي لرفع اقتصاديات الصعيد بالاضافة لكون الاستثمار الزراعي أقل تكلفة من الاستثمار الصناعي وفي المقابل يحتاج لأيد عاملة أكثر وهو ما يساعد في مواجهة البطالة المتفشية في محافظات الصعيد. ومن خلال الحسابات البسيطة نجد أن الفدان الواحد في إطار الإستثمارات الزراعية للشركات الكبري ورغم اعتماده حاليا علي الآلات والماكينات يوفر علي الأقل فرص عمل لأربعة أفراد, وبالتالي فإن إستثمار شركة في مجال الزراعة باستصلاح مساحة3 آلاف فدان يعني قدرتها علي توفير12 ألف فرصة عمل, ومع معرفة التكلفة الاستثمارية للفدان التي تبلغ حوالي30 ألف جنيه تصبح التكاليف لثلاثة آلاف فدان90 مليون جنيه, وهي تماثل التكلفة الاستثمارية لإقامة مصنع متوسط الحجم بطاقة عمل لا تتعدي300 فرصة عمل فقط, وبالتالي فإن الاستثمار الزراعي أكثر قدرة علي امتصاص معدلات البطالة المتزايدة مقارنة بالقطاع الصناعي. ولعل تلك الحسابات كانت حاضرة في ذهن الحكومة حين جعلت للاستثمارات الزراعية نصيبا في مشروعات الاستثمار التي ستقام في المناطق المحيطة بطريق الصعيد البحر الأحمر.. فعلي خلاف السياسات المتبعة في شق الطرق الطويلة, حيث لا يتم استغلال المساحات علي جانبي الطريق, يأتي هذا الطريق ليكسر تلك القاعدة عن طريق توفير مساحات من الأراضي علي جانبي حرم الطريق تستخدم في مشاريع التنمية وجذب الاستثمارات وعلي رأسها الإستثمارات الزراعية حيث كشفت الخريطة الاستثمارية للمشروع أنه سيتيح54 ألف فدان للاستثمار الزراعي ستخصص للمصريين فقط وبنظام حق الانتفاع. ورغم أن الإستثمارات الزراعية فيما يتعلق بمشروع طريق الصعيد البحر الأحمر قصرتها الحكومة علي المصريين فإن كثرة المناطق الصالحة للاستثمار الزراعي جعلت القطاع الخاص العربي وخاصة من دول الخليج يتجه نحو الإستثمار في قطاع الزراعة بصعيد مصر. ووفق أحدث التقارير المنشورة بموقع العربية دوت نت أكد عدد من خبراء الاقتصاد والمسئولين في قطاع الزراعة المصري, زيادة الإقبال علي الاستثمار الزراعي في مصر حاليا خاصة بمحافظات الصعيد( جنوب مصر), متوقعين استمرار تدفق رؤوس الأموال علي هذا القطاع خلال الفترة القادمة, خاصة من دول الخليج. ولهذا طالب الخبراء بتقديم مزيد من الحوافز للمستثمرين لزيادة معدل إقبالهم علي تنفيذ مشروعات الاستصلاح الزراعي بل والتصنيع أيضا موضحين أن الأزمات السعرية المرتبطة بأسعار المحاصيل من خضروات وفاكهة من الممكن التغلب عليها بشكل نهائي في حال تكثيف الإستثمارات الزراعية مع الدول العربية وخاصة الإمارات والتي سبق أن قامت بالعمل بقطاع الزراعة المصري, من خلال شركتي النبراس وكسب اللتين قامتا بتوقيع اتفاقيتين يتم بمقتضاهما ضخ استثمارات تزيد علي120 مليون دولار بمجال استصلاح الأراضي والثروة الحيوانية بجنوب مصر.