قرأت قصة كيف أحيا للسيدة العربية التي أحبت وتزوجت واكتشفت ان زوجها يخونها, وبعد ان قاومت وتعايشت مع تلك المعطيات المؤلمة حتي قاربت رسالتها في الحياة كأم علي الانتهاء بخطبة ابنتها وابنها, وقرب استقلالهما بحياتهما الخاصة, بدأت احاسيس الرومانسية تداعبها من جديد لتجد نفسها في صراع مع النفس وتكاد تشهر سلاح الانتقام من زوجها بعد عشرين عاما من الانتظار, وأكاد اشم بين كلمات رسالتها رائحة طلب الطلاق كحل لما هي فيه الآن, وان كانت تسأل في نهاية رسالتها الحائرة.. ماهو الحل؟! وفي اعتقادي ياسيدتي ان ماتمرين به الآن هو مجرد سحابة صيف ستنقشع قريبا جدا بقليل من الإرادة والصبر.. خاصة انك نجحت بامتياز في اجتياز الصدمة الاولي وصبرت علي خيانة زوجك عشرين عاما كاملة كنت فيها السيدة العاقلة التي واجهت اقدارها بكثير من الهدوء والتعقل, في وقت لم يكن عمرك وقتها قد تجاوز الخامسة والعشرين, وهي سن يصعب فيها التحكم في ردود افعالنا حول مايدور من حولنا, خاصة اذا كان يتعلق بخيانة زوج علي فراش الزوجية في سقطة ليس لها مايبررها في زواج بدأ بقصة حب من طرفين يقدر كل منهما الآخر ويحترمه.. ولو كنت وقتها قد أقدمت علي قرار متسرع بإنهاء حياتك الزوجية او إنهاء حياة زوجك بالكامل لوجدت من يعذرك ولكنك تماسكت من اجل اولادك الذين هم اهم ما في حياتك وهم في اعتقادي مصدر ارادتك وعزيمتك القوية.. وأرجو ان تسمحي لي بأن اغوص في اعماق تجربتك المؤلمة فربما نتوصل معا الي بعض النتائج التي تساعدنا في الخروج من هذا المأزق دون خسائر جسيمة: * انا علي ثقة انه لايزال لديك رصيد هائل من الشجاعة والارادة التي تجعلك تتجاوزين خيانة زوجك التي اصبحت في خبر كان, وخاصة انه عاد تائبا نادما علي مافعل, ولا اجد مبررا لاجترار الماضي بآلامه وأحزانه, ومن المؤكد ان فتح صفحة جديدة من العلاقات بينكما هو مكسب لكل الأطراف المعنية بالمشكلة, وفي مقدمتهم الأولاد الذين سيسعدهم الحياة وسط أب وأم يقومان بمسئولياتهما تجاه الأبناء الآن والأحفاد مستقبلا. * كم من زوجة يخونها زوجها وتتمني لو ان زوجها اقدم علي الندم والتوبة الصادقة لتغفر له مافات وتفتح صفحة جديدة في العلاقات, لان هدم البيوت اسهل بكثير من إعادة البناء, ولكن فاتورة حساب الفراق باهظة والضريبة ثقيلة فادحة, وعادة ما يتحملها اطراف ابرياء ليس لهم فيما يحدث اي ذنب سوي انهم ابناء لآباء غير اسوياء او متهورين الي الدرجة التي تجعلهم دائما علي استعداد لهدم البيت لأتفه الاسباب وليس للخيانة فقط. * وأتوقف عند ماجاء برسالتك وأخشي ان يجرفني تيار الاحتياج والغضب والعمر الي المنحدر, وانا التي عشت عمري في القمة دوما لا ياسيدتي هناك مايمنعك من ان تكوني فريسة سهلة لتيار الاحتياج والغضب والعمر.. هناك إله يرانا ليل نهار ويراقب تصرفاتنا واعمالنا, وهناك ديننا الذي هو عصمة امرنا, وهناك ضمير حي لم يقبل الغدر والخيانة من الآخرين, فليس من المعقول او المقبول ان ينام هذا الضمير فجأة ويسمح لصاحبته بأن تقدم علي اي منها, ثم هناك ابناء تعبنا وشقينا في تربيتهم تربية صالحة, ولايعقل ان نضحي بهذا الحصاد من اجل رومانسية الحب ونزوة الاستمتاع بالآخر وكلها متع زائلة إن آجلا او عاجلا. هذه ياسيدتي هي طبيعة الحياة, فالخير والشر هناك دائما الي يوم الدين.. ولا أجد ما اقوله لك في النهاية سوي ان تعودي الي زوجك العائد من وحل الخطيئة واغفري له غفر الله لك ولنا جميعا وتعاهدا علي قضاء مابقي من رحلة العمر في صفاء ووفاء ومحبة, واجمعي شمل اسرتك واستعدي لعناء الاجداد ومتعة تربية الاحفاد, وهي متعة لا تدانيها متع الدنيا كلها, واضربي لهم جميعا المثل والقدوة الصالحة كما عهدوك دائما, وانا علي ثقة انك ستجدين من الراحة النفسية والعائلية مايفوق اي احساس, اخر وصدري مايعتمل داخلك من حب ورومانسية الي ابنائك واحفادك, ولاتنسي زوجك العائد الي نفسه فهو ينتظر منك الكثير ايضا ومايعينه علي الاستقامة بعد وضع قدمه علي بداية الطريق وساعديه علي الا يعود الي بئر الخطيئة مرة اخري.. وانتظري جوائز السماء التي تمنحها للصابرين العافين عن الناس الذين لهم اجر عند الله عظيم ويبدل الله سيئاتهم حسنات ولهم الخير كل الخير في الدنيا والآخرة. دكتور/ هاني عبدالخالق أستاذ ادارة الاعمال [email protected]