في عام0002, استقبل العالم القرن الجديد وكله أمل في حياة جديدة تطوي صفحة الأزمات والحروب والمشاكل التي أرقته طوال القرن العشرين, ولكن للأسف- لم تأت الرياح بما تشتهي السفن, فبدلا من القضاء علي الأزمات والمشكلات القائمة بالفعل, حملت السنوات العشر الأولي من القرن الجديد في طياتها الكثير من المآسي والكوارث الطبيعية والإنسانية, بل المالية أيضا, التي لم تكن في الحسبان, وتسببت في المزيد من الأزمات. تفجيرات11 سبتمبر1002: حدد يوم الثلاثاء الأسود كما أطلق عليه الأمريكيون- ملامح العقد الأول من القرن الوليد, فاعتداءات11 سبتمبر1002 التي استهدفت برجي التجارة العالميين في نيويورك ومقر البنتاجون وزارة الدفاع الأمريكية- هي أول هجوم تتعرض له الولاياتالمتحدةالأمريكية. فعلي مدي القرن العشرين شاركت الولاياتالمتحدة في الحربين العالميتين الأولي والثانية, اتبعتهما بالحرب الفيتنامية ثم عاصفة الصحراء في بداية التسعينيات من القرن الماضي. والملاحظ هنا أن أمريكا كانت حريصة علي أن تفصل آلاف الأميال والبحار والمحيطات بين أراضيها وبين ميدان المعركة.. وهو ما لم تتسم به هذه الاعتداءات المباغتة والتي راح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف قتيل في أقل من ساعة وبثت الرعب في قلوب الأمريكيين. ولم تجد الإدارة الأمريكية آنذك برئاسة جورج بوش الابن سوي الانتقام لتبريد نيران الغضب التي اشتعلت في قلوب مواطنيها. وفي الوقت الذي أشارت فيه أصابع الاتهام إلي تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن, حدد الرئيس الأمريكي محور الشر- الذي سيستهدفه- وضم كلا من أفغانستان وإيران والعراق, ليبدأ عقد الحروب المستعرة التي ما زالت تثقل كاهل الأمريكيين حتي يومنا هذا. غزو أفغانستان عام2002: لم تجد الولاياتالمتحدة لديها من الصبر ما يساعدها علي التأني قبل شن أول حروبها الغاضبة, في إطار ما وصفته بالحرب العالمية علي الإرهاب, وسارعت بإعلان الحرب علي حركة طالبان الأفغانية الحليف الأول والأكبر لتنظيم القاعدة, ظنا منها أنها ترد الضربة للتنظيم الإرهابي في عقر داره, وكانت النتيجة سقوطها في بحر الصحراء الأفغانية العميقة حتي الآن. وعلي الرغم من الغضب الذي سيطر علي نسبة كبيرة من الأمريكيين, فإن النسبة الأكبر كانت تنظر لهذه الحرب علي أنها انتقام لأرواح أبنائها الذين غدر بهم الإرهابيون يوم الثلاثاء الأسود. وعلي الرغم من فشل القوات الأمريكية- ومن خلفها حلف شمال الأطلنطي- في الحد من خطر القاعدة وطالبان, فإن واشنطن أرست بعضا مما وصفته بقواعد الديمقراطية, فأعلنت عن إجراء انتخابات ديمقراطية تولي علي أثرها الأفغاني حامد كرزاي مقاليد الرئاسة هناك علي رأس حكومة تواجه حاليا اتهامات بالفساد, ولم تنجح في تحقيق أي إنجازات في هذه الدولة الفقيرة التي تفتقر لمظاهر المدنية الحديثة أو حتي البنية الأساسية لتوفير حياة كريمة لمواطنيها. غزو العراق عام3002: ربما تعتبر الحرب الثانية في قائمة الانتقام الأمريكية أكثر أهمية من سابقتها- من وجهة نظر واشنطن علي الأقل- فهي لم تستهدف مجرد دولة نووية أو حتي تمتلك أسلحة دمار شامل ترعي الإرهاب كما ادعت وحاولت إقناع العالم علي مدي شهور طويلة, لكنها أيضا استهدفت مركزا من اهم مراكز البترول في العالم, لتسيطر واشنطن بذلك علي واحد من اهم مصادر الطاقة وتضرب عصفورين بحرب واحدة. ولكن الحرب علي العراق سببت ألما كبيرا للعراقيين والشعوب العربية, بل والشعب الأمريكي علي حد السواء, فقد راح ضحيتها مئات الآلاف من المدنيين العراقيين وعشرات الآلاف أيضا من الجنود الأمريكيين. ولم يكن اعتقال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وإعدامه فجر عيد الأضحي المبارك سوي جزء من المأساة والألم العربي, كما أظهرت هذه الحرب أكثر الوجوه الأمريكية قبحا من خلال فضيحة تعذيب المعتقلين العراقيين في مركز الاحتجاز الأمريكي في أبو غريب أو حتي في مركز الاعتقال بخليج جوانتانامو. تفجيرات مدريد4002: لم تسلم أوروبا هي الأخري من الاعتداءات الإرهابية التي أراقت دم مواطنيها وأشعلت نيران الانتقام من تنظيم القاعدة الإسلامي المتشدد في شوارعها وأزقتها, وهو ما دفعها إلي الانضمام للولايات المتحدة في حربها الضارية علي الإرهاب ولكن ليس بروح الحليف ولكن بروح المنتقم الغاضب هذه المرة. في صباح الحادي عشر من مارس4002 شهدت العاصمة الإسبانية مدريد عشرة تفجيرات في أربعة قطارات للركاب في وقت الذروة الصباحية, مما أودي بحياة نحو091 قتيلا وإصابة0021 آخرين. تسونامي آسيا في4002: في62 ديسمبر4002, تعرض العالم لواحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية, أو بمعني آخر زلزال إندونيسيا الذي تمركز في عمق المحيط الهندي وبلغت قوته تسع درجات علي مقياس ريختر, لترتفع الأمواج وتغرق العديد من القري والمدن الساحلية الإندونيسية والآسيوية, فيما عرف بتسونامي, وهي الظاهرة التي قتلت ما لا يقل عن003 ألف شخص من المصطافين الذين تدفقوا علي هذه المنطقة من العالم طلبا للهدوء والسكينة والجو الجميل. تفجيرات لندن5002: استيقظت العاصمة البريطانية لندن علي سلسلة من التفجيرات المتزامنة استهدفت محطات لمترو الأنفاق في السابع من يوليو عام5002, وهو ما أسفر عن مصرع05 شخصا وإصابة007 آخرين, وذلك في عملية حملت بصمات تنظيم القاعدة المتطرف علي كل جوانبها. لتسوء بذلك العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب وتمر بأوقات عصيبة لم تتمكن من تجاوزها حتي هذه اللحظة. حرب لبنان6002: شن حزب الله اللبناني في21 يوليو6002 عملية الوعد الصادق علي الجانب الإسرائيلي وأسر عددا من جنوده, فسارعت القوات الإسرائيلية إلي اقتحام الجدار الحدودي والأراضي اللبنانية, وترصدهم حزب الله وضرب اثنين من دبابات الجيش الإسرائيلي وقتل ثمانية من جنودهم. في اليوم التالي شن الجيش الإسرائيلي هجوما جويا علي جنوب لبنان مستهدفا البنية التحتية ومحطات الكهرباء ومطار بيروت.واستمرت العمليات حتي نهاية أغسطس التالي وأسفرت عن مقل الآلاف, في نهاية اعتبرتها سوريا وإيران نصرا لحزب الله واعتبرتها إسرائيل نصرا لها. اجتياح الضفة الغربية في2002 وحرب غزة في8002 واصلت إسرائيل جرائمها الوحشية ضد الفلسطينيين خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين, فقد بدأت القرن الجديد باعتداء دام علي الضفة الغربية في مايو2002, حيث احتلت ستا من المدن الكبري في الضفة وما أحاط بها من بلدات وقري صغيرة كإجراء انتقامي للهجوم الذي تعرضت له ناتانيا الإسرائيلية. وتعد هذه واحدة من أضخم عمليات التوغل العسكري الإسرائيلي علي مدي عقد من الزمن, وراح ضحيتها الآلاف من المدنيين الفلسطينيين إثر استخدام القوات الإسرائيلية الأسلحة الثقيلة وكل ما تتمتع به من قوة عسكرية في استهداف معسكرات اللاجئين. أما في8002, فقد كررت إسرائيل فعلتها بحصار غزة وضرب المدنيين بكل أنواع القنابل المحظورة ومنعت عنهم كل أنواع المساعدات بشكل فائق الوحشية. اغتيال بنظير بوتو في7002: في72 ديسمبر7002 اغتال مجهول بنظير بوتو زعيمة حزب الشعب بعد أشهر قليلة من عودتها من المنفي لدي خروجها من أحد المراكز الانتخابية في مدينة روالبندي, حيث كانت تحيي أنصارها وسط ثقة شعبية عارمة في انتصارها علي الرئيس الباكستاني آنذاك برويز مشرف. وعلي الرغم من هذه الواقعة المأساوية التي أصابت الشعب الباكستاني بالحزن والغضب فإنها أسهمت في تغيير موازين القوي إلي حد ما في باكستان, فلم يجد مشرف بدا من التنحي, ليتولي زوج بوتو علي آصفي زعامة حزب الشعب ورئاسة باكستان. إنفلونزا الطيور والخنازير: لم يسلم العقد الأول من القرن العشرين من الأمراض المعدية الخطيرة والقاتلة في بعض الأحيان, ليضرب بعرض الحائط كل الادعاءات بالسيطرة علي هذه النوعية من الأمراض الخطيرة خلال القرن الماضي, فقد ضربت إنفلونزا الطيور دول شرق آسيا وانطلق منها ليجتاح العالم كله, حيث عاشت شعوب العالم حالة من الرعب من الهجرة الشتوية لكل أنواع الطيور التي أصبحت تشكل خطرا داهما, بينما عاش العالم في عام8002 وبداية9002 حالة أخري من الرعب من مرض إنفلونزا الخنازير الذي انطلق من الولاياتالمتحدة والمكسيك واجتاح العالم كله وتجاوز ضحاياه قتلي العديد من الحروب الخطرة حول العالم. الأزمة المالية العالمية في8002: لم يكتف العالم بما مر به من كوارث إنسانية وطبيعية, بالإضافة إلي نقمة الإرهاب ليصاب بكارثة مالية ضخمة مركزها الولاياتالمتحدة في8002, لتهدد العالم بالسقوط في هوة جديدة من الركود أشبه بتلك التي ضربته خلال الثلاثينيات من القرن الماضي. وأسهمت هذه الأزمة في كثير من التغييرات, أبرزها تأكيد صعود الصين كقوة اقتصادية كبري تعتمد علي أسس واقعية متفوقة علي اليابان وتهدد عرش الولاياتالمتحدة. وكان تفجر أزمة البنوك الناجمة عن القروض العقارية الأمريكية قد كشف عن نقاط الضعف التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي والأوروبي, لتصبح بنوك العالم أشبه بورق الدومينو التي تتساقط الواحدة تلو الأخري, ولا ينقذها سوي تدخل حكوماتها في الوقت المناسب. .. لم تكن هذه إلا مقتطفات من أبرز الأحداث التي عاناها العالم خلال العقد الماضي, والتي من المنتظر عرضها بشكل أكثر تفصيلا خلال الأيام الأخيرة من العام الحالي علي صفحات الأهرام كرصد وتقييم لبداية القرن الحادي والعشرين.