سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هجوم ساحق على وصف القضاة المطالبين بالإصلاح بالشواذ .. وانتقادات لعجز النظام عن استيعاب التغييرات الدولية .. وتحذير من صراع أجنحة السلطة على كعكة الصحف القومية .. وتأكيدات على أن الشارع بات يتقدم النخب والأحزاب
يبدو أن مواقف المؤيدين لزفة " المبايعة والتأييد" ، الذين أفسحت لهم الصحف الحكومية جل صفحاتها في الأيام الأخيرة ، قد استفزت أنصار الإصلاح والتغيير ، إذ شنوا اليوم ما يمكن اعتباره " هجوما معاكسا " ، استهدف بشكل خاص اثنين من أبرز المبايعين ، هما المستشار محمد مجدي مرجان والدكتور نبيل بباوي ، وفي السياق ذاته ، اتسعت مساحة الكتابات المؤيدة للإصلاح ، حتى أنه يمكن القول إن صفحات الرأي والأعمدة " الأهرام " ، باتت تعبر بصدق عن المشاعر الحقيقية للمواطن العادي ، وهو ما تجلي اليوم في مقالات صلاح الدين حافظ وسيد على والدكتور محمد رضا محرم ، كما أن صحيفة " المصري اليوم " المستقلة ، أصبحت هي الأخرى نافذة لمجموعة من الكتاب الشبان ، الذين حرمهم الجمود المطبق على الصحف القومية والحزبية ، من أي طاقة هواء . وفي التفاصيل ، هناك أكثر من طاقة هواء . نبدأ جولتنا ، اليوم من المقال الرائع ، الذي كتبه الدكتور محمد رضا محرم ، عميد كلية الهندسة بجامعة الأزهر ، في صحيفة "الأهرام " ، عن أزمة الإصلاح العربية ، وننقل عنه القول " في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين كانت الحرب الباردة التي نشبت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في1945 تحسم لمصلحة القوة العظمي في عالم اليوم, الولاياتالمتحدةالأمريكية. تواكب مع ذلك وقوع حرب الخليج الثانية التي اصطفت فيها دول عربية عديدة إلي جانب الولاياتالمتحدة والتحالف الغربي ضد عراق صدام حسين. وقد عزز علاقات الدول العربية بالولاياتالمتحدة ما كان قد ظهر من توجه وما تحقق من تسويات مع إسرائيل, سواء باتفاقات معلنة مثل حالة مصر والأردن, أو بتواصلات غير معلنة مع دول عربية أخري كثيرة. وفي هذا السياق, فإن جميع هذه الدول كانت تتلقي دعم ورعاية ومظلة حماية الولاياتالمتحدة, برغم الاستبداد السياسي, وبرغم الخرق لحقوق الإنسان العربي ". وأضاف " وفي مطلع القرن الحادي والعشرين جاءت رياح الإرهاب بما لا تشتهي السفن العربية والسفن الأمريكية جميعا. تغير الراعي الأمريكي من أجل مصالحه وأمنه وسلامة مواطنيه. والجانب الآخر لا يريد أن يتغير. المعضلة أن التغيير المطلوب منه قد يمس وجوده. الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني في بلاد العرب تطالب بضمان الحقوق الأساسية للمواطن العربي الإنسان. هذا الإنسان العربي المقهور ما عاد غير واحد من اثنين. إما مقهورا بلغ به اليأس مداه فقرر أن ينفجر في وجوه الآخرين, وإما مقهورا لا يزال لديه أمل يري في الدعوة الأمريكية للتغيير والإصلاح مخرجا. إلي غد أفضل تحت أنظمة حكم أكثر إنسانية وأكثر رشادا. وهنا حدثت المفارقة الكبري. إذ تم انحياز الكثيرين عقلانيا إلي الدعوة الأمريكية, برغم غصة منها في الوجدان الشعبي, بينما وجدت الأنظمة نفسها في مواقع الاستهداف لعداوة أمريكية غير مخفية. ولن يخفف من الورطة هذه اتهام الكثيرين, ممثلين في الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني والتشكيلات السياسية المستقلة, بالعمالة للخارج, وبالقبض من الأجانب. ذلك لأن السبق في تلك المجالات إنما هو سبق لا منازعة فيه, وليس من التجاوز أن يذكر البعض هنا بالمثل العربي القديم الجديد رمتني بدائها وانسلت " . وأوضح محرم أن " الأنظمة العربية تدفع الآن ، وعلي مسار ذي اتجاه واحد, وسوف تستمر في دفع الثمن الجسيم لخطأين تاريخيين وقعت فيهما أغلب هذه النظم. وأولهما أنها حين اعتمدت التعددية الحزبية وتداول السلطة اعتمدت معهما عدم إطلاقها الحقيقي. وكان الحزب القائد( أو حزب الأغلبية) حريصا علي تدجين الأحزاب الأخرى وتهديمها ومحو وجودها الفعلي في المجتمع, والاكتفاء بالإبقاء الشكلي عليها. أما الخطأ الثاني فيتعلق بمطاردة أصحاب الفكر المستقل, والرأي الحر, والداعين إلي تحضر حقيقي يفارق الموروث المتخلف, وإلي إصلاح جذري يرفع عن كاهل المجتمع والوطن استبداد السلطتين المدنية والدينية تأسيا بتجربة الخلاص الكبرى التي انخلعت بها أوروبا, والغرب عامة, من تخلف القرون الوسطي إلي آفاق الحضارة الإنسانية الواسعة الأبعاد والآماد. ومن جوف هذين الخطأين كانت تولد في البدء سلطة كهانة جماهيرية شعبية لا يعرفها الإسلام, تعمل بتسييس الدين علي ملء الفراغ السياسي في الوطن, وسرعان ما تتحول في أوقات الأزمات إلي سلطة شبه رسمية تساند النظام الحاكم. أما في حالة التغيير الجذري الذي قد يطال النظام ذاته, فإنها تكون الوريث المرجح. وإذ يحدث هذا, فإن التغيير في بلاد العرب يظل محاصرا, كما أن الإصلاح يبقي مضيعا. ولن يخرجنا بعد من هذا المأزق المستحكم غير امتلاك الجرأة لفتح طريق جديد, لم تطأه أقدام أمثالنا من قبل, ينتهي بنا إلي تقدم حقيقي وتحضر جوهري, لا شكلية فيه ولا مراءاة " . وإذا كان الدكتور محرم قد تحدث عن إبعاد أصحاب الفكر المستقل باعتباره أحد أخطاء الأنظمة المستبدة ، فان ذلك يعني بالتبعية أن هذه الأنظمة قربت إليها من يطبلون ويبايعون ، وأحد هؤلاء المبايعين تعرض لهجوم ساحق ماحق من حمدي رزق في مقاله اليوم بصحيفة " المصري اليوم " ، حيث قال رزق " محمد مجدي مرجان ولو أضفت إليه الدال يصبح دكتورا أو الميم يصبح مستشارا أو باشمهندسا ، وفي الحالات الثلاث لا بد من الحجر عليه سياسيا لصالح الديمقراطية ، لان أمثاله من هواة المبايعات المجانية يشفطون هواء الحرية ولا يتركون لنا سوى عادم أفكارهم القديمة التي تلوث هواء القاهرة هذه الأيام المفترجة إصلاحيا ". وأضاف " مرجان القادم من عالم "على بابا" يتهم نفرا من زملائه القضاة في جريدة سمير رجب " الجمهورية" يوم الأحد الماضي بأنهم خوارج ، ويزيد بالقول أنهم شواذ ، ويصفهم بالمتمردين ، يجوز أن نتسامح مع مستر مرجان في الأولي باعتبار أن ثقافته تعود إلى القرن الأول الهجري ، والثالثة لأنه يشاهد عالم والت ديزني كثيرا قبل ما يناموا العيال ، لكن حكاية أن يعد القضاة شواذ لا يمكن أن نتسامح فيها أبدا ، بل يراق على جوانبها الدم لان شرق القاضي مثل عود الكبريت ، ونحن لا نرى ملجأ سوى القضاء المصري العادل في أزمتنا مع سلطة شاخت على مقاعدها ، فنحن نربأ بالقضاة أن يكون بينهم شواذ ، أو أن يصف بعضهم قاض سابق بأنهم شواذ ، أو عملاء مأجورين وخوارج كما جاء في مقاله المنشور في 5 يونيو ( يوم النكسة) " . وأعتبر رزق أنه " لابد من وقفة حاسمة من القضاة تجاه من يكتب تحت اسمه مستشارا ثم يلقي بالوسخ على من يحكمون بين الناس بالعدل ، لا بد من تجريده من لقبه إذا كان ما زال يحمله لأنه أهان القضاء بشكل غير مسبوق . لا أعرف لماذا يصمت القضاة على هذا الذي يصف مشاعل الحرية في صفوف قضاء مصر الشامخ بأنهم تلاميذ أعداء الوطن ، وأنهم يتصلون بالجماعات الخارجة على القانون ( برضه خارجه) والنظام وهواة التخريب والتدمير ، بل ويعقدون الاجتماعات مع العملاء المدفوعين من قوى أجنبية لإحداث الفتنة وتقويض نظامه ". وأضاف رزق " أرأيتم التحريض العلني الذي يمارسه مرجان ، وعلى من يحرض هذه اتهامات لو صحت تذهب بأصحابها إلى معتقلات جوانتانامو وبئس القرار ، أهكذا تكال الاتهامات بلا اثباتات ولا أدلة ولا براهين ، أين العقلية القانونية التي تحكم هذا اللغو ، لماذا السكوت عمن يتحدث عن مبايعة الرئيس باعتبارها من اصل الحكم وأن معارضته رجس من عمل الشيطان ، وأن الذهاب إلى صناديق الاستفتاء هو الشرق في تجليه الديمقراطي ، أما من لا يذهب فهو العميل المأجور ، من أستأجر هذا المستشار على القضاة بالضبط ؟ ". واستمر حمدي رزق في هجومه قائلا " أني لأعجب من أي مجرور فكري أتي بهذا التوصيف للجماعة الوطنية حتى لو كانت معارضة ، والشذوذ السياسي صفة تعافها النفس ولا يتلذذ بترديدها سوى من خبر آثارها وعلم سماتها وجرب دمارها النفسي والمعنوي ، الشذوذ السياسي هو ما تمارسه أنت وأمثالك ومن فتح لكم الصفحات لتسودها بهباب فكرك المريض " . ونبقى في نفس الصحيفة ، بل ونفس الصفحة ، وأيضا نفس الموضوع ، حيث كان مبايعا آخرا ، هدفا لهجوم مماثل ، لكن هذه المرة مع سليمان الحكيم ، الذي بدأ مقاله بالقول " لم أكن اعرف هذا البباوي ، ولم أكن سمعت عنه قبل أن أشاهد لافتاته التي اغرق بها شوارع القاهرة ، معلنا مبايعته الرئيس مبارك باسم سبعين مليون مصري .. هكذا دفعة واحدة ، وهو أكبر رقم يتبرع به أحد المبايعين أو " البائعين " للرئيس مبارك ، فقد تبرع المحافظون بمن تحت حوزتهم من المواطنين قاطني المحافظة التي يحكمونها بقانون " وضع اليد " . وأضاف " لا أعرف من الذي أعطي لهذا البباوي هذا الحق في احتكار أراء المصريين وأصواتهم ، فالرئيس مبارك بجلالة قدره لا يدعي لنفسه هذا الحق فهو في أغلب أرائه يتحدث كرئيس للحزب الوطني فقط ، الذي لم يقل انه يضم في عضويته سبعين مليون مصري ، كما أن أحدا من رؤساء الأحزاب الأخرى لا يتحدث إلا باسم الحزب الذي يمثله ". واعتبر الحكيم أن " بباوي تجرأ على كل الأحزاب ورؤسائها ، بما فيها الحزب الوطني نفسه ، ليعلن انه يمتلك أصوات الشعب المصري بكل أحزابه ومختلف تياراته السياسية وطوائفه الدينية وطبقاته الاجتماعية ، وهو – ولاشك – يمثل مثالا صارخا للنفاق السياسي ، الذي أصبح هو السائد في حياتنا السياسية ، والذي يلقى قبولا ورضا القائمين عليه ، فيقدمون الثمن له بسخاء أكبر من سخائهم في تقدير أصحاب الكفاءات ، الذين لا يحسنون الترويج لأنفسهم أو التسويق لأدوارهم فيتوارون عزوفا ويختفون احتراما لأنفسهم " . نترك المبايعين ونقادهم ، لكن نبقى في موضوع الإصلاح ، إذ شدد سيد على في مقاله اليوم بصحيفة "الأهرام " على أنه " يخطئ من يظن أن مصر تعيش حالة فوضي, وعذر هؤلاء أن إيقاع الشارع أسرع بكثير من حركة المؤسسات والأحزاب, بل إن الشارع الذي يتهمه البعض بعدم النضج يبدو أكثر وعيا ممن نصبوا أنفسهم متحدثين باسمه, وبدلا من أن تقود النخبة الشارع يحدث العكس.. والأخطر أن الأحزاب التسعة عشر لم تستطع استيعاب المتغيرات وتطور من نفسها, وما نشأت الجماعات الجديدة إلا تعبيرا عن هذا المأزق السياسي ". ورأى على أنه " وبغض النظر عن بعض الشطط, فإن ما يحدث هو نتاج طبيعي لثقافة الانتخابات الجديدة التي تتيح الفرصة للتعددية, لأننا عشنا زمنا طويلا داخل إناء يغلي بالأفكار المحبوسة, وعندما تم رفع الغطاء والإفراج عن البخار المحبوس, بدا المشهد غريبا, بل ومفاجئا. وحين يتم ضبط المصريين في لحظة انفعال, خاصة بمستقبلهم, لا يعني ذلك دعوة أي طرف للتعامل معنا كقاصرين, لأننا خضنا تجربة الإصلاح الاقتصادي قبل سنوات بالسرعة القصوى اللازمة ونجحنا إلي حد كبير, صحيح أننا تأخرنا ، وكان يمكن لعملية الإصلاح السياسي أن تسير بالتوازي مع عملية الإصلاح الاقتصادي, ولكن تجربة دول أخري عملاقة مثل الاتحاد السوفيتي أيامها فرملت ثنائية الإصلاح, ولكن يجب ألا يغيب عن الذاكرة أن مقاومي الإصلاح الاقتصادي كانوا أكثر في الداخل من الخارج, وأن الخارج أسهم كثيرا, وأن ثمن الإصلاح بالكامل دفعه البسطاء " . وأضاف " الأمر المؤكد أن مهندسي الإصلاح الاقتصادي كانوا أكثر وعيا وإخلاصا من كهنة الإصلاح السياسي الآن ، حيث يصر البعض علي طلب مصر في بيت الطاعة الأمريكي, والتهليل لتجليات نظرية الفوضي الخلاقة ، ولكنهم يتناسون أن كثيرا مما يحدث في المنطقة وليس في مصر من توابع الزلزال الأمريكي في العراق, الذي أرادوا له أن يكون الجنة, فإذا به جهنم الفوضي والدمار والطائفية. غير أن كل ذلك لا يعني أن نستسلم للأداء السياسي الركيك, بل لابد أن نترك العنان للبخار لينطلق, لأن المستقبل والإصلاح لا يصنعه الكهنة أو المغامرون, أو هراوات الأمن الغليظة! " . نبقى في صحيفة "الأهرام" ، ومع " شجون الصحافة وخطايا السياسة! " ، عنوان مقال الكاتب الصحفي صلاح الدين حافظ ، والذي بعدما استعرض في مطلع المقال " شجون الصحافة ، منددا بالاعتداءات التي يتعرض لها الصحفيون ، وأخرها اغتيال الصحفي اللبناني سمير قصير ، انتقل للحديث عن " خطايا السياسة " ، قائلا " يظل الإذلال النفسي والإهانة أشد قسوة من الإذلال البدني والتعذيب والسجن, بل أشد من القتل, لأن القتل مريح, لكن الإذلال يبقي في النفس هاجسا صاخبا ينشد الثأر والانتقام علي الدوام . يفزعني أشد الفزع أن يصل الانحدار إلي حد الاعتداء الهمجي المصحوب بتعمد الإهانة والإذلال, علي الصحفيات المصريات صباح الخامس والعشرين من شهر مايو المنصرم, وصولا إلي هتك العرض العلني في الشارع وفق ما جاء في بلاغ نقابة الصحفيين للنائب العام, وهو أمر جلل وتصرف أحمق متدن, وعدوان علي كل مواطن, وطعن في شرف الجميع ، وبقدر ما أنه لا يمكن لعاقل قبول ذلك, أو تبريره, كما حاول بعض المنافقين, بقدر ما أن المطلوب رد شرف الوطن والمهنة السامية, بعد أن تعرضا معا لانتهاك لا يمكن التسامح فيه " . وأضاف متسائلا " فماذا كان الهدف, وماذا كانت النتيجة! . الهدف هو كسر نفس أولئك المخالفين في الرأي وإذلالهم حتى لا يعودوا لمثلها مرة أخري, بعد أن سبق تجريب محاولات أخف وطأة ضمن الإذلال النفسي, حين تم ضرب بعض الزملاء في الشارع أو خطفهم وتجريدهم من ملابسهم وتركهم عرايا في العراء يعانون الألم النفسي الفظيع! . والنتيجة أن الضحايا أصبحوا أكثر قوة وتصميما علي التحدي والمنازلة, فمن كسب ومن خسر؟ من هذه الإساءات التي شاعت في الدنيا عبر الصحف ووكالات الأنباء والإذاعات والفضائيات.. إنها سمعة الوطن التي خسرت كثيرا علي أيدي بعض من يدعون الدفاع عن سمعة الوطن, فهل تذكرون حكاية الدب الذي قتل صاحبه! " . ثم انتقل حافظ للتعليق على ما تردد مؤخرا حول تغيير قيادات المؤسسات الصحيفة القومية ، قائلا " المؤكد أن تغيير القيادات, وبعضها ظل في مواقعه لسنوات طويلة, عمل مفيد وضروري وايجابي, تجديدا للشباب والأفكار والسياسات, لكن التغيير يجب أن يكون للأحسن والأفضل والأكفأ من حيث الاختيار المناسب والكفاءة المهنية والسمعة الطيبة البعيدة عن منظومة الفساد وشلل المفسدين وكتائب المنافقين.. لكن تغيير الأشخاص القيادات ليس وحده هو الحل, بل قد يخلق مشكلة جديدة تضاف إلي تلال المشكلات, إذا جاء نتيجة سياسة التعيين لأصحاب الولاء لهذه الحكومة أو تلك, أو لهذه الشلة, أو لهذا الجهاز أو غيره, إنما المطلوب حقيقة هو تغيير جذري في السياسات والأفكار والرؤي.. أي تغيير نظرة الدولة للصحافة, وعلاقة الصحافة بالسلطة, وعلاقة هذه وتلك بالمجتمع الذي يفترض أنه فوق الجميع ومصدر الشرعية للجميع " . وأوضح حافظ أنه " ومن باب التغيير المطلوب عاجلا في السياسات والعلاقة المركبة هذه, تحرير الصحافة ووسائل الإعلام, ذات التأثير الغلاب في صناعة الوعي وتشكيل العقل وقيادة الرأي العام, واستعادة حريتها في إبداء الرأي والتعبير بصراحة عن واقع الناس وهموم المجتمع ، ومن ثم ضمان أمن الصحفيين وحمايتهم خلال أداء عملهم, من القوانين الجائرة والعقوبات المشددة, خصوصا عقوبات الحبس وحماية مصادرهم وإطلاق حرية الحصول علي المعلومات السليمة من مصادرها الأصلية, تعميقا لمفهوم الحرية وثقافة الديمقراطية المنشودة ". هموم الصحفيين ، كانت أيضا موضوع مقال محمد سلماوي في صحيفة " الوفد " المعارضة ، والذي اعتبر أن "الأنباء التي تواردت طوال الأسابيع الثلاثة الماضية حول تغييرات صحفية وشيكة الحدوث في جميع المؤسسات الصحفية القومية كشفت عن النظرة الحقيقية للدولة تجاه الصحافة، فقد أثبتت تلك الأنباء المنسوبة بكاملها لبعض المصادر الرسمية انه لو كان هناك من هو بحاجة لأن ينضج ديمقراطيا فهو الحكومة ذاتها التي مازالت تتصرف في البلاد بعقلية سلطوية بالية لم تنجح حتى الآن في التوافق مع التوجه الديمقراطي الذي تدعو إليه ". وأضاف " إن أهم ما يعنيني في شأن ما انشغلت به الصحافة طوال الأسابيع الثلاثة الماضية من توقعات بحدوث تغييرات صحفية واسعة النطاق في جميع المؤسسات الصحفية القومية بلا استثناء، ليس الأسماء التي تناقلتها هذه التوقعات وإنما أسلوب التعامل مع الصحافة ومدي تعبيره عن النظرة الحقيقية للدولة تجاه الإعلام في وقت تدعو الدولة ذاتها إلي تعميق الممارسة الديمقراطية، وكان من المتصور أن تعطي هي المثل في ذلك من خلال أدائها في شتى المجالات ". وقال سلماوي " قد نتفق أو نختلف حول بعض الأسماء التي طرحتها هذه الأنباء لقيادة المؤسسات الصحفية القومية، لكن المهم هنا ليس تقييمنا لهذه الأسماء وهي جميعها لزملاء نعتز بهم في جميع الأحوال، ولكن طريقة التعامل مع الصحافة وما تنم عنه من تخلف واضح عن أسلوب الحكم الديمقراطي. فقد اتسمت نظرة الدولة للصحافة والإعلام بعدد من المتناقضات إن دلت علي شيء فعلي قدر من التخبط بين مختلف أجنحة السلطة أو في أحسن الأحوال علي عدم نضج ديمقراطي واضح يساير معطيات العصر الذي يطالبنا به العالم في الخارج وتدفع به المطالب الشعبية في الداخل " . وأوضح سلماوي أنه " مما يؤسف له انه في الوقت الذي تطور الوضع الصحفي عندنا خلال ال 24 عاما الماضية تطورا ايجابيا ملحوظا فإن عقلية بعض القائمين علي الأمور المتصلة بالصحافة ظلت عند المواقف السلطوية القديمة فلم تتعامل مع الصحافة من منطلق التطور الديمقراطي وما يفرضه من تغيير في النظرة للإعلام، ولقد كانت مناسبة التعديلات الصحفية المذكورة خير دليل علي ذلك التباين بين التطور الذي شهدته أوضاع الصحافة في الفترة الأخيرة والجمود الذي مازال متحكما في عقلية بعض المسئولين في تعاملهم مع الصحافة ". ومضى سلماوي قائلا " لقد لاحظ الجميع خلال فترة طرح الاسماء المرشحة أن بورصة المرشحين لرئاسة المؤسسات الصحفية القومية ظلت تعلو وتهبط بالأسماء المرشحة من يوم إلي يوم طوال اسبوعين حتى وصلت إلي المرحلة التي قيل فيها ان ساعة الصفر قد اقتربت وان هذه الساعة هي يوم السبت قبل الماضي والذي سيشهد الخروج المهيب للحرس القديم بكامل عتاده والقدوم المنتصر للفاتحين الجدد من الشباب وانصاف الشباب، ثم جاء يوم السبت المشهود ومضي أيضا دون ان يحدث شىء، وقيل في تفسير ذلك ان المصالح تضاربت مابين مختلف أجنحة السلطة التي سعي كل منها لوضع رجاله في هذه المواقع وإقصاء رجال الجناح الآخر، وقيل أيضا أن السبب في تسريب أسماء المرشحين طوال فترة أسبوعين دون إصدار قرار بتعيين أي من أصحابها كان الغرض منه إطلاق بالونات اختبار لاستطلاع الرأي حول مدي تقبل الرأي العام الصحفي لهذه الأسماء، ثم قيل أيضا انه لم تكن هناك تعديلات أصلاً وان الغرض من تداول هذه الأنباء وانتشارها كان فقط "قرص أذن" القيادات الصحفية الحالية حتى تستيقظ استعدادا للمرحلة القادمة التي ستشهد انتخابات الرئاسة وانتخابات مجلس الشعب، فما هذا؟ وكيف يمكن في دولة تلتزم بالنظام الديمقراطي أن يكون هذا هو أسلوب تعاملها مع الصحافة !! " . وربما يكون من المناسب بعد تلك الجولة ، التي غلبت فيها الانتقادات على المديح ، أن نختم بلفتة صغيرة من عبد الباري عبد الباري في صحيفة " الوفد " المعارضة ، والذي قال " بعد الإشارات البذيئة، التي نقلتها وكالات الأنباء العالمية و.. المحلية، من أيدي بلطجية الحزب الوطني، في مهزلة 25 مايو.. المتردية، من المؤكد أن النشيد القومي القادم للحزب الحاكم، ستقول كلماته: " يا بلادي يا حرة يا.. أبيَّة، صوابعي ليكي.. هدية ! " .