إن منتزه الصداقة المصرية الأذربيجانية الذي افتتح في السابع من فبراير 2008 بمدينة القناطر بمحافظة القليوبية في مصر, حيث أقيم تمثال للزعيم لأذربيجان حيدر علييف. بجوار شارع باسم أذربيجان, يعد رمزا لروابط الصداقة التقليدية التي جمعت شعبي أذربيجان ومصر. وفي ذات الوقت, يعد منتزه الصداقة المصرية الأذربيجانية حيث التمثال الضخم لحيدر علييف, انعكاسا حيا للتقدير والاحترام العميقين لهذه الشخصية الفريدة. ولد حيدر علي رضا أوغلو علييف في العاشر من مايو لعام1923 بمدينة نختشوان بأذربيجان. وعمل بأجهزة الأمن ومن ثم احتل عام1964 منصب نائب رئيس لجنة أمن الدولة, ثم منذ عام1967 تبوأ منصب رئيس لجنة أمن الدولة التابعة لمجلس وزراء جمهورية أذربيجان, ومنح رتبة لواء. وبناء علي انتخابه في يوليو لعام1969 سكرتيرا أول للجنة المركزية للحزب الشيوعي الأذربيجاني, تولي حيدر علييف رئاسة الجمهورية. وفي هذه المرحلة من مراحله القيادية, اضطلع حيدر علييف بدور حاسم في عمليات التطور الاجتماعي والاقتصادي لأذربيجان. وبفضل جهوده هذه كانت أذربيجان إحدي الجمهوريات المزدهرة للاتحاد السوفييتي. وفي ديسمبر لعام1982 انتخب حيدر علييف باعتباره عضوا مناوبا بالمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي, وعين في منصب النائب الأول لرئيس وزراء الاتحاد السوفييتي. وبصفته النائب الأول لرئاسة وزراء الاتحاد السوفييتي, والمسئول عن التعاون مع البلدان العربية, طور حيدر علييف علاقات الصداقة الشخصية مع القادة العرب. وبسبب كونه المسلم الوحيد في المستويات العليا للنظام السوفييتي, فقد كان ينظر إلي حيدر علييف باعتباره صديقا للعالم العربي الاسلامي, وقد قدم الكثير للتأثير علي السياسة الخارجية للاتحاد السوفييتي لدعم القضايا العادلة للعالم العربي. وفي أكتوبر لعام1987 استقال حيدر علييف من منصبه, إعلانا عن احتجاجه علي سياسة المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي تحت رئاسة ميخائيل جورباتشوف. وفي شهري مايو/ يونيو لعام1993 كان مصير البلاد برمته علي المحك, وذلك في ظل ظروف الاحتلال والعدوان المستمرين من جانب أرمينيا علي أذربيجان, والأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفكك النظام الاقتصادي السوفييتي, فضلا عن الضغوط الخارجية علي البلاد. وفي هذا الوقت العصيب من تاريخ البلاد, ناشد الشعب الآذري عام1993 حيدر علييف تسلم زمام السلطة وإخراج البلاد من هذه الأزمة. وتمخضت السياسة الحكيمة لحيدر علييف عن خروج البلاد من ظلمات الشكوك والمصاعب في مطلع التسعينيات, وولوجها إلي المستقبل المزدهر. وفي فترة وجيزة من الزمن تمكن حيدر علييف من تعزيز وترسيخ مؤسسات الدولة, ووقف الاحتلال الأرميني, وتوسيع أطر العلاقات الخارجية ذات الاحتياج الملح, وإرساء إستراتيجية جديدة وشاملة في مجال النفط, وتمهيد التربة لتنمية مستدامة طويلة المدي للبلاد. وهكذا, تم تدشين عصر جديد في حياة جمهورية أذربيجان المستقلة. واضطلعت الاستراتيجية الوطنية في مجال الطاقة, التي تم إرسالها وتنفيذها تحت قيادة الزعيم القومي حيدر علييف, بدور حيوي في النهضة والتقدم الوطنيين. وفي سبتمبر لعام1994, شرعت أذربيجان في توقيع عقد القرن متعدد المليارات مع شركات النفط متعددة الجنسية, والرامي إلي تطوير حقول النفط البحرية في القطاع الاذربيجاني من بحر قزوين. ومن ناحية أخري جرت تغييرات عميقة علي السياسة الخارجية لأذربيجان, وفي البداية حددت أذربيجان مكانتها في منظومة العلاقات الدولية, وشرعت, استنادا إلي استراتيجية السياسة الخارجية الجديدة, في السعي لتحقيق طموحاتها المتعلقة بتكاملها مع المحيط اليورو أطلنطي, ولتعزيز العلاقات الثنائية مع بلدان المحيط. وأوليت عناية خاصة في مجال السياسة الخارجية لإعادة بناء الروابط التاريخية لأذربيجان مع العالم العربي الاسلامي. وكانت زيارة حيدر علييف لمصر في مايو لعام1994 ولقاؤه بالرئيس حسني مبارك, تطورا هائلا علي الطريق نحو إحياء روابط الصداقة التقليدية بين أذربيجان ومصر. ومثل رحيل حيدر علييف في12 ديسمبر لعام2003 إحدي أشد اللحظات حزنا في تاريخ أذربيجان. وقد توفي حيدر علييف, رجل الدولة نافذ البصيرة المخضرم ذو القريحة الوقادة اللامع شديد البأس, عن عمر يناهز81 عاما. وقد كان حيدر علييف في فترات توليه لأعلي مستويات السلطة في أذربيجان المستقلة, كان دائما وفيا لوطنه ولشعبه الأم, فوقف إلي جانب شعبه في مواجهة جميع الصعوبات في تلك المراحل العصيبة والمشحونة بالتوتر, ونظر إلي إرساء الاستقرار والسلام والتقدم في ربوع أذربيجان باعتبارها أحد أهم جوانب نشاطه. ولا ريب في أنه قد نجح في ذلك الأمر. واستنادا إلي رؤية وإرث حيدر علييف, تتطور أذربيجان اليوم, تحت قيادة إلهام علييف, بديناميكية تشهد عليها معدلات النمو الاقتصادي غير المسبوقة. فالاصلاحات الديمقراطية والاقتصادية الثابتة, والحكم الرشيد والادارة الفعالة والسياسة الخارجية النشطة الشفافة للرئيس إلهام علييف, قد جعلت من أذربيجان قائدا إقليميا وشريكا قويا موثوقا به في العلاقات الدولية. وفي مطلع تسعينات القرن المنصرم, كانت فئة قليلة للغاية تؤمن بصمود أذربيجان باعتبارها دولة ذات سيادة, وذلك بسبب العدوان الأرميني, وانعدام الاستقرار الداخلي السياسي الاقتصادي. بيد أن أذربيجان بقصة نجاحها قد بددت جميع الشكوك, وأثبتت أن استقلالها وتطويرها الناجح, أمر أبدي لا رجعة عنه, وذلك كما قال الزعيم القومي لأذربيجان حيدر علييف.