عجلة الزمن لا تتوقف عند احد, وعقارب الساعة لا تعود للوراء, لكن بعض الساعات حين تتعطل ويتوقف بندولها النحاسي العتيق مضربا علي العمل, ساكنا بلا حراك,يرتفع سعرها. وتزيد قيمتها وتصير تحفة وذكري لأيام جميلة مضت وعز ان يجود الزمان بمثلها . عدد من هذه الساعات القديمة ذات الصندوق الخشبي الأنيق والبندول النحاسي الطويل, اجتمعت في مكتبة الاسكندرية تحت شعار( من فات قديمه تاه) في صالة عرض واحدة مع نياشين الملك فاروق, ومفرمة اللحمة اليدوية والتليفون الاسود( ابومنافيلا), والمنشة والطربوش, والراديوالموبيليا( كما في افلام عبد الحليم حافظ), ورخصة الحنطور( كمافي شوارع القاهرة30 لنجيب محفوظ), ونظارة جدو, وختم حضرة العمدة وموس حلاق الصحة والالة الكاتبة لموظف درجة سابعة, والسرنجة الزجاج وزجاجات الكولونيا الفارغة من الحجم الكبير, وصورة عائلية تدل علي الاصل العريق, وفرشاة تنظيف البدل الصوف من بيت عائلة محترمة, وميزان بائع للخضار كان يكيل بالوقية, وحتي وابور الجاز وبخاخة مبيد الناموس التي كانت تملأ بيوت الريف في السبعينات, كلها اجتمعت معا في نفس المعرض, لتصنع لوحة رائعة التفاصيل, لها رائحة رجال ونساء عاشوا في زمن مختلف, كان جزءا هاما ومميزا من تاريخ مصر. المحاسب رأفت الخمساوي صاحب مقتنيات المعرض قال ان هواية جمع الصحف والصور والاشياء القديمة لازمته منذ طفولته, وكان ينفق عليها مصروفه كله حتي اصبح الان تاجرا للتحف و الوثائق, التي يقبل علي شرائها العرب من دول الخليج وبعض الاثرياء من المصريين هواة اقتناء القطع الفنية الاصلية, ومع ذلك فهناك قطع نادرة للعرض فقط وليست للبيع علي اعتبار انها لاتقدر بثمن. واضاف خالد عزب مدير الاعلام بمكتبة الاسكندرية ان التاريخ ليس فقط ما ندرسه في المدرسة ونقرأه في الكتب, لكننا ايضا يمكن ان نقرأ صفحات هامة من تاريخ مصر من خلال يفط الشوارع وجمع الطوابع وبطاقات الدعوة علي الافراح والولائم, وحتي العملات القديمة والخطابات الشخصية والصور والاوراق العائلية, يمكن ان تنقل للاجيال الجديدة ملامح عهد مضي بكل تفاصيله. واخيرا ينصحك خبراء الوثائق والاساتذة المحاضرون في المكتبة ان تعلم ابنك الاحتفاظ بمقتنيات اسرته ذات القيمة وكل ما يوثق لشجرة العائلة من صور وجوابات ومستندات, فتجعله يعرف تاريخه ويعتز بنفسه, وهذا ما يحدث غالبا( في احسن العائلات)!