سعر الذهب اليوم الخميس 2-10-2025 يصل لأعلى مستوى وعيار 21 الآن بالمصنعية    متى يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي 2025 رسميًا؟ استعد ل تغيير الساعة في مصر    البيت الأبيض: مناقشات حساسة تجري الآن بشأن خطة غزة    "الاحتلال "يهاجم أسطول الصمود وكولومبيا تطرد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية ومظاهرات حاشدة بعدة عواصم عالمية..وحماس: نحيي شجاعة النشطاء    85 شهيدًا فلسطينيًا حصيلة الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة خلال 24 ساعة    خطة ترامب لغزة.. قراءة تحليلية في وهم السلام وواقع الوصاية    «رحلة إسقاط الكبار مستمرة».. المغرب يضم البرازيل إلى قائمة ضحاياه    «قولاً واحدًا».. خالد الغندور يكشف رحيل فيريرا عن تدريب الزمالك في هذه الحالة    مصرع أمين شرطة وإصابة آخر فى حادث تصادم بالنوبارية    الداخلية: القبض على مدرس اُتهم بالاعتداء على طالب ابتدائي في الهرم    عبدالله مجدي الهواري: «بحب الفن ونفسي أبقى حاجة بعيد عن اسم أمي وأبويا»    مدير مستشفى معهد ناصر: نستقبل مليوني مريض سنويًا في مختلف التخصصات الطبية.    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    4 أهداف.. تعادل مثير يحسم مواجهة يوفنتوس أمام فياريال بدوري أبطال أوروبا    رياضة ½ الليل| هشام يسلف الزمالك.. إيقاف تريزيجيه.. قائمة الخطيب.. والموت يطارد هالاند    زكريا أبوحرام يكتب: الملاك الذي خدعهم    رئيس مجلس المطارات الدولي: مصر شريك استراتيجي في صناعة الطيران بالمنطقة    إصابة 4 عمال في حادث تصادم نقل وميكروباص أمام كارتة ميناء شرق بورسعيد    قرار هام بشأن شخص عثر بحوزته على أقراص منشطات مجهولة المصدر بالجيزة    السيطرة على حريق شب داخل مخلفات بعين شمس    شهادة صحفي على مأساة أفغانستان الممتدة.. جون لي أندرسون يروي أربعة عقود في قلب عواصف كابول    أكاديمية «أخبار اليوم» في ثوبها الجديد.. وفرحة الطلاب ببدء العام الدراسي| صور وفيديو    اللجنه العامة توافق على اعتراض رئيس الجمهورية على مواد الإجراءات الجنائية    نقل الفنان السوري زيناتي قدسية إلى المستشفى بعد أزمة صحية مفاجئة    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين والبنوك والمدارس بعد قرار رئيس الوزراء    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    وصول وفد رسمي من وزارة الدفاع السورية إلى موسكو    مرض اليد والقدم والفم (HFMD): عدوى فيروسية سريعة الانتشار بين الأطفال    تحذير لهؤلاء.. هل بذور الرمان تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي؟    أكلة مصرية.. طريقة عمل محشي البصل خطوة بخطوة    الخارجية التركية: اعتداء إسرائيل على "أسطول الصمود" عمل إرهابي    مايولو: سعيد بالتسجيل أمام برشلونة.. نونو مينديش قام بعمل كبير    جوارديولا: لدينا نقطة وسنحصل عليها    «مقتنعوش بيه».. ماجد سامي: كنت أتمنى انتقال نجم الزمالك ل الأهلي    حل 150 مسألة بدون خطأ وتفوق على 1000 متسابق.. الطالب «أحمد» معجزة الفيوم: نفسي أشارك في مسابقات أكبر وأفرح والدي ووالدتي    محافظ الشرقية يكرّم رعاة مهرجان الخيول العربية الأصيلة في دورته ال29.. صور    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 5 صواريخ من شمال غزة واعتراض 4 منها دون إصابات    انقطاع مؤقت للاتصالات قرب المتحف المصري الكبير.. فجر الخميس    سعر الذهب اليوم في السودان.. وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 2 أكتوبر 2025    هيئة مستقلة للمحتوى الرقمي ورقابة بضمانات.. 4 خبراء يضعون روشتة للتعامل مع «البلوجرز» (خاص)    ستاندرد آند بورز: إغلاق الحكومة الأمريكية يفاقم عدم اليقين في التوقعات الاقتصادية    المطبخ المصري في الواجهة.. «السياحة» ترعى فعاليات أسبوع القاهرة للطعام    السكر القاتل.. عميد القلب السابق يوجه نصيحة لأصحاب «الكروش»    اعتراضات على طريقة إدارتك للأمور.. برج الجدي اليوم 2 أكتوبر    أول تعليق من رنا رئيس بعد أزمتها الصحية: «وجودكم فرق معايا أكتر مما تتخيلوا»    ماذا كشفت النيابة في واقعة سرقة الأسورة الأثرية من المتحف المصري؟    الإسكان عن أزمة قرية بحر أبو المير بالفيوم: تحركنا لدراسة الوضع ميدانيا    أحمد موسى يوجه رسالة للمصريين: بلدنا محاطة بالتهديدات.. ثقوا في القيادة السياسية    أولى هجمات أكتوبر.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم: أمطار رعدية تضرب منطقتين    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    إصابة 9 أشخاص في انقلاب ميكروباص على طريق شبرا - بنها    التجربة المصرية في الاستزراع السمكي محور برنامج تدريبي دولي بالإسماعيلية    أرسنال بالعلامة الكاملة في الإمارات ينتصر بثنائية على أولمبياكوس    تسليم 21 ألف جهاز تابلت لطلاب الصف الأول الثانوي في محافظة المنيا    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    تعرف على مواقيت الصلاه غدا الخميس 2 أكتوبر 2025فى محافظة المنيا    مجلس الدولة يقرر إعادة توزيع اختصاصات دوائر محكمة القضاء الإداري    مجلس حكماء المسلمين: العناية بكبار السن وتقدير عطائهم الممتد واجب ديني ومسؤولية إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواقف لم تقبلها مصر

يتابع الوزير أحمد أبوالغيط‏,‏ هنا في هذه السلسلة من مقالاته كشاهد علي حقبة السلام مع إسرائيل‏,‏ سرد ما جري بعد العودة المفاجئة للوفد السياسي المصري من القدس. إثر فشل ستين ساعة من المفاوضات الشاقة مع الإسرائيليين في فندق هيلتون القدس‏,‏ في يناير 1987,‏ وكيف أن الرئيس السادات قبل دعوة الأمريكيين لزيارة واشنطن في‏4‏ فبراير‏,‏ وهي الزيارة التي يصفها الوزير بأنها كانت خلابة وصعبة في الوقت ذاته‏!‏ وإلي المقال‏:‏
ووصلت طائرة الرئاسة المصرية البوينج‏737,‏ التي كان الرئيس السادات قد وضعها تحت إمرة وفد التفاوض المصري‏...‏ وذلك بعد أن قامت بسفرة أولي أقلت خلالها كل أعضاء الوفد الفني المصري ورجال الأمن والمخابرات والأجهزة والمعدات السرية وكل ما كان هذا الوفد الكبير يحمله من معدات واحتياجات‏...‏ وكذلك مجموعة الصحفيين المصريين الكبيرة التي كانت برفقة الوفد‏...‏ كانت الساعة الواحدة صباحا عندما غادرت الطائرة مطار اللد في طريقها إلي القاهرة وبعد أن أمضينا في القدس ما يقرب من ستين ساعة مليئة بالنشاط والعمل الدؤوب والمقابلات والمفاوضات‏...‏ وجلست بمقعدي وأنا في قمة الإنهاك والتعب‏...‏ وحاولت أن أتدبر الموقف وأعيد تقييم للأوضاع لعلي أكتبه واصوغه في مذكرة يمكن تقديمها للوزير في صباح نفس اليوم‏...‏ إلا أن الإرهاق تملكني ولم استشعر إلا والبعض يوقظني في مطار القاهرة‏.‏ وطلب أحمد ماهر أن نلتقي مبكرا بالمكتب بوزارة الخارجية في قصر التحرير‏...‏ ولكي نعد أوراقنا توطئة لوصول وزير الخارجية الأمريكية في اليوم التالي‏...20‏ يناير‏...1978‏ ووصلت فعلا مبكرا صباح يوم‏19‏ يناير‏...‏ لكي أفتح الحقيبة الحديدية الكبيرة التي كنت أستخدمها لحفظ كل المستندات والوثائق الهامة التي كان المتصور أننا قد نحتاج إليها في أي لحظة‏...‏ أثناء المفاوضات مع الإسرائيليين أو المشاورات مع الأمريكيين‏...‏ كانت هذه الملفات تشمل كل ما دار بين العرب وإسرائيل‏...‏ وبين القاهرة وتل أبيب علي مدي الأعوام الثلاثين السابقة‏...‏ في الفترة من‏48‏ حتي‏...1978‏ بل كان هناك وثائق كثيرة تتناول كل خلفيات النزاع منذ صدور كتاب هيرتزل‏...‏ الدولة اليهودية في عام‏1898‏ مرورا بمرحلة الحكم العثماني لفلسطين واتصالات اليهودية العالمية مع السلطان العثماني في اسطنبول وصدور وعد بلفور‏...‏ وكل ما دار علي الأرض الفلسطينية منذ بزوغ الانتداب البريطاني في قرار عصبة الأمم ومؤتمر فرساي في عام‏...1919‏ كان هناك صندوق منتفخ بالأوراق‏...‏ وعلي مدي الشهور التسعة التالية وحتي الوصول إلي قمة كامب دافيد في‏5‏ سبتمبر‏78‏ أضيف إليه عدة حقائب أخري‏...‏ تشمل كل ما يمكن التفكير في الحاجة له‏...‏ اتفاقات سلام دولية‏/‏ كتب قانونية‏/‏ كتب عن تاريخ المنطقة‏...‏ والعديد من الدراسات الصادرة عن أساتذة كبار بحثوا في الشأن الفلسطيني والنزاع العربي‏/‏ الإسرائيلي‏.‏ واليوم كثيرا ما أنظر إلي جهاز ال‏IPAD‏ الذي أحمله‏...‏ القادر علي حمل وتوثيق عشرات الآلاف من الوثائق‏...‏ والسهولة التي يمكن من خلالها الوصول إلي آلاف المواقع علي الانترنت للحصول علي المعلومات‏...‏ وأقارن بما كنا فيه‏...‏ وما هو متاح اليوم‏...‏ أعدت كل الملفات‏,‏ بمعاونة البعض‏,‏ إلي دواليب وشانونات الحفظ‏...‏ ثم انطلقت في إعداد مذكرة تقييميه للموقف العام الذي نواجهه بعد العودة المفاجئة من القدس ومتطلبات المرحلة التالية‏...‏ أو ما تصورته متطلبات قادمة‏...‏ وعقدت مجموعة العمل الدبلوماسية السياسية‏...‏ مرة أخري‏...‏ اجتماعا للنظر في الموقف‏...‏ ومرة أخري‏...‏ أقول أنها كانت مجموعة قانونية متمرسة وقادرة‏...‏ كان السفير عبد الرؤوف الريدي من القانونيين الذين لهم تجربة طويلة في العمل بالأمم المتحدة‏,‏ سواء في نيويورك‏,‏ لأكثر من مرة أو جنيف‏...‏ أيضا لأكثر من مرة‏...‏ كما كان هناك السفير الدكتور نبيل العربي‏...‏ الحاصل علي الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة نيويورك‏...‏ كان لهما هما الاثنان منازلات مع القانونيين الإسرائيليين عضوي الوفد الإسرائيلي‏...‏ سواء في أثناء أعمال اللجنة السياسية في القدس أو بالقاهرة في الاجتماع التحضيري في مينا هاوس‏...‏ وأقصد بهما الدكتور باراك‏...‏ الذي أصبح بعد ذلك مدعيا عاما بإسرائيل أو القانوني المتشدد اليميني الآخر‏...‏ مائير روزين‏...‏ كما كان هناك عمرو موسي بحيوته وطموحه‏...‏ وهو أيضا خريج كلية الحقوق وهنا لا يجب أن يفوتني القول بأن كل المجموعة المصرية التي كلفت بالتفاوض مع إسرائيل‏...‏ كانت من القانونيين خريجي الجامعات الغربية الكبري‏...‏ كان الدكتور عصمت عبد المجيد حاصل علي الدكتوراه من السربون‏/‏ والسكرتير الأول حسين حسونة شهادة الدكتوراه من أكسفورد والسكرتير أول محمد البرادعي شهادة الدكتوراه من جامعة نيويورك‏...‏ واخيرا السفير الدكتور أسامة الباز من جامعة هارفارد‏...‏ مجموعة قادرة وقوية وإن كان ومثلما سبق القول‏...‏ أخذت تتقلص تدريجيا لكي تصل إلي قمة كامب دافيد في سبتمبر‏78‏ ومرورا بالاجتماع الوزاري التفاوضي بين مصر وإسرائيل بحضور الأمريكيين في ليدز كاسل لتشمل فقط أحمد ماهر السيد‏/‏ عبد الرؤوف الريدي‏/‏ نبيل العربي‏/‏ أحمد أبو الغيط‏...‏ وبطبيعة الأحوال الشخصية الرئيسية عندئذ‏...‏ أسامة الباز‏.‏ كتبت لوزير الخارجية محمد إبراهيم كامل‏...‏ وبموافقة أحمد ماهر السيد تقييما عاما للوضع‏...‏ وحيث تناولت استمرار الضيق العربي الشديد من مبادرة الرئيس السادات وعدم القدرة علي فهم أبعادها أو مقاصدها كما أوضحت أن كل المراسلات وما نقرأه من برقيات من العواصم المختلفة تكشف عن تفهم أردني للمبادرة ودواعيها وإن كان موقف الأردن يتسم بالحذر الشديد خشية استثارة سوريا والعرب من ناحية أو الفلسطينيين بالداخل من ناحية أخري‏...‏ وفيما يتعلق بالسعودية فقد كانت‏...‏ وبشكل هادئ مكتوم‏....‏ تتفهم الجهد المصري‏...‏ بل ربما تؤيد الحاجة له وإن أظهرت التحفظ لعدم التيقن من إمكانيات النجاح‏...‏ بل وكشفت الاتصالات بعد ذلك عن اقتناع سعودي في مواجهة ردود الفعل الإسرائيلية وعروض بيجين أن المبادرة سبيلها الفشل بسبب التعنت الإسرائيلي‏...‏ وكان السوفيت قد قرروا محاربة المبادرة التي أخرجتهم من معادلة جهد التسوية في الشرق الأوسط‏...‏ وفي هذا السياق كتبت مشيرا إلي الضغوط التي مارسها السوفيت علي فالدهايم‏...‏ ومعهم سوريا لمنع الأمم المتحدة من المشاركة في اجتماعات القدس‏...‏ وعلي نمط ما دار في اجتماع مينا هاوس حيث حضرت الأمم المتحدة ممثلة في الجنرال الفنلندي سيلاسفيو وجيمس جونا السيراليوني‏...‏ من معاوني السكرتير العام‏...‏ تسلح فالدهايم بالشجاعة في مينا هاوس إلا أن الضغوط زادت عليه في القدس‏...‏ وطرحت علي أحمد ماهر السيد أهمية قيام محمد إبراهيم كامل بتحيته في أول مناسبة والسعي نحوه وعدم تركه فريسة لضغوط السوفيت أو غيرهم وأكدت في المذكرة أنه وإذا ما لم تكن المواقف الإسرائيلية سواء تجاه مصر واستعادتها لسيناء خالصة ونظيفة أو الوضع بالنسبة للتسوية الفلسطينية وحق الدولة‏...‏ باعتبارها مواقف تفاوضية ومناورات تكتيكية‏...‏ فالمؤكد أننا والمبادرة سوف نواجه بمشكلة حادة سوف تستدعي الكثير من الصبر والعمل الدؤوب لتطويع الموقف الإسرائيلي‏.‏ أعددت بعد ذلك نقاط الحديث التقليدية المقترحة والتي يجري تجهيزها دائما للإعداد لأي لقاء لوزير الخارجية مع قرين له‏...‏ وكانت هذه المرة تتعلق بلقاء محمد إبراهيم كامل مع الوزير سيروس فانس القادم من القدس في طريقه إلي واشنطن‏...‏ تضمنت النقاط المقترح التحدث بها مع الأمريكي‏...‏ تأكيد الموقف المصري من ناحية‏...‏ وبان مصر وفي إطار مبادرة الرئيس تحركت وبهدف التوصل إلي تسوية شاملة للنزاع بشقيه المصري‏/‏ العربي من ناحية والفلسطيني‏/‏ الإسرائيلي من ناحية أخري‏...‏ ثم التعبير عن رفض المواقف الإسرائيلية واستهانتها بالرؤية المصرية ومع المطالبة بموقف أمريكي واضح ومحدد يفرض رؤيته علي إسرائيل‏.‏ وحضر سيروس فانس يوم‏20‏ يناير وحيث التقي بالرئيس السادات وبوزير الخارجية محمد إبراهيم كامل وقدم دعوة من الرئيس كارتر للرئيس السادات لزيارة واشنطن لمشاورات يوم‏4‏ فبراير‏.78‏ قام فانس‏...‏ مرة أخري بتقديم المشروع الأمريكي لإعلان المبادئ بتعديلات محددة وحيث استمر الجانب الأمريكي في ثقته علي قدرته لإقناع الجانبين علي العودة إلي المفاوضات المباشرة مرة أخري بعد أن ينجز أو يغلق ثغرة الخلاف حول إعلان المبادئ للتسوية‏...‏ ولا أعتقد هنا أن فانس كان عندئذ يقدر أن كل هذا الجهد لن يصل به إلي النتائج المرجوة‏...‏ إذ كشفت إسرائيل عن مواقف لا يمكن لمصر قبولها أو التعايش معها‏.‏ وكان الملاحظ أن المشروع الأمريكي المشار إليه قد تضمن في فقرته الخامسة صياغتين للقضية الفلسطينية‏,‏ إ حداهما تتناول الرؤية المصرية بوضوح والأخري تأخذ في حسبانها الأطروحات الإسرائيلية غير المقبولة إطلاقا مصريا‏.‏ وقمنا في نفس اليوم بموافاة الجانب الأمريكي بالتعقيبات المصرية علي مقترحاته التي أكدت الانسحاب من الاراضي المحتلة وعدم جواز احتلال اراضي الغير بالقوة‏,‏ ثم التأكيد علي التسوية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في المشاركة في تقرير مستقبلهم وقيام ممثليهم بالمشاركة في المفاوضات مع إسرائيل وبمشاركة كل من مصر والأردن‏.‏ وكان من الواضح أن مصر تتمسك بالصياغة التي أطلقها كارتر في أسوان في‏4‏ يناير‏...78‏ وهي صياغة كان كوانت مساعد مستشار الأمن القومي الأمريكي بريزنسكي قد تحدث بها إلي الدكتور أشرف غربال يوم أول يناير تليفونيا من وارسو في مرافقته للرئيس كارتر في زيارة لبولندا توطئة لقدومه إلي أسوان وأن كارتر ينوي أن يتحدث بها علنيا لأول مرة في مواجهة النزاع العربي‏/‏ الإسرائيلي وكيفية التحرك نحو معالجة القضية الفلسطينية‏.‏ وغادر فانس بعد أن قدم الدعوة التي قبلها الرئيس السادات بترحيب كبير‏.‏ وأخذنا في مجموعة العمل ومكتب وزير الخارجية نعد للإستراتيجية المصرية للتعامل مع هذه الزيارة الرئاسية بالغة الأهمية‏...‏ وكان التقدير عندئذ‏...‏ أن هذه المرحلة ستطلب تطويع الموقف الإسرائيلي وهز علاقته العضوية بالجانب الأمريكي ومحاولة التأثير علي الرئيس الأمريكي وإقناعه باستخدام نفوذه وتأثيره الكبير في رد وإضعاف التصلب الإسرائيلي خاصة ان كل ما كان يردنا من الولايات المتحدة كان يؤشر إلي وجود ضيق كبير لدي المجتمع اليهودي الأمريكي من مواقف مناحم بيجين وتمسكه بمواقف واراء لا يمكن الدفاع عنها‏.‏ وكان السؤال المثار بقوة هو عما إذا ما كان الرئيس الأمريكي لديه الرغبة فعلا لاستخدام هذه القدرات الكامنة في سلطاته لمواجهة إسرائيل ومؤيديها بأمريكا‏...‏ وكان هذا ما سوف يحاول الرئيس السادات ووزير الخارجية محمد إبراهيم كامل تبينه في زيارة واشنطن‏.‏ كان الرئيس كارتر قد طلب من الرئيس السادات إبقاء فريق التفاوض العسكري الإسرائيلي في مصر رغم انسحاب الوفد المصري من القدس ورغم المواقف التي تبنتها إسرائيل سواء في المفاوضات السياسية أو العسكرية مع مصر‏...‏ ووافق الرئيس السادات‏....‏ وأعلم أن وزير الخارجية غضب غضبا شديدا‏...‏ رغم أنه كان قد حاول إقناع الرئيس السادات قبل يومين من إبقاء مجموعة عمل مصرية صغيرة بالقدس كوسيلة لحفظ شعرة معاوية‏...‏ إلا أن الرئيس رفض المقترح‏...‏ كان الرئيس السادات يتمتع بصبر ورؤية ثاقبة لا تفقد التركيز علي الهدف‏...‏ كان يهدف الحفاظ علي أوثق العلاقات مع الرئيس الأمريكي لكي يستطيع توظيفه لصالح الأهداف المبتغاة‏...‏ من هنا كثيرا ما ظهر وكأنه يقدم تنازلات بسهولة إلا أن مبرراته كانت دائما واضحة‏...‏ علي الأقل لديه‏...‏ كان الرئيس السادات يسعي للحصول علي دعم اقتصادي غربي كبير في مواجهة انقطاع وتوقف المساعدات العربية الاقتصادية لمصر‏...‏ وبالفعل بدأت مصر تحصل عندئذ علي مساعدات اقتصادية ومالية كبيرة من الولايات المتحدة ودول غربية أوروبية أخري في مقدمتها ألمانيا واليابان‏.‏ كان الرئيس السادات‏,‏ أيضا يسعي لكسر الاحتكار السوفيتي للسلاح لمصر بالانفتاح علي القوي الغربية‏...‏ من هنا كان يرغب في الحصول علي مقاتلات أمريكية‏...‏ ولو متخلفة عما لدي إسرائيل أو السعودية لكي يعيد التوازن لعلاقات أمريكا بدول المنطقة‏...‏ من هنا كان يسعي لتحقيق صفقة كبيرة من المقاتلات الأمريكية‏F...5‏ وهي طائرة قتال لا تقارن بالأخريات المتاحة في الترسانة الأمريكية إلا أنها كانت البداية‏...‏ واستمرت مجموعة العمل تعد وتجهز لهذه الزيارة الهامة‏...‏ وأخذت تتوارد أطروحات إسرائيلية لم تكن تغيب عن فطنة ومتابعة سفراء مصر في العواصم المختلفة‏...‏ وسألت إحدي الشخصيات اليهودية من أساتذة
الجامعات‏...‏ أحد سفرائنا‏...‏ عن قرار مصر‏...‏ بالتحديد وزير الداخلية المصرية‏...‏ بالسماح للإدارة المصرية‏/‏ البريطانية المشتركة للسودان بإدارة منطقة حلايب شمال خط عرض‏...22‏ وهو خط الحدود المصرية‏/‏ السودانية‏...‏ وذلك رغم استمرار السيادة المصرية علي هذه المنطقة‏...‏ وكان القصد واضحا تماما‏...‏ إذ حاول الإسرائيلي استكشاف المسألة ولكي يستطيع أن يوظفها للمطلب الإسرائيلي في الإبقاء علي التواجد العسكري والاستيطاني الإسرائيلي داخل سيناء رغم وجودها بالكامل تحت السيادة المصرية وحتي خط الحدود بين مصر وفلسطين تحت الانتداب‏...‏ خط عام‏22‏ المؤكد للحدود المصرية مع الإمبراطورية العثمانية في عام‏.1906‏ وأخذت تأتي أطروحات أخري‏...‏ وأسئلة واستفسارات حول غزة‏...‏ وكأنها بالنسبة لإسرائيل تمثل جائزة لمصر وليس عبئا ومسئولية‏...‏ بالإضافة إلي خطورة تقسيم القضية الفلسطينية بين غزة المدارة مصريا والضفة الغربية الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية‏.‏ وأخذت إسرائيل تعيد في هذا الشأن وبشكل علني وفي تصريحات رسمية لرئيس وزرائها‏...‏ أن القرار‏242‏ الصادر عن مجلس الأمن عام‏67‏ لا ينطبق علي الضفة وغزة بسبب سقوط هذه الأراضي في أيدي إسرائيل في أعقاب حرب عدوانية‏...‏ وأخذ رئيس الوزراء يدافع عن وجهات نظره في المقترح المقدم إلي مصر فيما سمي الحل الوظيفي‏...‏ أي أن يدير الفلسطينيون شئونهم بالكامل وانسحاب الإدارة العسكرية من اراضي الضفة مع بقاء الاحتلال المتمثل في مشروع إيجال الون في التواجد علي شريط عريض يفصل هذه الأراضي الفلسطينية عن الأردن عبر النهر‏...‏ وذلك تحت دعاوي التهديدات المحتملة من العراق ضد الأردن وإسرائيل‏...‏ واستثارت هذه المواقف‏...‏ مثلما سبق القول‏...‏ الكثير من الأمريكيين إلي الحد الذي أدي بنائب رئيس أمريكي سابق‏...‏ هوبرت همفري‏...‏ آبان الرئيس جونسون‏...‏ إلي الكتابة إلي مناحم بيجين قبل يومين فقط من وفاة همفري الذي كان يعاني من سرطان المثانة‏...‏ منتقدا مواقف رئيس الوزراء ومطالبا بتعديل إسرائيل لمواقفها وتوجهاتها ولكي يمكن التحرك مع مصر لإقامة السلام الذي تحتاجه وتبتغيه منطقة الشرق الأوسط‏.‏ كان الملاحظ أن إسرائيل‏...‏ وقبل سفر الرئيس السادات إلي واشنطن‏...‏ قامت بجهد مكشوف يؤشر إلي قرار إسرائيل بتكثيف العمل في مستوطنة ياميت وبعض المستوطنات المتناثرة الأخري علي ساحل البحر الأبيض المتوسط في سيناء‏...‏ واحتفظت مصر بأعصابها وتجاهلت هذا الاستفزاز‏...‏ وكشفت الأيام والسنوات التالية أن مناحم بيجين طلب من كل من شارون عيزرا فايتسمان و موشي ديان الاجتماع معا للنظر في الموقف تجاه مصر من حيث إمكانية النظر في إظهار بعض المرونة في مطالب إسرائيل ومواقفها من التسوية مع مصر‏...‏ وحيث تناول الجنرالات الثلاثة الموقف بالنقاش في منزل موشي ديان أثناء عشاء عمل ومع الكثير من الخرائط الخاصة بسيناء وقيل وقتها نقلا عن هذه المقالات والكتب التي تسربت عن هذا الاجتماع‏...‏ أن شارون وزير الزراعة حينذاك‏...‏ تمسك بالمستوطنات بل وطالب بإعادة تنشيط البناء والتوسع فيها‏...‏ وإن كان قد عبر عن استعداده للتخلي عن القواعد الجوية في سيناء في مقابل بناء بديل لها داخل النقب مع توفير تمويل أمريكي لها‏...‏ وجاء رد فعل أو موقف عيزرا فايتسمان متناقضا تماما مع شارون‏...‏ إذ طالب بالاستمرار في التمسك بالقواعد الجوية التي إذا ما تم التنازل عنها فإن التكلفة المادية سوف تكون كبيرة للغاية‏...‏ علي أي الأحوال لم يتطرق حديث الجنرالات إلي الاعتبارات الأمنية التي كثيرا ما أثارها الجانب الإسرائيلي مع الجانب العسكري المصري عند مناقشة هذا الموضوع مثلما سبق عرضه في المقالات الأولي لهذه المجموعة‏...‏ وطالب فايتسمان بالتالي بزوال المستوطنات مؤكدا أن لواء مشاة ميكانيكي إسرائيلي قادر بوجوده في النقب تحقيق هدف تواجد الاستيطان في سيناء وداخل الحدود المصرية‏.‏ وقالت هذه الدراسات والمقالات عندئذ‏...‏ إن القرار الذي تبناه كل من مناحم بيجين وموشي ديان كان في المضي بالتمسك بالموقف الإسرائيلي تجاه المستوطنات‏...‏ بل وتعزيزها‏...‏ والقواعد الجوية وتكثيف استخدامها‏...‏ وعبر فايتسمان عن رفضه‏...‏ وقد يكون من المناسب هنا التطرق بإيجاز شديد إلي شخصية فايتسمان التي نجحت أن تنقل إلي الرئيس السادات اقتناعها الكامل بالحاجة للسلام مع مصر والرغبة بالتالي‏...‏ في التقدم بتنازلات وعدم تعقيد الأوضاع في العلاقة المصرية الإسرائيلية‏...‏ إلا أن المؤكد أيضا في تقديري أن فايتسمان كان يسعي لتحقيق هدف إسرائيلي دائم‏...‏ ألا وهو التوصل إلي سلام منفصل مع مصر‏.‏ ونعود الآن إلي أعمال اجتماعات اللجنة العسكرية التي عقدت مجموعة اجتماعات في الفترة من‏31‏ يناير حتي‏2‏ فبراير‏1978‏ أي اليوم السابق لمغادرة الرئيس السادات إلي واشنطن‏...‏ مع ملاحظة مشاركة السفير الدكتور نبيل العربي في الوفد العسكري المصري باعتباره المستشار القانوني للوفد‏...‏ وعقد خلال هذه الأيام الثلاثة‏...‏ ثلاثة اجتماعات أو جلسات إضافية عما عقد في‏12‏ يناير‏.78‏ وتحقق بعض التقدم وبقيت الكثير من المسائل الرئيسية تتحرك في مكانها‏...‏ وقال الإسرائيليون أنهم يقبلون بإخلاء المطارات كلها‏,‏ مقابل تعهد مصري بالسماح باستخدام مطار واحد‏,‏ المليز او تمادا‏]‏ مع قبول تحديد حجم القوات فيه‏...‏ سرب أو سربين‏...‏ مع اشتراط احد البدائل التالية‏:‏
أن يتم الانسحاب من هذا المطار بعد فترة زمنية لاحقة للانسحاب من سيناء وغير مرتبطة بالجدول الزمني له أو‏...‏
أن يتم إخلاء المطار في نطاق الجدول الزمني‏,‏ مع مد الفترة الزمنية اللازمة للانسحاب إلي أكثر من الفترة المقترحة‏,‏ أي أكثر من‏3‏ 5‏ سنوات‏]‏ أو‏...‏
إذا لم يتم الاتفاق علي الجدول الزمني فإن البديل لذلك سيكون وضع قيود علي السيادة المصرية‏,‏ أي السيادة المحددة‏]...‏ هكذا‏...‏ وعاد الإسرائيليون يقولون بقبولهم الاقتراح المصري بأن تكون إدارة محطات الإنذار المبكر الموجودة فعلا في سيناء بواسطة طرف ثالث‏...‏ الولايات المتحدة‏...‏ والتي إن رفضت‏...‏ فسيتم تأخير الجدول الزمني للانسحاب‏...‏ ثم أخذ الإسرائيليون يساومون علي التواجد العسكري المصري في سيناء‏...‏ حيث عرضوا النزع الكامل لسلاح سيناء‏...‏ أي عودة الفرقة المشاة الميكانيكية المصرية المتواجدة في شرق القناة وحتي الممرات إلي غرب القناة‏...‏ في مقابل عدم وجود محطات للرصد وتخفيض فترة البقاء الإسرائيلي في إحدي القواعد الجوية في سيناء‏...‏ يقصدون مطار رأس النقب‏.‏
وأخذ الإسرائيليون يشرحون أطروحاتهم بأن هذا لا يعني عدم دخول العسكريين المصريين سيناء ولكن فقط عدم قدرة مصر وضع قوات في شرق القناة‏...‏ هكذا‏...‏ واستمر الجانب الإسرائيلي في أطروحاته‏...‏ ولاحظ العسكريون المصريون‏...‏ والدكتور نبيل العربي الذي قدم تقريرا متكاملا لوزير الخارجية أن الإسرائيليين يطالبون بوجود منطقة يرفع عليها علم الأمم المتحدة حتي عام‏2001,‏ كما أن المقترحات الإسرائيلية تكفل حرية الحركة الإسرائيلية‏/‏ حرية التوطن‏/‏ بالإضافة إلي وجود قوات إسرائيلية في سيناء‏.‏ واستحدثت المقترحات الإسرائيلية تعبيرات جديدة‏...‏ منها علي سبيل المثال عرب سيناء الذين يمكنهم دخول هذه المنطقة‏...‏ وليس المواطنين والجنسية المصرية‏...‏ وبذا‏...‏ توصل العسكريون المصريون ومعهم نبيل العربي‏...‏ إلي نتيجة مفادها أن الهدف هو إقامة منطقة إسرائيلية تحت علم الأمم المتحدة‏...‏ وهذا يعني الإخلال بالسيادة المصرية أو قدرة الدفاع عن سيناء أو قناة السويس مستقبلا ضد أي تهديد‏.‏
وقدمت مصر‏...‏ وفي إطار المفاوضات مطالبها بالانسحاب الإسرائيلي الكامل حتي خط الحدود الدولية مع إقامة منطقة عازلة علي جانبي الحدود تشغلها الأمم المتحدة لمدة محدودة مع الأخذ في الاعتبار العمق الإسرائيلي والعمق المصري وبحيث تكون المنطقة العازلة علي الجانب الإسرائيلي في حدود‏5‏ كم‏...‏ وقبلت إسرائيل بمفهوم المناطق العازلة‏...‏ وبقي ولفترة طويلة الحديث عن عمق كل منطقة علي جانبي الحدود‏...‏ وانتهت أعمال اللجنة العسكرية بالتالي دون حدوث تقدم وإن كانت قد أتاحت للجانبين فرصة التعرف بدقة علي توجهات وأفكار الجانب الآخر عن شكل التسوية المقترحة منه‏...‏
وجاء موعد السفر إلي واشنطن مرورا بالمغرب‏...‏ لقد كانت مهمة خلابة وصعبة في نفس الوقت‏.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.