يعرض علي مجلس الوزراء حاليا مشروع قانون حماية المستهلك الذي يتضمن تعديلات واقتراحات علي القانون الحالي تشمل عقوبات مغلظة ومشددة لحماية حقوق المستهلكين لتكون بمثابة الدرع الواقية لهم ضد الجشع والاستغلال والتضليل. ملامح المشروع نعرضها في هذه الأسطر, كما نستعرض رؤية المسئولين والخبراء, وأهم المطالب للتعديلات المقترحة. في البداية المستشار هشام رجب مستشار وزير التجارة والصناعة للشئون القانونية والتشريعية يوضح أن التعديلات المقترحة وافق عليها جهاز حماية المستهلك, وأحيلت إلي مجلس الوزراء تمهيدا لعرضها علي مجلسي الشعب والشوري خلال الدورة البرلمانية المقبلة.. ومن أهم التعديلات أن تكون الفاتورة الزامية, وليست بناء علي طلب المستهلك, وهو ما كان يمثل نقطة ضعف بطبيعة الحال لذا فالتعديل الجديد يقترح ضرورة الحصول علي فاتورة حتي لو لم يطلبها المستهلك يلزم بها صاحب المحل المقيد في السجل التجاري, ومن حق المستهلك الإبلاغ عن المخالفين ليسهل تتبعهم من خلال الاجهزة الرقابية, ويتم تحرير محضر بالواقعة, وقد كان الحد الأدني لهذه المخالفة في القانون الحالي هو5 آلاف جنيه, وتم رفعها وفقا للمقترحات الجديدة إلي10 آلاف جنيه كغرامة, والقانون يتضمن مادة للتصالح بطبيعة الحال.. التضليل في إعلان أما فيما يتعلق بالإعلانات المضللة, كما يضيف المستشار هشام رجب فقد كان لابد أن تكون للتعديلات الجديدة وقفة حاسمة معها, فمن المعروف أن فن الإعلان والمنافسة الشديدة بين الشركات يسمح بقدر من المبالغة, ولكن من الضروري أن يكون هناك فاصل بين المبالغة المقبولة للتسويق, وبين أن تتعداها إلي الخداع, والتضليل, وقد تزايدت الإعلانات المضللة في الفترة الأخيرة نظرا لزيادة وسائل الإعلام والفضائيات, وبالذات عن الأجهزة والأدوات الكهربائية والمنزلية مع وضع عبارة مراكز الخدمة المعتمدة, ووضع أرقام وهمية يصعب الوصول إليها.. وعلي الرغم من أن جهاز حماية المستهلك قد أحال العديد من مثل هذه المخالفات إلي التحقيق, وصدرت فيها أحكام قضائية تصل إلي100 ألف جنيه غرامة إلا أن ذلك لم يحقق الردع الكافي.. فالغرامة تقع علي المعلن نفسه, ويصدر الحكم ضده, ولكن قد يستمر الإعلان نظرا لأن وسائل الإعلام نفسها لا يوجد في القانون نص يجبرها علي إيقاف مثل هذه الإعلانات المضللة إلا إذا قام بعضها بهذا الإجراء من منطلق الإحساس بالمسئولية... وهنا تكمن المشكلة فقد كان لابد من منح الجهاز هذه السلطة, وقد كان هناك تفكير في اتجاهين في هذا الصدد أولهما هو ضرورة حصول المعلن علي ترخيص من جهة معينة بأن إعلانه مطابق للواقع, وهو أمر تم استبعاده لصعوبة أجرائه, والحل الآخر, وهو المطبق في دول كثيرة وهو أنه بمجرد ورود شكاوي للجهاز يتم فحصها أو وفقا للفحص المستمر من قبل الجهاز بآلياته المختلفة ومتابعته للإعلانات إذا وجد إعلانا مضللا فإنه يصدر قرار بذلك من مجلس إدارة الجهاز, ويتم إخطار وسيلة الإعلام التي صدر بها الإعلان بضرورة وقفه فإذا لم تتم الاستجابة يدخل ذلك في نطاق الحظر, ويتم من خلال حكم قضائي تصدره النيابة العامة توقيع غرامة تمت مضاعفتها وفقا للتعديلات المقترحة إلي200 ألف جنيه بعد أن كانت100 ألف جنيه فقط في القانون الحالي كما أنه من حق المستهلك رفع قضايا ودعاوي تعويضات مدنية ضد وسيلة الإعلام. كما تصل الغرامة إلي400 الف جنيه والكلام لايزال علي لسان مستشار الشئون القانونية والتشريعية لوزير التجارة والصناعة في حالة تعريض صحة وسلامة المستهلك للخطر, وهو ما يعد ظرفا مشددا تضاعفت من أجله الغرامة وفقا للتعديلات الجديدة.. والتعويض للمستهلك مفتوح دون سقف بالقطع في هذه الحالة.. ولاتزال العقوبة الخاصة بالمعلن أيضا موجودة, وتمت مضاعفتها بنفس القيمة المأخوذة بها بالنسبة لوسيلة الإعلام.. وبالإضافة إلي ذلك فإنه إذا كان البيان الموجود علي المنتج مضللا فإن المنتج يخضع لغرامة تدخل في إطار مخالفة قانون حماية المستهلك, ويعد ذلك جريمة عقوبتها غرامة قدرها200 الف جنيه إذا كانت السلعة تتعلق بصحة المستهلك. مضاعفة الغرامة وقال إن الفلسفة الحقيقية وراء مضاعفة الغرامة هي أن مبلغ100 الف جنيه في القانون الحالي في ظل أسعار السوق الحالية لم تعد تحقق الردع الكافي لطائفة معينة من التجار والمنتجين لسلع تهم المستهلك, ويقومون في الوقت نفسه بتقديم سلع من شأنها تعريض حياة المستهلك للخطر مثل الإطارات القابلة للانفجار أو عيوب الفرامل في السيارات... ولم يكن هذا النص الخاص بمضاعفة الغرامة لتعريض حياة المستهلك للخطر موجودا في القانون الحالي... وقد تضاعفت الغرامة إلي200 ألف جنيه في حالة العودة إلي ارتكاب المخالفة مرة أخري.. وإذا كان جهاز حماية المستهلك معنيا بحمايته في إطار ما يسمي بالمنتجات سلع وخدمات فإن القانون قد تطرق وفقا للتعديلات المقترحة حديثا إلي الإعلانات الخاصة بالعقارات أيضا التي تحتوي علي معلومات مضللة مثل ادفع بالتقسيط بدون فوائد أو نشر صور مخادعة ومغايرة لما هو علي أرض الواقع... وهنا تم رفع الحد الأدني للغرامة من10 آلاف جنيه إلي100 الف جنيه, ورفع الحد الأقصي من20 الف جنيه إلي200 ألف جنيه لردع الشركة العقارية المعلنة, وكذلك وسيلة الإعلام التي تستمر في نشر مثل هذه الإعلانات حتي بعد إخطارها بضرورة إيقافها.. الفاتورة إجبارية سعيد الألفي رئيس جهاز حماية المستهلك يشير من جانبه إلي أنه بعد الممارسة والتجربة منذ صدور القانون منذ4 سنوات, وجدنا بالفعل صعوبة قانونية بالغة في إثبات حقوق المستهلك بدون فواتير, فليس هناك ما يثبت التعامل.. فوجود الفاتورة يؤدي الي معرفة حقوق كل طرف والتقليل من التجارة العشوائية والتعامل الجدي مع البضائع المهربة ومنتجات بير السلم حيث أن هناك بعض المنتجين لايتعاملون بالفواتير نظرا لعدم وجودهم ضمن المنظومة الشرعية في السوق.. لذلك فنحن ننصح المستهلك بعدم الشراء بدون فواتير كي يحصل علي بضاعة آمنة وسليمة.. والفواتير اجبارية في قانون الضرائب ولكنها بالنسبة لنا وفقا للقانون الحالي اختيارية. وبالنسبة لآليات التطبيق فاذا امتنع التاجر عن اعطاء فاتورة للمستهلك نقوم بالتحقق من صحة البلاغ ويتعرض التاجر للمساءلة ومن ناحية أخري فالمستهلك له دور في امكانية الشراء من أي جهة أخري تقوم باعطائه فاتورة لاسيما مع تعدد الجهات المنتجة لنفس السلع.. أما فيما يتعلق بالاعلانات المضللة فقد وردت الينا العديد من البلاغات والشكاوي بشأنها منها أحزمة التخسيس ومرهم أعشاب استخدمه أحد المواطنين وأدي الي التهابات حادة في جسده ونقل علي أثرها الي العناية المركزة وغيرها وكذلك مراكز الصيانة غير المعتمدة والتي تمثل11% من الشكاوي التي ترد الي الجهاز.. ويكون التعاقد علي شراء مثل هذه المنتجات والتي يتضح عدم مطابقتها للمواصفات فيما بعد عبر الهاتف من خلال الصحف والتليفزيون. وبالفعل كما يضيف سعيد الألفي قمنا بمخاطبة وزير الاعلام ووزارة الاستثمار والمجلس الأعلي للصحافة في هذا الصدد وتم الاستقرار علي الصيغة المشار اليها في رفع قيمة الغرامة علي المعلن وكذلك علي وسيلة الاعلام نفسها وهذا هو الجديد وفقا للتعديلات المقترحة التي تؤكد انها ستؤدي حتما الي انضباط السوق الداخلية وتحقيق مصلحة المستهلك في المقام الأول.. وهنا يجب أن نوضح أن الاعلانات عن العقاقير علي وجه التحديد لابد أن يصدر بها ترخيص من وزارة الصحة قبل الاعلان أما مهمتنا كجهاز فهي تنحصر فيما بعد نشر الاعلان.. العقوبة رادعة وبالنسبة لتشديد العقوبة- والكلام لايزال علي لسان رئيس جهاز حماية المستهلك- فان القضايا التجارية لاتحتوي علي عقوبات بدنية علي أي حال ولكن اذا أدي استخدام المنتج الي القتل الخطأ فان هناك من القوانين الأخري التي يمكن أن يستعين بها القاضي للتعامل معها وهي مذكورة في القانون الحالي لحماية المستهلك وللقاضي الحق في استخدامها لتشديد العقوبة والأمر برمته يخضع لسلطاته في هذا الصدد.. وبالفعل فهناك احكام صدرت بالسجن علي بعض المنتجين وعددها4 قضايا من بين164 قضية بهذا الشأن.. وهنا يجب أن نشير الي انه بمجرد الاحالة الي النيابة فان من الممكن نشر اسم التاجر او الشركة وهو ما يعد بالنسبة للكثير اقسي من العقوبة نفسها.. أما فيما يتعلق باعلانات العقارات فقد وردت الينا العديد من الشكاوي بشأنها وهو ما دفع الي ضرورة ضمها الي التعديلات المقترحة في القانون مثل الاعلانات عن ملاعب جولف ومتاجر ومدارس يجدها المستهلك في النهاية صحراء ولا أساس من الصحة لما نشر.. وهنا نقول إن هدفنا او شعارنا هو حق المستهلك في المعرفة وليس الأمن والسلامة وذلك بالاعلان عن الواقع كما هو الآن بالفعل مع الاحاطة بان المستقبل سيكون علي صورة معينة حقيقية أيضا ولاتسهم في ايجاد انطباع غير حقيقي.. المفهوم الواسع للحماية سعاد الديب رئيس الجمعية الاعلامية للتنمية وحماية المستهلك ونائب رئيس الاتحاد العربي للمستهلك توضح أهمية الفاتورة الاجبارية للاستدلال علي المكان الذي تم الشراء منه أن القانون يمنحنا الحق في الاستبدال خلال14 يوما.. ونحن لانطالب هنا بفاتورة ضريبية ولكنها يجب أن تشمل علي البيانات الأساسية بقيمة السلعة ونوعيتها والتي تثبت التعاقد الذي تم بين المحل والمستهلك.. وبشكل عام فاننا يجب ان نتعامل مع المفهوم الواسع لحماية المستهلك فهو وفقا للقانون الشخصي الذي يحصل علي سلعة او خدمة مباشرة اما للاستخدام الشخصي او العائلي أما مكونات الانتاج او المنطقة الوسطي( المنتج الوسيط) فلا يتم الاهتمام به علي الرغم من أنه قد تكون هناك مشكلة في مكونات الانتاج نفسها.. كذلك لابد من تنشيط أفضل لكل الأجهزة الرقابية باعتبارها جميعا مسئولة عن حماية المستهلك والا تعمل في جزر منعزلة بامكانيات مادية وبشرية ضعيفة.. كذلك فانه لابد أن نشير الي مشكلة اخري في هذا الصدر وهي تتمثل في ضرورة التنسيق فيما بيننا وبين الجهات العاملة في مجال حماية المستهلك وان يكون خطوط اتصال مستمرة وهذا غير قائم وبالتالي نفاجأ بهيئات عديدة مثل الكهرباء او الصرف الصحي وغيرها تقوم بتغيير اسماء ادارات لجنة الشكاوي لديها بلجان لحماية المستهلك فهل هذا من المنطقي؟ وكيف تكون هذه الادارات التابعة لجهات مشكو في حقها من أن تكون خصما وحكما في آن واحد؟! ومن هو المسئول عن متابعة مثل هذه اللجان المسماة بحماية المستهلك وهل تحقق هذه الحماية فعلا؟! وكان من بين التعديلات التي يجب أن يتضمنها القانون أيضا كما تضيف سعاد الديب ضرورة وجود دعم للجمعيات الأهلية العاملة في مجال حماية المستهلك فهناك60 جمعية أهلية منشأة بقانون84 لسنة2002 هناك ازدواجية في عملها حيث انها من الناحية الادارية خاضعة لقانون التضامن الاجتماعي ومن الناحية الفنية خاضعة لوزارة التجارة والصناعة باعتبارها الجهة التي اصدرت قانون حماية المستهلك. الضمانات قاتمة وفي النهاية كان لابد من الرجوع الي مسئولي الاعلانات في وسائل الاعلام باعتبارها متهما الي ان تثبت براءتها حيث يشير احد المسئولين عن الاعلانات في احدي الصحف القومية الي أن هناك بالفعل ادارة للشئون القانونية تتبع الاعلانات فقط( بخلاف الادارة الخاصة بالصحيفة او المؤسسة) مهمتها الاستعلام عن الموقف المالي لأي عميل جديد وتحصل علي المستندات الخاصة بالسجل التجاري والضريبي والبطاقة الشخصية لرئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب والمبلغ المدرج في السجل التجاري من ناحية القيمة لكي تعبر عن حجم المشروع ونشاطاته للتعرف علي الحجم المالي للشركة وبالتالي تكون مؤشرا لاتمام المشروع وتنفيذه بالمواصفات المعلنة وبعد التأكد من هذه المستندات الرسمية( وفقا للقانون) يتم السماح للعميل بالنشر علي أن يوجد داخل الاعلان مواعيد التسليم وتاريخه ورقم الترخيص الصادر من الجهاز او المحافظة التابع لها.. وتتلاشي بعد ذلك مسئولية الجريدة في المراحل المختلفة من تنفيذ المشروع.. فقد يتم تنفيذ50% من المرحلة وبعد أكثر من عامين يتعثر صاحب المشروع, وبالتالي لاتعود المسئولية علي الجريدة لأنها لايمكنها بالطبع تتبع جميع المشروعات المقامة, وتلك هي مهمة الأجهزة الأخري واهمها المحليات والجهات الرقابية الاخري لمتابعة تنفيذ المشروعات بناء علي بلاغات من المتضررين من عمليات الشراء في هذه المشروعات.. وما ينطبق علي اعلانات العقارات ينطبق أيضا بنفس التقنيات علي أية اعلانات اخري كي لاتتعرض الصحيفة للمساءلة.