فرق بيننا وبين الغرب أنهم يعرفون كيف يستفيدون من كل شيء حتي من قمامتهم, التي تدر عليهم أموالا, أما نحن في العالم العربي, ومصر خاصة, فننفق علي القمامة أموالا طائلة. ولكنها تدر علينا أمراضا لم نكن نسمع بها من قبل, وتتسبب في كوارث كثيرة. إن القمامة في كل الدنيا مادة خام لصناعات كثيرة تدر أموالا طائلة, وتوفر فرص عمل, وتنقذ الناس من الأضرار الرهيبة الناجمة عن دفن أزمة مستحكمة, ومشكلة مستعصية تلتهم ملايين الجنيهات شهريا لأجل نقل المشكلة بعيدا عن أعيننا, وترك مضارها تنهش صحتنا, وتكدر علينا صفو حياتنا, الأمر الذي يدفع بنا الي التساؤل.. هل هناك حلول جديدة للتخلص من القمامة ؟! بداية تشير المعلومات الي أن مصر تنتج قرابة 27 مليون طن قمامة سنويا, تكلف الدولة وترهق ميزانيتها ب 20 مليار جنيه كل خمس سنوات. ولو استمر الوضع علي ماهو عليه, فسوف ينفق ربع ميزانية الدولة من أجل إبعاد القمامة, وليس إنهاء خطرها ومضارها! من هذا المنطلق, تفتقت أذهان شباب مصر عن فكرة جادة تتلخص في تحويل المخلفات الصلبة وقش الأرز الي طاقة كهربائية نظيفة, من دون الدفن في باطن الأرض, ولا الحرق, ولا النقل, ولا ذباب, ولا قوارض, ولا ملايين الجنيهات التي تدفعها الحكومة من أجل التخلص من القمامة. يقول المهندس حسن القيعي, رئيس مجلس إدارة إحدي الشركات المعنية بالحفاظ علي البيئة إنه طبقا لتوجيهات الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء بأهمية تطوير منظومة المخلفات الصلبة فقد تقدمت الشركة باتفاق شراكة مع إحدي الشركات الهولندية, وشركة ثالثة أمريكية لعمل هذا المشروع, ولتوريد وتركيب المعدات لعدد 10 خطوط بتكلفة قدرها مائتا مليون يورو( تعادل مليارا وخمسمائة مليون جنيه مصري تقريبا) في مصنع في مدينة كفر الزيات, وآخر في مدينة العلمين في الكيلو 107, طبقا لمذكرة التفاهم التي تم توقيعها مع وزارة الدولة لشئون البيئة في شهر ابريل عام2010, مدتها12 شهرا تنتهي في شهر ابريل عام 2011, وسوف تقوم الشركة بتوريد معدات المصنع. ويضيف المهندس حسن القيعي أنه تم الاتفاق مع الشركتين المصرية والهولندية وكذلك الأمريكية علي تنفيذ مصنعين, في مصر وستقوم الشركة بالاتفاق مع الحكومة المصرية علي تصنيع المعدات في مصر في الهيئة العربية للتصنيع أو الانتاج الحربي لتقليل التكلفة, مما سيؤدي الي توفير أكثر من نصف مليون فرصة عمل للتصنيع, ونصف مليون فرصة عمل أخري لتشغيل هذا المصانع لجمع القمامة وإعادة تدويرها الي طاقة كهربائية, علما بأن تكلفة معدات المصنع الواحد لمعالجة 250 طنا في اليوم تبلغ 24 مليون يورو. ولكن في حالة تصنيعها في مصر, فسوف تقل التكلفة بنسبة 50%, أي نحو 12 مليون يورو مما يعود بالنفع العام. ويوضح القيعي أن كمية المخلفات الموجودة في محافظات مصر وعددها 29 محافظة تعادل 27 مليون طن سنويا, ولمعالجة هذه الكمية نحتاج الي نحو 360 مصنعا, وثمن الوحدة 24 مليون يورو تقريبا. إذن فسيكون إجمالي تكلفة المصانع نحو9 مليارات يورو تقريبا, أي مايعادل نحو 68 مليار جنيه مصري, علما بأن الشركات الأجنبية مع القطاع الخاص هي التي ستقوم بتوفير تمويل كل هذه المصانع الي مصر, دون أن نكلف الدولة مليما واحدا. أما المهندس أمين خيال, مدير عام المخلفات الصلبة بوزارة الدولة لشئون البيئة, يري أنه من مميزات هذه التكنولوجيا التخلص الآمن من المخلفات الصلبة, والاستفادة منها في انتاج طاقة كهربية نظيفة, والمهدرة حاليا, وتخفيض نسبة الانبعاثات الضارة, نتيجة عدم الحرق المباشر للمخلفات, حيث إن انبعاثات هذه التكنولوجيا تقع ضمن الحدود المسموح بها طبقا لاتفاقية كيوتو, وتوفير فرص عمل للشباب في جميع محافظات مصر من جميع التخصصات, وإمكانية تعميم المشروع علي مستوي محافظات مصر كلها, بالاضافة الي الاستغناء النهائي عن الدفن الحالي للقمامة في المدافن الصحية, حيث إن الناتج من عملية التحليل اللاهوائي هو فحم حيوي يستخدم في توليد الحرارة في المحطات الحرارية, أو يمكن تنشيطه كسماد يضاف للتربة, أو يمكن استخدامه كوقود. ويضيف أن الدفن الصحي الذي يمارس الآن له عيوب تتمثل في تخصيص مدفن أو عدة مدافن صحية لكل محافظات مصر, والتي قدرت قيمتها بنحو52 مليار جنيه كل خمس سنوات, هي عمر المدفن الصحي حاليا, نظرا لتزايد كميات القمامة المتولدة باستمرار, فضلا عن تلويث المياه الجوفية علي المدي الطويل, وكذلك تلويث التربة والهواء, والذي ستظهر اثاره علي المدي القريب في صورة تدهور الحالة الصحية للمواطن المصري. وبنبرة ثقة, يقول الدكتور علي الذهبي, أستاذ علوم وتكنولوجيا البيئة بجامعة طنطا ومستشار المشروع إن المصنع الواحد يولد نحو 60 مليون كيلو/ وات سنويا, أي أن إجمالي كمية الطاقة المتولدة سنويا من عدد 360 مصنعا سوف تكون نحو22 مليار كيلو/ وات سنويا, أي ضعف الطاقة المتولدة من السد, والتي تعادل 10مليارات كيلو/ وات سنويا تقريبا في حال إكتمال المشروع. كما تبلغ قيمة بيع22 مليار كيلو/ وات كهرباء سنويا, والمتولدة من معالجة 27 مليون طن قمامة سنويا بسعر 50 قرشا للكيلو/ وات,11 مليار جنيه مصري.