نحتفل هذه الأيام بذكري مرور خمسين عاما علي تشييد السد العالي, وأعتقد بأنه من الواجب علينا وضع كشف حساب تحليلي للفوائد أو الخسائر التي صاحبت إنشاء هذا السد وتشغيله, حتي تتبلور لدينا النظرة المستقبلية لتعظيم الاستفادة منه علي قدر الامكان. وكان من الطبيعي أن يصاحب إنشاء هذا المشروع الهندسي العملاق شأنه في ذلك شأن المشروعات المماثلة وضع الخطط اللازمة لصيانته وتطويره, وذلك لضمان استمرار أدائه لدوره المصمم من أجله من ناحية, فضلا عن وضع خطط التطوير اللازمة لمراقبة وتنفيذ ما يلزم للحفاظ عليه ولاستعادة كفاءته, علي فترات تحددها خبراتنا المتراكمة من مراقبة حالته الفنية. في هذا الاطار, فإن كلامنا السابق ينسحب مثلا علي بحيرة السد العالي وشواطئها وما يحدث فيها من ترسيبات ذات طبيعة خاصة, وأيضا علي ديناميكية تلك الشواطئ الرملية وحركتها, بالاضافة إلي المسائل المتعلقة بمحطة توليد الكهرباء وما يرتبط بها من أمور المراجعة والقياس والانذار ومعدات مواجهة الطوارئ. وفيما يتعلق بترسيبات البحيرة من الطمي, فنحن ندرك جميعا أنها ثروة كبيرة, وأن إتاحتها واستخراجها سوف يحقق عوائد فنية للبحيرة ذاتها, مما يزيد من سعتها التخزينية, ويقلل ايضا من مخاطر الإطماء الحادث فيها الآن, فضلا عن العوائد الاقتصادية التي يمكن أن تتحقق من إعادة تدوير واستخدام تلك الكميات الهائلة من الطمي والتي بلغت نحو3,4 مليار طن حاليا, في العديد من الاستخدامات الزراعية والصناعية المتنوعة.. وهنا يثور السؤال الذي علينا الاجابة عنه أولا: وهو كيف يمكننا استخراج تلك الكمية الهائلة من الطمي؟ وبأي وسيلة؟ أما فيما يتعلق بمحطة توليد الكهرباء وتأثير الاهتزازات المصاحبة لتشغيلها, وإن كان من المؤكد أنها تحت المراقبة لضمان سلامتها, فإننا نعتقد بإمكانية وجود وسائل لزيادة قدرتها علي توليد الكهرباء, مثل اللجوء للتبريد المائي الداخلي لملفات المولدات الكهربائية, وذلك علي سبيل المثال لا الحصر. وفي ظل ذلك كله, فإن قناعاتنا بأهمية تطوير وتعظيم الاستفادة من السد العالي, تدفعنا للمطالبة بطرح ذلك الأمر كمشروع استثماري عالمي, بحيث يخضع للدراسة من أحد أو بعض المراكز البحثية العالمية المرموقة, وتنفيذ ذلك المشروع العملاق بنظام الBOT وياحبذا لو كان من بين هؤلاء المطورين الجهة أو الدولة التي أنشأت السد العالي, وهي جمهورية روسيا الاتحادية حاليا. ونظرا لاهتمامي البالغ بهذه القضية, فقد تحدثت عنها في رسالة سابقة لي نشرها بريد الأهرام بتاريخ2008/4/23, حيث طلبت من الاستاذ أحمد البري محرر البريد تبني هذا الموضوع الحيوي, وقد تفاعل معه عدد كبير من قراء البريد, خصوصا من الفنيين بالتعليق علي الرسالة وتقديم بعض الاقتراحات للاستفادة بالطمي المتراكم ببحيرة السد العالي, كما نشر البريد أيضا منذ أيام قليلة رسالة للمهندس/ حسن الغزالي تحدث فيها باسهاب عن الفوائد المتعددة التي يمكن توفيرها بعد استخراج طمي البحيرة.. ومن الطبيعي أن نهتم كمصريين بخيرات بلدنا وزيادة فرص الاستفادة منها وفقنا الله إلي استغلالها علي الوجه الأمثل. المهندس البحري حسام المهدي