المحافظات - جمالات الدمنهوري وعبده محمد ويحيي الهنداوي وإيهاب عمر وعلام صابر في وقت نعاني فيه من مخاطر سدود الدمار في عدد من دول حوض النيل ، نحتفل هذه الايام بذكري انجاز تاريخي لا يتصور، ولا يوازيه في العصر المصري الحديث إلا نصر اكتوبر.. إنه اليوبيل الذهبي لبناء السد العالي، الذي لا يركز البعض في طريقة احيائه بصورة تقارن مع النقلة غير التقليدية التي لا توصف ابدا ، التي حولت مصر من هذه الدولة التي يغرقها النهر الغاضب والنافض كل عام في الصيف، دون رابط او ضابط، التي تعاني الفقر والظلام والامراض بسبب تأخر التنمية ومحاصرة مستنقعات الفيضان لقراها .. الي مصر اخري منيرة ونامية ، وكما دخلت الكهرباء والمياه بيوتها ومصانعها، عرفت طريقها الي عقول التلاميذ الفقراء قبل الاغنياء. السد العالي ليس مجرد سد بل انشودة سلام اجتماعي وفخر تنموي ونموذج للتآلف الشعبي من اجل المصلحة العامة ، يضاهي في قوته انجاز حفر قناةالسويس لكنه لم يكن دمويا ولا سخرة، بل مفخرة ، كان حلم كل المصريين ، بكل ابعاده من السياسية المعقدة الي الاقتصادية البسيطة ، ولذلك كان من الضروري ان نتذكر هذه الاسطورة التاريخية التي نتمني مثلها الآن ، خاصة اننا لدينا عشرات المشروعات الكبيرة مثل السد العالي هذا الفخر الغالي ، لكنه يحتاج لروح مصرية حقيقية تنجزه كما حققنا الكثير. 50 عامًا مرت علي بدء إنشاء السد العالي عام 1960 بعد أن تآمرت قوي البغي والعدوان علي مصر لإحباط تنفيذه حتي لا تتقدم وتستغل امكانياتها الزراعية والمائية في التنمية لتحسين دخول أبنائها. في هذه الأيام نحتفل بذكري وضع حجر أساس السد الذي حمي مصر من كوراث الفيضانات ومخاطر الجفاف وتحمل سهام المشككين في فائدته علي مصر. في تلك السطور ترصد "روزاليوسف" حكاية المصريين والسد مع النيل. في أسيوط يضيف عبدالتواب محمد "مزارع" أن السد العالي جاء بفوائد كثيرة للفلاحين مكنتهم من زراعة مختلف أنواع المحاصيل حيث كنا قبل بناء السد وبعد الفيضان مباشرة نزرع نوعًا أو اثنين علي الأكثر وهما محصولا الحمص والعدس ولا نرويهما أو نضع لهما أسمدة حتي موعد حصادهما لأن المياه المحملة بالطمي تزيد خصوبة التربة مما يساهم في محصول جيد علي عكس ما يحدث الآن فالأرض ضعيفة جدا وتحتاج إلي استخدام أسمدة كثيرة بسبب الزراعة المستمرة لها. وأشار أشرف بدوي "فلاح" إلي أنهم كانوا ينتظرون موسم الفيضان لصيد الأسماك التي كانت لا تخلو من أي منزل في ذلك الوقت بعد قيامهم باحضار قوارب ووضعها أمام منازلهم لأن المياه كانت تغمرها. وأضاف أنه كان ينتابنا خطر دائم بسبب غرق الأطفال في المياه حيث كانوا يرون الأسماك ويقومون بالنزول إليها لاصطيادها مما يتسبب في غرقهم. ويؤكد ورداني أحمد "مزارع" أن مواسم الفيضان قديما كانت أفضل والجميع ينتظرها ويترقب قدومها لكثرة مصادر الرزق فيها بخلاف هذه الأيام وكانت الزراعات تمتاز بالجودة العالية والنمو السريع بعيدا عن المبيدات التي انتشرت هذه الأيام وساهمت في القضاء علي المحاصيل وتصدير الأمراض المختلفة للمواطنين يري الحاج محمد جمال جبر خبير التنمية البشرية في محافظة بني سويف أن أول فائدة للسد العالي أنه جنب البلاد مخاطر ومضار الفيضانات كما أوجد مخزونا استراتيجيا اتاح للإدارة تنظيم الاستخدامات والتخطيط للمساحات المستهدفة كما نظم وجود السد العالي الري ووجود بحيرة ناصر أدي إلي وجود احتياطي استراتيجي من المياه تجاوز ما كان. ويتفق معه في الرأي الحاج عصام الهم صبرة مزارع في إن وجود السد جعل الزراعة طول العام ولكن المساوئ وعدم وجود طمي مع مياه النيل والذي يؤثر سلبا علي خصوبة التربة وجودة المنتج أما في قنا يتذكر أهالي قرية أبنود بلد الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي منطقة "العمية" التي كان يملأها الفيضان أسماك وسميت ب"العمية" لأن الأهالي هناك كانوا يأكلون منها لمدة 30 يومًا والخير يعم جميع البيوت، ويتم "شي" الأسماك في الأفران هذه المنطقة احتلتها المنازل بعد بناء مساكن عليها. وصف "محمد قناوي" "75 سنة" السد العالي بأنه أعظم إنجاز في تاريخ مصر فقبله كانت المنازل والزراعات تنهار وتظل البرك والمستنقعات لشهور طويلة ينتشر حولها الحشرات التي تنقل الأمراض والأوبئة للأطفال والأهالي. وقال: بفضل بناء السد تحولت أماكن هذه البرك إلي مدارس ووحدات صحية وجمعيات أهلية، وتوليد الكهرباء التي ساهمت في إقامة الكثير من المصانع بالمحافظة منها مصنع الألومنيوم بنجع حمادي، واقيمت مناطق سكنية جديدة في عمق الصحراء. وأوضح محمود عبد الباسط "70 سنة" مزارع أن الزراعة قبل بناء السد كانت موسمًا واحدًا فقط بسبب الفيضان إلا أن إنتاجية الفدان كانت أكثر من المرات العديدة التي نزرعها الآن. موضحاً أن إنتاج المحاصيل كان ضعف ما ينتج اليوم لتجدد خصوبة الأرض بالطمي كل عام. أكد عادل شعلان عضو لجنة الزراعة بمجلس الشعب عن دائرة رشيد إن إنشاء السد العالي ساهم في زيادة الرقعة الزراعية وتوافر المياه طوال مواسم العام وقضي علي مشكلة الفيضانات التي كانت تؤثر بالسلب علي قطاع الزراعة وحصة مصر من المياه. لافتاً إلي أنه بعد بناء السد حدثت طفرة كبيرة في إنتاج الكهرباء والتي ساهمت بدورها في جعل الزراعة صناعة واستثمارًا. ويري عبد العظيم العوام "مزارع" من البيدة أن جودة المحاصيل قبل بناء السد أفضل حالاً من هذه الأيام بسبب غمر المياه المحملة بالطمي للأراضي علي عكس هذه الأيام التي لجأ فيها المزارعون لتعويضه بالأسمدة الكيماوية الضارة بصحة المواطنين. وقال عبد الفتاح عمارة "مزارع" من الغربية أن أراضيهم كانت تغرق من الفيضانات قبل بناء السد وكانوا لا يزرعون إلا موسمًا واحدًا فقط لعدم توافر المياه باستمرار، مشيراً إلي أنه بعد بناء السد تم شق الترع ووصلت المياه إلي الأراضي الزراعية البعيدة عن ضفاف النيل لزراعات مختلف المحاصيل وبدأ المزارعون يشعرون بالاطمئنان علي توافرها دون انقطاع وانتظام الدورة الزراعية. وذكر أحمد الجوهري من قرية محلة مرحوم أن بناء السد العالي أدي إلي استصلاح المزيد من الأراضي وزيادة الرقعة الزراعية واستغلال الكثير من المساحات البور الشاسعة كمحافظة الغربية بفضل فرع رشيد والذي اعاد الحياة إليها. وفي دمياط أكد الحاج محمد اللايح "75 سنة" رئيس الجمعية المركزية للإصلاح الزراعي أن الأراضي قبل الثورة كانت لا تروي سوي مرة واحدة فقط وتسمي ري "الحياض" لشريط ضيق في الصعيد أما أراضي الوادي فكانت تروي بالغمر نظراً لقدرة الميكنة الزراعية ماعدا الدوائر الإقطاعية. وأضاف "اللايح" أن بناء السد سمح بكميات مياه تصل إلي 60٪ من التي كانت تهدر في نهايات فرعي رشيد ودمياط وتم الاستفادة بها في زيادة إنتاجية الفدان في محصول الأرز من 1.5 إلي 3 أطنان ومن 2 إلي 7 قناطير.