منذ فترة طويلة لم تمسك بالفرشاة, ولم تستطع أن ترسم شيئا.. وكعادتها, خرجت تتمشي قليلا علها تجد شيئا يجذبها أو يوقد في نفسها ذلك الشعور الذي تبدأ به لوحاتها, دخلت إحدي الحدائق المطلة علي النيل ولفت انتباهها ذلك الطفل بجلبابه المقلم وهو يساعد أمه في لضم الشبكة استعدادا لرحلة صيد جديدة. أنت في مدرسة لأ عندك كام سنة عشر سنين بتحب النهر يعني.. بس بالليل بيبقي برد قوي أنا هاتفق معاك علي حاجة كل يوم نقعد مع بعض ساعتين أرسمك وتاخد كمية جنيه في المرة إيه رايك؟ ماشي كانت تحاول أن تجمع كل شئ في هذه اللوحة.. وجه الطفل, والنيل, والمركب والشمس تعلق بها الطفل وصار يسألها عن أشياء كثيرة ولما سألته عن والده, أخرج من جيبه خطابا, فهمت منه أن والده يعمل صيادا في اليونان منذ عدة أشهر, أكملت اللوحة التي استغرقت منها حوالي شهر وطلبت من أم الطفل أن تزورهم مرة أخري, فقالت إن شاء الله. 2 أعرب أحد النقاد عن إعجابه باللوحة لأنها تعبر عن معاناة هذا الطفل الذي يمثل شريحة من الهامشيين والتي عبرت عنها الفنانة ببراعة. 3 قرأت الفنانة خبرا بالصدفة عن موت مجموعة من الصيادين بعد أن تم تفجير مركبهم ليحصل صاحب المركب اليوناني علي التأمين وكان من بينهم والد الطفل 4 في منزل أحد رجال الأعمال استقرت هذه اللوحة بعد أن اشتراها بعدة آلاف من الجنيهات وضمها لمقتنياته التي جمعها من أسفاره المتعددة, وقال إننا نعيش في عصر أصبح فيه العالم مجرد قرية صغيرة, وصار في إمكان الفلاح الذي يسكن قرية نائية أن يأكل الكافيار والفيله, وأن يري أكثر من مائة قناة فضائية وتركهم لفترة, حيث كان يعقد صفقة لتوريد كمية كبيرة من الأسماك المعلبة التي تم اصطيادها بالديناميت وانتهت فترة صلاحيتها وهو ينفث دخان سيجاره المستورد.