قبل عيد الأضحى 2025.. أسعار العجول والخراف والماعز في أسواق الشرقية    سعر سبيكة الذهب اليوم السبت 31-5-2025 بعد الانخفاض.. «بكام سبائك ال5 جرام؟»    400 مليون جنيه..الأهلي يتلقى إغراءات ل بيع إمام عاشور .. إعلامي يكشف    إرجاء انطلاق امتحانات الشهادة الإعدادية بالبحيرة اليوم لمدة ساعة    نتيجة الصف الثاني الإعدادي 2025 الترم الثاني في 17 محافظة.. الموعد والروابط    إسرائيل تمنع دخول وزراء خارجية عرب لعقد اجتماع في رام الله    تشكيل باريس سان جيرمان ضد إنتر في نهائي دوري أبطال أوروبا    تأجيل امتحانات جامعة الإسكندرية اليوم لسوء الأحوال الجوية    قوات الاحتلال تنفذ عمليات نسف شمالي قطاع غزة    عاصفة الإسكندرية.. انهيار أجزاء خارجية من عقار في سبورتنج وتحطم سيارتين    تأخير موعد امتحانات الشهادة الإعدادية بالإسكندرية بسبب العاصفة والأمطار الرعدية    اليوم.. أولى جلسات محاكمة مدربة أسود سيرك طنطا في واقعة النمر    العفريت الذي أرعب الفنانين| «الفوتوغرافيا».. رحلة النور والظلال في 200 سنة    6 طرق للحفاظ على صحة العمود الفقري وتقوية الظهر    بعد رحيله عن الأهلي.. معلول يحسم وجهته المقبلة    بعد تلميحه بالرحيل، قصة تلقي إمام عاشور عرضا ب400 مليون جنيه (فيديو)    على معلول يودّع الأهلي برسالة مؤثرة للجماهير: كنتم وطن ودفء وأمل لا يخيب    جراديشار: شاركت في مباراة بيراميدز ولم أكن أعرف أسماء لاعبي الأهلي    ثروت سويلم: رابطة الأندية أخطأت في موعد مباراة الأهلي والزمالك    باسم مرسي يوجه رسالة ل لاعبو الزمالك بشأن مباراة بيراميدز في نهائي كأس مصر    جدل بين أولياء الأمور حول «البوكليت التعليمى»    «تنسيق الجامعات 2025»: 12 جامعة أهلية جديدة تنتظر قبول الدفعة الأولى    ترامب يعلن عزمه مضاعفة تعرفة واردات الصلب إلى 50%    وزير الدفاع الإسرائيلي: لن نمنح الحصانة لأحد وسنرد على أي تهديد    النيابة تستعجل تحريات واقعة مقتل شاب في الإسكندرية    ماس كهربائي يتسبب في نشوب حريق بمنزلين في سوهاج    اليوم.. انطلاق امتحانات الشهادة الإعدادية في جميع المحافظات    ترامب يكشف موعد الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة    النائب أحمد السجيني يحذر من سيناريوهين للإيجار القديم: المادة 7 قد تكون الحل السحري    أحمد حلمي ومنى زكي وعمرو يوسف وكندة علوش في زفاف أمينة خليل.. صور جديدة    «متقوليش هاردلك».. عمرو أديب يوجه رسائل خاصة ل أحمد شوبير    «القاهرة للسينما الفرانكوفونية» يختتم فعاليات دورته الخامسة    أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة.. ردده الآن للزوج والأبناء وللمتوفي ولزيادة الرزق    ب62 جنيه شهريًا.. أسعار الغاز الطبيعي اليوم وتكلفة توصيله للمنازل (تفاصيل)    رئيس «النحّالين العرب»: قطاع تربية النحل يتعرض لهجمات «شرسة» سنويًا لتشويه المنتج المحلى    محافظة قنا: الالتزام بالإجراءات الوقائية في التعامل مع حالة ولادة لمصابة بالإيدز    لا تتركها برا الثلاجة.. استشاري تغذية يحذر من مخاطر إعادة تجميد اللحوم    شروط ورابط الحصول على دعم المشروعات اليحثية بهيئة تمويل العلوم    موعد أذان فجر السبت 4 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    «قنا» تتجاوز المستهدف من توريد القمح عن الموسم السابق ب 227990 طنًا    لا تضيع فضلها.. أهم 7 أعمال خلال العشرة الأوائل من ذي الحجة    الجماع بين الزوجين في العشر الأوائل من ذي الحجة .. هل يجوز؟ الإفتاء تحسم الجدل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 31-5-2025 في محافظة قنا    عاجل|أردوغان يجدد التزام تركيا بالسلام: جهود متواصلة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    مدير «جي إس إم» للدراسات: فرص نجاح جولة المباحثات الروسية الأوكرانية المقبلة صفرية    تغييرات مفاجئة تعكر صفو توازنك.. حظ برج الدلو اليوم 31 مايو    5 فلاتر يجب تغييرها دوريًا للحفاظ على أداء سيارتك    «المصري اليوم» تكشف القصة الكاملة للأزمة: زيادة الصادرات وراء محاولات التأثير على صناعة عسل النحل    شريف عبد الفضيل يحكى قصة فيلا الرحاب وانتقاله من الإسماعيلي للأهلى    بدء تصوير "دافنينه سوا" ل محمد ممدوح وطه الدسوقي في هذا الموعد    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب: سنعلن تفاصيل اتفاق غزة اليوم أو غدا.. إحباط هجوم إرهابى فى روسيا.. وصول مليون و330 ألف حاج للسعودية.. سقوط قتلى فى فيضانات تضرب نيجيريا    مشرف بعثة الحج السياحي: إلغاء ترخيص الشركات السياحية المخالفة للضوابط المنظمة    وزير التعليم يبحث مع «جوجل» تعزيز دمج التكنولوجيا في تطوير المنظومة التعليمية    تطرق أبواب السياسة بثقة :عصر ذهبى لتمكين المرأة فى مصر.. والدولة تفتح أبواب القيادة أمام النساء    وفد من مسئولي برامج الحماية الاجتماعية يتفقد المشروعات المنفذة بحياة كريمة في الدقهلية    الأحد.. مجلس الشيوخ يناقش الأثر التشريعي لقانون التأمين الصحي والضريبة على العقارات المبنية    «أوقاف الدقهلية» تفتتح مسجدين وتنظم مقارئ ولقاءات دعوية للنشء    الأعلى للجامعات: فتح باب القبول بالدراسات العليا لضباط القوات المسلحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محفوظ وأنا‏..‏ محطات علي الطريق
نشر في الأهرام اليومي يوم 10 - 11 - 2010

سألني أحد الحضور في اللقاء الذي عقده لي معرض الشارقة للكتاب عن علاقتي بأديبنا الأكبر نجيب محفوظ‏,‏ الذي تحل الذكري المئوية لميلاده في العام المقبل‏,‏ فقلت هي علاقة ممتدة علي مدي العقود الثلاثة الأخيرة وتاريخها موضوع كتاب يتضمن الكثير مما لم يحن الوقت للبوح به بعد‏.‏
وقلت لسائلي‏:‏ سأحاول مع ذلك أن أوجز لك علاقتي بمحفوظ في ثلاث محطات فاصلة هي التي شكلت تلك العلاقة التي وصفها مقدم الندوة بأنها واحدة من أبرز العلاقات الإنسانية التي عرفها تاريخنا الأدبي الحديث‏.‏
لقد شرفت بمقابلة أديبنا الأكبر لأول مرة في مكتب أبو المسرح العربي توفيق الحكيم‏,‏ في جريدة الأهرام‏,‏ حيث كانت تربطني بالحكيم علاقة وثيقة‏,‏ لكن المحطة الأولي لعلاقتي بنجيب محفوظ والتي نقلتها من علاقة ود عادية‏,‏ إلي ما يشبه العلاقة الخاصة القائمة علي امتناني ككاتب شاب كان لايزال في ذلك الوقت في مقتبل حياته‏,‏ كانت حين وصلتني البروفات الأخيرة لأولي مجموعاتي القصصية الرجل الذي عادت إليه ذاكرته في غلافها الأنيق‏,‏ فقررت إهداءها للأستاذ نجيب بكلمة قلت فيها‏:‏ إن المجموعة حين تصدر سيتم إهداؤها للكثيرين‏,‏ لكن هذه نسخة فريدة‏,‏ لذا رأيت إهداءها للأديب الفريد نجيب محفوظ‏.‏
وبعد أيام قليلة فوجئت علي مكتبي بنفس المظروف الذي حوي المخطوط وقد رده إلي محفوظ ثانية‏,‏ فخشيت أن يكون الأديب الكبير قد استهجن أن تهدي إليه بروفة كتاب لم يصدر بعد‏,‏ لكني وجدت أنه صدرها لي بكلمات شكر رقيقة قال فيها إنه استمتع بقراءتها‏,‏ وإنه لذلك سمح لنفسه بأن يبدي عليها بعض الملاحظات التي أوضح أنه كتبها بالقلم الرصاص حتي يكون بإمكاني إن لم تعجبني أن أمحوها بالأستيكة‏,‏ علي حد قوله‏.‏
وقد عمني وأنا أقرأ هذه الكلمات وأسارع بالاطلاع علي ملاحظات الكاتب الكبير علي صفحات الكتاب شعور بالامتنان الهائل لهذا الإنسان الكبير الذي لم أكن أتصور أنه سيعبأ بقراءة مسودة عمل أول لكاتب شاب‏,‏ فإذا به يراجع النص بنفسه ويبدي عليه ملاحظات غاية في الأهمية‏.‏
كانت تلك هي المحطة الأولي في علاقتي بنجيب محفوظ‏,‏ وقد تواصلت عبر السنوات التالية فكان يشرفني بإهداء كتبه لي وكنت أحرص دائما علي إهدائه النسخة الأولي من كتبي‏,‏ وكنا نتحاور في كل منها‏,‏ وقد انتقلت لقاءاتنا من مكتب توفيق الحكيم إلي مواعيد محددة في لقاءات الأستاذ نجيب الأسبوعية‏.‏
أما المحطة الثانية التي نقلت العلاقة إلي مرتبة ثانية أكثر خصوصية فكانت حين شرفني باختياري ممثلا شخصيا له في احتفالات نوبل عام‏8891,‏ فكان لي شرف إلقاء خطابه الشهير في تلك المناسبة‏,‏ وهذه المحطة في حد ذاتها جديرة بكتاب كامل أحتفظ بمسودته التي تتعرض لملابسات الموضوع ومختلف تفاصيله التي مازالت بها جوانب لم تنشر بعد‏,‏ لكن وثائقها قائمة تنطق بما لا يعرفه أحد‏.‏
ثم تأتي المحطة الثالثة التي توجت علاقتي بنجيب محفوظ حين وقعت محاولة اغتياله الآثمة في نوفمبر‏4991,‏ والتي أفقدته القدرة علي الكتابة لفترة طويلة‏,‏ فطلب محفوظ من الأستاذ إبراهيم نافع‏,‏ رئيس تحرير الأهرامب‏,‏ في ذلك الوقت‏,‏ أن يتحول مقاله الأسبوعي في الجريدة إلي حوار اختار أن أكون أنا الذي أجريه معه‏,‏ وإذا كنت أقول إن تلك المحطة هي التي توجت علاقتي بأديبنا الأكبر‏,‏ فذلك لأنها قربتني منه بشكل أكثر من أي وقت سابق‏,‏ حيث اقتضي ذلك أن ألتقي بالأستاذ بشكل منتظم‏,‏ فكان يفرغ لي مساء السبت من كل أسبوع ألتقي به في جلسة ثنائية لا يشاركنا فيها إلا جهاز التسجيل الذي كان وسيلتي في الالتزام بنص كلمات الأستاذ في مختلف الموضوعات التي كنت أطرحها عليه من أسبوع لأسبوع‏.‏
وهكذا تجمع لدي علي مدي‏21‏ عاما وحتي رحيل محفوظ عام‏6002‏ ما يقرب من‏005‏ ساعة مسجلة بصوت الأديب الكبير تحوي ما قمت بنشره في حينه لكن بها أيضا ما لم يكن مخصصا للنشر في ذلك الوقت‏,‏ فقد كان الأستاذ ينطلق في حديثه بلا عوائق ولا حواجز‏,‏ وكأنه كان يعلم أن تلك ستكون كلماته الأخيرة‏,‏ فأراد أن يضمنها شهادته للتاريخ في الأدب والثقافة والسياسة والتاريخ‏,‏ وغير ذلك من الموضوعات العامة والخاصة‏.‏
وقلت لسائلي بمعرض الشارقة للكتاب‏:‏ ذلك هو الكنز الحقيقي الذي تركه لي أديب الرواية العربية الأكبر الحائز علي أرفع الجوائز الدولية نجيب محفوظ‏,‏ والذي لم يحن وقت فتحه بعد‏,‏ فقد حكم علي طوال السنوات الأربع الأخيرة منذ رحيله عن عالمنا‏,‏ ألا أتمكن من إدارتها في جهاز التسجيل‏,‏ فما أن كنت أستمع إلي نبرات صوت ذلك الإنسان العظيم الذي أحببته كما يحب الابن والده ومعلمه ومثله الأعلي وصديقه ورفيقه علي مدي السنوات‏,‏ حتي كان ذلك التاريخ كله يعود فجأة إلي الحياة‏,‏ فأشعر مرة أخري بالفقد الهائل الذي شعرت به وقت وفاته وتتجدد الأحزان التي نظن خطأ أن الزمن يمحيها‏.‏

المزيد من مقالات محمد سلماوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.