في غيبة الرقابة انتشرت خطوط المحمول مجهولة البيانات, واقتحمت الرسائل النصية المحمولة كل بيت, فأساءت بعضها إلي الكثير من الأبرياء. واستخدمها البعض للنيل من سمعة الأشخاص, وابتزازهم, والترويج لأخبار كاذبة تثير البلبلة بين الناس, وترويج الفتنة الطائفية.وقد طال الخطر نحو60 مليون مواطن مصري يستخدمون الهواتف المحمولة من خلال شركات غير منضبطة, أساءت استخدام الخدمة, وقفزت علي كل اللوائح, ومن هذا المنطلق, كان من الضروري إلزام هؤلاء المخالفين بتوفيق أوضاعهم, والحصول علي التراخيص اللازمة لبث هذه الخدمة, حتي تتم محاسبة المخالفين, وضبط إيقاع الرسائل المحمولة لمنع إساءة استخدامها. والسؤال الذي يطرحه الكثيرون: هل الهدف من هذه الإجراءات هو ضبط وتنظيم خدمة الرسائل النصية المحمولة أم إحكام الرقابة عليها في هذا التوقيت ضمان عدم استغلالها بشكل سلبي في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟ يقول المهندس محمود الجويني مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: إن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لم يتخذ أي إجراءات لفرض رقابة علي الرسائل النصية القصيرة التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة إلي الجمهور عبر تليفوناتهم المحمولة, مؤكدا أن ما تم اتخاذه من إجراءات يهدف إلي توفيق أوضاع الشركات التي تقوم ببث هذه الرسائل حتي لا تتسرب رسائل من شأنها الإضرار بالمجتمع, أو بالمواطنين, فهناك رسائل تسبب الفتنة الطائفية, وأخري تخدش الحياء العام, وثالثة تشوه سمعة الأشخاص, وتثير البلبلة, لذلك كان لابد من ضبط منظومة إرسال الرسائل, بحيث تحصل هذه الشركات علي التراخيص اللازمة من وزارة الاتصالات, وموافقة علي ممارسة هذا النشاط من الجهات المعنية, فمن يرد بث فتاوي قانونية فليحصل علي موافقة من وزارة العدل, ومن يرد بث فتاوي دينية فليأت بموافقة الأزهر, والرسائل الطبية لابد أن تلتزم بموافقة وزارة الصحة, والرسائل الإخبارية تستلزم موافقة المجلس الأعلي للصحافة. والشركات التي تعمل في مجال إرسال الرسائل النصية المحمولة تقدر بنحو30 شركة, أما الرسائل نفسها فهي نوعان, منها ما هو فردي, وتعمل في هذا المجال نحو22 شركة, بينما تعمل9 شركات في مجال الرسائل النصية المحمولة المجمعة, موضحا أن هناك استخداما عشوائيا لخدمات الاتصالات, وأن ما يحدث من ممارسات خاطئة يجب أن يتصدي لها الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لمنع استغلالها هذه التكنولوجيا من قبل جهات خارجية أو داخلية تريد إثارة البلبلة في مصر علي سبيل المثال لإثارة الفتنة الطائفية, فالضوابط الجديدة التي اتخذها الجهاز تهدف إلي حماية المواطن المتلقي للرسائل النصية من معلومات مضللة أو مغلوطة, سواء كانت هذه المعلومات متعلقة بالدعاية لمنتجات أو فتاوي قانونية أو دينية أو إرشادات صحية, أو أخبار بصفة عامة. الانتخابات ورسائل المحمول قلت له إن البعض يربط بين هذه الاجراءات التنظيمية وبين الانتخابات البرلمانية القادمة.. فما مدي صحة ذلك؟ - فقال إن الهدف من هذه الاجراءات هو توفيق أوضاع الشركات العاملة في مجال الرسائل النصية المحمولة, وكذلك توفيق أوضاع هذه الشركات بحيث تحصل علي التراخيص اللازمة, ويمكن مساءلتها, حيث لا تقوم ببث رسائل مغلوطة, أو خاطئة, أو تشيع أفكارا تثير البلبلة, أو تضر بالرأي العام, وذلك كله من أجل الحفاظ علي قيم المجتمع وتقاليده, ولا علاقة لذلك بالانتخابات البرلمانية علي الإطلاق. والمحمول كما يقول مستشار وزير الاتصالات أداة خطيرة. والبسطاء من الناس يستجيبون للرسائل التي ترد عليهم ويروجونها فيما بينهم, وقد تصل هذه الرسائل بما فيها من مغالطات لقطاعات كبيرة من المواطنين, وهذا مكمن الخطر, لأن مثل هذه الرسائل تقتحم كل بيت أردت أم لم ترد, ولذلك فإن الاجراءات التنظيمية الجديدة من شأنها ان تضع الشركة التي تقوم ببث رسائل مغلوطة, أو مخالفة تحت المسائلة القانونية, لأننا لن نراقب الرسائل المحمولة, وإنما سوف نحاسب الشركة التي تقوم ببثها وسوف تتراوح العقوبات بين الانذار في المخالفة الأولي, ثم الوقف في المرحلة الثانية, ثم إلغاء الترخيص إذا لم تلتزم الشركة التي تقوم بإرسال هذه الرسائل بالقواعد المقررة في هذا الشأن. ويري النائب البرلماني علي فتح الباب ان لجوء البعض إلي إرسال رسائل جماعية من خلال المحمول يهدف إلي الوصول علي أكبر عدد من الناس بشكل مباشر, ذلك أن الرسائل المجمعة تمثل احدي وسائل الاتصال بالجماهير, وعلي ذلك فأنا مع حرية التعبير, والتواصل مع الناس بكل الوسائل, لكني في الوقت نفسه ضد الرسائل التي ترمي إلي احداث الفتنة الطائفية, أو تلك التي تسيء للأديان, أيا كانت, وأنا ضد الرسائل التي تخدش الحياء العام, التي تنال من سمعة الأشخاص, أو تعتدي علي حرياتهم الشخصية, أو التي تنتهك خصوصيات المجتمع, وتقاليده, باختصار ثوابت لا خلاف عليها, وقيم في المجتمع لا يجوز المساس بها. وإذا دعت الحاجة لتنظيم رسائل المحمول, فإن التطور الحادث في مجال الاتصالات كبير, ولن يتأتي لأحد السيطرة علي كل وسائل التكنولوجيا الحديثة التي تتطور كل لحظة, وإغلاق باب يفتح أبواب أخري, كالشبكة العنكبوتية, ومواقع الانترنت, ولا شك أن الضمان الوحيد أمام مثل هذه التجاوزات التي تقع بواسطة الرسائل أو بغيرها, هو التوعية, وإتاحة فرص التواصل الايجابي بين الناس, فالتواصل لابد أن يكون في إطار قيم المجتمع وتقاليده, وليس لإشاعة قيم هدامة. استخدامات خاطئة وقد أصبحت الاستخدامات الخاطئة للتكنولوجيا حقيقة واقعة, سواء تم ذلك من خلال خطوط المحمول غير المسجلة, والتي يترتب عليها إجراء مكالمات مجهولة, أو إرسال رسائل مشبوهة, تحرض علي انتهاك حرمات المجتمع, ولذلك كان لابد من الرقابة علي الرسائل النصية المحمولة, حتي لا يساء استخدامها. هكذا قال الدكتور محمد الغمراوي أمين الحزب الوطني بالقاهرة, مشيرا إلي أن بعض الرسائل المحمولة تستخدم لإشاعة التطرف الديني, وتنمية الصراعات المذهبية, والدينية, والطائفية, ومنها ما يؤدي إلي الإخلال بقيم المجتمع, وخلال الانتخابات سواء كانت برلمانية أو نقابية ويقوم بالبعض باستغلال الرسائل النصية المحمولة بصورة خاطئة, حيث يقومون بترويج أخبار كاذبة بين جموع الناخبين, للنيل من سمعة مرشح, والإساءة إليه, ومن هذه الرسائل ما يثير البلبلة بين الناس, لذلك كان ضبط هذه الوسيلة أمرا حتميا. يتفق معه الدكتور شوقي السيد عضو اللجنة التشريعية في مجلس الشوري وأستاذ القانون, حيث يؤيد ما يجري اتخاذه من إجراءات, وضوابط لضبط إيقاع الرسائل المحمول, موشحا أن دائرة الحريات تتسع في مصر منذ عام1980, كما أن دائرة الحريات, ومنها حرية التعبير أصبحت متعددة, ومواكبة للتقدم العلمي في التكنولوجيا, ومنها ثورة الاتصالات في مجتمع بادئ في النمو, ويحتاج الي ترسيخ ثقافة الحريات, فالحرية لا تعني الفوضي, ولا تعني الاعتداء علي خصوصيات الناس وحرياتهم, أو المساس بقيم المجتمع, وقد ظلت الفوضي متصاعدة علي مدي30, عاما, ولنا في الفضائيات مشاهد لا تمت لحرية الإعلام بصلة, بل حولتها إلي سيرك إعلامي, فضلا عن الإساءة والتشهير بسمعة الأبرياء. ولا خلاف علي أن الرسائل كما يقول الدكتور شوقي السيد صورة من صور التعبير عن الرأي, واستخدامها لابد أن يكون في الإطار السليم, للتعبير الصحيح عن الرأي, وليس الإساءة إلي حقوق الآخرين, وبث الشائعات المغرضة. والحل هو ضبط هذه الفوضي التعبيرية السلوكية, التي تنال من مناخ الحرية, لتكون الحرية في نطاقها السليم, بدون اعتداء علي خصوصيات الأشخاص. وخلال موسم الانتخابات, تنشط الممارسات الخاطئة, والأخبار الكاذبة, من نوعية القبض علي نائب في قضية رشوة, أو في قضية مخلة, أو نشر أخبار مسيئة عن مرشح من المرشحين علي غير الحقيقة بما ينال من سمعته, وشعبيته, ولذلك أصبح من الضروري الوقوف في وجه هذه الممارسات الضارة.