حركة محليات جريئة في محافظة قنا.. تعرف عليها    الصحة تعلن تراجع معدل الزيادة السكانية لأول مرة منذ 2007    وزير الخارجية المصري يؤكد أهمية تثبيت اتفاق غزة وتنفيذه بالكامل    سفير الصين: القاهرة شريك استراتيجي يدعم مبدأ «الصين الواحدة» ويرفض التدخلات الأجنبية    خالد مرتجي : Hبويا علمّني أخدم الأهلي في أي مكان ..ونستهدف إنشاء فرع خامس    أحمد السيد: توروب مازال يطبق فكر عماد النحاس حتى الآن    المحكمة تعاقب البلوجر أوتاكا طليق هديرعبدالرازق بهذا الحكم    الحبس لراقصة الساحل الشمالي بتهمة نشر الفسق والفجور    إصابة شخصين فى حادث انقلاب موتوسيكل بقنا    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    الإسكندرية تترقب بفخر افتتاح المتحف المصري الكبير    حماس تدعو في بيان الوسطاء والضامنين إلى تحمل مسؤولياتهم والضغط الفوري على إسرائيل للالتزام التام بوقف إطلاق النار    عودة إمام عاشور تقترب.. نجم الأهلي يبدأ التأهيل استعدادًا للمشاركة في المباريات    محمد شبانة: كنت سأنتقد الرابطة لو استجابت لتأجيل الدورى للمنتخب الثانى!    المحكمة تقضي بعدم الاختصاص في قضية علياء قمرون    محافظ سوهاج يفتتح حديقة ميدان الشهداء العامة بالمنشاه    بايسانوس.. فيلم وثائقي عن الشتات الفلسطيني في تشيلي بمهرجان القاهرة السينمائي    عضو بالتحرير الفلسطينية: مصر تقود تحركات من أجل تثبيت وقف إطلاق النار بغزة    هيئة الدواء المصرية تحذر من محلول غسيل كلوي غير مطابق    حادث المنشية.. والذاكرة الوطنية    عاجل| تعطيل خدمات البنوك الرقمية يومي الخميس والجمعة    حالة الطقس في الكويت.. أجواء حارة ورياح شمالية غربية    ب4 آلاف جنيه.. فيلم درويش يتذيل قائمة المنافسة على شباك التذاكر    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    صحة المنيا: قافلة حياة كريمة تقدم خدماتها الطبية ل957 مواطنًا بقرية منبال بمركز مطاي    محافظ الدقهلية يتابع محاكاة سيناريوهات التعامل مع مياه الأمطار بالمنصورة    المشدد 15سنة لمتهم للاتجار بالمخدرات في السلام    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    رئيس اتحاد الناشرين العرب: المبادرات الثقافية طريقنا لإنقاذ صناعة الكتاب العربي    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم اغتيال مسئول بحزب الله في لبنان    كأس العالم للناشئين - مدرب إيطاليا: علينا التأقلم سريعا مع المناخ في قطر    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    روسيا تعلن السيطرة على بلدة فيشنيوفويه في مقاطعة دنيبروبتروفسك    صور | جامعة الوادي الجديد تنظم ملتقى توظيفي لشركات القطاع الخاص والجهات البحثية والحكومية    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    مصر تشارك في اجتماع لجنة مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي    تحليل: 21% من السيارات الجديدة في العالم كهربائية بالكامل    كييزا: أشعر بتحسن كبير هذا الموسم.. وأريد البقاء مع ليفربول    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    وزير الصحة يترأس الاجتماع الثاني للمجلس الوطني للسياحة الصحية    الأقصر تزين ميادينها وتجهز شاشات عرض لمتابعة افتتاح المتحف المصري    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    دعوة فى تابوت فرعونى ذهبى.. عالم يابانى شهير يتلقى دعوة لحفل افتتاح المتحف الكبير.. البروفيسور يوشيمورا: الدعوة رمز للتقدير المتبادل بين مصر واليابان.. والمتحف الكبير أعظم الصروح التى رأيتها حول العالم    حركة المحليات بالأسماء.. تفاصيل تعيين ونقل 164 قيادة محلية في 11 محافظة    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    أسعار الذهب فى أسيوط اليوم الاربعاء 29102025    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنظور النفسي في مسرح جويدة
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 10 - 2010

علي تلك الخشبة الصغيرة كانت التراجيديا حيث بكي الانسان نفسه‏,‏ وكانت الكوميديا حيث ضحك عليها‏,‏ علي تلك الخشبة أحب الانسان ذاته وكرهها‏. هناك صاغ الانسان خيالاته وأحلامه‏,‏ عاش واقعه بآماله وصراعاته‏. من هنا كانت عبقرية المسرح وكانت مأساته‏,‏ ولكي يتم فهمه يجب أن ينظر اليه عبر مستويات تشريحية تنظيرية متعددة‏,‏ تبدأ بالفهم النفسي لآليات الارسال والتلقي في إطار سيكولوجي وسيسيولوجي‏.‏
حول اشكاليات المسرح وتعدد مستوياته ونصوصه‏,‏ جاءت رسالة الباحثة مروة نزار عبيد التي أعدتها وقدمتها لمعهد البحوث والدراسات العربية قسم البحوث والدراسات الأدبية بالقاهرة بعنوان سيكولوجيا المسرح في التراجيديا وسيكودراما النص دراسة تطبيقية في مسرح الشاعر فاروق جويدة للحصول علي درجة الماجستير في الدراسات اللغوية والأدبية باشراف د‏.‏ احمد زكي‏.‏
وتأتي أهمية البحث في سياق الاستخدام للمنهج السيكودرامي وصهره في بوتقة النقد المسرحي واستخلاص تقنياته التي استمدها من المادة الدرامية في صورتها الخام الأولية لتحقيق التطهير العلاجي بكل مافيه من توازن وتنفيس وتفريغ واستنارة‏,‏ وقد حاولت الدراسة أن تكشف عبر الأداة النفسية‏,‏ المشكلات التي تواجه المسرح مع متلقيه وطرائق التلقي في المدارس المسرحية جميعها‏.‏ وجاءت فروض البحث حول أربعة عناصر أساسية‏,‏ العنصر الأول‏,‏ إحياء المسرح الجويدي للتراجيديا بنبلها وأصالتها ومكوناتها الحيوية وطاقاتها التطهيرية‏.‏ والثاني‏,‏ ابتكارية المسرح الجويدي في استخدامه لتقنيات التغريبية في تعميق الطاقة التطهيرية واستخدامه لها يتناقض مع خلفياتها الأيديولوجية في فهم فطري وتمييز تلقائي لطبيعة الفروق فيما بينهما‏,‏ والثالث الاستنارة الكامنة في التطهير الذي يثبته المنهج السيكودرامي لكل من مبدع النص ومتلقيه‏,‏ والعنصر الرابع يعتبر الشخصية المسرحية وعاء سيكودرامي هو أكثر امتاعا وتفاعلية كلما اتسعت فيه الفراغات الاسقاطية‏.‏ تقول الباحثة مروة عبيد إن الدراسات العربية التي تصدت للنص المسرحي من منظور نفسي دراسات قليلة جدا‏,‏ أما الدراسات التي تناولت مسرح الشاعر فاروق جويدة فلقد دارت في مداراتها الأيديولوجية‏,‏ وحاولت جاهدة فرض هذه الايديولوجيات علي النص ونقدت أي خروج له عنها وابتعدت عن قراءة مفرداته الابداعية وتوصيف ملامحه الابتكارية واكتشاف المستقبلي من طاقاته‏.‏ تتكون الرسالة من خمسة فصول ومجموعة من المباحث تأتي عناوين فصولها ترتيبا‏,‏ اشكاليات التلقي في المسرح‏,‏ التراجيديا فاروق جويدة بطل المثيوس‏,‏ ثياب بريختية وإضاءات فرويدية‏,‏ رصاصة السيف‏,‏ الخديوي أحلام الحاكم وسيكولوجية الأنثي والدونجوان وسيكودراما النص الجويدي‏.‏ وتحت عنوان فاروق جويدة بطل المثيوس‏,‏ والمثيوس كما أبدع في وصفه د‏.‏ انطوان معلوف‏,‏ هو ذاك البطل المأسوي الذي لايضع علي وجهه قناعا‏,‏ ولايلعب دورا علي مسرح الحياة بل يرفض الفن والمخادعة والتكلف‏,‏ ويبقي وحيدا سافر الوجه في مجتمع من الأقنعة‏.‏
ان المأساة الفردية الشخصية تمنح إنسانها المبدع الألم بصورته الخام الأولية فيعيد انتاجه خلقا متفردا فينا ويوزعه علينا بصورة مقننة جمالية‏.‏ وتزعم الباحثة أنه حينما تكتسي المأساة بسمرة العربي وحينما تملك فصاحة كلماته وشفافية لغته ودفق شعره فلن تكون سواه لن تكون سوي فاروق جويدة كلمة وإحساسا ونبضا وصدقا‏.‏ ثم تشير الي أن نقطة فارقة في حياة الشاعر‏,‏ إذ أن ماشهده ذاك الصغير كان أكبر من النداهة والغولة العجوز‏,‏ كان الموت بوجهه الخفي الشاحب المخيف رآه الشاعر وهو يختطف خمسة من اخوته‏..‏ في الصباح ابتسامة طفل صغير وفي المساء بكاء وحداد‏,‏ نحيب وعويل‏,‏ وسواد حالك طويل‏,‏ فإن حاول أن يفر من ذلك كله ويهرع ككل الأطفال ليبحث عن أمنه في صدر أمه‏,‏ رماه حزنها في بئر من الفراغ والخوف والفزع المرير‏.‏ إن هذه المرحلة المؤلمة في عمر الشاعر قد أوجدت لديه ذاك الوعي المأساوي المبكر بفكرة الأقدار وجدلية الحياة والموت وتري الباحثة أن البطولة الجويدية لاتندرج في إطارها التقليدي الظاهري‏,‏ إطار القوة والشراسة والاندفاع بل هي مصنوعة من مفهوم قيمي له منطقه ومنطلقه الخاص المتوائم مع طبيعة المجتمع وحاجاته الحداثية‏,‏ كما تري أن البعد الصوفي في فسيفساء المثيوس الجويدي‏,‏ هو يعد له حضوره وخاصة في تشكيله الابداعي والنفسي وهو جزء من ذاكرته الطفلة الخصبة‏,‏ ففي حلقات الذكر الشاذلية أنشد جويدة في طفولته الأشعار الصوفية وأخذ عن مشايخها العهد‏.‏ وتحت عنوان سيكودراما الأنا والاسقاط الذاتي والاجتماعي والسياسي في النص الجويدي‏,‏ تقول الباحثة‏...‏ إن فاروق جويدة ينتمي الي طبقة ريفية وسطي‏,‏ إلا أن البعد الحضاري الجمعي المصري هو الأغلب عنده وهو مايعطيه نكهته الطامحة الي البرجوازية أو مايسميه هو‏(‏ باشتراكية الغني‏).‏ إن الرؤية الناقدة للمبدع من خلال طبقته الاجتماعية يجب ألا تكون رؤية جامدة ثابتة‏,‏ فجويدة كابن الطبقة الوسطي هو محمل بطموحات تلك الطبقة في تحقيق الحلم البرجوازي‏,‏ وهو أيضا حلقة وصل بين طبقتين ومن هنا فهو الاكثر فهما وتعبيرا وقربا من الطبقتين معا‏,‏ الأمر الذي أتاح له تحقيق حلمه في أن يكون شاعر الانسان من دون اي تصنيف أو قولبة بعينها‏,‏ وان النص الجويدي نص متنوع متعدد المشارب‏,‏ يحرص علي تنوع متلقيه‏,‏ وتشير الباحثة الي أن للدين والعرف سطوته وصلابته‏,‏ إلا أن الشاعر قد فرض طوقه وأوجد لابداعه مداخله ومخارجه‏.‏ وكما حاولت الذات الجويدية‏,‏ ومازالت تحاول الفرار من قهر التصنيف السياسي فاوجدت فلسفتها النقدية الخاصة‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.