لم تكن مصر بعيدة في أي وقت من الأوقات عن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ومازال ماثلا في الأذهان كيف دعمت مصر المفاوض الفلسطيني في جميع مراحل التفاوض. وعلي سبيل المثال ففي مفاوضات الخليل عام1996 وهي ربما تكون أعقد مفاوضات نتجت عن اتفاق أوسلو1993 حيث أوفد الرئيس حسني مبارك الدكتور مفيد شهاب الخبير في القانون الدولي وكذلك السفير نبيل فهمي( سفير مصر السابق لدي الولاياتالمتحدة فيما بعد), حيث أمضيا أسبوعا كاملا لتقديم المشورة السياسية والقانونية لإنجاز هذا الاتفاق بالغ التعقيد. وكثيرة تلك العقبات التي تجابه حاليا المفاوضات المباشرة الفلسطينية الإسرائيلية وهي عقبات في المفهوم وفي أفق المفاوضات. وقد أدرك الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالخبرة المتراكمة من المفاوضات السابقة مع الإسرائيليين منذ أوسلو في الجولة الأولي للمفاوضات التي تمت في9/2 الحالي في واشنطن الفخ الذي نصبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بإستدراجه إلي التفاوض من خلال اللجان التفاوضية المتخصصة(40 لجنة فلسطينية و50 لجنة إسرائيلية) وذلك من قبل تحديد الاطار العام, وأفق المفاوضات, وأهدافها, ومرجعياتها, وهو ما سيثار في الجولة الثانية في المفاوضات التي ستعقد في شرم الشيخ اليوم الجاري ونظرا لأهميتها فإن وزيرة الخارجية الأمريكية ستلقي بثقل الولاياتالمتحدة في تلك الجولة من المفاوضات حيث سيقدم جورج ميتشل وطاقمه المقترحات التي تراها ممكنة لجسر الهوة بين الطرفين. وقد أبلغ نيتانياهو باراك بأنه سيتم في خلال فترة العام التي حددت للمفاوضات الوصول فقط إلي اتفاق اطار أو اتفاق مباديء وذلك أسوة بما تم مع مصر في كامب ديفيد وتم تطبيقه في اتفاقية السلام1979 وهو ما تم أيضا علي الجانب الأردني في اتفاق وادي عربة, علي أن يتم تطبيق اتفاق الأطر تدريجيا وخطوة خطوة بناء علي ردود الأفعال الفلسطينية خلال فترة10 سنوات يتم في نهايتها الوصول إلي اتفاق سلام كامل. وهذا المفهوم يختلف عن مفهوم المفاوض الفلسطيني والعربي بأن هذه المفاوضات خلال عام إذ لم يكن قبل ذلك ستؤدي إلي نشأة دولة فلسطينية كاملة السيادة علي أرضها وذات ممر آمن بين الضفة وغزة علي أن يكون هناك ترتيبات أمنية بوضع قوات دولية علي طول الحدود مع الأردن مع امكانية تبادل ضئيل في الأراضي لا يتجاوز1.6 من مساحة الضفة. ومن أهم النقاط التي سيجري التفاوض حولها إن عاجلا أو آجلا هو موضوع الحدود, وأذكر أن أبو مازن أوضح لي في أول يوم دخوله إلي غزة قادما من تونس, بأن حدود قطاع غزة الحالية تختلف تماما عن حدود اتفاق الهدنة الذي تم في رودس1949 حيث اقتطعت إسرائيل مساحة تعادل ثلث مساحة القطاع حاليا تقريبا وأن الخط الحالي هو خط التحديد أو الحد الفاصل كما يظهر علي الخرائط وأنه سيتم التفاوض علي حدود القطاع. وقد عاصرت أثناء عملي قيام إسرائيل بتحريك هذه الخطة في شرق وشمال القطاع مرتين. كما أوضح أنه كانت هناك منطقة( حرام) منزوعة السلاح عرضها5 كيلو مترات بطول القطاع(40 كيلو مترا) تشرف عليها قوات الأممالمتحدة التي تفصل بين الجيشين المصري والإسرائيلي. وتملك وزارة الدفاع المصرية خرائط كاملة ومفصلة عن الحدود الحقيقية للقطاع والانتهاكات الإسرائيلية في المنطقة منزوعة السلاح, كما تحتفظ بها الأممالمتحدة بمثل هذه الحالات. ويملك رجالات مصر أيضا خبرة كبيرة في مجال القانون الدولي, والقانون الدولي الإنساني, وما تم في مفاوضات طابا, كذلك خبراء في المياه لدعم المفاوض الفلسطيني.