تعد الدعاية الانتخابية السابقة لعملية الاقتراع ركنا أساسيا في أي عملية انتخابية, فهي الأنشطة الانتخابية القانونية المختلفة التي يقوم بها المرشحون لشرح برامجهم الانتخابية لجمهور الناخبين. وذلك عن طريق الاجتماعات المحدودة والعامة, والحوارات, ونشر وتوزيع مواد الدعاية الانتخابية ووضع الملصقات واللافتات. واستخدام وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمطبوعة والإلكترونية, وغيرها من الأنشطة التي يجيزها القانون, وتتضمن الدعاية أيضا تلك الدعوات التي يوجهها المرشحون الي الناخبين من أجل التصويت لهم, وبهذا تعد الدعاية هي الآداة التي يتم من خلالها التعرف علي برامج المرشحين للانتخابات ورؤيتهم, كما أنها وسيلة لا غني عنها في إيصال أصوات المرشحين للناخبين وعرض برامجهم. وتتعدد القواعد والإجراءات المنظمة للحملة والدعاية الانتخابية في القوانين المصرية, والتي تتمثل في: أولا, الدستور الذي أقر حظر استخدام أي دعاية انتخابية قائمة علي شعارات دينية, وأن وسائل التعبير والدعاية مكفولة ومتاحة لأي شخص, في ضوء المحافظة علي الحقوق والواجبات والحريات العامة والخاصة للآخرين, وثانيا, القانون رقم38 لسنة1972 والمعدل بالقانون رقم175 لسنة2005 في شأن مجلس الشعب وعلي وجه التحديد المادة(11) من القانون التي نصت بأنه يتعين الالتزام في الدعاية الانتخابية بعدم التعرض لحرمة الحياة الخاصة لأي من المرشحين, والالتزام بالمحافظة علي الوحدة الوطنية, والامتناع عن استخدام الشعارات الدينية علي نحو يهددها أو يسيء إليها, وحظر استخدام المباني والمنشآت ووسائل النقل والانتقال المملوكة للدولة أو لشركات القطاع العام وقطاع الاعمال العام وللشركات التي تسهم الدولة في رأسمالها في الدعاية الانتخابية, وأخيرا, حظر تلقي أموال من الخارج من شخص أجنبي أو من جهة أجنبية أو دولية أو من يمثلها في الداخل للإنفاق في الدعاية الانتخابية, أو لإعطائها للناخبين مقابل الامتناع عن إبداء الرأي أو إبدائه علي وجه معين. وهناك أيضا معايير أخري لعملية الدعاية الانتخابية تحددها اللجنة العليا للانتخابات ووزارة الإعلام, التي تأتي تعبيرا عن حرص الجهاز الاعلامي علي تحري الدقة في التغطية الإعلامية للحملات الانتخابية للمرشحين من ناحية, كما تأتي لتزويد المواطنين بالصورة الكاملة والدقيقة التي تساعدهم علي حسن الاختيار من بين المرشحين بإتاحة الفرصة لكل الأحزاب المشاركة في الانتخابات. ودوليا فقد أكدت العديد من المواثيق الدولية أهمية نزاهة العملية الانتخابية من خلال توفير بيئة مناسبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تكفل المساواة بين جميع المرشحين علي قدم المساواة في كافة مراحل العملية الانتخابية, ومن بين هذه المواثيق الدولية الإعلان العالمي لحقوق الانسان في مادته(21), والمادة(25) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, والمادة(5) من الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري, والمادة7 من اتفاقية كوبنهاجن لمؤتمر البعد الإنساني سنة1990, والبروتوكول رقم(1) للمعاهدة الدولية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في مادته(3) وتنص علي تتعهد الأطراف العليا المتعاقدة بأن تجري انتخابات حرة عادلة علي فترات زمنية معقولة بالاقتراع السري وبشروط تسمح بضمان التعبير الحر علي رأي الشعب في اختياره للهيئة التشريعية, وكذلك المادة الرابعة فقرة ج من إعلان الاتحاد البرلماني الدولي بشأن الضمانات المحققة لانتخابات حرة ونزيهة والتي تنص علي: يجب علي الدول احترام وضمان حقوق الإنسان لجميع الأفراد داخل أراضيها وتحت رقابة السلطة القضائية. ومن واقع مختلف المعايير والممارسات الدولية والإقليمية للإعلام والانتخابات, فإن هناك مجموعة من المحددات الأساسية لدور الإعلام في تغطية الانتخابات, يأتي في مقدمتها ضمان الحرية والتعددية الإعلامية, والتي تعني حماية الإعلام من تدخل وتعسف السلطة, وكفالة الحق في إصدار وتملك وإدارة المؤسسات الاعلامية المرئية والمسموعة والمقرؤة, وتوافر مقومات استقلال المؤسسات الإعلامية المملوكة ملكية عامة, من حيث استقلال الإدارة والسياسات التحريرية, وتمثيل هذه المؤسسات للمجتمع بكل تياراته السياسية والفكرية والدينية والعرقية. وفي النهاية, هل يلتزم مرشحو الأحزاب والمستقلون والقوي السياسية بالقواعد التي أقرتها القوانين المصرية؟ نتمني جميعا ذلك, ولكن بدأت الدعاية الانتخابية مبكرا, قبل الإعلان عن فتح باب الترشيح, بل بدأت الدعاية لانتخابات مجلس الشعب متزامنة مع انتخابات الشوري التي إجريت في يونيو الماضي, ويعد ذلك مخالفة صريحة للقوانين المصرية المنظمة لعملية الدعاية الانتخابية؟ وهو مايمثل جرس انذار مما يمكن أن تكون عليه الانتخابات البرلمانية المقبلة ويتطلب خطوات رادعة علي المخالفين أيا كانت أوزانهم السياسية.