تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د عبد الكريم درويش : استعدت زهرة الخشخاش من الكويت عام‏1977‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 09 - 2010

بين تولي المناصب والخروج علي المعاش خزائن من الأسرار‏,‏ بعضها يبوح به صاحبه‏,‏ وبعضها يختزنه في الذاكرة‏ ,‏ وبعضها يحمل أقصي درجات السرية مهما طال الزمن‏!‏ وخزائن أسرار اللواء الدكتور عبد الكريم درويش تجود علي من يفتش فيها بالكثير من المعلومات‏,‏ فقد كان وراء استرداد لوحة زهرة الخشخاش الشهيرة للفنان العالمي فان جوخ حين سرقت سابقا من متحف محمد محمود خليل عام‏1977. وتم تهريبها إلي الكويت‏!‏ وبين سرقة اللوحة قبل‏33‏ عاما‏,‏ وسرقتها للمرة الثانية قبل أسابيع‏,‏ تفاصيل تستحق أن تروي‏!‏ وبرغم خروج اللواء درويش علي المعاش منذ‏24‏ عاما‏,‏ إلا أنه لايزال يذكر تفاصيل سرقة اللوحة‏,‏ واستعادتها حيث كان رئيسا لأكاديمية الشرطة‏,‏ وكأنها حدثت بالأمس‏.‏ ومع أنه تجاوز الثمانين عاما‏,‏ إلا أنه يتذكر أدق تفاصيل حياته الوظيفية‏,‏ قد يصمت قليلا أحيانا‏,‏ ويستغرق في التفكير قبل أن يجيب علي السؤال‏,‏ لكنه حين يتكلم يكون حاسما‏,‏ لكن إذا استمر صمته يمكنك قراءة الإجابة في ملامحه‏,‏ ونظراته‏!‏ لم ينحصر حوارنا في زهرة الخشخاش فقط‏,‏ بل دار حول محاور مهمة أخري مثل معايير القبول بكلية الشرطة‏,‏ والاشراف القضائي علي الانتخابات‏,‏ والتعديلات الدستورية‏,‏ وتزايد معدلات الجريمة في المجتمع المصري‏,‏ وأزمة المرور‏..‏ وغيرها‏.‏
‏‏ كنت رئيسا لأكاديمية الشرطة لمدة‏11‏ عاما‏,‏ ومع ذلك لعبت دورا أساسيا في استرداد لوحة زهرة الخشخاش من الكويت قبل‏33‏ عاما‏..‏ فما تفاصيل تلك الواقعة ؟ بداية لست بحاجة لتأكيد أن لوحة زهرة الخشخاش تهم مصر بصفة خاصة‏,‏ ولا أبالغ إذا قلت إنها تهم العالم أجمع‏,‏ وهو ما يعكس حجم الاهتمام الذي تحظي به عملية سرقة اللوحة في وسائل الإعلام‏.‏ فالعالم كله انشغل بالواقعة بدرجة كبيرة‏,‏ وتشير الواقعة بالدرجة الأولي إلي أن الإحساس بالجانب الفني في حضارتنا ضعيف‏,‏ ذلك أن خبر زواج أو طلاق فنانة يستحوذ علي اهتمام أكبر مما استحوذت عليه عملية سرقة لوحة زهرة الخشخاش‏,‏ أما واقعة السرقة الأولي للوحة والتي ساهمت بقدر كبير في استردادها فقد حدثت في‏5‏ يونيو‏1977,‏ وقتها كنت رئيسا لأكاديمية الشرطة‏,‏ وكانت معظم الدول العربية قطعت علاقاتها مع مصر بسبب اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل‏,‏ وبعد سرقة اللوحة‏,‏ وتوافر معلومات عن تهريبها إلي الكويت‏,‏ طلبني اللواء محمد النبوي اسماعيل وزير الداخلية‏,‏ وأنا وهو خريجا دفعة واحدة من كلية الشرطة‏,‏ وقال لي‏:‏ تعرف ان علاقات معظم الدول العربية مع مصر مقطوعة بسبب اتفاقية السلام ولدينا معلومات عن سرقة لوحة زهرة الخشخاش وتهريبها إلي الكويت بواسطة مدرس مصري يعمل هناك‏,‏ والوزارة لا تستطيع الاتصال بوزارة الداخلية الكويتية‏,‏ ولا الخارجية‏.‏
وأنت لديك علاقات طيبة مع مسئولي الأمن في الكويت‏,‏ ونريد إرسال ضابطي مباحث من الشرطة الي الكويت لاسترداد اللوحة من هناك‏,‏ وكان أحد الضابطين العقيد محمد عبدالنبي من مباحث القاهرة‏,‏ وعهد إليه بالتحقيق في واقعة سرقة اللوحة‏,‏ وعاين مكان الحادث‏,‏ وكيفية دخول اللص إلي المتحف والأسلوب المتبع في السرقة‏,‏ والهروب باللوحة وعن طريق علم اسمه أسلوب الإجرام استطاع الضابط أن يكون فكرة مبدئية من خلال مراجعة ملفات المسجلين خطر لدينا‏,‏ وبتجميع المعلومات توصل العقيد عبدالنبي لمرتكب واقعة سرقة اللوحة‏,‏ وهو لص يقتحم المساكن بنشر حديد الشبابيك الخلفية ثم يقوم بكسر الشباك‏,‏ ولم يسرق هذا اللص اللوحة من تلقاء نفسه‏,‏ وإنما سرقها لمصلحة أحد خريجي كلية الفنون الجميلة‏,‏ وكان يعمل في ذلك الوقت مرشدا سياحيا‏,‏ وزار متحف محمد محمود خليل حين كان مقره في الزمالك في ذلك الوقت قبل نقل المتحف الي منطقة الدقي‏,‏ وتعلق المرشد السياحي تعلقا شديدا باللوحة‏,‏ حيث أدمن زيارة المتحف يوميا‏,‏ أو كل عدة أيام علي الأكثر وقال لي هذا المرشد السياحي الذي حرض اللص علي سرقة اللوحة ودفع له ألف جنيه‏:;‏ كنت أحلم بلوحة زهرة الخشخاش ليل نهار‏,‏ حتي بعد عودتي من زيارة المتحف‏,‏ وشعرت بأن حياتي لن تستقيم إلا بوجود هذه اللوحة في حوزتي‏,‏ فالزيارات الخاطفة للمتحف لا تشبع تعلقي بها‏,‏ وهداني تفكيريوالكلام من المرشد السياحي للواء درويش لاستئجار لص محترف وذهب العسال إلي المتحف لمعاينة المكان‏,‏ ورسم خطته لتهريب اللوحة خارج المتحف‏,‏ واصطحبته في سيارتي‏,‏ وكان المتحف محاطا بأسوار حديدية يصل ارتفاعها إلي متر ونصف المتر تقريبا‏,‏ وتمت عملية السرقة بنجاح‏.‏
أما كيف توصل العقيد محمد عبدالنبي من مباحث القاهرة إلي اللص فتلك قصة تستحق أن تروي‏,‏ فقد قرأ العقيد ملفات كل المسجلين خطر ودرس طريقة اقتحامهم للمساكن‏,‏ وتعرف عي طريقة سرقة اللوحة وتهريبها خارج المتحف‏,‏ وتوصل بحسه الأمني إلي اللص الذي سرق اللوحة‏,‏ فاستدعاه إلي القسم‏,‏ وهناك حضر بصحبة ابنته الصغيرة‏,‏ فأمر العقيد عبدالنبي بشراء شيكولاته لها‏,‏ فقال اللص له‏:‏ أقدر أروح البيت دلوقت؟ قال العقيد عبدالنبي‏:‏ هاسيبك تمشي علشان بنتك‏..‏ هنا قرر اللص أمام شهامة الضابط وحسن معاملته له ولابنته أن يعترف بواقعة سرقة اللوحة‏,‏ وأرشد عن المرشد السياحي الذي حرضه علي سرقتها‏.‏ وطلب مني وزير الداخلية أن استعين بعلاقاتي بمسئولي الأمن في الكويت لارسال ضابطي المباحث المصريين كما ذكرت‏,‏ فأجريت اتصالا هاتفيا بالسيد عبداللطيف التويني وكيل وزارة الداخلية الكويتية‏,‏ لتسهيل مهمة الضابطين‏,‏ وقدم لهما وكيل الداخلية الكويتية كل التسهيلات والدعم‏,‏ وذهب الضابطان إلي الكويت‏,‏ بعد أن حملا رسالة مسجلة من المرشد السياحي إلي شقيق المدرس بالكويت‏,‏ الذي قام بتهريب اللوحة البلاد بعد أن نزعها من التابلوه وطواها‏,‏ ثم وضعها في حقيبته الخاصة بين ملابسه‏,‏ وسمع المدرس الرسالة في مصر للتحدث في شأن اللوحة‏,‏ غير أنه لم يستجب‏..‏ وعاد الضابطان إلي مصر في قمة غضبهما ولم تعد اللوحة‏.‏ هنا جاء دوري فالتقيت المرشد السياحي في مصلحة الأمن العام وتم تسجيل اللقاء بالصوت والصورة‏,‏ وخلال هذه المقابلة استطعت استمالة الشاب لكي يتعاون معنا في استرداد اللوحة وإعادتها من شقيقه في الكويت إلي مصر‏,‏ ووعدني الشاب‏,‏ وأبلغت اللواء نبوي اسماعيل بالتفاصيل‏,‏ وطلبت منه أن يعدني بكلمة شرف بعدم تحرير محضر بواقعة سرقة لوحة زهرة الخشاش‏,‏ في مقابل تأمين عودتها إلي مصر بسلام‏,‏ وقد حدث وعادت اللوحة‏,‏ وتم الاتفاق علي تركها في مكان معلوم متفق عليه وتذهب إليه أجهزة الأمن لاستردادها وعادت اللوحة بالفعل‏,‏ ولم يتم تحرير محضر بالواقعة كما وعدني الوزير‏,‏ فقد كانت عودة اللوحة أهم بكثير من أي إجراء‏,‏ فبماذا كان سيفيدنا المحضر أو حبس الشاب لو لم تعد زهرة الخشخاش إلي مصر؟
معايير القبول بكلية الشرطة‏!‏
‏**‏ هذه الأيام‏,‏ تجري اختبارات القبول لراغبي الالتحاق بكلية الشرطة‏,‏ ودائما يتردد الحديث عن اقتران عملية القبول بالكلية بالوساطة والمحسوبية وكروت التوصية‏..‏ فما مدي صحة ذلك؟
لعلك تعلم أن كل الكليات التي تجري فيها اختبارات للقبول يحاول المتقدم إليها أن يؤمن عملية القبول بأي صورة من الصور‏,‏ فيلجأ أحيانا إلي شخصية مهمة تتوسط له لكي يتم قبوله‏..‏ هل يكون للوساطة دور في القبول؟ أولا التزكية توجد إحساسا لدي اللجنة بأن المتقدم محل ثقة من جانب من يزكيه‏,‏ وليس معقولا أن تقوم بتزكية شخص لا يستحق أو غير جدير بمعايير وشروط هذه الوظيفة الحساسة والمهمة‏,‏ وأتحدث هنا عن تجربتي كرئيس لأكاديمية الشرطة علي مدي‏11‏ عاما‏,‏ وأتحدي أي شخص يقول إنه دفع لي جنيها واحدا أو حتي عرض رشوة أو هدية لقبول من لا تنطبق عليه المعايير‏,‏ ولابد أن تعرف أن أكاديمية الشرطة هي جامعة شرطية عصرية بها كل مقومات الجامعة‏,‏ فهناك‏4‏ كليات هي كلية الشرطة وكلية الضباط المتخصصين‏,‏ وكلية التدريب والتنمية‏,‏ وكلية الدراسات العليا حيث تضمن وزارة الداخلية للضابط تأهيل نفسه لكل منصب يشغله‏,‏ وفي سبيل إجادة العمل توفر الوزارة له الإعداد المناسب‏,‏ كما أن كلية الدراسات العليا تمنح ضباط الداخلية الفرصة للحصول علي درجتي الماجستير والدكتوراه في علوم الشرطة‏,‏ وخلال رئاستي للأكاديمية تخرج الكثير من الضباط بكفاءة عالية‏,‏ حتي أن ثلاثة من تلاميذي صاروا وزراء للداخلية فيما بعد‏.‏
وكشف الهيئة الا يفتح الباب للوساطة من أجل القبول بكلية الشرطة كما يردد البعض؟ هذا الكلام غير صحيح علي الإطلاق‏,‏ ففي كشف الهيئة‏,‏ تكون كل المعلومات الخاصة بالطالب متوافرة امام اللجنة‏,‏ سواء المعلومات التي يعرفها الطالب عن نفسه او لايعرفها‏,‏ حتي التفاصيل الدقيقة عن الاخوات وأزواجهن التي تكشف مركز العائلة وكروت التوصية لاتضمن للمتقدم اجتياز كشف الهيئة في الشرطة‏,‏ والتزكية تكون ضمن عشرات المعايير التي يتم أخذها في الاعتبار‏,‏ فهناك تقارير يتم إعدادها عن المتقدم للكلية من جهات أمنية متعددة مثل مباحث أمن الدولة‏,‏ والأمن الجنائي‏,‏ والأمن العام‏,‏ وكل التقارير يتم الأخذ بها عند قبول الطالب او عدم قبوله إذا لم تكن في مصلحة‏.‏
يشهد الجميع بكفاءة جهاز الشرطة في حفظ الأمن والاستقرار والقضاء علي الإرهاب‏,‏ غير أن بعض صغار الضباط يسيئون معاملة المواطنين نتيجة نقص الخبرة‏,‏ فما مدي صحة ذلك؟
لست بحاجة للتأكيد علي أن رجال الشرطة يبذلون أرواحهم فداء لوطنهم‏,‏ وللتأمين والاستقرار‏,‏ وتوفير الأمن الذي ننعم به جميعا علي أرض مصر‏,‏ وان كان بعض صغار الضباط يتجاوزون فهذا له علاقة بالظروف التي يعملون فيها‏,‏ كما أن الضابط يعامل كل الناس بسواسية وهذا لايرضي بعض الخصوم‏,‏ لأنهم لايريدون ان يكون الضابط ودودا مع المشكو بحقهم‏,‏ بل يريدون أن يتخذ الضابط قرارا بحبسهم دون ان يسمع وجهة نظرهم او دون التحقيق والحصول علي أقوالهم‏,‏ وأتذكر هنا حين كنت أدرس في كاليفورنيا للحصول علي درجة الدكتوراه في علم الإدارة العامة‏.‏
كان هناك أستاذ لعلم الاجتماع بالجامعة كلما دخلها وجه اللوم لجهاز الشرطة‏,‏ واتهمهم بالقسوة‏,‏ ونقلت أجهزة الأمن في تقاريرها خطورة هذا الأستاذ علي الأجيال التي يعلمها‏,‏ وحذرت من خطورة تأثير كلامه علي صداقة الشرطة والجمهور‏,‏ وطلبت الشرطة إعادة الأستاذ الجامعي للعمل بالجهاز لمدة شهر‏,‏ فلم يحتمل الاستمرار في المهمة إلا لمدة‏3‏ أيام عندما وقف بنفسه علي طبيعة المهام الشاقة المنوطة برجال الشرطة‏,‏ والمناخ الذي يدفع دائما للتوتر والقلق المصاحب لمكافحة الجرائم‏,‏ ومطاردة المجرمين‏,‏ وأتذكر أيضا أيام كنت أتدرب في قسم شرطة العطارين قبل أن أكون ضابطا‏,‏ حيث فوجئت بمتهم يضرب رأسه بالحائط ويتهم الضابط بضربه‏,‏ ولك أن تتخيل ما تسببه مثل هذه الوقائع وغيرها من ضغوط تجعل بعض الضباط الصغار في حالة فقدان السيطرة علي أعصابهم‏,‏ وإذا كان المجتمع بحاجة إلي حزم حتي لا يتحول إلي غابة‏,‏ فيجب أن يتحلي الضباط بسعة الصدر‏,‏ والهدوء‏,‏ والسيطرة علي أعصابهم ماداموا اختاروا هذه المهمة‏,‏ فكلنا نعرف أن هؤلاء الضباط يعملون في ظروف صعبة علي مدي‏24‏ ساعة‏,‏ كما أنهم يحرمون من الراحات والإجازات حتي أنهم يعملون في الأعياد أكثر من أي وقت آخر‏,‏ هم مجندون لمصلحة الوطن ليل نهار‏,‏ وأنصحهم بأن يتحملوا‏,‏ والحقيقة أن البعض يحاول وينجح‏,‏ والبعض الآخر يتعثر‏.‏
هل تتفق أم تختلف مع من يطالبون بضرورة عودة الإشراف القضائي علي الانتخابات‏,‏ خاصة ان انتخابات مجلس الشعب باتت وشيكة؟ الديمقراطية لها معان ومفاهيم مختلفة من مجتمع لآخر‏,‏ وعند تطبيق الديمقراطية يتفاوت هذا التطبيق‏,‏ ويرتبط بمدي إدراك المواطن وتمرسه علي ممارسة الديمقراطية‏,‏ وفي كل الأحوال نحن نثق في القضاء المصري ونزاهته‏,‏ وحيدته ونؤمن بنظرية الفصل بين السلطات بحيث لا تتدخل أية سلطة في اختصاصات السلطة الأخري ومهام عملها‏,‏ ولا شك أن القضاء سلطة مستقلة‏,‏ وإذا كان الإشراف القضائي يطمئن المواطنين بنزاهة العملية الانتخابية فليكن ذلك‏.‏
والتعديلات الدستورية؟
بداية أؤكد أن الدستور ليس كتابا منزلا‏,‏ وليكن التعديل الدستوري إذا كانت هناك ضرورة لذلك‏.‏
ترك اللواء أحمد رشدي منصب وزير الداخلية منذ سنوات طويلة‏,‏ لكنه لايزال يتمتع بشعبية كبيرة‏,‏ ولايزال محل تقدير من الرأي العام فكيف تري هذا الأمر؟
اتفق معك في أن اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية الأسبق يتمتع بشعبية كبيرة‏,‏ وهو دفعتي‏,‏ كما أنه بطبيعته هادئ وملتزم‏,‏ لكنه في تقديري تصدي لمشكلة المرور ولم يستطع حلها‏,‏ وأؤكد أن هناك مشاكل يمكن أن يتم حلها خلال‏24‏ ساعة‏,‏ طالما كنت مستعدا لدفع ثمن الحل‏,‏ وأضرب مثالا هنا ببعض الدول العربية‏,‏ فالمرور هناك منضبط ولا يواجه أية مشاكل لأنهم يطبقون عقوبة الحبس علي المخالفين‏..‏ والعقوبة سواء علي الجميع مهما كان وضع المخالف المادي أو الوظيفي‏,‏ وبعض الدول عالجت أزمة المرور بغرض الانضباط‏,‏ أما في مصر فأنت إذا طبقت القانون علي الناس بحزم يقولون لك‏:‏ كفاية اللي هم فيه‏,‏ كيف؟ الناس يعيشون ظروفا صعبة‏,‏ والحياة ليست سهلة‏,‏ والمشاكل الحياتية تبدأ من رغيف العيش وحتي المدرسة والمستشفي‏,‏ الحياة صعبة لكن أزمة المرور أزمة سلوكيات بالأساس‏,‏ وقضية كيف يخرج الناس من بيوتهم إلي التاريخ وهم يحترمون النظام والقانون‏.‏
هل كانت كلية الشرطة خيارك الوحيد بعد حصولك علي الثانوية العامة؟ لا‏..‏ فقد كان مجموعي يؤهلني للإلتحاق بكلية الطب التي كانت تقبل الحاصلين علي الثانوية العامة بمجموع يتجاوز‏60%‏ بقليل‏,‏ وكان لي شقيق يكبرني بعامين التحق بكلية الطب‏,‏ وفي تلك الفترة أعلنت كلية الشرطة عن قبول دفعة جديدة‏,‏ وتقدمت إليها‏,‏ وقبلوني قبل أن تظهر نتيجة القبول بالطب‏.‏
ولماذا لم تلحق أبناءك بكلية الشرطة؟
لم ألحقهم بكلية الشرطة احتراما لرغباتهم‏.‏
كيف تفسر زيادة معدلات الجريمة في السنوات الأخيرة في المجتمع المصري؟
معدلات الجريمة زادت فعلا خلال الفترة الأخيرة لأن مفهوم الضبط الاجتماعي لم يعد سائدا‏,‏ ففي المشاجرات الآن تجد ناس بتموت وناس بتتفرج‏,‏ لقد حدث انقلاب في القيم‏,‏ وزمان كان مفهوم العيب قويا‏,‏ وكان هناك الستر والسر‏,‏ لكن الآن كل الأمور ساحت علي بعضها‏.‏
حصاد السنين‏!‏
في أكتوبر من عام‏2003,‏ صدرت الطبعة الأولي من كتاب حصاد السنين للواء دكتور عبد الكريم درويش‏,‏ والذي يتحدث فيه عن نقطة البداية في قريته البرامون مركز المنصورة محافظة الدقهلية‏,‏ عندما ولد في عام‏1926,‏ ثم دراسته الابتدائية‏,‏ والاعدادية‏,‏ والثانوية‏,‏ ثم التحاقه بكلية الشرطة‏,‏ وتخرج فيها‏,‏ حتي بداية عمله كضابط بمركز شرطة منيا القمح‏,‏ وتدرجه في المناصب الشرطية‏,‏ حتي صار رئيسا لأكاديمية الشرطة‏.‏ ويروي اللواء د‏.‏ عبد الكريم درويش في كتابه حصاد السنين أن القبول بكلية البوليس كان يتطلب تزكية من شخصية مرموقة‏,‏ فلجأ والدي إلي نائب الدائرة وقتئذ عبد الجليل باشا أبو سمرة‏,‏ وكان وزيرا بارزا في حزب الأحرار الدستوريين‏,‏ فذهبنا إليه في صيف عام‏1943,‏ وكان يصطاف في الاسكندرية وبالتحديد في كابينة ببلاج سيدي بشر‏2,‏ حيث مجتمع الطبقة الارستقراطية‏,‏ وعلية القوم وقتئذ‏,‏ وقد قابلناه ووعدنا خيرا‏.‏ وقد اجتزت جميع الفحوص والاختبارات المطلوبة بنجاح‏,‏ وحين مثلت أمام لجنة الاختيار المشكلة من قيادات وزارة الداخلية‏,‏ وبينهم حكمدار القاهرة البريطاني الجنسية‏,‏ مال عضو اليمين علي رئيس اللجنة‏,‏ وهمس في أذنه‏,‏ واعتقد أنه كان يردد اسم عبد الجليل باشا أبو سمرة‏,‏ وقبلت في كلية البوليس‏,‏ وفي اليوم التالي أعلنت نتيجة القبول بكلية طب الاسكندرية‏,‏ وقبلت بها أيضا‏,‏ وكان علي أن أختار‏,‏ وبعد حيرة لم تدم طويلا اخترت مصيري‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.