مستثمرون: حوافز الحكومة للقطاع الصناعى تخدم توطين الصناعة الوطنية وتقلل فاتورة الواردات    التزامات مصانع الهواتف المحمولة 9 ملايين وحدة خلال العام الجارى    إسرائيل تنهي حياة رضيع في حضن والدته بالمواصي التي تزعم أنها إنسانية وآمنة وتطالب أهالي غزة بالنزوح إليها    قصف إسرائيلي لسيارة على طريق الخردلي جنوبي لبنان    بعثة بيراميدز تصل مطار القاهرة استعدادًا للسفر إلى السعودية    سلوت يعلن غياب صلاح عن مباراة ليفربول المقبلة    جرافنبرخ: إذا استلم صلاح الكرة نعرف أنه سيقدم تمريرة مذهلة    السكة الحديد: تسيير الرحلة الثامنة عشر لقطارات العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    أكرم فريد يقدم ورشة مجانية للمواهب الشابة في الإخراج ضمن فعاليات مهرجان بورسعيد السينمائي    عشنا 7 سنين صعبة.. كارول سماحة تحكي صراع زوجها وليد مصطفى مع المرض    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تستقبل العام الدراسي الجديد بمنظومة تعليمية متطورة ونخبة من الكفاءات الأكاديمية    جامعة أسيوط تستمر في استقبال الطلاب بالمدينة الجامعية مع انطلاق العام الدراسي الجديد    برايتون يفرض التعادل على توتنهام بمواجهة مثيرة في البريميرليج    بحضور وزير الرياضة.. ختام استثنائي لبطولة CIB المفتوحة للإسكواش الماسية بفوز مصطفى عسل وهانيا الحمامي    اليابان تقرر تأجيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مؤتمر "حل الدولتين" بنيويورك    مصرع ربة منزل سقطت من علو أثناء نشر الغسيل بالقليوبية    التشكيل الرسمي لقمة مان يونايتد ضد تشيلسي في الدوري الإنجليزي    وزير الري يتفقد الموقف التنفيذي ل"مشروع تنمية جنوب الوادي" في أسوان    نورا عبدالرحمن تكشف كواليس مشاركتها في مسلسل "ما تراه ليس كما يبدو"    محمد لطفي يطمئن جمهوره: "أنا زي الفل وما نشر عن حالتي الصحية كذب    رحيل الفنان التشكيلى مجدي قناوي عن عمر 82 عامًا .. وفاروق حسني ينعيه    وزير فلسطيني سابق: إسرائيل لم تعد تتمتع بدعم حقيقي سوى من ترامب    الإفتاء تعلن أول أيام شهر ربيع الآخر لعام 1447 هجريا غدا بعد صلاة المغرب    يحمي من تصلب الشرايين ويعزز صحة العظام، 6 فوائد أساسية للكرفس    طريقة عمل القراقيش سادة ومحشية بطعم أيام زمان    رئيس الجالية المصرية بجدة: زيارة وزير الخارجية إلى المملكة تعكس متانة العلاقات التاريخية    مواقيت الصلاة في المنيا اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا تعرف عليها..    الأقصر تستعد لتنفيذ تجربة «صقر 162» لمجابهة الأزمات والكوارث    فستان جريء.. كيف نسقت نيكول سابا إطلالتها في أحدث ظهور؟    حملات موسعة لإزالة الإشغالات واستعادة المظهر الحضاري بشوارع الزقازيق    سؤال برلماني لوزير التعليم بشأن تطبيق نظام البكالوريا.. ويؤكد: أولادنا ليسوا فئران تجارب    فيديو قديم يُثير الجدل بالشرقية.. الأمن يكشف كذب ادعاء مشاجرة بين سيدتين    تحذيرات من النظر.. كسوف جزئي للشمس غدا الأحد (تفاصيل)    القسام تنشر صورة "وداعية" للأسرى الإسرائيليين    محافظ الأقصر يكرم عمال النظافة: "أنتم أبطال زيارة ملك إسبانيا" (صور)    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    أكاديمية الشرطة تنظم دورة لإعداد المدربين في فحص الوثائق    لتحسين البنية التحتية.. محافظ القليوبية يتابع الانتهاء من أعمال رصف الطرق بمدن المحافظة    بهدية صلاح.. ليفربول يتقدم على إيفرتون في الديربي    بالصور.. السفير بسام راضي يفتتح الموسم الثقافي والفني الجديد للأكاديمية المصرية بروما    إحالة رمضان صبحي للمحاكمة الجنائية بتهمة التزوير داخل إحدى لجان الامتحانات    "بحضور لبيب والإدارة".. 24 صور ترصد افتتاح حديقة نادي الزمالك الجديدة    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    المجلس التنفيذي لمحافظة أسوان يوافق على تخصيص أراض لإقامة مشروعات خدمية وشبابية وتعليمية    ترامب: نجري محادثات لاستعادة قاعدة بغرام بأفغانستان.. وإعادة تأسيس وجود عسكري أمريكي صغير هناك    وزير الصحة: توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الطبية    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    وزير الصحة يبحث مع مسئولي هواوي التعاون في التكنولوجيا الطبية    محيي الدين: مراجعة رأس المال المدفوع للبنك الدولي تحتاج توافقاً سياسياً    «الداخلية»: ضبط 3 متهمين بالنصب على صاحب محل بانتحال صفة بالقاهرة    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    الرئيس السوري: اتفاق مع إسرائيل بوساطة أمريكية قد يوقع خلال أيام    مدير مدرسة بكفر الشيخ يوزع أقلام رصاص وعصائر على تلاميذ الصف الأول الابتدائي    «التخطيط القومي وجهاز المشروعات» يوقعان اتفاقية مع الأمم المتحدة لدعم الاقتصاد الأخضر    نظر تجديد حبس البلوجر علياء قمرون| بعد قليل    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هاييتي‏..‏ المأساة والفضيحة
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 01 - 2010

أما المأساة‏,‏ فهي كل هذا الفقر والبؤس الموجود في هذا البلد التعيس‏,‏ هاييتي‏.‏ وأما الفضيحة‏,‏ فهي أن يكون هناك تعايش بين مراكز الثراء والغني الفاحش في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وبين هذا الوكر الذي لا ينضب معينه لكل أصناف الذل والقهر والظلم الذي يعرفه التاريخ الانساني‏.‏ تري هل التوتر والتناقض بين هذين المركزين‏,‏ مركز الذل ومركز القوة والثراء هو سبب الزلزال وليس مجرد عوامل الجيولوجيا؟
‏(1)‏
هذا الزلزال فضيحة بكل المعايير‏.‏ فهو أولا‏,‏ لا يزيد في قوته علي‏7.3‏ بمقياس ريختر‏.‏ أي أنه متوسط القوة وفقا للمعايير العلمية‏.‏ ولكن آثاره المتطورة علي شاشات التليفزيون تجسد حلول يوم القيامة بهذا البلد‏.‏ فكل أو معظم المباني في العاصمة أصابها الدمار‏.‏
بل إن ثلاثة أرباعها أصبحت في خبر كان‏.‏
حتي قصر الرئاسة‏,‏ الذي يطلقون عليه اسم البيت الأبيض‏,‏ تم تدميره‏.‏ هذا علي الرغم من أنه في كل البلاد‏,‏ خاصة الدول النامية والفقيرة‏,‏ عادة يكون قصر الرئاسة قوي البنيان راسخ الأركان بحيث أنه لا يتأثر بسهولة بمثل هذه الأشياء‏.‏
قد يقول قائل‏,‏ إن هاييتي مسكينة‏.‏ فهي لم تتعرض لزلزال منذ نحو‏200‏ سنة‏.‏ فلها كل العذر في ألا تحسب للزلازل حسابا‏.‏ ولكن يبقي‏,‏ أنك لا تستطيع أن تتجنب الإحساس‏,‏ بأن العاصمة‏,‏ وأغلب البلد‏,‏ مشيدة وفقا لما شاهده الناس علي التليفزيونات‏,‏ من ورق كرتون‏.‏ هذا هو التفسير الوحيد لأن يؤدي زلزال متواضع‏,‏ لكل هذا الخراب والهلاك‏.‏ كأنها بالضبط كانت تنتظر نفخة لكي تطير‏.‏
أيضا‏,‏ لا يستطيع المشاهد إلا أن يستدعي إلي ذاكرته‏,‏ وهو يري كل هؤلاء الجياع العراة الذين يتقاتلون علي لقمة خبز أو حفنة أرز ويتزاحمون علي سيارات الأغاثة‏,‏ وإلا أن يتذكر المشاهد المماثلة للجوع الإفريقي في الصومال وإثيوبيا والكونجو الخ‏..‏وحتي في بنجلاديش هل يمكن أن يحدث هذا كله علي مرمي حجر من واشنطن‏,‏ عاصمة الثراء والقوة والنفوذ؟ وتحت ذقن ولاية كاليفورنيا‏,‏ حيث يوجد الجاه والمال بلا حساب؟
‏(2)‏
هذه المشاهد أيضا‏,‏ لا يمكن أن تمر دون أن يتذكر الأنسان ما جري في مدينة نيو أورليانز التي تقطنها أغلبية سوداء عندما ضربها اعصار كاترينا المتوحش‏.‏ فهذا الأعصار كشف عورتها‏.‏ وأظهر مستويات من الفقر والبؤس والقهر كان من المتعذر تصورها‏,‏ خاصة في الولايات المتحدة عاصمة العالم الاقتصادية والسياسية والثقافية‏.‏
ولن ينسي المرء مذيعة محطة تليفزيون سي‏.‏ بي‏.‏ إس الأمريكية التي اتصلت فور وصول نبأ الأعصار اليها بأبيها وأمها في المدينة فلم تجدهما‏,‏ فاتصلت بجيرانهما فأبلغوها بأن الأعصار دمر منزلهما ولم يعد له أثر‏.‏ فانتقلت فورا بطائرة هليكوبتر إلي المدينة وتوجهت إلي موضع البيت وأخذت تبث ارسالا حيا مباشرا من المكان عن الكارثة وهي غارقة في المياه‏.‏
وهذه الصحفية قلبت الدنيا رأسا علي عقب بهذه الرسائل بعد أن حاولت البيروقراطية الأمريكية التعتيم علي حجم الكارثة التي حلت بالولاية وبالمدينة لعدة ساعات حتي ظهرت الفضيحة كاملة‏.‏
لكن إذا كان أهل ولاية لويزيانا والولايات المجاورة قد وجدوا دعما يحفظ عليهم كرامتهم من حكومتهم‏,‏ ومن كل أنحاء الولايات المتحدة‏,‏ فإن أهل هاييتي‏,‏ لم يجدوا شيئا نهائيا‏.‏ فالحكومة لا تستطيع أن تفعل لهم أي شيء‏.‏ كأن الزلزال الذي دمر المنازل في العاصمة‏,‏ وأصاب البلاد بالخراب‏,‏ كأنه قد نسف الحكومة‏.‏ فحتي عندما تري وزير الصحة‏,‏ أو أي مسئول في هذا البلد يتكلم في التليفزيون تنتابك شكوك قوية في هل هذا الرجل طبيب حقا؟ هل هو وزير؟ هل هو المسئول الفلاني فعلا؟
‏(3)‏
الواقع أن هاييتي بلد شديد الفقر لا يتعدي المتوسط العام لدخل سكان الجزيرة أكثر من دولارين في اليوم‏.‏ وهو حد الفقر المطلق‏.‏ ويقولون إنها أفقر بلد في نصف الكرة الغربي‏.‏ هكذا اذن‏,‏ يوجد أفقر بلد في العالم‏,‏ جنبا إلي جنب مع أغني بلد في العالم؟‏!‏
كان المرء يتصور أن أهل هذه الجزيرة التعساء يتعيشون من تكوين فرق موسيقية تغني في الولايات المتحدة والغرب عموما‏,‏ ومن تجارة المخدرات‏,‏ والدعارة‏,‏ وغسيل الأموال‏,‏ وممارسة كل أنواع الجرائم‏..‏ ولكن يبدو أن حجم الثروة المتراكمة من الإجرام والتهريب لا يكفي لرفع مستوي معيشة شعب هاييتي كله وهذا هو المتوقع‏..‏ واذن‏,‏ فالقلة القليلة هي الغنية والغالبية الساحقة هكذا‏..‏ بلا شيء يغطيها علي الاطلاق‏..‏ ولا تجد ما يسترها‏..‏ ولعل هذا هو التفسير الوحيد لهذه الحالة التي يبدو فيها الغرب كله بدءا من الرئيس باراك أوباما وكأنه ضبط متلبسا عاريا دون ملابس داخلية فخرج علي العالم يشن حملة اغاثة وإنقاذ لكي يداري شعوره بالحرج الشديد ويمنع اتهامه بارتكاب ابشع أنواع الإجرام في التاريخ عن طريق افقار واذلال وقهر البشر في هاييتي‏.‏

[email protected]

المزيد من مقالات حازم عبدالرحمن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.