أحد أبرز الإخفاقات لم يكن يتعلق فقط بالفشل فى الغزو، بل أيضًا بخطط الرد التى وضعتها القيادة الجنوبية «المحدال» هو الكلمة العبرية الأيقونية للفشل الاستخباراتى الإسرائيلى فى حرب 1973.. كلمة مؤلمة لدرجة أنهم لا يجرؤون على النطق بها مرة أخرى وكأن التاريخ يعاندهم ويعيد نفسه، وكأنهم لا يتعلمون الدرس. وبدلًا من لجنة «أجرانات» للتحقيق فى فشل مواجهة مفاجأة 1973 تأتى لجنة «تورجمان» للتحقيق فى فشل مواجهة مفاجأة 7 أكتوبر 2023 لتؤكد أنه بالرغم من كل التحذيرات السابقة لم يتمكن جيش الاحتلال من توقع أو مواجهة مفاجأة السابع من أكتوبر!. الجديد فى هذه المرة أن لجنة الفحص والتحقيق كانت عسكرية، تكونت بعد أن أدرك الجيش أن فرصة تشكيل لجنة سياسية كلجنة أجرانات شبه منعدمة فلجأ إلى تشكيل العديد من لجان التحقيق التى لم تثبت كفاءة فى عملها، فكان تشكيل لجنة تورجمان فى أبريل الماضى المؤلفة من 14 عضوًا لتصبح لجنة عسكرية عليا تفحص عمل لجان الجيش المتعددة. تشكيل هذه اللجنة أشعر رئيس الأركان زامير وآخرين فى جيش الاحتلال بأن الثقة بتحقيقات الجيش قد تزعزعت إذ «ليس من المعتاد فى الجيش مراجعة التحقيقات، فهى بمثابة الأكسجين الذى يغذى جيش الاحتلال ويبرر جرائمه ويشرعنها». لقد أظهرت هذه التحقيقات فسادًا فى ثقافة التنظيم فى الجيش الإسرائيلى على مر السنين التى سبقت الحرب، وضعف كفاءة القوات البرية التى ترسخت أيضًا فى قطاعات جيش الاحتلال على مر السنين، وغياب التواصل وأوجه القصور بين منظمات مثل الجيش والشرطة. بالإضافة إلى ذلك، انتقدت لجنة ترجمان بشدة حقيقة أن تحقيقات المنظمات كانت منفصلة عن بعضها البعض، دون تعاون أو إثراء متبادل أو توفير معلومات ذات صلة. وأثبتت أن جيش الاحتلال الإسرائيلى لم يكن يعرف كيف يستعد لحرب مفاجئة، وأنه رغم التحذيرات الاستراتيجية التى وجهها، لم يُغير استعداداته على الحدود! نعم لقد حدث من قبل وطبق الأصل. كذلك انتقدت لجنة تورجمان هيئة الأركان العامة ورئيسها فى نهاية الأسبوع الذى سبق اندلاع الحرب وفى الساعات التى تلت الساعة 6:29، فضلًا عن غياب الحوار بين القادة، فى اتخاذ قرارات سابقة مثل إغلاق الحدود بضربات جوية وتقسيم فرقة غزة إلى عدة فرق مع قادة كبار لكل جزء من الفرقة، وهو ما حدث فى النهاية ولكن مع تأخير لساعات. أحد أبرز الإخفاقات لم يكن يتعلق فقط بالفشل فى الغزو، بل أيضًا بخطط الرد التى وضعتها القيادة الجنوبية: فقد وجد تحقيق ترجمان الرئيسى أن الخطط العملياتية المُعدّة لحالة الطوارئ لم تكن قريبة حتى من توفير ردّ على غزو مفاجئ وواسع النطاق من قِبل حماس. على سبيل المثال، تضمنت خطة هجوم الطوارئ المسماة ب «سيف ديموقليس» القصف الفورى للمقرات الخلفية لحماس والعديد من أنفاق الاقتراب الكبيرة، ولكنها لم تشمل هجمات على الحدود لإغلاق الخروقات والغزوات أو هجمات دعم واسعة النطاق للقوات العاملة بين الإرهابيين والجنود والمدنيين داخل البؤر الاستيطانية والمستوطنات. استطاعت اللجنة أن تتأكد بيقين من أن هذا كان فشلًا منهجيًا لجيش الدفاع الإسرائيلى بأكمله. كما تمكنت من تحديد أسباب هذا الفشل على جميع المستويات. وتوصلت اللجنة إلى ستة عوامل أدت إلى فشل 7 أكتوبر: 1. الفشل الإدراكى - بين الواقع الاستراتيجى والعملياتى وإدراك الواقع فيما يتعلق بقطاع غزة وحماس. 2. الفشل الاستخباراتى - فى فهم الواقع، وفى فهم التهديد، وفى عدم تقديم المعلومات. 3. عدم التفاعل مع برنامج «جدار أريحا». 4. ثقافة تنظيمية وتشغيلية تتميز بأنماط ومعايير تشغيلية رديئة أصبحت راسخة على مر السنين. 5. وجود فجوة كبيرة ومستمرة، على كافة مستويات القيادة والعناصر المهنية. 6. تعطل عملية اتخاذ القرار وممارسة السلطة ليلة 7 أكتوبر 2023.