عندما يقول88% من مشتركي التأمين الصحي إنهم لم يستفيدوا بخدماته خلال عام2010, وذلك طبقا لاستطلاع رأي أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء, فإن ذلك يعني أن هناك خطأ كبيرا في هذا النظام يجب الإسراع بتحديده والعمل علي تلافيه. فالدولة تخصص مليارات الجنيهات للتأمين الصحي ولذلك فإن من المعيب أن يشكو المستفيدون من أن الخدمة ساءت سواء علي مستوي العلاج أو معاملة المرضي أو سرعة الحصول علي الخدمة. ثم إن الأخطر من ذلك, أن الدولة تعتزم مد مظلة التأمين الصحي لتشمل غالبية المصريين, أي أن هذا التوسع الذي يعني تخصيص مليارات أخري من الجنيهات سيكون مصيره عدم الاستفادة منه بل تزايد الشكوي من تردي الأوضاع. وبمعني آخر, فإن التوسع سوف يعني زيادة في تراجع مستوي الخدمة وكأن الدولة ترمي أموالها في بحر الإهمال والفساد والبيروقراطية. ومن هنا, فإن الحاجة أصبحت ملحة لإعادة هيكلة شاملة لنظام التأمين الصحي تأخذ في اعتبارها شكاوي المستفيدين وتضع جدولا زمنيا محددا للتغلب علي المعوقات لإنقاذ النظام من الفشل وعدم الجدوي. ومثل هذه الهيكلة جرت في دول عديدة كبريطانيا التي كانت من أوائل الدول التي أدخلت نظام التأمين الصحي الوطني, فقد دخلت الحكومات المتعاقبة في حرب شرسة لمواجهة البيروقراطية وتردي الخدمة وطول الانتظار من خلال تغيير قواعد العمل واستبدال القيادات وضخ دماء جديدة تكون قادرة علي تجاوز العثرات الحالية. وفي كل الأحوال, فإن نظام التأمين الصحي هو الوسيلة الوحيدة التي تمكن المشتركين, وهم في غالبيتهم من محدودي الدخل, من مواجهة الأمراض وتلقي العلاج, ولذلك فإنه من الضروري ألا تسمح الدولة بمزيد من التراجع في مستوي الخدمة بهذا النظام وأن تضرب بيد من حديد كل من يحاول أن يشوه هذا النظام لمصلحة العلاج الخاص الذي لا تستطيع الغالبية تحمل تكاليفه.