50همس له صول المأمور باسم زوجته. غضب ولم يغضب: اسم الحرمة عيب أن ينطق به إنسان غريب, مهما كانت المبررات. هو نفسه يناديها عندما يكونان في الشارع باسم أحد أولادهما الذكور, يحمد الله ساعتها لأنه أعطاه الولد قبل البنت, يقول: الولد ولد والبنت بنت. كيف ذكر صول المأمور اسمها؟! خفف من غضبه أنها تعمل معه, الكل يعرفها. ويناديها باسمها ويتعامل معها, يأخذ منها الطلبات ويحاسبها.. هل تعمل معه؟ كذاب في أصل وجهه.ربك والحق هو الذي يعمل عندها. لكن من قال ان العين يمكن أن تعلو علي الحاجب. تبخر زعله عندما قال لنفسه لو أنها كانت مستورة في البيت متستتة مثل أي امرأة من مخاليق الله ما كان حضرة صول المأمور قد عرف إسمها ولا تسلل الفرح للسانه من أصله. ولكان الصول فكر ألف مرة قبل نطقه باسمها. 51 أي ذنب جناه في حياته حتي يكتب في دفتره أن يمر بصعاب تهد الجبال إنه مصري واحد من الغلابة متشعلق مثل كل المساكين في رضا ربنا وإن اضطر للاقتراب مما قد يغضبه يكون غضبا عنه ويطلب الغفران من صاحب الخيمة الزرقاء. ويكثر من التردد علي الجامع ولو كانت يده طايلة لأعطي الجوعي والعرايا ولكن لا يده فيها ما يعطيه. ثم أنه أولي بالحسنة وأجدادنا قالوا لنا. اللي يحتاجه البيت يحرم علي الجامع. 52 عاد لزوجته وهو يضرب كفا بكف تعالي يا أم العيال اسمعي. قال لها الكلام وهو في نص هدومه استعان بالله حتي يستطيع النطق به. قال لها ما سمعه من حضرة صول الباشا المأمور من غير مقدمات. خدامة ياندامتي. خبطت صدرها بيدها وهي ترد عليه. أعلي صوت سمعه منها منذ أن تشابكت مصائرهما. سمع الصوتين معا. الخارج من حنجرتها والحادث من خبطة الصدر.. أدرك هول ما قاله من ردة فعلها. يبدو أنه عرف فرحة وما عرفها. قال ما فتح عليه به الرحمن. ولم يعرف كيف يكمل كلامه؟ قالت هي: ولا حتي بيت أكبر كبير في البر. ولأنه احتمي بصمته ولاذ به ولم يستأمن النطق والكلام أكملت فرحة: دا مانزلشي من بطن أمه اللي يناديني يابت يا خدامة. وأرد عليه: نعم يا سيدي. 53 هكذا حسمت فرحة المعركة الدائرة في صدره, لحظتها اكتشف مصري أنه أصبح كمالة عدد, ينطبق عليه ما كان يسمعه من نسوان قريته: ضل راجل ولا ضل حيطة هل تساوي بالحائط إذن؟! حانت منه نظرة للحائط الخلفي للحجز. المياه منتشرة في اعلاه, نشع أكثر منه ماء وبول المتبولين منتشر أسفله, وبقايا براز ناشف مثل الحطب علي الأرض الواصلة للجدار. أحزنته المقارنة بين ظلاله هذا إن كانت له ظلال وظلال الحيطان. استراح عقل باله لما قالته: براوة عليكي بافرحتي. أعجبته الحملة فأكمل وهو يتصنع التصفيق بيديه: يافرحة المحزونين بلع ريقه ولم يكمل: يافرحة البر كله. 54 في الليل راحت السكرة وجاءت الفكرة كما يقولون في الحواديت عاود حضرة صول الباشا المأمور الكلام جاء مثل غراب البين. ومشي مثل الحدأة التي لا ترمي الكتاكيت. قال: هية سكة زي الشعرة. أكمل: ياتودي الجنة. ياتودي النار. حكي: كل واحد عقله في راسه يعرف خلاصه من حق فرحة أن تقول لأ, كما أنه مفروض علي مصري أن يقول نعم. ولكن رفض الخدمة في دار المأمور سبقها بسعادة الباشا الكبير جدا فإن الرفض لن يمكنها من استمرار نصبة الشاي, الموضوع كله مخالفات وعين الحكومة ممكن تغمض بمزاجها: بس لحد إمتي الغميض لحد إمتي..؟! وحضرة الصول قال إمتي خطف ليحرمهم الإحساس بطول الوقت الذي ينتظرهم. أما الخدمة في دار المأمور. أو الباب يوسع لجمل وفي مصر بدل الحجز حجوزات لا عدد لها,. والمحجوزون تلزمهم نصبات شاي. 55 عادت فرحة تزن عليه. ليس أمامهم غير العودة لبلده. أليست له بلد مثل كل مخاليق الله؟؟ ذكرته بالعبارة التي كان يرددها كلما وجد نفسه أمامه حكاية مستعصية الحل من طلع من داره.. اتقل شرفه. وانهد مقداره. نظر للناحية الاخري وهي تردد الموال القديم لمعت عيناها كمن اكتشفت اكتشافا. تاهت ولقيناها. يعودون لبلده وهناك الشرف والمقدار في بلده, هل يجرؤ واحد هناك علي التفكير مجرد التفكير في حكاية أن تشتغل فرحة مرات مصري خدامة؟! 56 أمسك مصري نفسه. قبل أن يفضفض معها. يقول لها: أن سعيدة الحظ من تخدم في البنادر البعيدة. يقول أهلها عند غيابها أنها موظفة وإن قال من يستمع أنها لا تعرف الألف من كوز الذرة يقولون مرة أن العمل في مصنع. وثانية في مشغل. وثالثة في دار حضانة مشرفة أو شغالة زو غفيرة. قلت إيه؟ دار حضانة. يغني من يستمع لحكاية الغائبة: تعالي احضني ياحبيبي. دا ليل الشتا طويل. المزيد من مقالات يوسف القعيد