الفاو: أسعار المواد الغذائية ترتفع للشهر الثاني على التوالي    التقديم الثلاثاء.. الأوراق المطلوبة للتصالح في مخالفات البناء    حرب غزة تشعل جامعات العالم، تعرف على خط سير الاحتجاجات الطلابية    جوميز يمنح 11 لاعبا راحة من التدريبات الجماعية قبل مواجهة سموحة    عاجل.. عودة الأمطار.. «الأرصاد» تحذر من تغير حالة الطقس في الساعات المقبلة    إصابة 12 شخصا في انقلاب ربع نقل بمركز المنيا    المتحدة تطلق حفلات "ليالي مصر" من الدلتا للصعيد    "شقو" يتراجع ويحتل المركز الثاني في شباك التذاكر    البابا تواضروس الثانى يصلى الجمعة العظيمة فى الكاتدرائية بالعباسية..صور    توخيل يلمح لإمكانية استمراره مع بايرن ميونخ    الذهب يرتفع 15 جنيها في نهاية تعاملات اليوم الجمعة    محافظ المنوفية: مستمرون في دعم المشروعات المستهدفة بالخطة الاستثمارية    عضو «ابدأ»: المبادرة ساهمت باستثمارات 28% من إجمالي الصناعات خلال آخر 3 سنوات    الاستعدادات النهائية لتشغيل محطة جامعة الدول بالخط الثالث للمترو    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    أمين اتحاد القبائل العربية: نهدف لتوحيد الصف ودعم مؤسسات الدولة    السفارة الروسية بالقاهرة تتهم بايدن بالتحريض على إنهاء حياة الفلسطينيين في غزة    المحكمة الجنائية الدولية تفجر مفاجأة: موظفونا يتعرضون للتهديد بسبب إسرائيل    حاكم فيينا: النمسا تتبع سياسة أوروبية نشطة    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    نشرة الحصاد الأسبوعي لرصد أنشطة التنمية المحلية.. إنفوجراف    الشكاوى الحكومية: التعامُل مع 2679 شكوى تضرر من وزن الخبز وارتفاع الأسعار    تونس تدخل تعديلات على قوانين مكافحة المنشطات بعد صدور عقوبات ضدها    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    الغندور: حد يلعب في الزمالك ويندم إنه ما لعبش للأهلي؟    تشافي: نريد الانتقام.. واللعب ل جيرونا أسهل من برشلونة    "لم يحدث من قبل".. باير ليفركوزن قريبا من تحقيق إنجاز تاريخي    وزارة الصحة توضح خطة التأمين الطبي لاحتفالات المصريين بعيد القيامة وشم النسيم    برواتب تصل ل7 آلاف جنيه.. «العمل» تُعلن توافر 3408 فرص وظائف خالية ب16 محافظة    كشف ملابسات واقعة مقتل أحد الأشخاص خلال مشاجرة بالقاهرة.. وضبط مرتكبيها    إعدام 158 كيلو من الأسماك والأغذية الفاسدة في الدقهلية    خلعوها الفستان ولبسوها الكفن.. تشييع جنازة العروس ضحية حادث الزفاف بكفر الشيخ - صور    أبرزها فريد خميس.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدا في الجمعة الأخيرة من شوال    نعم سيادة الرئيس    تعرف على توصيات مؤتمر مجمع اللغة العربية في دورته ال90    لأول مرة.. فريدة سيف النصر تغني على الهواء    في اليوم العالمي وعيد الصحافة.."الصحفيين العرب" يطالب بتحرير الصحافة والإعلام من البيروقراطية    عمر الشناوي ل"مصراوي": "الوصفة السحرية" مسلي وقصتي تتناول مشاكل أول سنة جواز    مواعيد وقنوات عرض فيلم الحب بتفاصيله لأول مرة على الشاشة الصغيرة    دعاء يوم الجمعة المستجاب مكتوب.. ميزها عن باقي أيام الأسبوع    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة.. فيديو    خطيب المسجد الحرام: العبادة لا تسقط عن أحد من العبيد في دار التكليف مهما بلغت منزلته    مديرية أمن بورسعيد تنظم حملة للتبرع بالدم بالتنسيق مع قطاع الخدمات الطبية    بعد واقعة حسام موافي.. بسمة وهبة: "كنت بجري ورا الشيخ بتاعي وابوس طرف جلابيته"    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    خطبة الجمعة اليوم.. الدكتور محمد إبراهيم حامد يؤكد: الأنبياء والصالحين تخلقوا بالأمانة لعظم شرفها ومكانتها.. وهذه مظاهرها في المجتمع المسلم    دليل السلامة الغذائية.. كيف تحدد جودة الفسيخ والرنجة؟    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    محافظ المنوفية: 47 مليون جنيه جملة الاستثمارات بمركز بركة السبع    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أحمد كمال أبو المجد: التعديل الدستورى لابد أن يكون واردا
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 08 - 2010

حين يكتب ، لابد أن تقرأ كلماته بروية.. وعندما تشاهده على الفضائيات، يجب أن تنصت إليه.. واذا حاورته، فلا مفر من اليقظة. لأنك سوف تحتار من أى منطقة تبدأ هل تحاوره بصفته وزير إعلام سابق فى حكومتى عزيز صدقى ، وعبد العزيز حجازى ( 1971- 1975)، فتسأله عن رأيه فى أداء الحكومة الحالية، وفلسفة التغيير الوزاري، وفوضى الفضائيات، أم تناقشه فى أسباب الأزمة بين القضاة والمحامين لأنه كان وكيلاً للنائب العام فى بداية حياته الوظيفية، أم تفتح معه ملف مياه النيل كأستاذ قانون، وقاض ، ومحام دولى له وزنه، وخبرته.. أم تناقشه فى السياسة وشئون الأحزاب كمفكر، ومثقف.. أم تطلب منه الحديث عن تجربته فى المجلس القومى لحقوق الإنسان لأنه كان يشغل منصب نائب رئيس المجلس، أم تسأله عن جماعة الإخوان المسلمين كمتابع لأفكارها.. أم تسأله كمواطن عن أزمة المرور، وغلاء الأسعار، وفوضى الشارع المصري!
فى الحقيقة.. فعلنا كل ذلك، واقتحمنا معه كل هذه القضايا الشائكة
كيف ترى الأزمة الأخيرة بين القضاة والمحامين؟
الأزمة بين القضاة والمحامين، تعكس- في رأيي- خللاً، وتراجعاً في الشخصية المصرية، كما تعكس فكرة أن الكثرة حاربت الجودة، والخلل في العادة يكون بمثابة الفيروس الذي إذا أصاب الدورة الدموية، دخل سائر الجسم دون استئذان، وأريد أن أقول إن للقضاء الواقف كرامة، وللقضاء الجالس هيبة وهذه من تلك، فليحافظ كل طرف على هيبة الجهة التي ينتمي إليها ولست بحاجة للتأكيد على أن القضاء، والنيابة، والمحاماة يشكلون مثلث العدل في مصر، الذي إذا اختل لجأ الناس لأخذ القانون بأيديهم، وتحول المجتمع إلى غابة!..
قبل أكثر من عام ألقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطاباً مستفيضاً في جامعة القاهرة عن تحسين العلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي، والعلاقات العربية الإسرائيلية، وعملية السلام.. فهل أوفى أوباما بما وعد؟
لقد حضرت الخطاب، وأوباما لديه توجهات، وظروف مختلفة، فهو عنده انتخابات تكميلية، ورأي عام ضاغط، ولوبي صهيوني في غاية القوة، وهو لا يعرف كيف يتحرر من هذه الضغوط، في الواقع أوباما وعد فعجز، أما تصريحاته الأخيرة بشأن المقاومة الفلسطينية ، وتأكيده على أن أمن إسرائيل وأمريكا لا ينفصلان، أمر لا يبشر بخير، من الطبيعي أن يتحدث أوباما عن عملية السلام، وفي رأيي الجانب العربي متعاون ونصف، والإسرائيلي متعنت ونصف، لكن الدور المصري مهم جدا في عملية السلام، والقضية الفلسطينية ، لاسيما أن تجاوزات إسرائيل فاقت كل الحدود، والتعامل معها يحتاج إلى وقفة صارمة مع النفس أولاً ومع الغير ثانياً .
كيف ترى أداء التيار الإسلامي بشكل عام، والإخوان على وجه الخصوص ؟
- التيار الإسلامي يحتاج إلى وقفة مع نفسه، وأنا هنا لا أعمم، فلكل حركة خصوصيتها، لكن هناك قضايا مشتركة بينها، والسؤال الذى لابد أن يوجهه كل مشارك فى هذا التيار لنفسه ولجماعته هو: هل أنت تريد أن تكون جزءاً مندمجاً في مجمل الحركة الوطنية؟ أم أنت واقف على الحدود؟ أم خارج الملعب؟.. ثانياً لابد أن يكون الموقف من قضية الديمقراطية، ورفض كل صور العنف بشكل حازم ومفصل، ولا مداورة فيه، وليس مجرد تكتيك مرحلي، والأمر الثالث هو علاقتك بالعالم كله، فالدنيا تتطور، والأولويات يجب أن تتغير، والفكر المطروح في إطار الثوابت العامة يجب أن يتطورأيضاً، وأنا أزعم كمشاهد أن الإخوان نجحوا في أن يجعلوا خطابهم مسالماً وسلمياً، وليس فيه آثار لبقايا عنف، ولكن يلزمهم ثلاثة أشياء: الأول هو الاندماج في مجمل الحركة الوطنية، والثاني هو ألا تكون قدراتهم التنظيمية أعلى بكثير من قدراتهم الفكرية، والأمر الثالث هو أن خطابهم الفكري لابد أن يتجدد، فهم تحت دعوى الاعتصام والاستمساك قد يجمدون أموراً لا تستحق التجميد، لكنها تستحق التغيير، والتطوير ، بغير إبطاء ولا تردد ولا مجاملة لأحد .
لكن.. هل توافق على أن يكون للإخوان حزب سياسي؟
أولا، إذا كانت رسالة الإخوان سياسية خالصة فليكن لهم حزبهم، لكن فكرة أن الإخوان أصحاب مرجعية دينية تحتاج إلى ضبط، ولا أحد يستطيع تحت هذا الستار أن يسمح لهم بإنشاء حزب ديني، فالإسلام لا يعترف بحزب ديني، والصحابة لم يأتوا بحكومة دينية، أردنا أو لم نرد.. والإسلام به شريعة مفصلة لها منهجها ولها أصولها ولها عطاؤها الغزير تاريخياً وحاضراً، ومن الطبيعي أن تكون الشريعة هي المصدر الرئيسى للتشريع، وهذا الوضع لا يمنع من وجود مصادر متممة لها.. واذكر هنا الإمام الشافعي- ونحن لا نزايد عليه فقد كان له مذهب في مصر.. وعندما ذهب إلى العراق في بيئة مغايرة.. وسياق مجتمعي مختلف، أصبح له فقه مختلف، لأن الشريعة وسيلة لتحقيق غايات، وإذا ظهرت وسيلة أكفأ وأكثر قدرة على تحقيق تلك الغايات والمقاصد كانت ذ عقلاً ومنطقاً وديناً أولى بالاتباع، وأتصور أن الإخوان المسلمين بحاجة إلى تثقيف عميق، ومتسارع، وأدعوهم ألا يكتفوا برسائل حسن البنا -عليه رحمة الله- التي عالجت بعض المشاكل الاجتماعية، والسياسية بشكل إجمالي، وهم يحتاجون أيضا إلى قراءة مستمرة، ومناقشات دائمة، وحوارات قوية، وتفاعل مع القوى الأخرى.
كيف ترى تجربة التعددية الحزبية في مصر؟
التجربة الحزبية تعثرت تعثراً شديداً، ذلك أن فرص المشاركة تضاءلت إلى حد كبير، وبعض رجال الأحزاب بدأوا عمليات اشتباك وصراع داخلي مع بعض، فقد وصلت النزاعات على رئاسات الأحزاب إلى المحاكم، وهناك أحزاب في مصر لا تعرف من هو رئيسها، والحقيقة أن الأحزاب مهمشة، وتعيسة، ومنقسمة على نفسها، ولابد أن تتحمل المسئولية عن هذه الأوضاع.. وما يحدث في الأحزاب صورة بالكربون لما يحدث في المجتمع، فقد يختار احد الأشخاص لمنصب وزير النقل، أو التعليم، ويجد نفسه مطالبا بالمشاركة في حل مشاكل لم يسهم في صنعها، أو تأخر البدء في حلها، وتراكمت، وهذه مهمة صعبة، حيث لا ميزانيات، ولا تنسيق مع كل الوزارات، ولا تخطيط كاف، ولا رؤية للمستقبل، فكيف يطلب منه تحقيق إنجازات كبرى فى شهور أو حتى سنوات قليلة .. إنهم وزراء وليسوا سحرة أو حواة .
فليعتذر من لا يستطيع النهوض بمهام وزارته؟
منهم من يعتذر، ومنهم من يقول أمري لله، سوف أحاول.. ومن الظلم الفادح حين يخرج الوزير من منصبه، أنه لا يذكر بخير، ولا يقال له شكراً، وبين دخوله وخروجه من المنصب الوزاري تنسب حسناته إلى غيره، وتنسب سيئات غيره إليه ، والسوابق فى هذا الشأن عديدة وتكاد تكون منهجاً ثابتاً يحتاج إلى مراجعة سريعة وحازمة . وهل حدث ذلك معك بعد خروجك من الوزارة؟
نعم، حدث شيء من ذلك
تم مؤخرا تأسيس الحركة الوطنية للتغيير، والبعض يركب موجة الإصلاح السياسي، فكيف تتعاطى مع مثل هذه الأفكار؟
نحن في أزمة، والأزمة تحتاج دائماً إلى مرونة، ودقة في الحسابات، وأنا ما زلت مصراً على أن التعديل الدستوري لابد أن يكون وارداً، لكن لا أعرف كيف تكون التوقيتات، ولنفترض أننا لم نكن منتبهين عند صياغة المادة 76 من الدستور، فما المانع من أن نراجع أنفسنا، ونصلح ما حدث، والأمر فى تقديرى أكبر من الإصرار على الخطأ إذا وقع .
كيف تفسر اتجاه البعض للانضمام إلى حزب الوفد في الفترة الأخيرة؟
لقد تابعت، وشاهدت تصرفات الوفد، بالذات بعد خروج أباظة، ومجيء البدوي، وقد تم ذلك بشئ كثير من الديمقراطية، وبأداء جيد، والانتخابات تمت بصورة مشرفة، وربما هذا يفسر انضمام البعض للحزب بدمائه الجديدة.
تطالب بعض القوى السياسية بعودة الإشراف القضائي على الانتخابات فإلى أي مدى تتفق، أو تختلف معها ؟
أنا من أنصار عودة الإشراف القضائي على الانتخابات، لأني لا أستأمن جهة أخرى على نزاهتها، إلا إذا أثبتت هذه الجهات أنها جديرة بالثقة! ، وقد يحتاج هذا الإثبات إلى أكثر من تجربة واحدة .
وقعت بعض دول حوض النيل مؤخراً اتفاقية لتعديل حصص المياه، وتجاوزت فى ذلك دولتي المصب، مصر والسودان، فكيف تفسر هذا الموقف على ضوء من القانون الدولي لهذا الإجراء؟
حقوق دولتي المصب (مصر والسودان) في مياه النيل محفوظة، والاتفاقية الأساسية لا يمكن أن يطرأ عليها أي تعديل إلا بموافقة جميع أطرافها، أما غير ذلك فهو أمر يخالف قواعد القانون الدولي ، والمسألة على أي حال معقدة ، ونحن قصرنا طويلاً من الناحيتين القانونية والسياسية .
كنت نائبا لرئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان لمدة 6 سنوات، فهل نجحت في تحقيق مهمتك؟
- حققنا خطوات، لأننا لا نغير أوضاعاً تشريعية فحسب ، وإنما نغير ثقافة سائدة في المجتمع، وشاغلو المواقع هم أبناء هذه الثقافة، والثقافة في مصر تاهت فيها قضية حقوق الإنسان، وتاه معها الوعي بأهمية هذه الحقوق في تحقيق التنمية، والسلام الاجتماعي، وخلال السنوات الست أنجزنا 6 تقارير دورية سنوية شاملة، وأعددنا تقارير في مناسبات معينة، كموسم الانتخابات، والتعديلات الدستورية، ونحن نرسل تقاريرنا إلى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيسي مجلسى الشعب والشورى، كما نخاطب الجهات المعنية في شأن مشاكل المواطنين، وأؤكد أن احترام تقارير المجلس القومى لحقوق الانسان يعزز مصداقية الدولة، ومؤسساتها، في الداخل والخارج ، ومهما ورد بها من نقد حادٍ أحياناً ، فهذا يضيف إلى رصيد الدولة والمجتمع كله من الاحترام والمصداقية خلافاً لما يتوهمه البعض .
طرح الدكتور محمد البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية نفسه على الساحة السياسية في الفترة الأخيرة.. فإلى أي مدى تتفق أو تختلف مع أفكاره؟
- أنا أحترم الدكتور البرادعي، وأقدره، وأوافقه في كثير مما يقول، وقد أكون متحفظاً على أسلوبه، وبعض مقولاته، حين يوضع جنباً إلى جنب مع منافسين آخرين ، ولذلك ليس من حقي أن أسبق الأمور، لكني في النهاية، حزين، وغاضب من الذين تعجلوا الرأي في شأنه سواء كانوا مؤيدين له أو معارضين، وما حدث مع البرادعي يعني أن الأمور عندنا تؤخذ بمنهج غير جاد ولا جدي! ، وأقول، غير لائق.
كنت وزيراً في حكومتين سابقتين، فكيف ترى بعين الوزير السابق أداء الحكومة الحالية ، والتي يصفها البعض بأنها حكومة رجال الأعمال؟
أنا لا أميل إلى تسميتها بحكومة رجال الأعمال، وإن كان منهم عدد غير قليل في الحكومة الحالية ، وأنا بطبعي لا أحب التعميم، لكن هناك صعوبة شديدة في تعريف رجال الأعمال، وأنا شخصياً لم أعََّرف اصطلاح رجل أعمال في حياتي، وهو تعبير غير منضبط ، ولكي أتكلم عن رجل أعمال، لابد أن يكون هناك رجال حقيقيون يستحقون الثقة ، وأعمال حقيقية محددة، أنا فقط أرى بعضهم في غرف الشخصيات المهمة في المطارات، ولديهم طائرات خاصة، لكنك لا تعرف ماذا يفعلون بالضبط، وأنا اعرف أناساً منهم أشرافاً ، مجتهدين غاية الاجتهاد، وأعرف أناساً لا هم من هذا ولا ذاك، وبصراحة شديدة، لا يجوز أن أكون صاحب مصلحة، وأخدمها من موقعي، الدستور ينص صراحة على ذلك، ولكن هناك فرقا بين الدستور النص، والدستور الحي، والنية ركن في التشريع، وإذا فسدت فسد التشريع، وأمكن إلغاؤه أمام المحكمة الدستورية.
ذكرت من قبل أن التغييرات الوزارية تحدث بها أخطاء.. فكيف تفسر ذلك؟
- في مراحل كثيرة، عرفت ذلك، والاستشارات الخاصة بتعيين الوزراء كلها مستعجلة، وبعضها يتم في اللحظات الأخيرة! ، وهذه مأساة .
لكن هناك جهات رقابية تعمل على ذلك، وتقدم تقاريرها بشأن المرشحين لمثل هذه المناصب؟
أولا كفاءة الجهات الرقابية لا تنفى مطلقاً احتمال وقوعها فى الخطأ ، بمعني انه يمكن أن يكون المرشح للمنصب اسمه علي محمد إبراهيم فيأتون بشخص اسمه / علي إبراهيم محمد وبعض الوزراء يأتون نتيجة تشابه في الأسماء ومعنى هذا أن يأتي الوزير إلى المنصب بطريق الخطأ، وأتمنى أن تكون معلوماتى فى هذا الشأن خاطئة !
هل أنت مع ممارسة النشاط السياسي داخل الجامعة أم ضده؟
أولا أنا لم أمارس أي نشاط سياسي داخل الجامعة لأنني كنت مشغولاً في دراستي، لكن المناسبة الوحيدة كانت بعد الهجوم على أمن الشرطة المصرية في الإسماعيلية، وكان ذلك عام 1951، وقامت إدارة الجامعة بتدريبنا ذ تحت إشراف متخصصين- على فك الأسلحة الصغيرة وتركيبها في 6 دقائق، كما دربونا على تفجير نوعين من القنابل: الأولى حارقة واسمها سوسيتا رومانو، والثانية متفجرة، واسمها ميلز 36، والآن لا تستطيع أن تدخل الجامعة ، ومعك انبلة«! ، ومع ذلك لابد أن أسلم بتغير المناخ كله ، وتغير السياق السياسي والأمني الظروف الآن مختلفة، وأفكار الطلاب وتوجهاتهم مختلفة، لقد كنا جيلاً يشعر بالمسئولية ويقدر قيمتها، وأشهد حاليا خروج الطلاب للتظاهر في مناسبات معينة للتنديد بما يحدث في فلسطين، وأنا أتفق مع ذلك، لكني ضد التدخل في انتخابات اتحادات الطلاب في الجامعات بكل صوره، وأشكاله ، لأن في ذلك التدخل قتلاً للشخصية، ووأد لروح المبادرة ، وبغيرهما تهمش القوى الفاعلة والناشطة فى المجتمع كله .
لدينا لجنة رسمية لتحقيق النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد.. فهل تعتقد أن الفساد تحول إلى ظاهرة في المجتمع المصري.. ؟
- قضايا الفساد انتشرت وكثرت ومنكرها يرتكب إثماً كبيراً.. والفساد يحدث فجوة بين فئات الشعب الذين يقدرون والذين لا يقدرون.. وبين الذين ينفقون المال بغير حساب، والذين يتسولون قليل المال لشراء الضروريات.. وفي هذا تهديد للسلام الاجتماعي ، ولذلك من الضروري تفعيل الرقابة، وتطبيق القانون على الجميع في حسم وإصرار.
تقوم عدة وزارات حالياً بدراسة الشخصية المصرية، في رأيك ماذا طرأ عليها من متغيرات تستحق الدراسة ؟
الشخصية المصرية في مفترق طرق، بين اليأس والرجاء، بين الإقدام والإحجام، بين الثقة والشك، كل شيء مهتز، ولذلك نحن بحاجة إلى كتائب مهندسي البناء السياسي، الذين يبنون ، ولا نحتاج إلى كتائب اليائسين الذين يبشرون بسوء الحال، والمآل.. نحن بحاجة إلى صوت شجي، لكنه موضوعي.. والمواطن المصري تائه بين زيادة السكان، ونقص الموارد، وتدني الخدمات الأساسية، وارتفاع معدل التضخم، وأزمة الزحام المروري الخانقة، التي باتت تهدد السلام الاجتماعي، والسياسي، والأمني، ما لم نجد حلولا لها، كما أن الشارع المصري سادت فيه الفوضى، وتحول إلى سيرك، وهل كان أحد يتصور أن تصبح الجزمة - في كثير من المناسبات القريبة - أداة من أدوات التعبير عن الرأي، وبشكل عام ، لو تعلم الناس في المدارس والبيوت ثقافة الاختلاف، وأن الحوار له قواعد وأصول، لما فعلوا ذلك.
وغلاء الأسعار؟
هو كارثة. لكنه من وجهة نظري يرجع إلى جشع التجار، وضعف الرقابة، وبعض الناس يتاجرون على حساب الشعب ، لا سامحهم الله .
لو كنت وزيراً للإعلام الآن كيف كنت ستواجه فوضى الفضائيات؟
أولا، لابد من ترويج ثقافة تُعلي قيمة الحرية، وتُبقي النوافذ مفتوحة، وعلينا أننا نتفق على معايير منضبطة حول الذي يجوز، والذي لا يجوز، وفي تصوري، أصبح كل شيء مستباحاً على الفضائيات، ولذلك لابد من وضع ضوابط للاستخدام التقني يلتزم بها الجميع، وأن يترتب على مخالفات القنوات الفضائية جزاءات، ولو كنت وزيرا للإعلام في هذا العصر لواجهت هذه الفوضى بكل حسم، ويجب ألا يستثنى أحد من ذلك، مهما يكن، على أن تظل الحرية دائماً هى الأصل ، وأن تبقى القيود استثناء مؤقتاً يواجه ضرورات كبرى .
يردد البعض أن تقصيراً قد حدث من جانبكم في قضية سياج الشهيرة فما حقيقة ذلك؟
القضية حساسة، لأن الأرض محل النزاع تقع في منطقة طابا، وهي منطقة حساسة من ناحية الأمن القومي المصري السياسي، والأمني بمعناه الضيق، وموقف مصر فيها كان صعباًً لعدة أسباب، منها أن الأرض التي أعطيت لسياج مساحتها 650 ألف متر مربع، وظلت الأرض معطلة لمدة تتجاوز 11 عاماً، وعندما تم نزعها منه لم تستثمر، كما أن سياج حصلت على 3 أحكام قضائية على الأقل لصالحه من مجلس الدولة، وترتب على ذلك أنه طالب بتعويض قدره 350 مليون دولار، فحكم له بمبلغ 74 مليون دولار فقط، بالإضافة إلى 52 مليون دولار فوائد عن ال11 سنه، والعقود أيضا ليست جيدة، والمحزن أيضا أن عدد الاتفاقيات المشابهة والتى لا تزال نافذة وقائمة يزيد على 140 اتفاقية تتجاوز هذا التحكيم ، وتحتاج إلى وقفة، ويجب أن يعاد النظر في مثل هذه الاتفاقيات ، وأن تراجع صياغاتها، باختصار نحن بحاجة إلى كفاءات بشرية تفهم في هذا المجال.. ويجب إيفاد أشخاص للتعلم والدراسة في الخارج لمدة عامين، ثم يعودون، لكي نعيد صياغة بنود العقود، والاتفاقيات بشكل قانوني سليم، يحفظ حقوقنا، ولا احد يستطيع أن يجادل فيها أمام التحكيم الدولي .. ولا أريد الخوض فى تفاصيل كثيرة تتعلق بتحكيم سياج ، ولكن الله تعالى يعلم أننا أدينا واجبنا كاملاً وزيادة ، ولم يعد الخوض فى التفاصيل الآن جائزاً ، فالأمر أكبر كثيراً من اعتبارات الدفاع عن الذات ، وأنا راضٍ تماماً عن أدائى، وأداء الزملاء الذين شاركونى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.