وقفنا في المقالة السابقة عند سؤال كيف نجد صيغة جديدة لمهنة النشر؟ وقبل إيجاد هذه الصيغة وذلك الحل ينبغي التعرف علي أهمية صناعة مهنة النشر, هذه المهنة التي يمكن تبينها من أهمية الثقافة التي قال عنها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر: بأنه يؤمن بأن إزدهار الثقافة يؤدي في مجال الفكر ما يؤديه التصنيع الثقيل في الصناعة أي أن شأن الثقافة مثل شأن التصنيع الثقيل. وإذا كان نشر الكتاب أهم قواسم المنتج الثقافي أصبحت صناعته من الصناعات الثقيلة...لكن صناعة الكتاب تواجه مشاكل ومشكلات أجملها الأستاذ محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين المصريين في دراسة بعنوان إدارة اقتصاديات صناعة النشر بأنها تنطوي علي جوانب منها: عدم الاهتمام بتنمية عادة القراءة لدي الأفراد, ازدياد ظاهرة الأمية التي تقلل من الكميات المطبوعة, عزوف المتعلمين عن القراءة, تعاظم أجهزة الرقابة وتشددها, اقتصار أغلب المثقفين علي القراءات المتخصصة, تفشي ظاهرة التزوير والاعتداء علي حقوق الملكية الفكرية للمؤلف والناشر, الارتفاع المستمر في كل من أسعار الدعاية بوسائل الاعلام وزيادة الضرائب علي نشاط دور النشر وزيادة تكاليف الشحن, قلة المكتبات العامة, ضعف وتراجع الميزانيات المخصصة لشراء الكتب في المكتبات المدرسية والجامعية, عدم الدراية الكاملة لدي الأفراد وأجهزة الدولة المنوط بها حماية الملكية الفكرية مما يمثل قتلا للإبداع وضياعا للحقوق. وإذا كانت هذه بعض المشكلات التي تعوق صناعة نشر الكتاب فماذا عن الحل ؟ لعل ضرورة التصدي لانتهاك حقوق الملكية الفكرية المتمثلة في القرصنة الورقية والأخري الإلكترونية.. تعتبر من أهم أوجه الحل وذلك بمحاولة تفعيل الحفاظ علي هذه الملكية بعدة طرق منها مخاطبة الجهات الرسمية المنوط بها تنفيذ القانون الخاص بالملكية الفكرية بوزارة الداخلية, ومخاطبة وزارة الخارجية حول وقف مواقع الإنترنت التي تنتهك الحقوق الفكرية خاصة في البلاد الأجنبية, وفي الوقت نفسه يواصل الناشرون والمؤلفون تبليغ اتحاد الناشرين بأي شكل من أشكال القرصنة الورقية أو الأخري الإليكترونية حتي يمكنه التصدي لهذه الانتهاكات وذلك من خلال الملاحقة القانونية, مخاطبة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية حول ضرورة نشر ثقافة الحفاظ علي حقوق الملكية الفكرية لدي أفراد المجتمع, الاستفادة من الوازع القيمي والأخلاقي لمجتمعنا المصري للحد من انتهاكات البعض الذين يمثلون هذه القرصنة, تنظيم مهنة النشر وذلك بانضمام كل من يعمل بها للاتحاد طبقا للقانون حيث لا يجوز لأحد مزاولة هذه المهنة إلا إذا كان مسجلا في اتحاد الناشرين المصريين, تعديل قانون اتحاد الناشرين المصريين الصادر عام1965 ليتلاءم مع التطورات الحديثة في صناعة النشر, وضع نظام للتأمين الصحي والاجتماعي للناشرين والعاملين في النشر, زيادة التفاعل بين اعضاء اتحاد الناشرين المصريين من خلال مشاركتهم في لجان نوعية نشيطة, وجود إتحاد الناشرين المصريين في الهيئات والمؤسسات الرسمية التي تشتغل بمهنة النشر, الارتفاع بمستوي مهنة النشر, واعتبارها مهنة توضع في بيانات الرقم القومي بحيث توضع كلمة ناشر في هذه البيانات شأنها شأن مهنة الطبيب والمهندس والصحفي وغير ذلك من المهن, التعاون الجاد بين المؤلفين والناشرين تعاون بناء يستفيد منه الطرفان واعتبار كل من الإثنين يتعرضان للأضرار إلي جانب تعرض المجتمع لهذه الأضرار, واخيرا تفعيل بعض القضايا الخاصة بصناعة النشر في مناقشات تتم في مقر الاتحاد حتي يمكن تبين طرق الحل السليمة. هذه بعض المشاكل التي تواجه صناعة النشر, وبعض الحلول المناسبة.. ولننتظر لنري ما يفعله إتحاد الناشرين في تشكيه الجديد.