على الرغم من كونها مهنة مهمة جدًا نتعرف من خلالها ثقافات الآخرين من حولنا، وترتقي في بعض الدول إلى مصاف مهن الصفوة إلا أن حالنا في مصر كما هو، فالترجمة في مصر ليست لها قيمة ومعظم العاملين بها يمتهنون بمهن أخرى، ومعظم من يمارسونها يعملون بها علي كونها مجرد وظيفة وليس ابتكار وإبداع "مصر الجديدة" التقت بعدد كبير من شباب المترجمين الذين أكدوا على إهمال الدولة والجامعات المصرية لهم، وأنهم إذا اعتمدوا على الترجمة "مش هيلاقوا ياكلوا" وان معظم الأعمال تكون بالحظ أو بالواسطة وأراء أخرى في السطور التالية.. في البداية طالبَ طاهر البربري – مترجم - بنقابة للمترجمين في مصر، مؤكدا أن الترجمة مهنة لا يمكن أن تتعيش منها، فلم تزل المؤسسات الثقافية الرسمية تتعامل مع الترجمة علي أنها ممارسة فائضة عن الحاجة. وأضاف : لم تزل أسعار الترجمة في مصر منخفضة قياسا بما يحصل عليه المترجم في الخارج كما أنه لا يوجد أي مستوى من مستويات التنسيق بين المؤسسات، أما الهم الأكبر فهو عدم وجود قطاعات في وزارة التعليم العالي أو وزارة الثقافة معنية بإنتاج المترجم، أي إنتاج الكوادر وتدريبها وهو ما يعني أنه لابد من انبعاث كوادر منتظمة للخارج تقوم بمعايشة اللغة المصدر وبالتالي إيجاد مرادفات سليمة وصحيحة في اللغة العربية التي ينقل لها، وانتقد البربري برامج الترجمة في الجامعات، وقال: إذا قمنا بإحصاء عدد المترجمين من الشباب في مصر فهم لا يتعدون أصابع اليدين، ولهذا لا مجال للمقارنة بين عدد الكتب التي تترجمها اسبانيا أو إسرائيل في العام الواحد، و بين عدد الكتب التي نترجمها نحن! مؤكدا علي انه اجتهد في إنتاج روح نص في اللغة العربية بما يوازي روح النص في لغة المصدر، وقام بتبني الترجمة باعتبارها مشروعا ثقافيا خاصًا به. وأضاف الدكتور أيمن عبد الهادي- مترجم كتاب "الأفريقي" لا يوجد معايير يمكن من خلالها الحكم علي جودة ترجمة كتاب ما، لأن المترجم يستقي معلوماته من الأحاديث المتداولة وليس ذلك فقط بل توجد عشوائية في اختيار المؤسسات للمترجمين، فلا نعرف في ظل غياب المعايير الواضحة هل يتم الاختيار بمنطق الواسطة والمعرفة أم بالمبادرات الشخصية أم بالنصوص السابقة التي يترجمها مترجم، وقال: إن قطاعا كبيرا من المترجمين يقومون بالترجمة إلي جانب عمل آخر أساسي، لأن الترجمة عملية مرهقة وتحتاج إلى تفرغ كبير من المترجم، وحتى يتمكن من الإحاطة بثقافة النص المترجم، وما يتعلق بالأديب الذي يترجم عمله وقراءة أعمال أخري سابقة له، مؤكدا على انه يجب أن يتولي ترجمة الكتب الفكرية أساتذة متخصصين في المجال الذي يتناوله الكتاب المترجم، كما أن ترجمة الشعر الغربي يحتاج لقدرة كبيرة علي فهمه و ترجمته بدون أي تدخل. وتري رانيا خلاف- مترجمة- أن التواصل والاقتراب من المجتمعات الأخرى عن طرق الانترنت غير كافية، و لابد و أن يكون هناك دورات تدريبية وورش عمل يتكفل بهما المركز القومي للترجمة لتتيح للمترجمين رؤية الحياة في المجتمعات التي يترجمون إبداعاتها و كتبها، وتؤكد علي أهمية تعرف المترجمين علي مناخ اللغة التي يترجمون عنها و كذلك الإلمام باللغة التي ينقل لها، وشددت علي أهمية حدوث تنسيق ما بين لغة النص الذي يترجم واللغة التي يترجم إليها فإذا كان الأصلي مكتوبا بلغة كلاسيكية فيجب أن يترجم بلغة كلاسيكية و العكس صحيح، كما انه يجب المزج بين الاتجاهين المتعارضين في الترجمة الأول الذي يؤمن بالترجمة الحرفية و الثاني الذي يؤمن بالتصرف في الترجمة و في الوقت نفسه نضيف السياق في اللغة العربية.. ويوضح أحمد عبد اللطيف- مترجم- لم يكن الأمر سهلا علي الإطلاق ما بين عدم حماس دور النشر للتعرف علي كتاب جدد و بين بيروقراطية مشاريع الترجمة حتى توقفت أحلامي التي كانت أكبر من أحلامهم ورؤيتي الرومانسية لأهمية الترجمة والسير فوق جسر يؤدي إلي ثقافة غنية لم تكن تناسب رؤيتهم. ويتابع عبد اللطيف الذي ترجم في سلسلة الجوائز التي تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب: دون أن يصلني أحساس سلبي من هؤلاء الذين يتحدثون فقط دون أن يتقدموا خطوة للأمام؛ وباءت كل محاولات النشر بالفشل ، مسرحيات تنام علي أرفف المشروع القومي للترجمة وروايات في دار نشر خاصة يتردد صاحبها في النشر لعدم شهرة الكتاب ومجموعة قصصية ليست أفضل حالا، وبعد أربعة أعوام كاملة، بعد أن أوشكت علي الإيمان التام بأن الأمور لم تسير أبداً علي ما يرام نشرت مجموعة "ممنوع اللمس" في سلسلة "أفاق عالمية" لكن الأمور عادت كما كانت و نامت ترجماتي علي مكتبي بلا أمل في النشر مدة عامين.