في إطار اهتمامها بطرح الرؤي والأفكار حول القضايا التعليمية، عقدت وزارة التربية والتعليم في الأيام القليلة الماضية، ندوة حول كادر المعلمين بين الحق والواجب وكان من بين المتحدثين فيها دكتور مفيد شهاب، والدكتور صفوت النحاس، وأمين عام نقابة المعلمين، وحضرها لفيف كبير من المثقفين وخبراء التعليم، والمعلمين، وكان لكاتب هذه السطور شرف الدعوة لحضورها، وأدارها دكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم، ومما زاد من ثراء الأفكار المطروحة، العديد من المداخلات والتعقيبات، وحرص المتحدثون علي التوضيح، والدخول في حوار مفتوح مع المتداخلين والمعقبين. ولقد كشفت الندوة عن بعض الأفكار ذات الأهمية بالنسبة لكادر المعلمين، والغرض منه، وما يفرضه من حقوق وواجبات، وبعيدا عن الحسابات الاقتصادية للكادر، وما تحقق منه وما لم يتحقق ووعود المسئولين بالتطبيق، ولكن علي مراحل، وما تفرضه كل مرحلة من متطلبات فنية لابد من توافرها في المعلم، وفقا للمستويات المحددة لمن ينطبق عليه شرط الحصول علي الكادر، والبدلات المعتمدة، وبعيدا أيضا عن الفئات المدرجة في الكادر، وتلك التي لا يزال الخلاف حولها، نقول بعيدا عن هذا وذاك فإننا في هذه السطور نسجل بعض الأبعاد الاجتماعية والتعليمية لكادر المعلمين وما يرتبط بها من حقوق وواجبات للأطراف المعنية بالأمر ويتلخص ما نود طرحه في الآتي: 1- إنه من الخطأ الفاحش اعتبار كادر المعلمين منحة تعطي للمشتغلين بمهنة التعليم، وإنما هو حق تأخر كثيرًا وجدا فمن المعروف أن المعلمين قد عانوا طوال تاريخهم، ولا يزالون من ضعف مرتباتهم عند المقارنة بالمهن الأخري، مع أنهم يقومون بأجل وأعظم مهنة، ولم يعد المعلم مجرد خوجة يقوم بعمله من خلال الطباشير والسبورة، وإنما مهنة التعليم، لها أصولها ومقوماتها الفنية، التي تتطلب الإعداد النظري والتطبيقي، والمعلم هو في حد ذاته مؤسسة ثقافية لنشر الوعي، والارتقاء بالمستوي الثقافي والفكري للمتعلمين، وأيضًا هو مؤسسة اجتماعية بحكم ما هو مطلوب منه -أو المفروض أن يكون هكذا- مشاركا مع مجتمعه، وفي البيئة التي يعمل بها، إلي جانب كونه في الأصل مؤسسة تعليمية تربوية يقع علي عاتقه العديد من المهام التعليمية والتربوية. ولقد بات معروفا وفي كل الاتجاهات العالمية المعاصرة، أنه لا يمكن القيام بأية عملية تطوير منشودة بدون وجود معلم كفء، قادر علي ترجمة أهداف التطوير إلي واقع ملموس.. وفي هذا الصدد لابد من الإشارة، والإشادة بما نصت عليه الوثائق المنظمة لهذا الكادر من أن الهدف من الكادر ليس لزيادة رواتب المعلمين فحسب، بل إقرار منظومة متكاملة من الاهتمام، يتمكن المعلم من خلالها من الترقي إلي مستويات مهنية أعلي في ضوء قدراته ومهاراته. 2- من هذا المنطلق فإن كادر المعلمين بات أمرا ضروريا لتحسين الوضعين الاجتماعي والاقتصادي للمعلم، إلي جانب الارتقاء بمستواه المهني لما يفرضه هذا الكادر من متطلبات علمية ومهنية لابد من توافرها في المعلم. 3- من المهم جدًا - وكما سبقت الاشارة - ضرورة الأخذ في الاعتبار أن الكادر ليس غاية في حد ذاته وإنما وسيلة لتحقيق غايات اسمي وأجل وهي تطوير التعليم المصري. بمعني أنه ينبغي علي كل المهتمين بهذا الموضوع عدم التعامل مع الكادر بالمنظور الاقتصادي فحسب، وإنما التعامل معه بمنظور أعم وأشمل يأخذ في اعتباره كل الأبعاد الاجتماعية والتعليمية. 4- من هنا تتكشف أهمية التأكيد علي حق المعلم علميا ومهنيا واجتماعيا، وتوفير البيئة والمناخ المناسب لاستثمار قدراته. وامكانياته بأعلي درجة من الكفاءة، كما أن من حقه التمتع بحريته ليس فقط كمواطن، وإنما كمعلم يقوم بالعديد من الأدوار التي تفرض توافر هذه الحرية. وفي الوقت نفسه فإن علي المعلم واجبات والتزامات تجاه مهنته وبكل ما تفرضه من قيم وأخلاقيات،تجاه مؤسسته التي يعمل فيها، ومجتمعه الذي يعيش فيه. 5- كما أن لمهنة التعليم حقها الذي ينبغي علي المسئولين الحفاظ عليه، ويتمثل هذا الحق - أولاً - في احترامها، وحمايتها من الاهانات التي تلحق بها من جانب الدراما التليفزيونية أو السينمائية، أو من جانب من يلتحق بها من الضعاف علميا وأخلاقيا، هنا يأتي ثانيا، ويتمثل في ألا يلتحق بها إلا خريجو كليات التربية بنظاميها التكاملي والتتابعي، ويقصد بالاعداد التكاملي - وكما هو معروف - قضاء الملتحق بكليات التربية مدة أربع سنوات دراسية بعد الحصول علي الثانوية العامة، أما الاعداد التتابعي، فيتم من خلال كليات التربية لمدة عام أو عامين، من خريجي الكليات الأخري النظرية والعلمية، وهذا يعني ألا يكون الباب مفتوحًا لأي فرد ولو كان مؤهلاً تأهيلا عاليا للعمل بمهنة التدريس.. وهذا يفرض اعادة نظام تكليف خريجي كليات التربية، والذي كان سببا في ارتفاع مجاميع الملتحقين بها من الحاصلين علي الثانوية العامة، بل وكانت تعتبر من بين ما يطلق عليه كليات القمة العديد من الأبعاد الاجتماعية والتعليمية، لكادر المعلمين، وعشرات المتطلبات الواجب توافرها ليصبح هذا الكادر وسيلة فعالة وناجعة في الارتقاء بمستوي المعلم، وبالتالي تحقيق التطوير المنشود لتعليمنا المصري.