الأصل فى الأحزاب السياسية هو «معارضة السلطة» فى محاولة للوصول إليها، باعتبار أن الحزب سلطة جزئية تواجه سلطة كلية يملكها حزب سياسى آخر يطلق عليه حين يتولى الحكم «حزب السلطة»، لذلك يقصر البعض على الأحزاب دور المعارض السياسى مغفلا بقية الأدوار لهذا يطرح السؤال نفسه: ما دور الأحزاب السياسية هل هو المعارضة فقط أم تشكيل نظام حكم وبالتالى تأسيس حياة شعب؟، وهل الحزب يجب أن يدور فقط فى فلك السياسة فلا يخرج إلى مجال آخر؟، وهل الأحزاب السياسية المصرية تهتم بالثقافة فى برامجها أم تتجاهلها وما رؤيتها إلى الثقافة إن وجدت بها؟، وهناك سؤال آخر ملح: هل الحزب من الأساس لابد أن يكون له دور ثقافى أم دوره يقتصر فقط على المعارضة السياسية؟! قبل قراءة بعض برامج الأحزاب السياسية المصرية لنكتشف مدى رؤيتها للثقافة لابد أن نشير هنا إلى كتاب مهم كتبه الشاعر الإنجليزى الكبير ت. س. إليوت تحت عنوان « ملاحظات نحو تعريف الثقافة» فهذا الكتاب يعرف بشكل واضح معنى الثقافة إذ يقول إن معنى الثقافة فى الكلمة culture معنى مجازى انتقلت إليه الكلمة من المعنى الحسى الأصلى وهو معنى الزراعة أو التربية، كما تستعمل لما يقوم به البكتريولوجى من «زرع» الميكروبات ونحوها. ونظير ذلك أن كلمة «الثقافة» فى العربية مجاز مأخوذ من تثقيف الرمح أى تسويته ويقصد بها تهذيب الشىء وإصلاحه، ولذلك لا يجب أن نقصر «الثقافة» على فعل القراءة أو الكتابة ونغفل معناها الأصلى وهو تهذيب النفس وإصلاحها. ونستعرض فى السطور التالية بعض برامج الأحزاب السياسية فى مصر وقد اختارنا أحزاب: الوطنى الديمقراطى، والغد الليبرالى، والجبهة الديمقراطية، والتجمع التقدمى الوحدوى، والوفد فضلا عن قراءة برنامج حزب الإخوان المسلمين والذى من خلاله نتعرف على مدى قوة فكرة ارتباط الثقافة بالدين، وهى فكرة لا يمكن إنكارها، ولعل رأى إليوت مناسب جدا لاستعراض ذلك البرنامج الذى قدمته جماعة الإخوان إلى المجتمع المصرى منذ سنتين، إذ يرى إليوت وفقا لكتابه أن الدين مكون أساسى ومهم من مكونات الثقافة، ولذلك يغيب عنا الاندهاش من اهتمام الإخوان بالجانب الثقافى فى برنامجهم السياسى المكتوب بتوجه دينى. تشجيع الانترنت نبدأ بالحزب الوطنى الديمقراطى «حزب السلطة» الذى عقد مؤخرا مؤتمره السادس تحت عنوان «من أجلك أنت» والذى أثير فيه جدل حول أهمية دعم الهيئة المصرية العامة للكتاب، وبأسلوب إنشائى فقير يقول برنامج الحزب والذى قدم مرة أخرى فى انتخابات مجلس الشعب عام 2005 إنه: «يؤمن بأهمية البعد الثقافى فى عملية التنمية، وحق المواطن المصرى فى الحصول على الخدمات الثقافية التى تساهم فى تشكيل عقله ووجدانه. ويتبنى الحزب الترويج للثقافة التى ترسخ قيم المنهج العلمى، والحوار، والتسامح، واحترام الاختلاف والتنوع الثقافى والفكرى، ونبذ العنف، والحفاظ على الهوية الوطنية والانفتاح على ثقافات العالم». ثم يؤكد الحزب أنه يتبنى عدة سياسات لتحقيق المزيد من التنمية الثقافية، وعدد البرنامج نقاط أهمها: توفير الكتاب للمواطن بسعر مناسب، وتشجيع حركة التأليف والنشر والترجمة. وترجمة ألفى كتاب فى السنة، وإتاحتها بأسعار اقتصادية، ونشر خدمة الإنترنت دون خط تليفون، وتشجيع الشركات العاملة فى هذا المجال على تقديم هذه الخدمة، وتطوير دور الهيئة العامة للكتاب، ومساندة دورها فى نشر وتسويق الإبداعات المصرية، وقيادة حركة واسعة للترجمة من وإلى اللغة العربية، وتشجيع نشر إبداعات الشباب، وتطوير المكتبات العامة وتزويدها بأحدث المطبوعات ووسائل المعرفة الحديثة، ودعم التوجه نحو اللامركزية فى النشاط الثقافى لوزارة الثقافة، وتطوير قصور وبيوت الثقافة وتحويلها إلى مراكز للإشعاع الثقافى بالمحافظات. ثم يتطرق البرنامج إلى نقاط أخرى مرتبطة بالجانب الثقافى مثل التوسع فى إنشاء دور العرض المسرحى والسينمائى وقاعات الفنون التشكيلية بالمحافظات. وتشجيع إنتاج وتسويق الفيلم المصرى، ومواجهة المشاكل التى تعوق تحقيق ذلك. ويلاحظ أن برنامج الحزب الوطنى هو الوحيد بين كل الأحزاب القابل للتنفيذ؛ لأنه حزب السلطة الذى يملك ويحكم، ولكن بنظرة سريعة على كلام البرنامج الإنشائى والذى لا يخرج عن دائرة الوعود وافتقاد الرؤية الثقافية نجد أنه لم ينفذ مثلا وعوده فى تشجيع حركة التأليف والنشر والترجمة فضلا عن تطوير المكتبات العامة وتزويدها بأحدث المطبوعات ووسائل المعرفة الحديثة. ونجئ بعد ذلك إلى برامج الأحزاب الأخرى فيما يخص الجانب الثقافى وهى برامج حالمة وطموحة ولكن لا يمكن تطبيقها بالكامل؛ لأنها ببساطة أحزاب ضعيفة وغير فاعلة فى المجتمع المصرى فضلا عن أن بعضها مكبل بقوانين فى ظل سيطرة جهات لا تريد لأى نهضة، وخاصة النهضة الثقافية، أن تحدث فى مصر. انسحاب الدولة برنامج حزب الجبهة الديمقراطية وهو الأحدث بين الأحزاب المصرية اعتمد على تعريف منظمة اليونسكو للثقافة لكتابة برنامجه عن السياسة الثقافية إذ يقول البرنامج: «وعندما نهتم فى الحزب بقضية الثقافة فى مصر، فإننا نقصد جانبين أساسيين: الجانب الاول، هو الثقافة كأحد مقومات الشخصية المصرية والتى ترتبط وتتشكل بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السائدة فى المجتمع. والجانب الثانى، هو الثقافة كمنتج مصرى، بل إنها على رأس المنتجات المصرية، بأشكالها الفكرية والأدبية والفنية التى رسخت مكانة مصر إقليميا وعالميا». وتحت عنوان أهداف الحزب جاءت التنمية الثقافية فى الرقم السادس والتى يراها الحزب أنها تشمل جميع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التى تميز مجتمعا بعينه أو قوى اجتماعية بعينها، وتشمل: الفنون والآداب وطرائق الحياة، كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان والقيم والتقاليد والمعتقدات. ويرى برنامج الحزب أن الثقافة المصرية شهدت تدهورا غير مسبوق فى العقود الثلاثة الأخيرة ارتبط ليس فقط بالانتشار المشين للأمية، وسط ظروف اقتصادية اجتماعية وسياسية بائسة، وإنما أيضا بتدنى وتشتت الرسائل الثقافية التى يتلقاها المواطن المصرى اليوم من المصادر الثقافية المختلفة، مثل أجهزة الإعلام، والدعاة الدينيون فى المساجد والكنائس، والمؤسسات التعليمية، والوسائط والأجهزة الثقافية مثل السينما والمسرح. لقد انعكس هذا التدهور على الحالة الثقافية للإنسان المصرى، على نحو مقلق ومخيف، وتكالبت ظروف الفقر، والاستبداد، والفساد لتنشر حسب البرنامج وسط ملايين الشباب قيم التفاهة، والسطحية، والخرافة، والسلبية، والفردية، والعزوف عن العمل الجماعى!، كما تسود الآن فى مصر حالة من تدنى المعارف العامة وهشاشها لدى الغالبية العظمى من المواطنين، وتنتشر الخرافات، ويختفى تقريبا المنطق العلمى وانعكس ذلك الوضع البائس على سلوكيات المواطن المصرى وأولوياته،بل وعلى أنماط مأكله وملبسه. بعد ذلك يشرح البرنامج أسباب ذلك فيؤكد أن فى مقدمة هذه الأسباب على الاطلاق، يقع ما يمكن تسميته «انسحاب الدولة» من القيام بوظيفتها الثقافية المفترضة، أى رسالتها التنويرية. ولمواجهة ذلك التدنى وضع برنامج حزب الجبهة عدة حلول أولها نشر الحرية والديمقراطية قيما وسلوكا، بما يسمح بالتغيير الجذرى للرسالة الإعلامية، وللرسائل الثقافية المختلفة، وللخطاب الدينى، والمناهج التعليمية والانتقال من ثقافة الاستبداد إلى ثقافة الحرية، وضمان إحساس المثقفين بتحقيق ذاتيتهم فى المجتمع، وذلك بتهيئة المناخ الثقافى، بحيث يشعر المثقف أنه يعمل لصالحه، كما يعمل لصالح المجتمع فى نفس الوقت، وإنشاء أجهزة لرعاية الفنون والآداب من غير إثارة الشعور بالتسلط أو السيطرة الشمولية. ثم حاول البرنامج الربط بين الثقافة بمفهومها المقصود به «أسلوب حياة» وتأصيل ثقافة الديمقراطية والاعتماد على التفكير العلمى واحترام التعدد الثقافى وتعزيز ثقافة المستقبل. ويربط برنامج حزب الجبهة مثل بقية الأحزاب ما بين التعليم والثقافة إذ تؤكد جميعها العلاقة العضوية بينهما، والتى لا يستطيع أحد إغفالها حيث يخلق تدنى التعليم مستوى هشا من الثقافة. تخفيض سعر الكتاب أما حزب الغد الليبرالى فيقدم برنامجه الحزبى بشكل عملى إذ لا يكثر من الكلام الإنشائى، ووضع خطوات وحلول عملية للنهضة الثقافية، وتحت عنوان «الكتاب» يقول البرنامج إنه يعد من أكثر وسائل الثقافة تأثيراً، لذا دعا الحزب إلى العمل على تطويره وتسهيل الحصول عليه، وذلك من خلال الارتقاء بمستواه من حيث طباعته وإخراجه، بما يتناسب مع التطور الهائل فى أدوات الاتصال الأخرى، فضلاً عن انتشار مصادر الثقافة الإلكترونية، والعمل على تخفيض سعر الكتاب من خلال إعادة النظر فى الرسوم الجمركية المفروضة على مستلزمات الطباعة والأحبار، وتنظيم المهن المرتبطة بالكتاب مثل: الترجمة والطباعة والنشر والتوزيع، بوضع إستراتيجية مستقبلية للترجمة، وإنشاء قاعدة بيانات للأعمال المترجمة والمترجمين فى مصر، فضلا عن تشجيع تصدير الكتاب المصرى إلى الخارج، من خلال التوسع فى ترجمته إلى اللغات الأجنبية، وفتح أسواق جديدة أمامه، واتخاذ جميع الإجراءات التى تكفل حماية الكتاب المصرى من السرقة والتزوير. كما طالب الحزب بزيادة عدد المكتبات العامة فى كل المحافظات، مع مراعاة نظم الحفظ والصيانة المخزنية للمخطوطات والوثائق، والاهتمام بإنشاء مكتبات عامة فى المدن الجديدة، وتحقيق التكامل والربط بين المكتبات العامة ومراكز المعلومات، بحيث يتم التنسيق بين مكتبات مصر كلها لتصب فى شبكة معلومات واحدة. وأفرض البرنامج الحديث عن السينما والمسرح ووضع لهما بعض المطالب منها: تشجيع صناعة السينما من خلال إقرار إعفاءات جمركية على استيراد الأدوات اللازمة لها، ومنح المزيد من الحوافز التى تشجع دخول المستثمرين فى هذه الصناعة، والتوسع فى إنشاء دور العرض السينمائى والارتقاء بمستواها، والإسراع بإصدار تشريع لحماية تراث السينما المصرية، بما يتضمنه ذلك من إعداد نيجاتيف بديل من جميع الأفلام المصرية، واتخاذ الإجراءات اللازمة فى مواجهة سرقة الأفلام أو أى محاولة لتدميرها أو تهريبها إلى الخارج، وزيادة العناية بالمسرح الجامعى والمدرسى باعتبارهما من الركائز الأساسية لأية حركة مسرحية حقيقية. خطوات عملية وكما فعل برنامج حزب الغد وضع أيضا برنامج حزب الإخوان المسلمين «تحت التأسيس» بعض الخطوات العملية فيما يخص الجانب الثقافى فى برنامجه السياسى ولكنه اختلف مع بقية الأحزاب فى توضيح رؤيته للثقافة المصرية التى ترتبط بالثقافة العربية والإسلامية ولا تنفصل عنهما حيث يؤكد البرنامج فى مبادئه وتوجهاته وتحت عنوان البناء الثقافى والنهضة الثقافية: إن الثقافة هى المرآة التى تعكس هوية المجتمع وقِيمِه وإرثه الحضارى وعند إمعان النَّظر فى خصائص الثقافة المصرية نجد أنَّها تتشكَّل فى الهوية الإسلامية والثقافة الإسلاميَّة المعبرة عن إرث هائل من الفنون والآداب، والتى شكلت فى مجملها الوجدان المصرى دونما تفريق بين أبناء الوطن الواحد؛ حيث امتدت تأثيرات الإسلام فى كل مفردات العمليَّة الثقافيَّة بحيث طبعت بسماتها المجتمع المصرى كله. وهنا علينا التأكيد على أن الحضارة الإسلامية مثلت وعاءً جامعا للجماعة المصرية، ضم ميراثه الحضارى وأعرافه وتقاليده، فى إطار القيم الإسلامية، دون إلغاء لدور المسيحية الذى مثل مرحلة من التاريخ المصرى، ودون تذويب لتمايزات ثقافة المسيحيين. فالبعض يتصور أن الانتماء للحضارة الإسلامية يلغى التاريخ المصرى السابق لها، كإرث حضارى إنسانى، أو يلغى دور المسيحية فى التاريخ المصرى، أو يلغى تمايز الهوية المسيحية لدى المسيحيين فى مصر، وكأن هناك صراعا بين الهويات أو المراحل التاريخية. ولكننا نرى أن الحضارة الإسلامية مثلت إطارا لوحدة الأمة، إطارا يجمع ويسمح بالتنوع، وإطارا أعاد تشكيل الميراث الحضارى للجماعة المصرية ولم يعاديه، فأقام مرحلة حضارية جديدة، وحقق وحدة الأمة العربية ووحدة الأمة الإسلامية، وحافظ على التنوع الداخلى وتعدد العقائد. ولأنه برنامج سياسى ذات توجه دينى، كما وصفه قادة الجماعة، أشار كثيرا إلى الجانب القيمى والأخلاقى فى عملية الإبداع تحت عبارة «ضوابط إدارة الحياة الثقافية». ونجئ إلى خطوات البرنامج الإخوانى العملية إذ يرى البرنامج أن هناك فروعا متعددة للتنمية الثقافية منها الترجمة والنشر والتى تتمثل فى إنشاء مجلس أعلى للترجمة، ووضع إستراتيجية مُستقبلية شاملة لقطاع التَّرجمة والمهن المُرتبطة بها تتصل فى جانبٍ منها بقطاعِ التربية والتعليم، لاسيما التعليم العالى، وإعادة النظر فى المناهج الحالية فى كليات الألسن والترجمة، ونشر فروع هذه الكليات بالأقاليم، وغير ذلك من الإجراءات؛ لضمان وجود خريجين مؤهلين على مستوى عالٍ يعملون فى هذا القطاع الحيوى والضرورى لمواجهة موجات الغزو الفكرى وتطوير صناعة الكتاب المترجم والثقافة فى مصر. بعد ذلك يتناول البرنامج «الكتاب» ويذكر أنه من المهم تطوير ودعم الكتاب كأحد أكثر أدوات المعرفة انتشارًا وأهمية، بالرغم من عصر المعلومات وثورة الاتصالات الحالية، وذلك عن طريق الدعم المُؤسَّسى للنَّشرِ وتوزيع الكتاب، خاصة الكتاب العلمى، ومن ذلك دعم الاتحاد المصرى للكتاب ونشر فروعه فى الأقاليم و توسيع دائرة المشاركة فيه، وأن يُعهد بتنظيم وإدارة معرض القاهرة الدَّولى للكتاب إلى اتحاد الناشرين المصريين باعتبارها المؤسسة المدنية المعنية بهذا الأمر لخلق نوع من أنواع الاستقلالية ودعم حرية النشر، ودعم دور النَّشر بإلغاء الرسوم الجمركيَّة والضرائب المفروضة على مستلزمات الطباعة والورق أسوة بمعظم دول العالم ودعم تصنيع مختلف مستلزمات طباعة الكتاب محلياً، وتبنِّى الإجراءات التى تضمن حماية حقوق الملكية الفكرية، وضمان حقوق الناشرين المصريين فى مواجهة عمليات السَّرِقَة والتزوير، مع التنسيق بين أجهزة الدولة التشريعيَّة والتنفيذيَّة لاستصدار وتنفيذ التَّشريعات واللوائح اللازمة لتحقيق هذا الهدف. وتحت «القوالب الأدبية» طلب برنامج الإخوان إنشاء لجنة متخصصَة لدراسة واقع الرواية والأدب عامة فى مصر، وتوجيه مسارات الإبداع الأدبى لخدمة قضايا المجتمع، والعناية بتنظيم المسابقات لاكتشاف المواهب الجديدة، والتَّنسيق بين الوزارات المعنيَّة فى هذا الإطار، حتى فى داخل المحافظات والوحدات المحليَّة الأصغر، ودعم تشكيل روابط الموهوبين ورعايتهم عبر المؤسسات الثقافية للدولة. أما اللافت للنظر فى برنامج الإخوان فهو مطالبته بإعداد ميثاق للشرفِ الإبداعى طبقا لقيم المجتمع وأخلاقياته وآدابه تعده لجنة من كبار المتصلين بالمسائل الأدبية، ويتم طرحه على الساحة الأدبية لإقراره بدون تَدخل بأى صورةٍ من الصور من جانب الدولة ومؤسساتها؛ ليكون بمثابة دستور غير مكتوب للإبداع الأدبى فى مصر يلتزم به ضمير الأديب الإبداعى، وأجهزة الرقابة على الإبداع الأدبى. وتحدث البرنامج عن ما يسمى بالسياحة الثقافية وهى تشجيع الندوات والمؤتمرات والمعارض، وإعادة العمل بنظام القوافل الجماهيرية لخدمة العمل الثقافى فى مناطق الهامشية الحضرية، وكذلك فى المناطق النائية، وربط الأطراف بالمركز، وتشجيع السياحة العلمية والدينية وسياحة المؤتمرات. الثقافة رقم 17 أما رؤية حزب الوفد الثقافية فقد وضعها فى رقم 17 من برنامجه السياسى إذ يرى أن مصر تمتلك قاعدة ثقافية ضخمة، ورغم ذلك لايزال المنتج الثقافى المصرى أقل بكثير من المستوى المطلوب الوصول إليه، والذى يتناسب مع هذه القاعدة. ووضع البرنامج إستراتيجية ثقافية بعيدة المدى لا تخلو من الكلام الإنشائى والافتخار بأن مصر كانت قد شهدت فى عهدها الوفدى فى بدايات القرن التاسع عشر، أهم مؤتمر ويكاد يكون الأخير عن الموسيقى العربية الذى عقد عام 1930وحضره لفيف من المهتمين بالموسيقى العربية من جميع البلدان، وبأن سيد درويش كان وفديا. وتعتمد إستراتيجية الوفد على الاهتمام بالمثقفين والمبدعين، وتحسين أوضاعهم المعيشية حتى يتفرغوا تماما للفكر والابداع، عن طريق زيادة الميزانيات المخصصة للثقافة، والبحث عن مصادر تمويل إضافية لها، والحفاظ على الهوية الثقافية المصرية ذات الأبعاد المختلفة، والتصدى لكل محاولات طمس معالم هذه الهوية سواء من الداخل أو من الخارج، والمساهمة مع وزارة التربية والتعليم فى برنامج لاكتشاف الموهوبين ثقافياً والمبدعين، وتبنيهم مالياً وثقافياً ومعنوياً باعتبارهم مثقفى المستقبل، وتشجيع النشر، وإتاحة الفرص للمثقفين فى نشر إبداعاتهم، مع إمكانية دعم المحاولات الجادة لهم، ودعم المسرح القومى للقيام بدور تنويرى، وذلك من خلال التركيز على الأعمال المسرحية الجادة والهادفة والبعيدة عن الابتذال والإسفاف. ونختم كلامنا بالتعرف على برنامج حزب التجمع «اليسار» والذى أُعيد تقديمه فى برنامج أعضائه الانتخابى «برنامج للتغيير السياسى والاقتصادى والاجتماعى» عام 2005، ويتعهد فيه الحزب بالتجديد الثقافى من خلال مواجهة التشوه الحاصل فى المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وذلك بإنضاج ثقافة عقلانية وديمقراطية وتقدمية، بعد أن شاعت فى المجتمع قيم الفردية واللامبالاة بالشأن العام، وغاب أى مشروع ثقافى لتغيير المجتمع إلى الأفضل، فضلا عن الدفاع عن حرية الثقافة والإبداع الفنى والأدبى والبحث العلمى، ورفع الرقابة المفروضة على وسائل الإعلام المملوكة للدولة وتخليصها من الخطوط الحمراء المعروفة للكافة، وإلغاء احتكار الدولة للإذاعة والتليفزيون، وتعديل قانونها لتصبح جهازا إعلاميا قوميا مستقلا تمثل فيه التيارات الفكرية والحزبية، بالإضافة إلى إحياء وتنشيط القطاع العام الثقافى فى مجالات النشر والسينما والمسرح والفنون التشكيلية.