اقدمت السلطة – في اتساق كامل مع ما تضمره لكل الأحزاب الوطنية المعارضة في مصر – على ما من شأنه ايقاف وعرقلة حزب الوفد عن استكمال مسيرته الوطنية لصالح مصر وشعبها، واصدر " ممثلها القانوني " وباتكاء على تكييف غير قانوني قراراً يقضي بتمكين شخص من مقر حزب لم تعد له به وفقاً للوائح الحزب وهيئاته المعترف بها من قواعده علاقة – منذ ان قررت السلطة الشرعية الوحيدة المخولة بادارة وتنفيذ لائحة الحزب – وهي الهيئة العليا – قرارها بفصله لحين عرض الأمر على المؤتمر العام للحزب لكن السلطة في مصر، وتماشياً مع سياستها في نخر الجسد السياسي للحركة الوطنية المصرية بكل اطيافها – ارتأت وكالعادة وضع العصي في عجلة الاصلاح الحزبي، وحتى لا تُصبح النية والرغبة في الاصلاح الحزبي داخل الوفد عادة تقتدي بها الاحزاب الاخرى، وخاصة بعد ان بدت بوادر عمليات الاصلاح تلك تخرج على السطح داخل بقية الأحزاب ، وخاصة الكبيرة منها كحزب التجمع والناصري وحتى الحركات السياسية غير المعرتف بها رسمياً تعامت السلطة عن حقيقة كون الأحزاب المصرية احزاباً مستقلة بالكامل عن السلطة التنفيذية، طالما التزمت هيئاتها بالنظام الداخلي للحزب، والدستور المصري كإطار عريض يحكم حركتها السياسية، وأوضحت وبصراحة – وكما فعلت من قبل مع احزاب اخرى - ان حركة المؤسسات السياسية الحزبية المصرية يجب ان تظل في اطار ما هو مرسوم لها ، فهي من وجهة نظرها احزاب قاصرة، عليها البقاء ضمن اطار الرعاية الأبوية من الحزب الوطني الديموقراطي ، والقيام بالدور المرسوم لها والمتمثل في اضافة بعض الألوان والظلال للوحة الحكم لكي تظل السلطة في المجمل العام سلطة ديموقراطية، تقبل بالتعددية الحزبية والمعارضة السياسية لتكتمل اكذوبة حكم الشعب والانتخابات والبرلمان وتطبيق المبادئ الدستورية، وقوانين ممارسة الحقوق السياسية . كافأت السلطة رئيس حزب الوفد المخلوع والمطرود ، ولم تخجل أجهزة الحكم المعوّل عليها تنفيذ القانون من التدخل الفاضح وغير الدستوري في شؤون حزب مستقل من أحزاب المعارضة له لوائحه ونظامه الداخلي وهيئاته العامة، في رسالة واضحة لممثليها وازلامها داخل الاحزاب الأخرى بضمان الحماية – إلي حين - ، - وكما فعلت من قبل في أحزاب أخرى - لتكتشف قواعد حزب الوفد اخيراً ما رفضت تصديقه لفترة طويلة ، وهو ان ممارسات الرئيس المخلوع طيلة فترة ولايته منذ عام 2002 لم تكن وطنية بريئة كما فسرها البعض، بل كان دوراً مطلوباً منه، وبمقتضاه أقدم نعمان جمعة على تفريغ الحزب من شبابه وكوادره، وتجميد عمل رموزه، وتحويل صحيفته الى صحيفة ناطقة باسمه هو وليس باسم الحزب كوفئ نعمان جمعة على تصديه باسم حزب الوفد التاريخي والمحترم لمنافسة مبارك في انتخابات الرئاسة، ليساهم في خديعة الشعب والعالم باسم الديموقراطية، لكن الشعب كان واعياً للدور الذي اراده جمعة لحزب الوفد، فوجه صفعته مباشرة لرئيسه ، ولم يتعظ الرئس المخلوع وحاول الاستمرار في تحويل الحزب إلي فرع للحزب الوطني الديموقراطي في الدقي ، " مجرد وعاء يطبخ فيه الحزب الوطني وأجهزته ما يريد من سياسات ومواقف " وحين رفضت قواعد الحزب وهيئاته استمرار ذلك إلي الابد استقوى الرئيس المخلوع بالسلطة التي يعارضها لتنصره على الحزب الذي يرأسه.، كل ذلك باسم مسرحية الشرعية والقانون أفهناك عار أكثر من ذلك ؟ سيسجل التاريخ لنعمان جمعة، ليس فقط انه كان بقعة سوداء في تاريخ حزب الوفد، بل سيسجل له ايضاً انه الرجل الذي ارتضى لنفسه ان يتحول لعصا بيد السلطة لخنق محاولات الاصلاح في مصر في وضربها في مقتل، وذلك عبر تمييع وتجميد عمل حزب الوفد الجديد ، سيسجل له التاريخ ايضاً اسبقية البرهنة على صلاحية نظرية ضرب وتفريغ المعارضة من الداخل.، والارتداء بردائها اعتقد نعمان جمعة كرئيس للحزب – مقتدياً في ذلك بالرئيس مبارك – ان الرئيس في مصر، - أي رئيس لأي مروؤسين – يملك ان يقول للابد كن فيكون.- .حاشا لله - ولذا تعلم السلطة خطورة ان يُحسم الصراع داخل الوفد لصالح حزب الوفد والشرعية الحزبية ، حيث سينعكس ذلك لا محالة – طال الوقت أو قصر – على كل الأحزاب بما فيها الحزب الوطني الديموقراطي، وخاصة بعد ان عرف الناس طريق الشارع ، واتضح انه لا جدوى من استمرار العسف والمهانة، ولهذا جاء التدخل السلطوي الفاضح لصالح نعمان ، ليس فقط كسباً للوقت بل ايضاً من أجل رفض وتأجيل أي محاولات للأصلاح ، والتي لن تعني في النهاية الاطاحة بالرئيس نعمان فقط، بل بأي رئيس ، وأي نعمان آخر.. . ولعن الله حب السلطة يقول الشاعر : عمل كلا عمل ووقت فائت .............ويد اذا ملكت رمت ما تملك وشخوص أقوام تلوح ، فأمة قدمت مجددة وأخى تهلك أما الجسوم فللتراب مآلها وعييتُ بالأرواح انّى تسلك