هيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار تنظم ورشة عمل "التعاون المصري الإسباني    محافظ بورسعيد يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة مساكن متخللات عمر بن عبدالعزيز    عاجل- رئيس الوزراء زراء يتابع تطور الأعمال في التجمع العمراني الجديد بجزيرة الوراق ويؤكد أهمية استكمال المشروع وتحقيق النقلة الحضارية بالمنطقة    المجلس الوطني الفلسطيني: نعيش حالة حرب مفتوحة.. والاحتلال يواصل خروقاته    المبعوثة الأمريكية تجري محادثات في إسرائيل حول لبنان    نهائي بطولة شمال إفريقيا للشابات.. المغرب يتقدم على مصر بهدفين بالشوط الأول    المغرب يفتتح مشواره في كأس العرب بثلاثية أمام جزر القمر    شاهد بجودة عالية بث مباشر.. دون تشفير برشلونة يواجه أتلتيكو مدريد في قمة الجولة 19 من الليجا    خلاف مع زوج شقيقته.. ضبط متهم بإضرام النيران بورشة سمكرة في الإسكندرية    متحدث الأوقاف يوضح ل«الشروق» الفارق بين «دولة التلاوة» والمسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم    مصر تطلق استراتيجية لتوطين صناعة اللقاحات قبل 2030    كأس العرب - شكوك حول مشاركة براهيمي أمام السودان    رسميًا.. بدء عملية اختيار وتعيين الأمين العام المقبل للأمم المتحدة    3 عروض مصرية في الدورة 16 بمهرجان المسرح العربي    اليوم.. افتتاح معرض لقاء للفنانة ميسون الزربة بمتحف الفن المصري الحديث    إكسترا نيوز تنقل تفاصيل المؤتمر صحفي للهيئة الوطنية للانتخابات لإعلان نتائج انتخابات النواب 2025    كأس إيطاليا.. موعد مباراة يوفنتوس ضد أودينيزي والقناة الناقلة    محافظ الغربية يتابع إجراءات تشغيل وإدارة مرفقي النقل الداخلي بطنطا والمحلة الكبرى    مصر ضد الكويت.. الأزرق يعلن تشكيل ضربة البداية في كأس العرب 2025    أستاذة جامعية إسرائيلية تُضرب عن الطعام بعد اعتقالها لوصف نتنياهو بالخائن    جامعة سوهاج الأهلية تنظم أولى رحلاتها إلى المتحف المصري الكبير    فتح باب التسجيل فى دورة الدراسات السينمائية الحرة بقصر السينما    محافظ المنيا: إزالة 2171 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية ضمن الموجة 27    الأهلي يترقب موقف ييس تورب لدراسة عرض برشلونة لضم حمزة عبد الكريم    السيسي يبعث برقية تهنئة لرئيس الإمارات بمناسبة ذكرى الاحتفال باليوم الوطني    فى زيارته الأولى لمصر.. الأوبرا تستضيف العالمي ستيف بركات على المسرح الكبير    المحكمة الإدارية العليا تتلقى 8 طعون على نتيجة انتخابات مجلس النواب    رئيس جامعة الأزهر: العلاقات العلمية بين مصر وإندونيسيا وثيقة ولها جذور تاريخية    الطقس غدا.. انخفاضات درجات الحرارة مستمرة وظاهرة خطيرة بالطرق    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء شخص على حيوانات أليفة: مريض نفسي    مصرع طفل إثر اصطدام سيارة ملاكي به في المنوفية    لأول مرة في الدراما التلفزيونية محمد سراج يشارك في مسلسل لا ترد ولا تستبدل بطولة أحمد السعدني ودينا الشربيني    تركيا: خطوات لتفعيل وتوسيع اتفاقية التجارة التفضيلية لمجموعة الثماني    رئيس اقتصادية قناة السويس: المنطقة منصة مثالية للشركات الأمريكية لعمليات التصنيع والتصدير    مدير الهيئة الوطنية للانتخابات: الاستحقاق الدستورى أمانة عظيمة وبالغة الحساسية    الأمم المتحدة: 50 مليون شخص حول العالم ضحايا الرق الحديث    أمن المنافذ يضبط 47 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة قيمتها 6 ملايين جنيه    مكتب نتنياهو: إسرائيل تستعد لاستلام عيّنات من الصليب الأحمر تم نقلها من غزة    زيلينسكي: وثيقة جنيف للسلام في أوكرانيا تم تطويرها بشكل جيد    6 نصائح تمنع زيادة دهون البطن بعد انقطاع الطمث    تحرير 141 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    سلوت: محمد صلاح سيظل لاعبًا محترفًا من الطراز الرفيع    بعد جريمة التحرش بالأطفال في المدارسة الدولية، علاء مبارك يوجه رسالة قوية للآباء    سامح حسين: لم يتم تعيينى عضوًا بهيئة تدريس جامعة حلوان    وزير العمل يسلّم 25 عقد توظيف في مجال النجارة والحدادة والبناء بالإمارات    فوائد تمارين المقاومة، تقوي العظام والعضلات وتعزز صحة القلب    فيتامينات طبيعية تقوى مناعة طفلك بدون أدوية ومكملات    أمين عمر حكما لمباراة الجزائر والسودان في كأس العرب    حوادث المدارس والحافز.. مشاهد تُعجل بنهاية "وزير التعليم" في الوزارة.. دراسة تحليلية.. بقلم:حافظ الشاعر    الفيشاوي وجميلة عوض يعودان للرومانسية في فيلمهما الجديد «حين يكتب الحب»    اليوم .. إعلان نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 2ديسمبر 2025 فى المنيا    ضبط 379 قضية مواد مخدرة فى حملات أمنية    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخي‏..‏ جاوز المغنون المدي‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 07 - 2010

كان الوقت ظهرا‏..‏ والسيارات أمامي لا تتحرك‏..‏ فتحت الراديو‏..‏ أبحث عن أغنية تخفف من وطأة نشرات الأخبار وصراعات وحماقات البشر‏..‏ وتقلل من ضراوة الحر والزحام والضوضاء‏..‏ فسمعت من يغني لعلمك أنا مش حموت عليك‏..‏ أنا عندي خمسة ستة يضايقوا فيك‏..‏ يشفوهم جانبي يقولوا راحت عليك‏..‏ فجأة توقفت الأغنية لإعلان عن شركة لبناء حمامات السباحة‏!!!.‏
فانتهزت الفرصة وحركت المؤشر‏..‏ فانطلقت في وجهي أغنية لمطرب لا أعرف اسمه‏..‏ لم أفهم من كلماتها سوي الباب أهو علي الناحيتين مفتوح‏..‏ اتفضل ياللار وح‏..‏ بعدها جاء من يغني أو بالأصح يصرخ أنت ناسي لما شفتك كنت إيه‏.‏ بعد فاصل من الإعلانات عن كماليات لا لزوم لها مع أزمة اقتصادية عالمية أجبرت دولا كبري علي إعلان حالة التقشف‏..‏ طلب أحد المستمعين أغنية كلماتها مستوحاة من خناقات الحواري والأزقة حيث كان ضمن عباراتها أنت تطلع مين‏.‏ هنا تنبهت الي أن هناك شيئا ما غريبا حدث للأغنية المصرية وفاتني معرفته‏..‏ أنا القادمة من زمن كان أقصي ما يقوله الحبيب في ثورة غضبه هجرتك يمكن أنسي هواك وأودع قلبك القاسي‏.‏ وانا ابحث عن مكان أترك فيه سيارتي كانت هناك مشاجرة صاخبة بين أثنين من قائدي السيارات تضمنت عبارة أنت فاكر نفسك مين التي كان يغنيها المطرب منذ دقائق وذلك قبل أن يتطور الأمر بينهما ويلجأن الي استخدام كمية هائلة من كلمات قاموس الشتائم‏.‏
استعدادا للخروج من السيارة اغلقت الراديو بينما كان المغني يقول أنا غيرت خلاص عنواني‏.‏ تذكرت أنني قرأت منذ فترة ان في مصر تقع حالة طلاق كل‏6‏ دقائق و‏15‏ ثانية مما يعني أن هناك طرفا يترك البيت ويغير عنوانه كما تقول الأغنية‏.‏
إذن نحن أمام أغان تعكس صورة مجتمع هربت منه الرومانسية وانتشرت فيه سلوكيات عنف‏..‏ كما تعكس لغة جديدة للغزل‏..‏ فلم يعد المرء يري المعشوق واثق الخطوة يمشي ملكا ظالم الحسن شهي الكبرياء‏..‏ بل يراه وسطه مز يكة ويمسح الكل باستيكه‏..‏ كما أ دركت أنني كنت استشف مستقبل الغناء حين كتبت يوم رحيل الموسيقار محمد عبد الوهاب أننا نودعه‏.‏
والخوف يملأنا من الألحان المفزعة التي سنسمعها‏.‏ والأصوات النشاز التي ستنقض علينا‏..‏ فقد أصبحنا لا نعرف ماذا سيفعلون بنا‏..‏ وأية كلمات رديئة سيمطرون بها أذاننا‏.‏
المشكلة الآن‏.‏ أن كثيرين من الموجودين في ساحة الغناء لا يعرفون ما معني أن يكون الانسان مغنيا‏..‏ معناه أن يكون عاشقا عظيما للمعاني النبيلة والكلمات الجميلة‏..‏ ومعناه ان يكون مهموما بقضايا وطنه‏..‏ مؤمنا بأن الفن رسالة سامية وليس طريقا سريعا للثراء ولا ميدانا للتناحر والقتال بين الزملاء‏..‏ ومعناه أن يكون قدوة‏..‏ يعرف من يجالس وأين‏..‏ لقد رفضت أم كلثوم التي سحرت خلق الله بروعة أدائها وأجبرت العامة والبسطاء علي ترديد اشعار ابي فراس الحمداني وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم الذهاب مع أنور وجدي وزملاء العمل في فيلم فاطمة للعشاء في مكان عام خوفا من حدوث شئ لا يليق بمن تغني ولد الهدي أي رهافة حس هذا واي ألتزام‏.‏
منذ سنوات رأيت عبد الحليم حافظ في برنامج في ذكري رحيله يكتب رسالة ذكر فيها كلمات بديعة كالوطن والعمل والاجتهاد‏..‏ في المشهد الثاني ظهر مع فريد الأطرش و يقول أحلف لك بشرفي وعروبتي‏.‏ وفي المشهد الثالث كان يشدو لا أعرف ابدا يا ولدي احزانا تشبه أحزانك‏..‏ حين انتهي البرنامج تأكدت أننا سننتظر طويلا طويلا لكي نسمع يا ولدي غناء يشبه غناءك‏..‏ أننا ابدا ابدا لن نسمع من يحلف بعروبته او من يتكلم عن الوطن‏.‏
اما المدهش حقا فهو وجود جائزة في ثلاثينيات القرن الماضي أسمها جائزة الغناء الكبري كانت تمنحها وزارة الاشغال المسئولة حينئذ عن النشاط الثقافي لأحسن مغن ومغنية‏..‏ وحصلت عليها منيرة المهدية عام‏1926‏ حين كانت الدولة تدرك واجبها إزاء حماية هذا الفن الجميل من أنصاف المواهب والباحثين عن الشهرة‏.‏
قبل ان انهي هذا المقال تأكدت تماما أننا نعيش في غابة أو ربما في خرابة حيث ترامي الي مسامعي صوت يغني عو عو عو الي يخاف من العفريت يطلع له ينزل له يقعد له‏..‏ بعد هذه الأغنية لن نندهش إذا سمعنا من يقول أرعبكم إذا غنيت‏..‏ وعزاءنا أننا سمعنا من قالت اسحركم إذا غنيت‏.‏ ولم يخطئ من قال أن لكل شعب الغناء الذي يستحقه‏.‏
‏aidarizk@gmailcom‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.