«الوطنية للانتخابات»: 17.1% من الناخبين بإجمالي 11.3 مليون أدلوا بأصواتهم في انتخابات الشيوخ    الإيجار القديم.. الإسكان تستعرض تفاصيل إطلاق المنصة الإلكترونية للوحدات البديلة للمستأجرين    فيديو.. أحمد موسى: إسرائيل دمرت الجيش السوري والشرع غير قادر على إنشاء أي قواعد عسكرية    اندلاع حريق غابات بإقليم شفشاون شمالي المغرب    البيت الأبيض: ترامب لا يريد رسم خطوط حمر بشأن أوكرانيا في العلاقات مع روسيا    أمين عام الناتو يشارك في اجتماعات افتراضية مع قادة أوروبا وأمريكا لمناقشة الوضع في أوكرانيا    وزير الرياضة يحتفل في الملعب مع منتخب الناشئين بالتأهل لربع نهائي مونديال اليد    مباراتا منتخب مصر لكأس العرب أمام تونس بالإسماعيلية    محافظ القليوبية يكرم 3 سائقي لودر لإنقاذ مصنع أحذية من حريق بالخانكة    أكاديمية الفنون تحتفي بعيد وفاء النيل بمعرض فوتوغرافي    مفتيا مصر والقدس يؤكدان مركزية القضية الفلسطينية والتعاون العلمي المشترك    من تحقيق نقابة الموسيقيين إلى الاستوديو.. راغب علامة يحضّر أغاني جديدة    وكيل صحة شمال سيناء يعقد اجتماعا لمتابعة خطة تطوير الخدمات الطبية    «مستخدمو اليد اليسرى».. يدفعون الثمن في يومهم العالمي    الدحيل يحسم مواجهة مثيرة أمام أصفهان في دوري أبطال آسيا    نقابة العلوم الصحية: تكليف خريجي المعاهد خطوة لتعزيز المساواة    مسؤول أوروبي: الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة كبيرة لتحسين القرارات البشرية    الهيئة العامة للرقابة المالية تنعي وزير التموين الأسبق الدكتور علي المصيلحي    تقارير.. مانشستر سيتي يتواصل مع دوناروما لانقاذه من باريس سان جيرمان    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    عيد مرسال: مصر تقف بثبات إلى جانب الشعب الفلسطيني    من 3 إلى 5 سنوات.. الإخلال بفترة التباعد بين الحمل يؤثر على صحة الأم    «اعرف دماغ شريكك».. كيف يتعامل برج الميزان عند تعرضه للتجاهل؟    خالد عبدالعزيز يكرم رائد الإعلام العربي فهمي عمر    حكم الوضوء لمريض السلس البولى ومن يعاني عذرا دائما؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    تصاعد الصراع وكشف الأسرار في الحلقة الرابعة من "فلاش باك".. أول ظهور ل خالد أنور    نجوى كرم: أتمنى تقديم دويتو مع صابر الرباعي (فيديو)    ريال مدريد يرفض إقامة مباراة فياريال ضد برشلونة في أمريكا    الرقابة الصحية (GAHAR) تطلق أول اجتماع للجنة إعداد معايير "التطبيب عن بُعد"    ضبط سائق لحيازته 53 ألف لتر سولار بدون مستندات تمهيدًا لبيعها بالسوق السوداء في الأقصر    ما الحكمة من ابتلاء الله لعباده؟.. داعية إسلامي يُجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    الحسيني وهدان يتوج بذهبية الكونغ فو في دورة الألعاب العالمية    وسام أبو علي يستعد للسفر إلى أمريكا خلال أيام.. والأهلي يترقب تحويل الدُفعة الأولى    منسقة الأمم المتحدة: إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب يعكس اهتمام مصر بالرياضة كقوة ثقافية ومحرك للتنمية    طريقة عمل البصارة على أصولها بخطوات سهلة وأرخص غداء    كريستيانو رونالدو يطلب الزواج من جورجينا رسميًا    غدًا.. قطع المياه عن مدينة أشمون في المنوفية 8 ساعات    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    خصم يصل ل25% على إصدارات دار الكتب بمعرض رأس البر للكتاب    "الجمهور حاضر".. طرح تذاكر مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري    الوزير يترأس اجتماع الجمعية العمومية العادية لشركة السكك الحديدية للخدمات المتكاملة    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    الداخلية تضبط تيك توكر يرسم على أجساد السيدات بصورة خادشة للحياء    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    صعود هامشي لمؤشرات البورصة بمنتصف التعاملات والتداولات تتجاوز 2 مليار جنيه    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    برلماني: توجيهات الرئيس لبناء إعلام وطني ضمانة لمواكبة التطورات العالمية    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    الليلة.. قصور الثقافة تطلق فعاليات المسرح المتنقل بقرية الشواشنة في الفيوم    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صلاح أبوسيف‏..‏ الوطنية في أفضل صورها
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 06 - 2010

لا أعرف ما الذي يجعل المخرج الكبير الراحل صلاح أبوسيف هو الأقرب لقلبي ولعقلي أيضا من بين كل مخرجي السينما المصرية‏..‏ ثمة أسباب شخصية بالطبع منبعها أن الحظ ساعدني للتعرف عليه عن قرب في سنواته الأخيرة‏.‏ الا أن ألاسباب الموضوعية كثيرة ولا حصر لها‏.‏اليوم ونحن نتذكر بكل الاجلال والاحترام أبوسيف في ذكري وفاته التي توافق‏22‏ يونيو‏1996‏ نطالع تلك الاسباب بعمق‏.‏
قال عنه الناقد والمؤرخ الفرنسي جورج سادول في موسوعته عن السينما العالمية أن أفلامه قد خلقت تيارا لا يقل عن تيار الواقعية الجديدة الذي نشأ بايطاليا وأثر علي كل بلاد العالم‏.‏وأضاف سادول عنه أنه من أهم عشرة مخرجين في تاريخ السينما العالمية‏.‏ وقالت عنه الباحثة الألمانية اريكا ريشتر أن أفلامه العمود الفقري للفيلم الواقعي العربي وتحدد بظهوره اتجاه حساس في تطور السينما العربية‏.‏ المفاجأة هي أن شهرة صلاح ابو سيف عند متابعي السينما العالمية قد تطاول المخرح الكبير يوسف شاهين او تفوق‏.‏ربما شهرة شاهين بفرنسا غالبة لكن بأمريكا وايطاليا مثلا ابو سيف الاكثر تأثيرا‏.‏ وعندما أقام مهرجان بولونيا منذ أكثر من‏10‏ سنوات تكريما للسينما المصرية اختار ان يقوم بعمل بانوراما كاملة لافلام أبو سيف لانها التعبير الحقيقي و المنصف عن مصر طوال نصف قرن من الزمان‏.‏ لم يكن أحديتصور أن يبلغ كل هذا المجد هذا الشاب المتواضع الذي ولد في‏10‏ مايو‏1915‏ بحي بولاق الدكرور الشعبي وعمل في بداية حياته موظفا بشركة النسيج بالمحلة الكبري‏.‏ وهناك قابل نيازي مصطفي و هوالذي ساعده في الانتقال إلي ستوديو مصر‏.‏ فبدأ صلاح أبو سيف العمل بالمونتاج في ستوديو مصر‏,‏ ومن ثم أصبح رئيسا لقسم المونتاج بالأستوديو لمدة عشر سنوات عمل صلاح أبو سيف كمساعد أول للمخرج كمال سليم في فيلم العزيمة الذي اعتبر الفيلم الواقعي الاول في تاريخ السينما المصرية‏.‏ثم سافر بعدها لدراسة السينما بفرنسا عام‏1939‏ وسرعان ما عاد بسبب الحرب العالمية الثانية‏.‏كل تلك الدروس المؤسسة ساهمت فيما أصبح عليه هذا المبدع الكبيرفيما بعد المولود في وسط فقيروالتربية في خضم الشعور الوطني بالتخلص من الانجليز وفي وسط مصر الرائعة في النصف الاول من القرن العشرين عندما قطف المصريون ثمرة ما يقرب من قرن من التحديث منذ قرر محمد علي باشا ان يصنع من مصر دولة حديثة حتي جري في النهر مياه كثيرة فدخلت الكوزموبوليتية مصر وازدهرت الثقافة والعلوم وانتشرت الاحزاب وتعددت الجرائد والمجلات وعاش المصريون في ثلاثينات واربعينات القرن العشرين في خضم زخم ثقافي وسياسي رائع أنجب قامات رفيعة في كل المجالات‏.‏بلغت ثروة أبو سيف الثمينة أربعون فيلما في خمسون عاما هي عمره الفني قدم خلالها كل الانواع السينمائية من الرومانسي للايت كوميدي للفانتازي للملحمي للتراجيدي وعلي رأسها طبعا الواقعي‏.‏أول أفلامة كان‏(‏ دايما في قلبي‏)‏ الذي أخرجه عن جسر واترلو‏.‏لكن انطلق بعدها بقليل ليصنع سلسلة أفلامة العظيمة التي أصبحت علامات في تاريخ السينما المصرية فبدأها عام‏1950‏ بصنع النسخة المصرية من فيلم‏(‏ الصقر‏)‏ وعندما عرض علي المنتجين فيلم‏(‏ لك يوم يا ظالم‏)‏ ورفضوا فأنتجه بنفسه‏.‏ ثم أخرج افلامه الواقعية الاربعة الهامة فورا وهي‏(‏ الاسطي حسن‏)1952-‏ ريا وسكينة‏1953-‏ الوحش‏1954-‏ شباب امرأة‏1957-‏ الفتوة‏1957-‏ هذه الافلام جميعها تحفل بتحليل النظام الاجتماعي وتأثيره علي تصنيع الفساد داخل نفوس البشر‏.‏بعدذلك دخل صلاح أبوسيف مرحلة النضج الاهم في حياته بعد الثورة فأخرج ما بين‏(1957‏ و‏1968)16‏ فيلما تنوعت في موضوعاتها فعالج في‏(‏ الطريق المسدود وأنا حرة‏)‏ تحرر المرأة‏.‏ لكن ظلت أهم أفلامه هذه الفترة بين السما والارض و بداية ونهاية القاهرة‏30‏ والقضية‏68‏ وكلها تتراوح بين النقد الاجتماعي والسياسي والحس الاصلاحي والحبكة الدراما المتمكنة‏.‏وعشر منها علي الاقل دخلت قائمة الاهم داخل السينما المصرية طوال تاريخها‏.‏
في السبعينات قرر صلاح أبوسيف تجربة أنواع متنوعة وجديدة من السينما فاصاب مرات وأخفق مرات أخري وان ظلت للافلام خصوصيتها‏.‏فقدم الفيلم التاريخي الديني فجر الاسلام و الفيلم الفلسفي السقا مات وافلام التعرية الاجتماعية حمام الملاطيلي وافلام التاريخ العربي القادسية‏.,‏ من أهم علامات حياته انه ادخل نجيب محفوظ السينما ككاتب سيناريو من خلال أفلام‏(‏ مغامرات عنتر وعبلة‏,‏ شباب امرأة‏,‏ بين السما والارض‏,‏ بداية ونهاية غيرها‏.‏ لكن ربما أهم ما ميزصلاح أبوسيف طوال تاريخه هو ضميره الحي والتزامه بالتعبير عن قضايا المجمتع المصري والتاريخ العربي بكل أمانة ورصانة‏.‏الأمانة هي التي جعلته لا يتزيد علي الواقع أو يبالغ فيه لغايات شخصية أو حتي فنية وحاول بكل السبل وفي تنوع مذهل أن يتحدث عما هو موجودفي الواقع لا أن يسقط عليه أهواءه أو مشاكله الشخصية‏.‏والرصانة هي الصفة الاخري التي تتوج معالجاته السينمائية بدون أي ابتذال أو ترخص أو تدني تحت مسمي أنه واقع ويحق عند التعبير عنه استخدام اي وسيلة‏.‏انه تعلم بفرنسا وكان علي اتصال بالكثير من تيارات الثقافة العالمية ورموزها لكنه ظل وطنيا مخلصا وليس من أتباع الغرب المروجين لافكاره ونظرياته شرا كانت او خيرا‏.‏و قد أسعدني القدر بأنني كنت من جلساء الاستاذ أبو سيف بفندق كوزموبوليتان بوسط البلد بالقاهرة و صنعت عنه فيلما تسجيليا لقناة النيل الدولية عام‏1994‏ لكن الفرصة لم تأتني لأكون مساعدا للاخراج معه لانهل من بحر علمه وتواضعه وحكمته الواسع أكثر وأكثر‏.‏رحم الله الاستاذ الكبير وأسكنه فسيح جناته‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.