هبوط كبير في عيار 21 الآن.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة    الولايات المتحدة تستهدف عائدات النفط الإيراني بأكبر عقوبات منذ عام 2018    ترامب يدعو إلى نشر وثائق مزاعم التدخل الروسي    سائق نيسان «أوليفر رولاند» يتوج ببطولة العالم للفورمولا e في إنجلترا    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    احذروها في الصيف.. 7 مشروبات باردة تهدد حياة مرضى الكلى    الدفاع الروسية: اعتراض 13 مسيرة أوكرانية فوق مقاطعتي روستوف وبيلجورود    الحقيقة متعددة الروايات    424 مرشحًا يتنافسون على 200 مقعد.. صراع «الشيوخ» يدخل مرحلة الحسم    "بعد يومين من انضمامه".. لاعب الزمالك الجديد يتعرض للإصابة خلال مران الفريق    بالأسماء| ننشر حركة تنقلات وترقيات قيادات وضباط أمن القاهرة    بمحيط مديرية التربية والتعليم.. مدير أمن سوهاج يقود حملة مرورية    نقيب السينمائيين: لطفي لبيب أحد رموز العمل الفني والوطني.. ورحيله خسارة كبيرة    رامي رضوان ودنيا سمير غانم وابنتهما كايلا يتألقون بالعرض الخاص ل «روكي الغلابة»    حكايات| تحفة منسية أم مسروقة؟ .. جرادة «توت» فى مزاد علنى بلندن    بسبب خلافات الجيرة في سوهاج.. مصرع شخصين بين أبناء العمومة    اتحاد الدواجن يكشف سبب انخفاض الأسعار خلال الساعات الأخيرة    مذكرات رجل الأعمال محمد منصور تظهر بعد عامين من صدور النسخة الإنجليزية    الحد الأدني للقبول في الصف الأول الثانوي 2025 المرحلة الثانية في 7 محافظات .. رابط التقديم    اصطدام قطار برصيف محطة "السنطة" في الغربية.. وخروج عربة من على القضبان    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 31 يوليو 2025    الطعام فقط ومكافأة حماس.. هل يعترف ترامب بدولة فلسطين؟    إيرادات أزور تتجاوز 75 مليار دولار ومايكروسوفت تحقق أرباحا قياسية رغم تسريح الآلاف    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن إلغاء ندوة الفنان محيي إسماعيل لعدم التزامه بالموعد المحدد    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    من بيتك في دقائق.. طريقة استخراج جواز سفر مستعجل (الرسوم والأوراق المطلوبة)    «الصفقات مبتعملش كشف طبي».. طبيب الزمالك السابق يكشف أسرارًا نارية بعد رحيله    يعشقون الراحة والسرير ملاذهم المقدس.. 4 أبراج «بيحبوا النوم زيادة عن اللزوم»    مصرع شاب وإصابة 4 في تصادم سيارة وتروسيكل بالمنيا    التوأم يشترط وديات من العيار الثقيل لمنتخب مصر قبل مواجهتي إثيوبيا وبوركينا فاسو    ختام منافسات اليوم الأول بالبطولة الأفريقية للبوتشيا المؤهلة لكأس العالم 2026    المصري يواجه هلال مساكن فى ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    الوضع في الأراضي الفلسطينية وسوريا ولبنان محور مباحثات مسؤول روسي وأمين الأمم المتحدة    نشرة التوك شو| انخفاض سعر الصرف.. والغرف التجارية تكشف موعد مبادرة خفض الأسعار..    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بالشيوخ    إغلاق جزئى لمزرعة سمكية مخالفة بقرية أم مشاق بالقصاصين فى الإسماعيلية    في حفل زفاف بقنا.. طلق ناري يصيب طالبة    بعد 20 سنة غيبوبة.. والد الأمير النائم يكشف تفاصيل لأول مرة (فيديو)    «أمطار في عز الحر» : بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    هل يعاني الجفالي من إصابة مزمنة؟.. طبيب الزمالك السابق يجيب    "تلقى عرضين".. أحمد شوبير يكشف الموقف النهائي للاعب مع الفريق    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الخميس 31 يوليو 2025    حدث ليلًا| مصر تسقط أطنانا من المساعدات على غزة وتوضيح حكومي بشأن الآثار المنهوبة    تنسيق المرحلة الأولى 2025.. لماذا يجب على الطلاب تسجيل 75 رغبة؟    مونيكا حنا: علم المصريات نشأ فى سياق استعمارى    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    شادى سرور ل"ستوديو إكسترا": بدأت الإخراج بالصدفة فى "حقوق عين شمس"    مدير تعليم القاهرة تتفقد أعمال الإنشاء والصيانة بمدارس المقطم وتؤكد الالتزام بالجدول الزمني    هل تتأثر مصر بزلزال روسيا العنيف، البحوث الفلكية تحسمها وتوجه رسالة إلى المواطنين    وفاة شاب داخل مسجد بدمشق.. وقائد الأمن يكشف التفاصيل الكاملة    القبض على 3 شباب بتهمة الاعتداء على آخر وهتك عرضه بالفيوم    حياة كريمة.. الكشف على 817 مواطنا بقافلة طبية بالتل الكبير بالإسماعيلية    أسباب عين السمكة وأعراضها وطرق التخلص منها    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطاب الألم‏..‏ الدين والدولة والطائفية
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 06 - 2010

يرفض الكاتب نبيل عبد الفتاح وصف حالتنا الدينية المحتقنة حاليا‏'‏ بالفتنة الطائفية‏'‏ ويري‏,‏ ومعه حق أن هذا المصطلح الديني الوضعي عرقي المصدر‏,‏ يفتقر إلي الدقة‏,‏ بل ويذكي الإدراك الجمعي بالطائفية‏.‏ بصراحة صادمة‏,‏ ولغة تكشف لا تواري‏,‏ واقترابات تداوي ولا تداري‏,‏ اقتحم عبد الفتاح المنطقة الشائكة في علاقة الدين بالدولة‏,‏ غير عابئ بحقول الألغام السياسية والدينية والسيوسيو ثقافية‏,‏ مقدما مساهمة في نقد الخطاب المزدوج في كتابه المهم‏'‏ الدين والدولة والطائفية‏'‏ عن مؤسسة المصري لدعم دراسات المواطنة وثقافة الحوار‏.‏
بمنهجية عالية نقدا وتحليلا وتفكيكا وتركيبا تتبع المؤلف جذور الجدليات حول الدين والدولة في مصر‏,‏ وتوقف طويلا عند المادة الثانية من الدستور الخاصة بالشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع‏,‏ مرورا بالصراع علي الهوية بأشكاله المتعددة ما بين عروبة أو فرعونية مصر أو غربنتها وصولا للأمة القبطية لدي بعضهم‏.‏
للمواطنة مساهمة مهمة من الكتاب ومن الخطاب الذي انتجه مسلمون وأقباط في مواجهة أشكال ومصادر التوتر الديني الإسلامي المسيحي‏.‏
أما التغير والتذبذب فكان سمة لخطاب جماعة الإخوان المسلمين حول مواطنة الأقباط إلي أن جاء عام‏1995‏ وأصدرت الجماعة‏'‏ هذا بيان للناس‏'‏ وفيه تم الإعلان عن مواطنة الأقباط‏.‏ إلا أن البرنامج الانتخابي للجماعة لا يزال يقيد هذا الاعتراف في زاوية الولاية العظمي ورئاسة الدولة‏.‏
ينتقد الكتاب عجز السياسات الرسمية في استئصال جذور الطائفية‏,‏ مؤكدا أن الحالة الدينية في مصر ليست علي ما يرام منذ أوائل عقد السبعينيات من القرن الماضي‏,‏ لا يكاد يمر عام إلا وتحدث وقائع عنف طائفي تخلف وراءها بعض الضحايا من الجرحي أو القتلي‏,‏ أو المصادمات المادية والحرق وإتلاف المنازل وأحيانا دور العبادة‏.‏
وأخطر ما في ملفات الأزمة الطائفية المستمرة والممتدة منذ أواخر عقد الأربعينات وحتي آخر واقعة طائفية‏,‏ أن السياسات الرسمية الرامية لمواجهة أنماط العنف الطائفي لم تحقق سوي الأهداف العارضة والسريعة الرامية لاحتواء كل أزمة أو توتر طائفي دونما استئصال للجذور المنتجة للنزعة الطائفية التي استشرت وتوغلت في التركيبة الاجتماعية المصرية‏.‏
أما موطن الداء في النزاعات الطائفية فيراه في أنها راكمت ذكريات مؤلمة ومشاعر كراهية وبغضاء وشحناء دينية‏,‏ شكلت ما يمكن أن نطلق عليه ثقافة الكراهية الدينية‏,‏ وحولت المصريين علي اختلاف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والاجتماعية إلي مسلمين وأقباط‏.‏
للآسف كسرت الثنائية الدينية الإسلامية والمسيحية الانتماء القومي للأمة المصرية وفق معانيها السياسية والاجتماعية والثقافية والرمزية الحداثية‏.‏
يعاود نبيل عبد الفتاح الاشتباك مع الانفجار الطائفي في مصر‏,‏ من أحداث الخانكة إلي دير أبو فانا إلي المجالس العرفية التي قد تسكن الداء وتخفف العرض دون بتر للمرض أو أسبابه‏,‏ فما الذي حدث حتي بات العنف الطائفي جزءا من مفردات حياتنا اليومية‏,‏ عنف رمزي ولفظي وعلاماتي تكتشفه تصريحا وتلميحا في ثنايا الازدواجية والمراوغة والكذب في السلوك والتعبير بين المسلمين والمسيحيين‏,‏ بما يصنع في النهاية خطاب الألم المزمن لا الأمل الدائم‏.‏
خطاب مراوغ مزدوج في الصحف والفضائيات والكتب وفي الإشارات والعلامات الثابتة والمتحركة علي أربع عجلات بالمرافق العامة‏.‏
خطاب المجاملات الظاهرة باللغة والصفات المائعة والمتكررة عن الوحدة الوطنية والأخوة المشتركة وإعلانات محمد وبطرس ودراما‏'‏ حسن ومرقص‏',‏ خطاب ممل تسمعه في المحافل العامة والاجتماعات الرسمية والاحتفالات المتلفزة المعروضة علي التليفزيون وغالبا ما ينطق به رجال الدين الرسميون وأشباههم وبعض رجال السلطة والأمن‏,‏ أما خطاب الباطن فهو كالنار تحت الرماد‏,‏ ينتج ويستهلك في دوائر أكثر ضيقا‏,‏ في دور عبادة ووسط جماعة المؤمنين بالدين‏,‏ أو المذهب‏.‏ أو داخل جماعة دينية سياسية‏,‏ وينطوي علي سلبيات ونقائص تنسب للآخر الديني والمذهبي التي تنفيه وتحوله إلي‏'‏ شيطان‏'‏ و‏'‏عدو‏'.‏
بمشرط جراح فاهم ومحترف‏,‏ وقف الكتاب علي أبرز أسباب تكرار العنف والتوترات الدينية الإسلامية والمسيحية‏,‏ وهو قانون الدولة الذي لم يعد مطبقا بصرامة وحسم في تفاصيل الحياة اليومية‏,‏ الشيطان يكمن حقا في التفاصيل‏,‏ فدولة القانون لا تكمن في المبادئ العامة والأساسية لسيادة القانون علي العلاقات الاجتماعية والسياسية في البلاد‏,‏ وإنما في آليات التطبيق العادل‏,‏ والنزيه والمنصف أيا كان الوزن والمكانة السياسية والاجتماعية للمخاطب بأحكام القانون‏.‏
كذلك‏,‏ فإن أسباب العنف الديني لا تخرج عن دائرة التحول الديني من الإسلام إلي المسيحية والعكس‏,‏ أو الزواج بين مختلطي الديانة والمذهب وتحديدا بين بعض المسلمين والمسيحيات‏,‏ أو ترميم وبناء الكنائس وإقامة الصلوات في أماكن دونما ترخيص والنزاع علي ملكية وحيازة بعض الأراضي‏,‏ كما في حالة دير أبو فانا‏.‏
ومع آسف‏,‏ خلعت صبغة الطائفية علي أي خلاف عادي بحثا عن مكسب أو بعثا لفتنة نائمة في مرقدها‏,‏ فأولوية السير بين بعض قادة السيارات الخاصة سرعان ما تتحول إلي مشكلة طائفية بهدف الهروب من تطبيق قانون الدولة علي أطرافها ومساءلتهم ومحاكمتهم علي انتهاك أحكام القانون‏.‏ خلافات الجيرة‏,‏ أو علي الري في الأراضي الزراعية‏,‏ أو خلاف علي شراء زجاجات مياه غازية سرعان ما يتحول ليوصف خطأ بعنف طائفي برغم أن أصل الحكاية خلاف بين البائع والمشتري علي استرداد رهن الزجاجة‏,‏ ورغم أن ما بين البائع والمشتري‏'‏ يفتح الله‏'‏ في زمن مضي‏,‏ إلا أن ما بينهما الآن‏'‏ عنف طائفي‏'.‏
وما العمل؟ الإجابة لدي عبد الفتاح‏:‏ عند قلة واعية من أبناء الأمة المصرية الواحدة التي كانت تقف كآخر حائط صد ضد الانهيارات والغلو الديني المتطرف‏-‏ وسلطة الجهلاء الجدد علي الجانبين الذي لا يستفيد منه سوي ذوي العقول المغلقة والأرواح السجينة في معتقلات التعصب الديني الذي يتنافي مع روح التسامح المصري الإسلامي المسيحي الذي كان‏!‏
ويبقي السؤال‏,‏ هل هناك حوار في مصر وفي إطاره يدور الحوار الديني؟
البعض يري وجود هذا الحوار بالأعناق والقبلات بين رموز من المشايخ والقساوسة عبر وسائل الإعلام القومية والخاصة والمتاحة عبر الإنترنت‏,‏ وآخرون يعتقدون بأن ما يحدث هو أصدق تعبير عن حالة اللا حوار‏,‏ وبين هذا وذاك يقف المؤلف يصف ما يحدث بأنه أقرب إلي السجال غالبا‏,‏ مع بعض التنابذات والهجاءات أحيانا‏,‏ وقلة من المشهد يمكن وصفها بالحوار الموضوعي حول قضايا عامة وخاصة‏.‏ والمحصلة خطاب حول خطاب وآخر حول آخر والمراوغة تفرض نفسها‏..‏ والازدواج سيد الموقف‏.‏

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.