"الطفولة والأمومة": نعمل على توفير الدعم المادي والنفسي للأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات    متحدث "نزاهة" يستعرض أبرز ملاحظات متابعة انتخابات مجلس النواب    خبراء: استعدادات رمضان والضغوط الموسمية تدفعان الدولار للارتفاع    ناشطون ألمان يروّجون ملابس من مكبات إفريقية ضمن حملة الجمعة السوداء    الداخلية تضبط مُرشح وأنصاره لاقتحامهم مركز شرطة فارسكور    بالأسماء| إصابة 23 شخصاً في حادث انقلاب سيارة بالبحيرة    البيت الأبيض يُعلن تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان كمنظمات إرهابية عالمية    وكيل الجزار يكشف حقيقة انتقاله إلى الأهلي وموقف الأندية الكبرى    قائمة بيراميدز لمواجهة المقاولون العرب في الدوري المصري    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة تشيلسي.. صراع النقاط الكبرى يبدأ غدا    اتحاد السلة يصدر بيانًا بشأن أحداث مباراة الاتحاد والأهلي في نهائي دوري المرتبط    محلل: الاقتصاد الصربي على حافة الهاوية بعد محاولات تأميم النفط    ترامب يحاصر الإخوان.. الرئيس الأمريكى يوقع أمرا تنفيذيا لمواجهة سموم الإرهابية ويمهل مسئوليه 45 يوما.. القرار يشمل مراجعة فروع الجماعة فى مصر والأردن ولبنان.. وتكساس تواصل التحقيق فى أموال التنظيم الإرهابى    محاكمة 115 متهماً في خلية المجموعات المسلحة.. اليوم    أحمديات: تعليمات جديدة لدخول السينما والمسارح والملاعب    حمزة العيلي يعلن قائمة المكرمين في مهرجان المنيا الدولي للمسرح بدورته الثالثة    أول تعليق من رئيس الاتحاد السكندري بعد أحداث نهائي المرتبط    ضبط أنصار مرشح بتهمة التحريض على نشر مقاطع مصورة بدائرتي مصر القديمة والمنيل    ترامب يمهل مسئوليه 45 يوما لتصنيف فروع الإخوان كجماعة إرهابية    بينها مصر، البيت الأبيض: تصنيف جماعة الإخوان كمنظمات إرهابية عالمية في 3 دول    ضبط 180 قضية سرقة تيار كهربائي وإغلاق 5 محال مخالفة لترشيد استهلاك الكهرباء بالجيزة    تضامن قنا تعيد إعمار منزل بعد مصرع 3 شقيقات انهار عليهن السقف    عمرو أديب يعلق على بيان النيابة العامة حول واقعة مدرسة سيدز: التفاصيل مرعبة.. دي كانت خرابة    ضبط سيدتين من الفيوم حاولتا إدخال مخدرات داخل الطعام لمسجون بالمنيا    ألمانيا تنصح رعاياها بشدة بعدم السفر إلى فنزويلا بسبب توتر الوضع بالبلاد    مصدر بالاتحاد السكندرى: تقديم اعتراض على رفض تأجيل مباراة نهائى دورى السلة    طرح برومو فيلم خريطة رأس السنة.. فيديو    أمريكا: قلق في مجتمع الصوماليين فى مينيسوتا بعد تهديد ترامب بإنهاء وضع الحماية المؤقتة    العدل الأمريكية تطلب من قاض السماح بنشر المواد الخاصة بهيئة المحلفين الكبرى في قضية إبستين    إصابة سيدة بطلق ناري على يد طليقها في المنيا.. ما القصة؟    عمرو أديب: التجاوزات طبيعية في الانتخابات بمصر.. والداخلية تتعامل معها فورا    البيان الختامي لعملية التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025.. المرحلة الثانية    وكيل توفيق محمد يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي وموعد تحديد مصيره    مفتي الجمهورية: التعليم الصحيح يعزز الوازع الديني ويصون المجتمع من التطرف    عمرو أديب عن انتخابات مجلس النواب: سني علمني أن الطابور الكبير برا مالوش علاقة باللي جوا    أيمن العشري: المُنتدى المصري الصيني خطوة مهمة وجديدة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري المشترك    إطلاق أكبر شراكة تعليمية بين مصر وإيطاليا تضم 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية.. غدًا    إذاعة القرآن الكريم تُحيي الذكرى ال 45 لرحيل الشيخ الحصري    مراسل الحكاية: المنافسة قوية بين 289 مرشحاً على 38 مقعداً في انتخابات النواب    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    ارتفاع حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي.. اللجنة العلمية لكورونا تحذر: اتخذوا الاحتياطات دون هلع    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    مستشار الرئيس للصحة: مصر خالية من أى فيروسات جديدة (فيديو)    إقبال كبير علي اللجان الانتخابية خلال الفترة المسائية بدمياط    مفتي الجمهورية: الإسلام دين سلام وعدل وأفعال المتطرفين لا تمتُّ إليه بصلة    هل يجوز طلب الطلاق من زوج لا يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح!    رئيس الوزراء يشارك بالقمة السابعة بين الاتحادين الأفريقى والأوروبى فى أنجولا.. صور    أحمد المسلماني يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    يسرا ودرة يرقصان على "اللي حبيته ازاني" لحنان أحمد ب "الست لما"    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطاب الألم‏..‏ الدين والدولة والطائفية
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 06 - 2010

يرفض الكاتب نبيل عبد الفتاح وصف حالتنا الدينية المحتقنة حاليا‏'‏ بالفتنة الطائفية‏'‏ ويري‏,‏ ومعه حق أن هذا المصطلح الديني الوضعي عرقي المصدر‏,‏ يفتقر إلي الدقة‏,‏ بل ويذكي الإدراك الجمعي بالطائفية‏.‏ بصراحة صادمة‏,‏ ولغة تكشف لا تواري‏,‏ واقترابات تداوي ولا تداري‏,‏ اقتحم عبد الفتاح المنطقة الشائكة في علاقة الدين بالدولة‏,‏ غير عابئ بحقول الألغام السياسية والدينية والسيوسيو ثقافية‏,‏ مقدما مساهمة في نقد الخطاب المزدوج في كتابه المهم‏'‏ الدين والدولة والطائفية‏'‏ عن مؤسسة المصري لدعم دراسات المواطنة وثقافة الحوار‏.‏
بمنهجية عالية نقدا وتحليلا وتفكيكا وتركيبا تتبع المؤلف جذور الجدليات حول الدين والدولة في مصر‏,‏ وتوقف طويلا عند المادة الثانية من الدستور الخاصة بالشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع‏,‏ مرورا بالصراع علي الهوية بأشكاله المتعددة ما بين عروبة أو فرعونية مصر أو غربنتها وصولا للأمة القبطية لدي بعضهم‏.‏
للمواطنة مساهمة مهمة من الكتاب ومن الخطاب الذي انتجه مسلمون وأقباط في مواجهة أشكال ومصادر التوتر الديني الإسلامي المسيحي‏.‏
أما التغير والتذبذب فكان سمة لخطاب جماعة الإخوان المسلمين حول مواطنة الأقباط إلي أن جاء عام‏1995‏ وأصدرت الجماعة‏'‏ هذا بيان للناس‏'‏ وفيه تم الإعلان عن مواطنة الأقباط‏.‏ إلا أن البرنامج الانتخابي للجماعة لا يزال يقيد هذا الاعتراف في زاوية الولاية العظمي ورئاسة الدولة‏.‏
ينتقد الكتاب عجز السياسات الرسمية في استئصال جذور الطائفية‏,‏ مؤكدا أن الحالة الدينية في مصر ليست علي ما يرام منذ أوائل عقد السبعينيات من القرن الماضي‏,‏ لا يكاد يمر عام إلا وتحدث وقائع عنف طائفي تخلف وراءها بعض الضحايا من الجرحي أو القتلي‏,‏ أو المصادمات المادية والحرق وإتلاف المنازل وأحيانا دور العبادة‏.‏
وأخطر ما في ملفات الأزمة الطائفية المستمرة والممتدة منذ أواخر عقد الأربعينات وحتي آخر واقعة طائفية‏,‏ أن السياسات الرسمية الرامية لمواجهة أنماط العنف الطائفي لم تحقق سوي الأهداف العارضة والسريعة الرامية لاحتواء كل أزمة أو توتر طائفي دونما استئصال للجذور المنتجة للنزعة الطائفية التي استشرت وتوغلت في التركيبة الاجتماعية المصرية‏.‏
أما موطن الداء في النزاعات الطائفية فيراه في أنها راكمت ذكريات مؤلمة ومشاعر كراهية وبغضاء وشحناء دينية‏,‏ شكلت ما يمكن أن نطلق عليه ثقافة الكراهية الدينية‏,‏ وحولت المصريين علي اختلاف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والاجتماعية إلي مسلمين وأقباط‏.‏
للآسف كسرت الثنائية الدينية الإسلامية والمسيحية الانتماء القومي للأمة المصرية وفق معانيها السياسية والاجتماعية والثقافية والرمزية الحداثية‏.‏
يعاود نبيل عبد الفتاح الاشتباك مع الانفجار الطائفي في مصر‏,‏ من أحداث الخانكة إلي دير أبو فانا إلي المجالس العرفية التي قد تسكن الداء وتخفف العرض دون بتر للمرض أو أسبابه‏,‏ فما الذي حدث حتي بات العنف الطائفي جزءا من مفردات حياتنا اليومية‏,‏ عنف رمزي ولفظي وعلاماتي تكتشفه تصريحا وتلميحا في ثنايا الازدواجية والمراوغة والكذب في السلوك والتعبير بين المسلمين والمسيحيين‏,‏ بما يصنع في النهاية خطاب الألم المزمن لا الأمل الدائم‏.‏
خطاب مراوغ مزدوج في الصحف والفضائيات والكتب وفي الإشارات والعلامات الثابتة والمتحركة علي أربع عجلات بالمرافق العامة‏.‏
خطاب المجاملات الظاهرة باللغة والصفات المائعة والمتكررة عن الوحدة الوطنية والأخوة المشتركة وإعلانات محمد وبطرس ودراما‏'‏ حسن ومرقص‏',‏ خطاب ممل تسمعه في المحافل العامة والاجتماعات الرسمية والاحتفالات المتلفزة المعروضة علي التليفزيون وغالبا ما ينطق به رجال الدين الرسميون وأشباههم وبعض رجال السلطة والأمن‏,‏ أما خطاب الباطن فهو كالنار تحت الرماد‏,‏ ينتج ويستهلك في دوائر أكثر ضيقا‏,‏ في دور عبادة ووسط جماعة المؤمنين بالدين‏,‏ أو المذهب‏.‏ أو داخل جماعة دينية سياسية‏,‏ وينطوي علي سلبيات ونقائص تنسب للآخر الديني والمذهبي التي تنفيه وتحوله إلي‏'‏ شيطان‏'‏ و‏'‏عدو‏'.‏
بمشرط جراح فاهم ومحترف‏,‏ وقف الكتاب علي أبرز أسباب تكرار العنف والتوترات الدينية الإسلامية والمسيحية‏,‏ وهو قانون الدولة الذي لم يعد مطبقا بصرامة وحسم في تفاصيل الحياة اليومية‏,‏ الشيطان يكمن حقا في التفاصيل‏,‏ فدولة القانون لا تكمن في المبادئ العامة والأساسية لسيادة القانون علي العلاقات الاجتماعية والسياسية في البلاد‏,‏ وإنما في آليات التطبيق العادل‏,‏ والنزيه والمنصف أيا كان الوزن والمكانة السياسية والاجتماعية للمخاطب بأحكام القانون‏.‏
كذلك‏,‏ فإن أسباب العنف الديني لا تخرج عن دائرة التحول الديني من الإسلام إلي المسيحية والعكس‏,‏ أو الزواج بين مختلطي الديانة والمذهب وتحديدا بين بعض المسلمين والمسيحيات‏,‏ أو ترميم وبناء الكنائس وإقامة الصلوات في أماكن دونما ترخيص والنزاع علي ملكية وحيازة بعض الأراضي‏,‏ كما في حالة دير أبو فانا‏.‏
ومع آسف‏,‏ خلعت صبغة الطائفية علي أي خلاف عادي بحثا عن مكسب أو بعثا لفتنة نائمة في مرقدها‏,‏ فأولوية السير بين بعض قادة السيارات الخاصة سرعان ما تتحول إلي مشكلة طائفية بهدف الهروب من تطبيق قانون الدولة علي أطرافها ومساءلتهم ومحاكمتهم علي انتهاك أحكام القانون‏.‏ خلافات الجيرة‏,‏ أو علي الري في الأراضي الزراعية‏,‏ أو خلاف علي شراء زجاجات مياه غازية سرعان ما يتحول ليوصف خطأ بعنف طائفي برغم أن أصل الحكاية خلاف بين البائع والمشتري علي استرداد رهن الزجاجة‏,‏ ورغم أن ما بين البائع والمشتري‏'‏ يفتح الله‏'‏ في زمن مضي‏,‏ إلا أن ما بينهما الآن‏'‏ عنف طائفي‏'.‏
وما العمل؟ الإجابة لدي عبد الفتاح‏:‏ عند قلة واعية من أبناء الأمة المصرية الواحدة التي كانت تقف كآخر حائط صد ضد الانهيارات والغلو الديني المتطرف‏-‏ وسلطة الجهلاء الجدد علي الجانبين الذي لا يستفيد منه سوي ذوي العقول المغلقة والأرواح السجينة في معتقلات التعصب الديني الذي يتنافي مع روح التسامح المصري الإسلامي المسيحي الذي كان‏!‏
ويبقي السؤال‏,‏ هل هناك حوار في مصر وفي إطاره يدور الحوار الديني؟
البعض يري وجود هذا الحوار بالأعناق والقبلات بين رموز من المشايخ والقساوسة عبر وسائل الإعلام القومية والخاصة والمتاحة عبر الإنترنت‏,‏ وآخرون يعتقدون بأن ما يحدث هو أصدق تعبير عن حالة اللا حوار‏,‏ وبين هذا وذاك يقف المؤلف يصف ما يحدث بأنه أقرب إلي السجال غالبا‏,‏ مع بعض التنابذات والهجاءات أحيانا‏,‏ وقلة من المشهد يمكن وصفها بالحوار الموضوعي حول قضايا عامة وخاصة‏.‏ والمحصلة خطاب حول خطاب وآخر حول آخر والمراوغة تفرض نفسها‏..‏ والازدواج سيد الموقف‏.‏

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.