بعد أن تخلي الأطباء عن إجراء ختان الاناث, أصبح عليهم مهمة أخري ذات اهمية خاصة في محاربة هذه العادة الضارة بصحة البنات جسديا ونفسيا. وهذه المهمة تتمثل في سرعة الإبلاغ والتدقيق في كتابة التقارير الطبية في حالة استقبال اي طفلة أو فتاة تعاني من مضاعفات اجراء الختان لها لإمكان محاسبة من قام باجرائه قضائيا وحصول الفتاة علي حقها عما تعرضت له من انتهاك جسدي, وذلك بوصف الحالة بأنها قطع لجزء من جهازها التناسلي دون وجود ضرورة, وعدم الاستهانة بالتفاصيل, وتجنب وصف الحالة بأنها عملية حتي لا يضفي عليها صفة طبية. كما يجب الحذر من عودة اجراء الختان سرا علي أيدي القابلات( الدايات) وحلاقي الصحة بعد أن فشلت محاولات تطبيبه وإعطائه زورا صفة العمليات الجراحية الطبية. هذه الأمور كانت من أهم ما طرح في اللقاء الذي نظمته شبكة انتاكت التابعة لمجلس السكان الدولي بمناسبة اليوم الوطني لمناهضة ختان الاناث, وذلك في إطار اهتمام المجلس بتحسين صحة النساء الذي بدأ منذ خمسين عاما ومحاولاته حمايتهن من العادات الضارة, وهو اللقاء الذي شارك في افتتاحه صفاء الكوقلي المدير الاقليمي لمجلس السكان الدولي ود. نهلة عبد التواب مدير البرنامج الإقليمي للصحة الانجابية بالمجلس, ود. ايان اسكيو مدير خدمات الصحة الانجابية بالمجلس في نيروبي, وأظهرت المناقشات أن من بين الممارسات الضارة التي ساهم المجلس في مناهضتها ممارسة ربط أرجل الفتيات في الصين, حيث كان الصينيون يقومون بربط أرجل الصغيرات علي قطعة من الخشب حتي تتوقف أقدامهن عن النمو ليحتفظن باحدي صفات الجمال وهي صغر حجم القدم! هذا هو المبرر المعلن لهذه العادة التي كانت تسبب احيانا العجز للفتيات وتعيقهن عن المشي بصورة طبيعية, اما السبب الخفي فهو اعاقة الفتاة عن الخروج من البيت حفاظا علي سمعتها وعفتها. تلك الممارسة الصينية الغريبة تتشابه الي حد كبير مع عادة ختان الاناث التي تنتشر في بعض الدول الافريقية ومن بينها مصر, حيث يرجع التمسك بها للاعتقاد بأنها تحافظ علي عفة البنت من جهة وأن لها أساس ديني من جهة أخري, وهما اعتقادان ثبت عدم صحتهما. لذا تم وضع خطط وبرامج للتوعية بضرورة مناهضة هذه العادة وذلك بمشاركة الجمعيات الأهلية والجهات الحكومية وبعض الهيئات الدولية ومن بينها مجلس السكان الدولي الذي كانت آخر انشطته هذا اللقاء لتقييم مابذل من جهود, وعرض لبعض الدروس المستفادة من البرامج والتدخلات الخاصة بمكافحة ختان الاناث,وإلقاء الضوء علي بعض التحديات وسبل التغلب عليها للقضاء علي هذه العادة الضارة. ومن جهتها أكدت د. نهلة عبد التواب أن جهود مناهضة الختان في مصر بدأت منذ عشرينيات القرن الماضي علي أيدي الجمعيات الأهلية, غير أن دخول المجلس القومي للطفولة والامومة مع الجمعيات أحدث نقلة نوعية مما أسهم في تحقيق انجازين مهمين هما صدور فتوي دينية بتحريم الختان وصدور قانون بتجريم الختان. وعرضت مني أمين منسقة البرنامج القومي المصري لمناهضة ختان الاناث بوزارة الأسرة والسكان أهداف البرنامج والمراحل التي مر بها, موضحة ان ربط البرنامج بتنمية المرأة وتمكينها كان له أثر جيد في الاستجابة لرفض الختان وأكدت أهمية دور الجمعيات الأهلية ومساندة رجال الدين في اصدار قانون تجريم الختان عام2008. كما عرضت غادة برسوم مديرة برنامج الفقر والشباب بمجلس السكان الدولي تقرير توثيق الخبرة والحركة ضد الختان, مشيرة إلي أن استجابة القري التي طبق بها المشروع القومي كانت أفضل بكثير من القري التي لم يطبق بها, وناقشت د. فاطمة الزناتي مؤشرات المسح الديموجرافي الصحي لعام2008 والتي من أهمها ان نسبة ختان الامهات المتعلمات لبناتهن أقل من غير المتعلمات حيث تقل النسبة كلما ارتفع المستوي التعليمي للأم. ومن جهته نبه المستشار محمد محب الي اهمية التدخل قبل حدوث الختان, وأكد أهمية تعريف الأطباء بكيفية كتابة التقارير الطبية في حالة فحص طفلة تعرضت للختان, وقد أيده في الرأي د. عز الدين عتمان المدير التنفيذي للمؤسسة الأهلية المصرية لرعاية الخصوبة, مؤكدا أهمية معرفة الاطباء بالطب القانوني والقانون الطبي. وكان ثمرة اللقاء إجماع المشاركين علي أن ما تحقق في مصر بشأن ختان الاناث هو محل فخر مقارنة بما تحقق في دول أخري, وطالبوا بتفعيل لجان حماية الطفل وتعريف العاملين بالجمعيات الأهلية بها والتوسع في تدريب رجال الشرطة الذي يتم حاليا علي الاجراءات التي يجب اتباعها بشأن الختان, والإعلان عن العقوبات التي توقع علي مرتكبي هذه الجريمة,واعترفوا بأن هناك تحديات مازالت تواجه جهود مناهضة ختان الاناث وفي مقدمتها محاولات تطبيبها وأكدوا أهمية تدريب الأطباء ليس فقط علي رفض هذه الممارسة الضارة بل لتعريفهم بكيفية كتابة التقارير المتعلقة بها. وأوصوا بالاهتمام بفئات ذات صلة وثيقة بنجاح واستمرار الجهود التي بذلت في هذا الاطار, مثل طلبة كليات الطب وأطباء الامتياز والشباب وطلبة الجامعات والدعاة وأئمة المساجد والتركيز علي الجانب التنموي والاهتمام بتعليم الفتيات.