يا مشوية يا مسلوقة.. خبير يوضح طريقة تناول لحوم عيد الأضحى    بالصور.. اصطفاف الأطفال والكبار أمام محلات الجزارة لشراء اللحوم ومشاهدة الأضحية    أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات أول أيام عيد الأضحى 2024    سعر الدولار أول أيام عيد الأضحى 2024    عيد الأضحى 2024.. "شعيب" يتفقد شاطئ مطروح العام ويهنئ رواده    النمر: ذبح 35 رأس ماشية خلال أيام عيد الأضحى بأشمون    ترامب يتحدى بايدن لإجراء اختبار معرفى ويخطئ فى اسم الطبيب.. التفاصيل    لواء إسرائيلي متقاعد: الحرب في غزة فقدت غايتها    باحثة: 93 دولة تتحرك لدعم المحكمة الجنائية في مواجهة إسرائيل    السجون الروسية: معتقلون احتجزوا رهينتين من موظفي سجن بمنطقة روستوف    يورو 2024| تشكيل صربيا المتوقع لمباراة إنجلترا    أخبار الأهلي: لجنة التخطيط تفاجئ كولر بسبب ديانج    برشلونة يستهدف ضم نجم مانشستر يونايتد    سباليتي يكشف أوراقه أمام "الماتادور"    "الأوقاف": المحافظون ونوابهم يشهدون صلاة العيد ويشيدون بالتنظيم    محافظ الغربية يزور إحدى دور الأيتام بطنطا لتوزيع هدايا الرئيس    العثور على جثة طالب تعرض للغرق بصحبة صديقه فى الصف    حسن الخاتمة.. وفاة سيدتين من قنا خلال أداء مناسك الحج    وزير النقل يتابع حركة الركاب بالمترو والقطار الكهربائي أول أيام عيد الأضحى    بالفيديو- شاهد كيف تعامل عمرو دياب مع المعجبين في أول حفلات عيد الأضحى؟    إصابة شاب فلسطينى برصاص قوات الاحتلال فى مخيم الفارعة بالضفة الغربية    بالفيديو.. شريف منير يحتفل بالعيد بشكل كوميدي    ما أفضل وقت لذبح الأضحية؟.. معلومات مهمة من دار الإفتاء    100 دعاء لأبي المتوفى في عيد الأضحى.. اللهم اجزه عن الإحسان إحسانا    محافظ أسيوط يستقبل المهنئين بحلول عيد الأضحى المبارك    وكيل وزارة الصحة تتفقد القافلة الطبية أمام مسجد الدوحة بالإسماعيلية    أفكار جديدة لأشهى الأكلات في أول أيام عيد الأضحى 2024    الآلاف يؤدون صلاة عيد الأضحى داخل ساحات الأندية ومراكز الشباب في المنيا    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد ناصر الكبير    شلالات بطعم الفرحة، أهالي الغربية يلقون البالونات على المواطنين احتفالا بالعيد (بث مباشر)    حاج مبتور القدمين من قطاع غزة يوجه الشكر للملك سلمان: لولا جهوده لما أتيت إلى مكة    البنتاجون: وزير الدفاع الإسرائيلي يقبل دعوة لزيارة واشنطن    درجات الحرارة اليوم 16- 06 - 2024 في مصر أول أيام عيد الأضحى المبارك    المالية: 17 مليار دولار إجمالي قيمة البضائع المفرج عنها منذ شهر أبريل الماضى وحتى الآن    ارتفاع تأخيرات القطارات على معظم الخطوط في أول أيام عيد الأضحى    أكثر من 23 ألف ماكينة صرف آلي تعمل خلال إجازة عيد الأضحى    الأرقام مفاجأة.. إيرادات فيلم اللعب مع العيال ل محمد عادل إمام ليلة وقفة العيد    التونسيون يحتفلون ب "العيد الكبير" وسط موروثات شعبية تتوارثها الأجيال    بالصور.. محافظ الغربية يوزع هدايا على المواطنين احتفالا بعيد الأضحى    عيد الأضحى.. 79 مركزا للشباب في بني سويف يستقبلون المصلين    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى بمسجد بدر    جوميز يضع اللمسات النهائية على خطة الزمالك لمواجهة المصري    كرة السلة، الاتحاد يكتفي بهذه العقوبة على لاعب الأهلي    قائمة منتخب السلة استعدادًا لمعسكر التصفيات المؤهلة للأولمبياد    محافظ كفرالشيخ يزور الأطفال في مركز الأورام الجديد    بلالين وهدايا.. إقبالًا الآف المواطنين على كورنيش مطروح في عيد الأضحى المبارك    ما هي السنن التي يستحب فعلها قبل صلاة العيد؟.. الإفتاء تُجيب    بن غفير: من قرر تطبيق هدنة في رفح لا يجب أن يبقى في منصبه    الثلاثاء.. حفل حسين الجسمي ورحمة رياض في الكويت    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    فى خشوع وتضرع لله.. آلاف المواطنين يؤدون صلاة عيد الأضحى بساحة أبو الحجاج الأقصري    محافظ السويس يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد بدر.. صور    أنغام تحيي أضخم حفلات عيد الأضحى بالكويت وتوجه تهنئة للجمهور    لإنقاذ فرنسا، هولاند "يفاجئ" الرأي العام بترشحه للانتخابات البرلمانية في سابقة تاريخية    العليا للحج: جواز عدم المبيت في منى لكبار السن والمرضى دون فداء    ريهام سعيد: محمد هنيدي تقدم للزواج مني لكن ماما رفضت    دعاء لأمي المتوفاة في عيد الأضحى.. اللهم ارحم فقيدة قلبي وآنس وحشتها    للكشف والعلاج مجانا.. عيادة طبية متنقلة للتأمين الطبي بميدان الساعة في دمياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقائق الأشياء ثابتة

بهذه العبارة الدقيقة المكثفة تبدأ كثير من أمهات الكتب التراثية الإسلامية رحلتها التفصيلية في شرح عقائد الإسلام‏,‏ وشرائعه‏,‏ وأخلاقه‏.‏ ولم تكن تلك البداية عبثا من القول‏,‏ بل كانت ذات هدف محدد‏. وهو أن يترسخ في العقل البشري بادئ ذي بدء أن المعاني التي يدركها الإنسان أو التي يعتنقها كالحق والعدل والصدق ذات حقائق ثابتة صلبة عامة‏,‏ وبدون هذا الثبات والصلابة والعمومية لا يمكن الحديث عن عقائد‏,‏ أو شرائع‏,‏ أو أخلاق‏,‏ لأن المعايير حينئذ لن تكون واحدة‏,‏ والقيم حينئذ لن تكون ثابتة‏,‏ وصدق الله تعالي إذ يقول ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن‏.‏
هناك إذن ثوابت عقلية عامة مشتركة بين بني الإنسان قاطبة‏,‏ وهناك ثوابت عامة مشتركة في دائرة الإسلام بخاصة‏,‏ هي ما اصطلح علي تسميته المعلوم من الدين بالضرورة تلك التسمية الدقيقة التي تعني ببساطة أنه إذا ما ورد ذكر الإسلام علي الأسماع فإن كل من سمع به يعلم علما يقينا بثوابته من عقائد وشرائع وأخلاقيات محددة مقننة‏,‏ يمتثل المسلم لها‏,‏ ويقر بها ولقد تكفلت الأحاديث النبوية الصحيحة ببيان هذه الأسس الثابتة الإيمان‏,‏ والإسلام‏,‏ والإحسان بوضوح شديد‏.‏
هذه الثوابت ليست قيدا علي حرية المسلم‏,‏ ولاتقف عقبة تعرقل حركته‏,‏ أو تعطل انطلاقه بل هي الرباط الذي تلتئم في إطاره جماعة المسلمين‏,‏ و المنهج الذي ينظم حركتهم‏,‏ ومن ثم فهي ليست موضع نقاش أو مثار اختلاف‏,‏ ولو أن تلك الثوابت قد خضعت للجدال أو للتأويل إثباتا ونفيا‏,‏ أو تعديلا وتحويرا لما أصبحت ثوابت ولا انفرط عقد الأمة‏,‏ وذهب كيانها أدراج الرياح‏.‏
بيد أن هذه الثوابت قد ابتليت في العصور الراهنة بفريقين‏,‏ يمسك أحدهما بطرف التفريط من جهة‏,‏ ويمسك الآخر بطرف الإفراط من جهة أخري بلا عدل ولا شفاعة‏.‏
فالأولون يرون في الثوابت قيودا تناقض العقل‏,‏ وتقف عائقا أمام حرية التفكير والاجتهاد‏!!‏ ومن ثم فهي أعني تلك الثوابت فيما يزعمون ليست واحدة بل هي خاضعة للتفسير‏,‏ بحيث يصبح من حق كل فرد أن يتصورها كما يري‏,‏ وأن يفهمها بقدر ما يستطيع‏!‏
ولست أدري كيف يكون الحديث عن ثوابت ثم يتم تجريدها علي يدي هذا النفر‏,‏ من كل ثبات وعمومية‏,‏ كيف تكون ثوابت وهي التي لولا وحدتها وثباتها لما كانت ثوابت؟ ثم كيف يراد لها أن تتكثر بتكثر الأغراض والأمزجة والمشارب وتميل معها حيثما مالت؟ فيكون لكل امرئ ثابت خاص‏,‏ ولكل عصر ثابت منفرد؟ وكيف يكون حال الحياة إذن حين تشيع فيها النسبية علي هذا النحو المفزع؟ ولذلك فقد أحسن التراثيون المسلمون صنعا حين أطلقوا علي هذا النهج من التفكير العندية في إشارة ذكية إلي أن الحقيقة الواحدة كالحق أو العدل أو الصدق تكون تبعا لهذا النهج المعوج عند كل امرئ غير ما عند الآخر‏!‏ وحينئذ تهتز القيم وتتأرجح المعايير بل تصبح هشيما تذروه الرياح‏.‏
لقد أتي علي تاريخ الإنسانية الفكري حين من الدهر غلبت عليه تلك الروح التي أنكرت ثبات الحقائق‏,‏ لكن الانسانية سرعان أن عادت إلي صوابها ونفضت عنها ردة تلك النسبية التي أوشكت أن تعصف بالقيم جميعا‏,‏ سواء بإنكار الحائق الثوابت جملة‏,‏ أو بادعاء كل فرد أنه يمتلك الحق في تفسيرها كيفما يشاء‏,‏ وعلي النحو الذي يشتهي فيكون للحق ألف معني‏,‏ وللخير ألف تفسير‏,‏ وللصدق ألف تأويل‏!‏
أجل إن الأمة الإسلامية قد تختلف في الرأي وتتعدد في الاتجاهات في جميع ميادين الفكر‏,‏ لكن ذلك إنما يتم تحت مظلة الثوابت‏,‏ كما يتم أيضا منضبطا بضوابط الاختلاف الرصين‏,‏ والتعدد القويم‏,‏ وما كان المختلفون من محققي المسلمين يختلفون دون منهج ضابط‏,‏ ولا تتعدد آراؤهم اتباعا للهوي‏,‏ بل جعلوا للخلاف علوما‏,‏ وللبحث والمناظرة آدابا‏,‏ وللاجتهاد شروطا وقواعد‏,‏ وبدون ذلك ينقلب الاختلاف إلي ضرب من الفوضي الفكرية المقيتة‏,‏ التي تأتي علي البنيان من القواعد‏!‏
أما الآخرون المتشبثون بطرف الأفراط فقد وقفوا من قضية الثوابت موقف الصديق الجاهل‏,‏ فأدخلوا في نطاق الثوابت ماليس بثوابت‏,‏ فإذا بالمختلف فيه عند العلماء والمحققين الثقات وقد أضحي علي أيديهم ثابتا متفقا عليه‏,‏ إما واجبا يجب فعليا أو حراما يجب تركه وإذا بالمكروهات لديهم وقد أصبحت محرمات منهيا عنها معاقبا عليها‏,‏ وبالمندوبات وقد أصبحت واجبات محتمة‏,‏ وأوصدت أبواب المباحات بابا إثر باب‏,‏ وفتحت أبواب المكروهات والمحرمات علي مصاريعها‏,‏ فتضخمت علي أيديهم الثوابت‏,‏ مما أوقع المسلمين في الحرج‏,‏ وأصاب التهويل توافه الأمور وأشكالها الجوفاء‏,‏ بينما أصاب التهوين عظماءها وجلائها‏,‏ وانصرفت الأمة عن واجباتها العظمي في إقامة العدل والحرية والنهوض العلمي‏,‏ والتقدم الحضاري‏,‏ وتفرغت للخلافات الهامشية التي فرقتها إلي معسكرات تتقاذف التهم وتتنازع حول ما لا ينبغي فيه التنازع‏!‏ وهكذا أصيبت قضية الثوابت بالالتباس‏,‏ وهي التي ينبغي أن تظل بمنأي عن كل التباس‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.