وسط ظواهر الفضائيات المتعددة وخطف الأبصار وإبهار الشاشة البيضاء وصولات وجولات الكاميرا وخداعها في كثير من الأحيان تبقي الكلمة المسموعة بشموخها ورصانتها والتزامها بالمصداقية واحترام الذات المصرية والعربية. هي الأصل وهي المذاق الحلو لكل الذين تعودوا الاستماع إليها وتربوا علي صدق أجيالها المتعاقبة, الذين شكلوا بها وجدان الانسان المصري والعربي. فقد كانت وستظل هي الباقية قبل الكاميرا في نفوس المستمعين والمشاهدين أيضا,ومنذ أيام وبالتحديد الاثنين31 مايو احتفل اصحاب الكلمة المسموعة بالعيد السادس والسبعين لإذاعتهم المصرية, الذي يوافق نفس اليوم من عام1934 كأول إذاعة في المنطقة العربية تحمل عبر أثيرها افكار وإبداعات كبار الكتاب والمفكرين والعلماء والادباء والسياسيين ورجال الدين ليكونوا أول القافلة التي حملت علي اكتافها مسئولية التنوير والتثقيف ونشر الفنون الإذاعية المصرية في ارجاء المنطقة العربية, وأستطيع من خلال متابعتي لدورها طوال اربعين عاما وتجربتي العربية كمستشار إعلامي سابق لسفارتنا المصرية بسلطنة عمان علي مدي أربع سنوات وكشاهد عيان لمجالات التعاون الإعلامي الإذاعي بين إذاعتنا العريقة والاذاعات العربية في الدول الشقيقة توضيح بعض الجوانب المهمة لإعلامنا المسموع وتأثيراتها الإيجابية علي مسيرة العمل الإذاعي العربي بوجه عام مع بعض مقترحاتنا لدعم رسالة الاذاعة المصرية وتحقيق طموحات رموزها من جيل الرواد الراحلين والكبار أمد الله في عمرهم والاجيال الحالية الذين ساروا علي دربهم, لكي تبقي الكلمة المسموعة كما تسلموها منهم باقية بمصداقيتها ودورها في بناء الاجيال. الاذاعات العربية: لم يبخل الإعلام المصري بخبرات رواده الاذاعيين علي الاذعات العربية الوليدة خاصة في سنوات نشأتها الأولي فكانوا بحق سندا قويا لها فقد تعلم منهم شباب الإذاعيين العرب أصول الفن الإذاعي بداية من إعداد وتقديم النشرات والبرامج الإخبارية, والتعليق علي الأنباء والاخراج الاذاعي, والدراما, والمنوعات, وغيرها, ويذكر كثير منهم ممن أصبحوا نجوما ساطعة في الإعلام العربي المسموع وبكل التقدير انهم تتلمذوا علي ايدي خبراء الاذعة المصرية. معهد التدريب الإذاعي: اول معهد في المنطقة العربية يفتح ابوابه منذ نشأته لتدريب شباب الإذاعيين العرب والأفارقة علي الفنون الإذاعية من خلال اساتذة رواد في هذا المجال ليصبح هذا المعهد العريق جامعتهم المفتوحة التي تمنحهم في نهاية مدة التدريب شهادات التخرج التي تثبت تفوقهم في استيعاب أحدث ما وصل اليه التطور في الفنون الإذاعية المسموعة ويعود لكل منهم لبلاده مذيعا ناجحا متمكنا وقادرا علي الاسهام في تنمية مجتمعه. ولنا لدعم رسالة الإذاعة المصرية وتحقيق طموحات أجيالها بعض المقترحات الآتية. اهتمام المسئولين في الدولة بما تبثه الإذاعة من برامج وحوارات وقضايا مسموعة, مقابل اهتمامهم بالبرامج والحوارات المرئية, فقد يتبين لهم ان هناك موضوعات أهم قد اثيرت في الاذاعة دون ان يستمع اليها هذا المسئول أو ذاك وتحتاج الي تدخل من جانبه ولكن تفضيله لبرامج الشاشة البيضاء اضاع عليه فرصة الاستماع الي هذه الموضوعات الاكثر اهمية وربما مصداقية. تخصيص ميزانية أكبر للنهوض بالعملية الإذاعية يستفيد منها كل العاملين بالإذاعة من مذيعين ومعدين وكتاب ومؤلفين و موسيقيين وإداريين وغيرهم, ولا ننكر أن المهندس أسامة الشيخ قد بدأ اولي خطواته في هذا الشأن بمضاعفة المكافآت الممنوحة للعاملين في الإذاعة جميعا من خلال مسابقة الاذاعيون يبدوعون التي تبثها الإعلامية انتصار شلبي رئيسة الإذاعة وقد اسهمت هذه المسابقة في تشجيع روح التنافس بين المذيعين والبرامجيين والإداريين ايضا,وبما يجعل الجميع يعملون في النهاية وبكل الحب من اجل الارتقاء بإذاعتهم العريقة التي توارثو حبها جيلا بعد جيل.