لا أعرف وصف الشعور الذي ينتابني عندما استمع إلي هذا الصوت لا أعرف وصف الشعور الذي ينتابني عندما أستمع إلي هذا الشريط.. نوع من الروحانية والوجد والسمو.. يجعلني أرتفع إلي السماء.. أنفصل عن هذا العالم.. المليء بالمشكلات والهموم والزحام والمشاحنات.. وأحلق.. وأحلق هناك بلا تفكير.. وبلا أمل.. وبلا ذكريات أشعر وكأن الملائكة تحف بي.. ترسل لي نسائم من الجنة.. وعطورا لم اتنسمها من قبل.. حالة نادرا ما أعيشها.. و صعب أن تتكرر كل ذلك حدث لي وأنا استمع إلي شريط »في حضرة المحبوب« تأليف المبدع: نبيل خلف وألحان وليد سعد وغناء وائل جسار.. لا أَمْل من الاستماع إلي هذا الشريط مرات ومرات وكأنه الملجأ والمفر إلي عالم جميل وساحر نفتقده ونبحث عنه.. هل حقا يستطيع مؤلف وملحن ومطرب القدرة علي تحقيق هذا »السمو الوجداني« كما يقول المتصوفة أدركت اننا جميعا في حاجة إلي مثل هذه الكلمات وهذه الألحان لكي نذهب إلي هناك.. حيث الراحة والنعيم.. حيث الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم الذي دعا إلي المحبة والأمل والكرم.. في عالم صعب وشاق.. يقتل الابن أباه والأخ أخاه من أجل حفنة دنانير لا تغني ولا تسمن من جوع.. في عالم تقطعت فيه أوصال الأرحام.. وأصبح هم الجميع اللهاث وراء لقمة العيش.. في وسط كل هذا الضجيج يأتي ذلك الصوت السماوي »وائل جسار« ليمد لنا يده ويأخذ بأيدينا إلي هناك.. بعيدا.. وتعزف الألحان لتطهرنا من كل أدران هذا الزمن.. لا اعرف هل اشكر المؤلف و المغني والملحن.. فالشكر لا يكفي أم ادعو لهم بأن يجازيهم الله عنا خيرا وأن يجعله في ميزان حسناتهم.. لا أعرف.. كل ما أريد قوله.. إنني اعيش مع هذه الكلمات حالة افتقدها وأحن إليها.. ولا استطيع الكتابة أو التعبير الكافي عنها.. واعتقد ان الجزاء عند الله وحده الكريم العاطي.. الوهاب. يكفيني من هذا الشاعر.. انه يملك المشاعر!! السبت: رحم الله الشاعر الكبير بيرم التونسي.. فهو الذي جعلني أهوي وأحب الزجل علي الرغم من أنني واقع تحت تأثير الشعر!.. وقديما قالوا: إن الشعر ما أشعر.. وهذا التعريف جعلني من أحباب الشاعر الكبير بيرم التونسي.. ووقعت في غرام صوره الشعرية والشاعرية فلا يستطيع أن يتجاوز وجداني كلام.. عمنا.. بيرم التونسي في قصيدته الرائعة التي تغنيها كوكب الشرق أم كلثوم عن النيل وهي تشدو بكلمات الشاعر الجميل بيرم عندما قال: أنا وحبيبي يا نيل.. نلنا أمانينا!.. مطرح مايسري الهوي ترسي مراسينا!.. وقال في صورة شعرية لا يقدر عليها إلا شاعر مفطور علي فن القول الجميل.. وهو الشعر.. فهو يقول في قصيدة النيل: أنا وحبيبي يا نيل غايبين عن الوجدان! يطلع علينا القمر.. ويغيب كأنه مكان!.. بايتين حوالينا نسمع ضحكة »الكروان«!!.. علي سواقي بتنعي ع اللي حظه قليل يانيل!.. والناي علي الشط غني.. والقدور بتميل علي هبوب الهوي لما يمر عليل يانيل!! وقبل ما اسمع بيرم وأم كلثوم تشدو بكلمات الشاعر الكبير.. كنت ومازلت واقعا تحت تأثير الصورة الشعرية للشاعر الكبير الفذ محمود حسن إسماعيل في رائعته النهر الخالد عندما قال.. وشدا بما قال المطرب الكبير والملحن الذي لا نظير له محمد عبدالوهاب.. في موسيقاه بقصيدة النهر الخالد.. وخاصة المقطع الذي يسبق ويمهد لكلماته التي يقول فيها محمود حسن إسماعيل: سمعت في شطك الجميل.. ما قالت الريح للنخيل.. يسبح الطير.. أو يغني.. ويشرح الحب للخميل!! وكنت اتصور انني لن اطرب مثلما طربت بعد قصيدة النيل لأمير الشعراء أحمد شوقي التي مطلعها: من أي عهد في القري تتدفق؟! ولكن الشاعر الفذ والموهوب.. لا يمكن ان يلغي شاعرا موهوبا آخر!!.. ورحم الله المفكر والشاعر عباس محمود العقاد الذي قال: والشعر نفس من الرحمن مقتبس.. والشاعر الفذ عند الناس رحمني!! فكما قلت ومازلت أقول أنا الآن أمام ثلاثة شعراء كبار جدا.. وثلاثتهم قالوا في موضوع واحد وهو النيل!.. وكل كلمة من كلماتهم الرائعة لها مذاقها الخاص بها!.. وقديما قالوا: وكل مليحة بمذاق!! وفي هذه الأيام.. كنت أقرأ لزجال هو عضو مؤسس رابطة الزجالين.. وكتاب الأغاني.. ومؤلف معتمد من الإذاعة والتليفزيون منذ عام 3691.. وهو ملحن أيضا.. وعازف عود جميل العزف.. ولكن ربما لا نعرفه لأنه قضي في المملكة العربية السعودية نحو ثلاثين عاما.. وكان فنانا في كتابة »الخط« العربي الجميل.. الأمر الذي جعلني لا استطيع أن أحدد مجالات ابداعه.. فهو متنوع بين الشعر والزجل و الوجدان الشاعري.. والموسيقي.. وجمال الخط.. علما هو في الأصل من رجالات التربية والتعليم.. وظل يعمل بالتدريس.. حتي وصل إلي درجة »موجه«.. وهذا الرجل الفنان.. والموسيقي زين الدين بغدادي.. هذه الموهبة الشاعرة قد لا يعرفها إلا القليل في بر مصر.. لانه بكامل اداوته تحول إلي مبدع بعيدا عن الوطن واكتفي بان يكون ضوءا يأتي من بعيد.. وانا لا ألوم.. لأن كل مكان ينبت العز طيب!!.. وهو قد اختار.. وأحسن الاختيار.. أختار ان يكون بجوار »الكعبة« المشرفة.. في مكةالمكرمة.. واختار اعظم جوار.. وهو جوار الرسول الكريم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.. وهذا اكرم جوار! وهذا الفنان الكريم له نفحات متواضعة وخجولة في مجال الشعر أقف عندها مثل: في الحلم.. صادفت »ملاك«.. تمثل لي بشرا.. إنسان! في عينيها صفاء.. ونقاء.. وإباء.. وبراءة نور وإيمان!.. وجمال وكمال.. وجلال.. وطعامة.. وسحر حنان!.. عسلية »أوي« وبعيون عسلية.. وليها وقار فتان! في جمالها روايح راحة »واحة« تخلي الروح في أمان! وجهها فيه أحلي نضارة.. ودفء حرارة.. وفيض وجدان! وكريم وعظيم.. وأصيل ونبيل.. وبديع لوحة فنان! ويواصل الزجال الفنان زين بغدادي كلامه عن تلك الإنسانة البديعة.. ويصف كرمها وسخاءها.. وعطاءها لدرجة أنها اعطت طفلته سلسلة ذهبية .. وكانت في الأصل تبحث لها في حقيبتها عن شيكولاتة أو حلويات.. فلم تجد سوي السلسلة الذهبية لها عن طيب خاطر! الأمر الذي جعل الزجال البغدادي يقع في هواها.. ولايزال يهواها!! وأخيرا شكرا يا أخي زين الدين البغدادي.. علي هذه الأمسية التي قضيتها معك.. ومع ابداعاتك.. أيها الرجل الطيب!.. وقديما قالوا: إن الشعر ما أشعر ونزار قباني شاعر العربية الأكبر يقول في احدي قصائده: شعرت بشئ فكونت شيئا! وحسبي من الأستاذ الزجال البغدادي.. انه صاحب مشاعر!! الهروب من زمن الهيافة الأحد: أنا الآن أبحث عن لغة »سرية« أعبر بها عن المعاني العبثية في داخلي!! وفشلت في العثور علي هذه اللغة »الخفية« التي تجعلني أتحدث بها إليكم وسبب ذلك شعور غريب يجعلني أشعر بأنني كائن »نمطي« وأنا أريد »التفرد« كما انني أخاف علي نفسي من الانحراف وأخاف علي لغتي من الانجراف، وأخاف علي تفكيري من التشتت أو التشرد!! وأنا في هذه الأيام لم أعد أقرأ أو اسمع إلا كلمات قبيحة وأسأل من أين جاءت.. وأسأل أيضا عن ظاهرة تأنيث الكلمات فمثلا كلمة »الاشكال« أصبحت »الاشكالية« وجهاز فض المنازعات أصبح »آلية« فض المنازعات، وليس بعيدا ان أقرأ أو أسمع عن جهاز فض المنازعات بأن اصبح »شركة متعددة الجنسيات« واسمع وأقرأ عن الفاعليات وآليات السوق وما علي المتحدث الذي يريد أن يوهمنا بثقافته وعلمه إلا ان يقول: أن المسألة في رأيي وفي تقديري هي قضية شفافية.. لوجستية، ولا بأس ايضا من ذكر بعض الكلمات التي تحولت من ذكر إلي أنثي.. ولا أعرف من هو الطبيب الذي قام بهذه العملية مثل كلمة العقل التي اصبحت عقلانية وكلمة الصدق التي تحولت إلي مصداقية وأنا أعرف الفرق بين الصدق والمصداقية التي هي الثقة في كل قول أو فعل، وكلمة احتفال التي صارت احتفالية ورحم الله ذلك الشاعر الذي قال يوما: لا الشمس يعيبها التأنيث.. ولا التذكير فخرا للهلال!! ويبدو أن الكلمات كانت في الأصل »أنثي« لا تعرف التذكير، وأراد المتحدثون في زماني هنا أن يعيدوا الكلمات إلي أصلها وهو التأنيث.. وهات يا كلام عن عصر المعلوماتية والملوخية!! كلام.. ضاع في الزحام الاثنين: أنا أكتب وسط الزحام.. ولا استطيع أن اتبين الوجوه الكثيرة، وبصري موزع بين زحام البشر كما أنني أخاف علي نفسي من تعثر الخطوات لأن اقدامي من الزحام.. لا تعرف موضع الخطو منها.. والزحام الذي أنا فيه زحام يشبه الظلام.. فالوجوه الكثيرة التي لا تعرف ملامحها كما لو كنت أحاول رؤيتها في الظلام.. لذلك فأنا أري أن الزحام في حياتنا في كل شيء.. زحام في برامج التليفزيون.. مسلسلات تظلم بعضها بعضا.. ومثلها في ذلك مثل الكلام الكثير الذي ينسي بعضه بعضاً!!