وكيل التعليم بالدقهلية يبحث الاستعدادات لانطلاق انتخابات النواب    أوقاف الدقهلية تنظم 150 قافلة دعوية بمراكز الشباب    محافظ القاهرة وعضو نقابة الصحفيين يبحثان سبل التعاون المشترك    براتب 7000 جنيه.. العمل تعلن 600 وظيفة جديدة للشباب    نائب وزير الخارجية يدعو المصريين بالخارج للمشاركة بانتخابات النواب    قرارات هامة للعمال المصريين في لبنان    ترقب في الأسواق المصرية قبل اجتماع المركزي.. وخبراء يتوقعون خفض 50 نقطة أساس    البورصة تشارك في جلسة نقاشية حول خطط تطوير السوق وتفعيل الآليات الجديدة    ارتفاع سعر الذهب 15 جنيها اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    البترول: اكتشاف جديد بخليج السويس يضيف 3 آلاف برميل يوميًا    هيئة الرقابة المالية تحدد رسوم فحص طلبات تسوية المنازعات في مجال التأمين    الأمم المتحدة تعتمد القرار السنوي بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير    مصر ترحب باعتماد جمعية الأمم المتحدة قرارا بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير بأغلبية ساحقة    وزارة التخطيط تبحث تفعيل مذكرة التفاهم مع وزارة التنمية البحرينية    إندونيسيا: إجلاء أكثر من 900 متسلق عالق بعد ثوران بركان سيميرو    وفاة والدة الدكتور شريف فاروق وزير التموين    كل ما تريد معرفته عن قرعة الملحق العالمي والأوروبي لكأس العالم 2026    طاقم تحكيم مباراة الزمالك وزيسكو يصل القاهرة اليوم    ضباب | نصائح هامة للتعامل مع الشبورة المائية أثناء القيادة    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    ضبط (10) أطنان دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    ضبط 138813 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    عرض 6 أفلام قصيرة ضمن البانوراما المصرية بمهرجان القاهرة السينمائي    بعد طلاقها من «عصام صاصا».. جهاد أحمد تحذر المتطاولين    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    تفاعل كبير مع أغنية محمد رمضان Don't Know تضمنت كلمات والده الراحل    صحة الدقهلية تطلق منصة "صوتك صحة" لاستقبال شكاوى المواطنين    وكيل صحة الأقصر يتفقد التطعيمات ورعاية صحة التلاميذ والطلبة بمدارس مدينة الطود.. صور    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    بيراميدز: لا صفقات تبادلية مع الزمالك.. ورمضان صبحي يعود نهاية الشهر    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    "الشباب والرياضة" تدشن "تلعب كورة" لاكتشاف 2000 موهبة في دمياط    محمد صبحى يكشف أسباب التوسع الدولى لجامعات مصر وزيادة الطلاب الوافدين    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    «السماوي يتوهج في القارة السمراء».. رابطة الأندية تحتفل بجوائز بيراميدز    سقوط أخطر بؤرة إجرامية بمطروح والإسكندرية وضبط مخدرات وأسلحة ب75 مليون جنيه    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    الشعب الجمهوري ينظم مؤتمرا جماهيريا لدعم مرشحي القائمة الوطنية بالشرقية (صور)    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 فى بداية التعاملات    النزاهة أولًا.. الرئيس يرسخ الثقة فى البرلمان الجديد    الصحة بقنا تشدد الرقابة.. جولة ليلية تُفاجئ وحدة مدينة العمال    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المونديال‏..‏ الكرة والرأسمالية والاستعمار‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 06 - 2010

من أهم النظريات في مجال العلاقة بين كرة القدم والتطور الذي حدث في العالم في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين نظرية البروفيسور بيتر اليجي أستاذ التاريخ في جامعة ميتشجان الأمريكية تقول هذه النظرية‏. ضمن ما تطرحه‏,‏ إن الأوروبيين استخدموا لعبة كرة القدم وسيلة لتمدين الشعوب التي استعمروها وتعليمها القيم الرأسمالية وفضائل المدنية الغربية‏.‏ فالأداء الجيد في هذه اللعبة يحتاج إلي التدريب الذي يعتبر ضروريا كذلك للارتقاء بالاقتصاد في النظام الرأسمالي‏..‏ كما يقتضي هذا الأداء انضباطا ونظاما وتنسيقا بين اللاعبين وهذه كلها بدورها من مستلزمات نجاح النشاط الاقتصادي الحر والصناعة الحديثة‏.‏
ولما كانت الفترة التاريخية التي حدث فيها ذلك هي نفسها التي شهدت ما اسماه الزعيم الشيوعي فلاديمير لينين دخول الرأسمالية مرحلة الامبريالية‏,‏ ربما يجوز القول إن انتشار كرة القدم في المستعمرات كان أحد تجليات هذا التحول‏.‏
وفي جنوب افريقيا تحديدا‏,‏ حيث يقام المونديال الذي سيفتح يوم الجمعة القادم‏,‏ أنشأت الشركات الإنجليزية فرقا لكرة القدم وشجعتها علي التنافس فيما بينها وتنظيم مباريات‏.‏
ويستنتج من هذه النظرية‏,‏ وإن لم تقل ذلك صراحة‏,‏ أن الاستعمار استخدم كرة القدم أداة للهيمنة ووسيلة لتوجيه الشعوب التي خضعت له وإعادة تأهيلها فإلي جانب أن المستعمرين اعتبروا كرة القدم عاملا من عوامل تمدين هذه الشعوب‏,‏ وبالتالي تحقيق رسالة الرجل الأبيض فقد افترضوا أن هذه اللعبة تساعدهم في تصريف الانفعالات وتنفيس الاحتقان‏,‏ وتساعد في ترويج السلع المرتبطة بها‏.‏ كما أن إنشاء فرق للكرة علي خطوط الانتماء العرقي والديني والقبائلي والعشائري في بعض البلاد المنقسمة اجتماعيا‏,‏ وخصوصا في افريقيا كان مؤشرا علي تعمد إذكاء الهويات الأولية أوالتقليدية لحجز تطور الهوية الوطنية‏.‏
وبغض النظر عن مدي فاعلية هذا النوع من التوظيف الشرير للعبة التي أصبحت هي الأولي عالميا‏,‏ فهناك ما يدل علي أن استخدامها لتصريف انفعالات متنوعة أصبح سمة ملازمة لها حتي اليوم‏.‏ فالانغماس في مؤازرة فريق كرة قدم بعينه والتفاعل معه في المسابقات التي يخوضها وصلا إلي الذروة‏,‏ يساعدان في تصريف انفعالات شتي وإذا كان التعصب لهذا الفريق يعبر عن حالة عصبية فهو قد يساهم في امتصاصها أو تفريغها بدلا من أن تتجه وجهة أخري‏.‏ وعندما يحدث ذلك لدي مساندة فريق يلعب باسم هذه الدولة أو تلك‏,‏ فهو قد يكون تعويضا عن طموحات وطنية محبطة أو غير متحققة والمعركة المصرية الجزائرية التي نشبت خلال تصفيات التأهل إلي نهائي المونديال الجديد ليست بعيدة فقد بدا الأمر وكأن مشجعي المنتخبين الوطنيين في حال حرب وليسا في منافسة كروية‏.‏
وإذا صح أن بعض رواد الاستعمار الغربي أدركوا مبكرا جدا هذا الميل المتضمن في لعبة كرة القدم إلي التعصب الذي قد يبلغ مبلغ التطرف والبغضاء‏,‏ علي نحو ما تذهب اليه نظرية البروفيسور ايجي‏,‏ فهذا يدل علي مدي ما تمتعوا به من عبقرية شريرة‏.‏
غير أن عبقريتهم هذه لم تلبث أن انقلبت عليهم حين استخدمت بعض الشعوب التي خضعت لهيمنتهم اللعبة نفسها ضمن أدوات نضالها الوطني الذي استهدف التحرر من الاستعمار فصارت تلك القطعة المطاطية المكورة والمنفوخة وسيلة من وسائل بناء وتدعيم الهوية الوطنية وسبيلا من سبل مقاومة الاستعمار‏.‏
ومن أكثر الأمثلة دلالة علي ذلك قيام جبهة التحرير الوطني الجزائرية بتأسيس فريق لكرة القدم يحمل اسم الوطن وعلمه بالرغم من أن معظم لاعبيه كانوا يلعبون في الفرق الفرنسية فقد كان الجزائريون هم الذين وضعوا تقليد استعانة فرق كرة القدم في كثير من الدول الأوروبية بلاعبين أفارقة صار بعضهم الآن أركانا ليس فقط في فرق تنتمي إلي نواد رياضية ولكن أيضا في فرق بعض المنتخبات الوطنية في بلاد اكتسبوا جنسيتها‏.‏
وكان لجوء جبهة التحرير في الجزائر إلي استخدام كرة القدم أداة للنضال الوطني ضد الاستعمار الفرنسي أحد عوامل نجاحها‏,‏ لأن الفريق الذي شكلته نشر اسمها وعلمها ليس فقط في أنحاء الوطن الذي كان محتلا ولكن أيضا علي المستوي الدولي‏.‏
وفي مصر أيضا لعبت كرة القدم دورا وطنيا في مواجهة الاستعمار البريطاني في وقت مبكر مقارنة بالجزائر‏,‏ وعبر أندية رياضية أسست فرقا لهذه اللعبة‏,‏ وفي مقدمتها النادي الأهلي ونادي الزمالك‏(‏ المختلط في ذلك الوقت‏)‏ بخلاف ما يقال عن أن هذا الاخير كان خاضعا للإنجليز المستعمرين حينئذ‏.‏ ومن المؤلم أن تشيع هذه الرواية المغلوطة في أوساط مشجعي فريق الكرة بالنادي الأهلي الآن‏,‏ علي نحو ما شاهدناه خلال مباراة القمة الاخيرة في كأس مصر فقد وضع بعضهم العلم البريطاني علي لافتة بيضاء بخطين حمراوين ترمز إلي نادي الزمالك‏,‏ ورددوا هتافات مشينة تتهم هذا النادي بأنه نشأ في كنف الانجليز‏,‏ وأنه بالتالي‏,‏ نادي الخونة والعملاء‏,‏ والأكثر إيلاما أنه عندما يهتم قطاع الشباب بتاريخنا الوطني يسيئون فهمه ويسيئون إليه‏.‏
لقد كان القصد من وراء مطالبة شبابنا بقراءة تاريخ وطنهم وأمتهم والعالم هو أن يعرفوا ويعوا حقيقة ما حدث ليستوعبوا دروسه‏,‏ لا أن يؤولوا هذا التاريخ وفقا لأهواء مريضة ونزعات غير حميد ة فكان لكل من الناديين العريقين دوره في دعم النضال الوطني المصري‏,‏ مثلهما مثل أندية أخري في بعض المستعمرات التي تحولت كرة القدم فيها إلي أداة من أدوات التحرر الوطني دون أن تفقد طابعها المتصل بالنظام الرأسمالي‏.‏ وإذا كان ارتباطها بهذا النظام قد بدا موضع شك حين ازدهرت في بعض دول المنظومة الاشتراكية في الربع الثالث من القرن الماضي مثل المجر وتشيكوسلوفاكيا فقد صار هذا الارتباط واضحا الآن من أي وقت مضي عبر صفقات بيع وشراء اللاعبين في داخل بلادهم وعبر العالم‏.‏
وتخلق هذه الصفقات الآن تغيرا اجتماعيا هائلا وغير طبيعي في بعض المجتمعات حيث ينتقل لاعبون من أسفل قاع المجتمع إلي إحدي أعلي قممه الاجتماعية في غضون سنوات قليلة‏.‏ وهذه هي حال ساحر الكرة الجديد ليونيل ميسي‏,‏ الذي يتطلع مئات الملايين في العالم إلي ما سيفعله في مونديال جنوب إفريقيا اعتبارا من السبت القادم حين يلتقي منتخبا الارجنتين ونيجيريا‏..‏ فهذا المالتي مليونير الآن هو ابن لأب كان عاملا في أحد المصانع وأم كانت عاملة نظافة‏.‏ وهو ليس فريدا في هذه النقلة الصاروخية ولكنه قد يكون مثالا صارخا علي دور كرة القدم التي عرفها عصر الاستعمار التقليدي‏.‏
المزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.