أجهضت استقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يهود أولمرت مفاوضات إسرائيلية فلسطينية تمت عقب مؤتمر عقد في الولاياتالمتحدة في مدينة أنابوليس, والتي استمرت لمدة عام ونصف العام. وتمت علي ثلاثة مستويات رئيس الوزراء الإسرائيلي مع محمود عباس( أبومازن) رئيس السلطة الفلسطينية, وتيسيفي لفني وزيرة الخارجية مع أحمد قريع( أبوعلاء) ووزير الدفاع باراك مع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. وتوقفت المفاوضات المباشرة عقب حرب إسرائيل علي قطاع غزة في( ديسمبر2008 يناير2009) ثم وصول حكومة نتنياهو للحكم في فبراير2009. وعقب ذلك بدأت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة في القيام بوتيرة متصاعدة لتهويد القدس وهدم البيوت, وبناء المستوطنات, واستمرار البناء في الجدار العازل الذي يمزق أوصال المدينة المقدسة والضفة الغربية. وبدلا من أن تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطها علي إسرائيل للاستجابة للقانون الدولي بعدم تغيير الأرض المحتلة تبعا لاتفاقيات جنيف فضلا عن عدم مشروعية الاستيلاء علي الأراضي بالقوة ووقف التوسع الاستيطاني بالقدس, فإنها مارست ضعوطها علي السلطة الفلسطينية باعتبارها الأضعف في مقاومة الضغوط الأمريكية السياسية والاقتصادية والأمنية. ووقعت السلطة بين شقي الرحي, المطالب الأمريكية لاستئناف المفاوضات من ناحية ثم الرغبة الشعبية الفلسطينية التي تري أن المفاوضات هدف إسرائيلي لتمضية الوقت حتي إتمام المشاريع الاستيطانية وليست وسيلة لإحقاق دولة فلسطينية علي أرض احتلت عام67, وفي محاولة من السلطة الفلسطينية التحرر من هذه الضغوط فقد وضعت مسئولية اتخاذ قرار استئناف المفاوضات غير المباشرة علي مائدة لجنة المبادرة العربية المكونة من فلسطين الأردن مصر سوريا لبنان تونسالجزائر المغرب السودان قطر بالإضافة إلي أمين عام الجامعة العربية التي قررت في اجتماع قمتها الأخيرة في ليبيا استمرار المبادرة العربية وأقرت اللجنة في2 مايو الجاري بدء المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين. وباعتبار حركة فتح كبري فصائل المنظمة فقد اجتمعت لجنتها المركزية مع اللجنة التنفيذية للمنظمة في8 مايو الجاري وأقرت بدء المفاوضات غير المباشرة ولم يكن اعتماد الاجتماع تلقائيا لأن أبومازن عرض ماعبر عنه بأنه التزام أمريكي أو تعهدات أو علي الأقل تطمينات التزمت بها الولاياتالمتحدة عن طريق موفدها إلي الشرق الأوسط جورج ميتشل وبررت ذلك بأنه استجابة لمطالب الولاياتالمتحدة واللجنة الرباعية الدولية ولجنة المتابعة العربية وبما قدم من تعهدات أمريكية ولتفويت الفرصة علي إسرائيل لادعائها رفض الفلسطينيين للتفاوض, وقد عارض ذلك كل من الجبهة الشعبية, لتحرير فلسطين, الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين, حزب الشعب بالإضافة إلي المعارضة من حماس والجهاد الإسلامي غير المنضمتين تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطيني واشترطت القيادة الفلسطينية أن تتم المفاوضات غير المباشرة خلال فترة التوقف لبناء المستوطنات في الضفة الغربية والتي ستنتهي في سبتمبر المقبل, وكذلك وضع مرجعيات للتفاوض وهي القرارات الدولية338,242 وقرارات مؤتمر مدريد الأرض مقابل السلام وكذلك المبادرة العربية, علي أن تتناول المفاوضات التي يقوم بها المبعوث الأمريكي ليس بمهمة ساعي البريد فقط بل بتقديم مقترحات أمريكية تساعد علي جسر الهوة بين الطرفين واشتراطات تناول جميع ملفات الصراع: القدس اللاجئين المستوطات الحدود الأمن الأسري الجدار العازل المياه نسبة تبادل الأراضي فك الحصار عن غزة إزالة قيود الحركة في الضفة الغربية(600 حاجز) والأغوار( وادي نهر الأردن الذي يشكل27% من مساحة الضفة الغربية). ولكن المواقف الإسرائيلية في كل هذه الملفات معلنة وواضحة ولايستطيع نتنياهو تغيير مواقفه فيها بسهولة لارتباطات حزبه( الليكود) مع أحزاب يمينية متطرفة في تشكيل الوزارة الإسرائيلية والتي رأت في مجرد بدء التفاوض تنازلا إسرائيليا غير مقبول, وتري القدس عاصمة أبدية لإسرائيل لايشاركها فيها أحد وغير قابلة للتفاوض حولها, وأن المستوطنات في يهودا والسامرة( الضفة الغربية) حق توراتي لإسرائيل وأن الأغوار لايمكن أن تسلم للفلسطينيين حتي لايكون هناك اتصال مباشر بين الأردن وفلسطين, وكذلك رغبتها في تبادل أراضي تصل إلي6% من مساحة الضفة الغربية( بدون الحدود المائية علي البحر الميت) وأن حصار غزة ومنع أنواع من الطعام مثل المكرونة والبقدونس مثلا من ضرورات الأمن القومي الإسرائيلي فضلا علي أن إعادة بناء عشرات الآلاف من المنازل التي هدمتها في الحرب وعدم إدخال أي مواد بناء رغم قرارات مؤتمر المانحين في شرم الشيخ في مارس2009 والتي تعهد بتقديم أربعة مليارات دولار أمريكي للإعمار في غزة لم يتم صرف دولار واحد منها أو إدخال أي مواد بناء مما حدا بوكالة غوث اللاجئين( الأنروا) ببناء منازل للاجئين من الطين لتقيهم برد الشتاء وحر الصيف وذلك من ضرورات الأمن القومي الإسرائيلي المهدد. فهل تستطيع الولاياتالمتحدة تحقيق ماقاله رئيسها أوباما في جامعة القاهرة من أن السلام في المنطقة مصلحة أمريكية؟