تخطئ دول منابع النيل السبع إذا اعتقدت أن الاجراءات المنفردة يمكن أن تفيد أحدا فالحل الوحيد الممكن لأي خلافات تنشب بين دول المنبع والمصب هو التعاون والتعاون ثم التعاون. واذا كانت هذه الدول قد أصرت علي التوقيع منفردة دون مصر والسودان علي الاتفاقية الاطارية لحوض النيل, فإن الزمن كفيل بأن يوضح لهذه الدول أن التفاوض والتشاور والعمل علي تنفيذ المشروعات المشتركة هي التي تخدم شعوب دول الحوض جميعا. إن هناك نحو20 مشروعا في مجالات الطاقة والري واقتصاديات المياه تم دراستها في اطار مبادرة حوض النيل. ومن شأن توقيع الاتفاقية الاطارية من جانب واحد أن تؤدي كما يجمع الخبراء الي قتل هذه المشروعات.. فهل هذا ما تريده شعوب دول الحوض؟. ثم إن فرص حصول دول منابع النيل علي تمويل دولي لمشروعات كبيرة علي نهر النيل ستكون ضعيفة اذا لم يكن هناك اتفاق بين كل دول الحوض. المسألة اذن في المبتدأ والخاتمة تعود بنا إلي ضرورة التعاون والتفاهم, وادراك أن مبدأ تقسيم دول حوض النيل الي مجموعتين الأولي دول المنبع, والثانية دولتا المصب أمر مرفوض تماما. ومصر اذ تؤكد دائما حقوقها التاريخية في مياه نهر النيل هبة الحياة بالنسبة لها علي مدي التاريخ, فانها راغبة في الاستمرار في التفاوض واستكشاف شتي السبل الدبلوماسية والقانونية للدفاع عن حقوقها. وهي أيضا سوف تستمر في جهودها لانشاء مفوضيه أو مبادرة تجمع كل دول حوض النيل. ثم إن هناك بالتأكيد مصلحة مصرية في تنفيذ مشروعات طاقة ومياه وتنمية في دول المنبع, لأن مايفيد هذه الدول ينعكس إيجابا علي مصر والعكس صحيح, وبالتالي فلا يصح أبدا وضع المصالح المصرية والسودانية في اتجاه مضاد لمصالح دول المنبع. وفي كل الأحوال, فإن تمسك الجميع بروح الحوار والرغبة في الوصول الي اتفاق يراعي حقوق الدول سواء كانت علي المنبع أو المصب هو الذي يمكن أن يعيد الأمور الي صوابها. ومن الضروري ألا يكون التوقيع احادي الجانب من ناحية دول المنبع بداية للشقاق, بل لابد من بذل الجهد, والعمل علي عودة روح التوافق من خلال الحوار والدبلوماسية.