لم يمنع القانون المظاهرات السلمية لكنه يقف بالمرصاد لأعمال العنف والتخريب والدمار وقتل النفس التي وقع كثير منها للأسف في بعض المحافظات بعد أن اختلط الثوار بالخارجين علي القانون الذين يهدفون لعدم استقرار مصر وشعبها بدعم من قوي خارجية وداخلية.. ومن هنا تصعب المواجهة من رجال الأمن وحدهم لهم, لذلك أعلن الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء أنه لابد من الفصل بين المتظاهرين السلميين بتحديد أماكن لهم والخارجين علي القانون والمعتدين علي الأنفس والمنشآت حتي يمكن التعامل معهم بحسم وفقا للقانون. وباستطلاع رأي رجال القضاء والقانون لكيفية مواجهة عمليات الحرق والقتل والتدمير التي يقوم بها المتظاهرون غير السلميين لم يكونوا علي رأي واحد لصعوبة الوضع لكنهم أجمعوا علي أن القانون يمنح رجال الأمن الحق باتخاذ جميع الوسائل بالتدرج مع هؤلاء القتلة والمدمرين والمهاجمين للمنشآت, مع التعامل معهم بالذخيرة الحية في الأقدام في حالة قيامهم بأعمال خارجة علي القانون. وفقا لكلام المستشار زكريا شلش رئيس محكمة جنايات الجيزة فإن المندسين ينتمون لجهات صاحبة المصلحة فلابد أولا من معرفتها وتحديدها, حيث يستبعد أن يكون هؤلاء المندسون من شباب الثورة فقد يكون هؤلاء تابعين وممولين من جهات في الخارج بمعاونة أفراد في الداخل بقصد النيل من الثوار والثورة بل والنيل من مصر بإحداث فوضي شاملة في البلاد بحيث يصعب علي جهات الأمن التعرف علي الجهات الموجهة والممولة, وكيف يتم مواجهة هؤلاء المندسين؟! يجيب المستشار شلش أن المواجهة تتمثل في القبض عليهم متلبسين والتعامل بحكمة وصولا لضبطهم دون إيذائهم, والحق يقال إن الشرطة كانت تتعامل معهم أفضل تعامل وتم الضغط علي الشرطة بقصد اسقاطها إلي جانب التشكيك في القضاء منذ حكم الرئيس السابق مبارك ومحاصرة المحاكم. وعن موقف القانون يؤكد أن المواجهة يجب أن تتم بالتدرج في التعامل مع المعتدين والمسلحين, بمعني التحذير واطلاق الأعيرة الفارغة مع القنابل المسيلة للدموع وإذا لم يرتدعوا يتم التعامل معهم بالضرب الحي في الأقدام لإضعاف الحركة وشلها وليس الضرب في مقتل, لأنه يوجد أطراف تريد حرق البلد ولذلك يجب علي النظام ألا ينساق وراءها, ويجب أن يتنبه لهذا المخطط والتفاوض مع شعبه ومعارضيه بسرعة, ويفضل المواجهة دون إسالة الدماء إلا في أضيق الأمور, لأن الاحتقان هو سبب وصول البلطجية للعبث بمقدرات البلد ولابد من استئصال الاحتقان أولا. ويؤكد المستشار زكريا شلش أنه لابد قبل مواجهة الشرطة للبلطجية من التأكد أنه ينوي القتل من أمامه, مما يوجب علي الشرطة استخدام الرصاص الحي وبدون إفراط وبغير ذلك فإنه سيكون قد تجاوز في حدود الدفاع الشرعي حتي لو كان مواجها لبلطجي ومجرم, حيث يوجد قواعد قانونية للمواجهة في هذه الحالة وفي حالات الدفاع عن النفس والممتلكات بوجه عام. ويشير إلي أن المتظاهر يجب ألا يكون متخفيا وملثما بحيث لا يكشف عن شخصيته وهويته, والنيابة ليس لها دور في الكشف عن هؤلاء الملثمين والبلطجية والمخربين فهذا عمل المباحث والجهات الأمنية المختلفة سواء المخابرات أو الأمن الوطني بالتعاون مع المباحث الجنائية, فلابد من تكوين فريق متكامل واستخدام كل الإمكانات الأمنية للكشف عن هؤلاء. يوجد ثوار سلميون لهم مطالب لكن في الغالب ما يدخل بينهم خفية بعض الأشخاص ليس لهم علاقة بالثورة والثوار, هذا ما يؤكده الدكتور فتوح الشاذلي أستاذ القانون الجنائي بكلية حقوق الإسكندرية, ويشير إلي أن هؤلاء المندسين يحاولون الاستفادة من الظروف الحالية لتحقيق أغراضهم الإجرامية مثل السرقة والنهب والحرق سواء من المنشآت العامة أو الخاصة, ومواجهة هؤلاء تتم بتطبيق القانون عليهم فيما يتعلق بالعقوبات المقررة في قانون العقوبات سواء كان الاعتداء علي الأشخاص بالضرب المفضي لعاهة أو القتل أو جرائم الاعتداء علي المال أو الأنفس وجميعها جنايات يعاقب عليها قانون العقوبات بالسجن المشدد وأقصي مدة15 سنة, وكذلك يجيز القانون للقائمين علي المنشآت العامة وأصحاب المنشآت الخاصة الدفاع الشرعي عن أنفسهم وأموالهم, وهذا الدفاع الشرعي يمكن أن يصل إلي حد القتل إذا كان هو الوسيلة اللازمة والمناسبة لرد الاعتداء الذي يتعرض له الأشخاص وأموالهم, كما يفرض قانون العقوبات علي الموظفين ورجال الضبط أن يؤدوا واجبهم في الدفاع عن أماكن عملهم, وحفظ الأموال الموجودة في هذه الأماكن ويبيح أداء الواجب القيام بكل عمل من شأنه الحفاظ علي الأموال والممتلكات, فهو يؤدي الواجب ويبيح له القانون أيضا جميع الأفعال الضرورية والمناسبة لحماية المال العام والمنشآت العامة وهذا ما تنص عليه المادة63 من قانون العقوبات. ويوضح الدكتور فتوح الشاذلي أن القانون لا يقرر مسئولية علي رجل الأمن الذي يؤدي واجباته الوظيفية في حفظ الأمن والنظام وحماية الأنفس والأموال فيما يتهددها من أخطار متي قام بهذه الأعمال في حدود الضوابط التي يقررها القانون التي زكرناها في حدود الجرائم والتجريم وأداء الواجب وشروط الإباحة لحسن قيامهم بالمهام المنوطة بهم. ويضيف أن خلاصة ذلك أن تطبيق القانون تطبيقا صحيحا في حدود الضوابط المحددة بالقانون هو الكفيل لمواجهة كل الظواهر الإجرامية التي تشوه ممارسة المواطنين الشرفاء لحقهم المكفول دستوريا في التعبير عن آرائهم وتطبيق القانون يحقق مصلحة الثوار أنفسهم في التعبير السلمي عن آرائهم ويحمي في الوقت نفسه مصلحة المجتمع في الحفاظ علي الأنفس والأموال والممتلكات العامة. وينبه إلي أنه لا يجوز للشخص اخفاء شخصيته وسط المتظاهرين لأن هذا التخفي لا يسمح بالتعرف علي مرتكبي الجرائم حتي لو تم تصويرهم يصعب التعرف عليهم, وهذه أفعال يجب أن يعاقب عليها القانون لأن الموجود في هذا الوضع يهدف في الواقع إلي الخروج علي القانون دون أن تتمكن السلطات من التعرف عليه, ويجب أن يجرم القانون هذه الصورة السيئة الخطيرة, كما يجب علي الثوار الحقيقيين التصدي لهم والتصدي كذلك لحرق المحافظات والاعتداء علي الفنادق والمتاحف وغيرها من أفعال يجرمها قانون العقوبات. ويتابع أن معني التظاهر هو التعبير عن الرأي في الأماكن العامة بشرط ألا يحمل هؤلاء الأشخاص السلاح ودون تخريب أو أفعال أو العدوان علي الأنفس والأموال وعلي هذا ينص الدستور الجديد عندما أعطي المواطنين الحق في أن يعبروا عن آرائهم تعبيرا سلميا غير حاملين سلاح أو غير ذلك ليمكن مواجهته بالسلاح, وأن رجل الأمن عليه واجب منع البلطجة والاعتداء علي الأنفس والأموال قبل وقوعها خاصة إذا أشهر سلاح ووقعت أفعال الاعتداء منا علي رجل الأمن تعقب مرتكبيها والقبض عليهم واتخاذ الإجراءات الجنائية في مواجهتهم, كما يجب علي رجال الأمن حماية الثوار الذين يلتزمون بأماكن التظاهر السلمي ولذلك لابد من إعطاء غطاء قانوني لحماية الثوار. قصور أمني ويؤكد المستشار عبدالعزيز علي أبوعيانة رئيس محكمة جنات الإسكندرية أن المشكلة الحقيقية الآن هي وجود قصور أمني وصل لدرجة الجسامة, بل لدرجة لا يستطيع معها معرفة تبعية المسلحين لأي جهة, مع قصور شديد في التحريات, والإجابة عن مدي تعمد هذه الأحداث التخريبية من عدمه, وكلما حاولت الشرطة البدء من جديد وأن تبدأ العمل بشكل صحيح يتم محاولة هدمها, فهناك يد متعمدة لإضعاف الشرطة وكسر شوكتها مما يوجد حالة من الاضطراب الأمني وعدم الاستقرار. ويضيف يجب القبض علي المجرمين المعتدين علي المنشآت والأنفس, والتعامل بصراحة مع المعتدين علي المنشآت الحيوية والمتظاهرين السلميين لأن من يحرق منشأة لم يخرج للتظاهر والوضع المتلبس الحالي وضع الناس في حيرة.. فمن الناحية القانونية مواجهة البلطجية بالسلاح متاحة قانونا, لكن تكمن المشكلة في أن الرأي العام سوف يتهم رجل الشرطة الذي قام بواجبه بتهم باطلة ولن يحميه أحد في هذا الوقت ويبدو أن هدم مؤسسات الدولة عملية مقصودة ويصعب التكهن بها. ويؤكد في النهاية أنه من الصعب اتخاذ قرار واضح في اطلاق النار علي المعتدين والمجرمين وسط الثوار إلا بالفصل بينهم.