اعرف نفسك.. حكمة قالها الحكيم سقراط.. وهي حكمة عميقة المغزي.. إذ كيف يدير الإنسان حياته دون أن يعرف نفسه, ومواطن قوتها ومواطن ضعفها وميولها واتجاهاتها. وبناء علي هذه المعلومات والتي يلزم فيها الصراحة وعدم المداورة يقرر ماذا يفعل بها أو يفعل معها.. وما هي أهدافه من الحياة.. وكيف يصل إليها؟ المعرفة مهمة جدا.. وبدونها يتخبط الانسان.. ولا يعرف لنفسه اتجاها ولا هدفا ولا وسيلة.. مثل سفينة بلا بوصلة ولا دفة!.. حتي العدو لابد أن نعرفه اعرف عدوك.. لأنك إن عرفت عنه الكثير أمكنك الدفاع عن نفسك واتقاء شره في الوقت نفسه.. وهذا بالأساس يخص الدول.. ولكن شيئا منه قد يكون مفيدا بالنسبة للأفراد بعضهم بعضا.. ولكننا هنا معنيون بمعرفة الإنسان لنفسه.. لابد أن يجلس الانسان مع نفسه ويفكر.. من أنا.. وماذا أريد لحياتي أن تكون.. وما هو هدفي القريب.. وما هو هدفي البعيد.. وما هي السلوكيات التي يتعين علي الالتزام بها والتي تجعلني احترم نفسي وتجعلني محل احترام الآخرين؟ وهل الدنيا هي كل مطلوبي أم أنها طريقي إلي الآخرة؟.. ويتعين علي أن أضبط بوصلتي علي ما يأتي لي بالفوز في الآخرة بجنات النعيم والخلود فيها.. أي كيف أكون في الآخرة من الفائزين وليس من الخاسرين.. الذين اضاعوا آخرتهم بما فعلوا في دنياهم.. وكيف أنظم وقتي وأوظفه لخدمة دنياي وآخرتي.. وما الذي يجب علي أن أفعله.. وما الذي علي أن أتجنبه؟. وأنه ينبغي علي ألا أقلد الآخرين وأحذوا حذوهم فيما يفعلون وفيما يقولون وكيف يسلكون.. إلا من كان اسوة حسنة.. فلا بأس من الاحتذاء به.. ولكن علي علم وبدون تقليد أعمي. بدون معرفة النفس علي ما هي عليه.. لن استطيع أن أجعلها ما أحب أن تكون عليه.. أقومها دائما.. وأحاسبها دائما.. وأوجهها دائما.. عملا بقول الله تعالي:ونفس وما سواها.. فألهمها فجورها وتقواها.. قد أفلح من زكاها.. وقد خاب من دساها..( الشمس7 10). الذي يريد شيئا محددا لابد أن يخطط له جيدا.. وألا أيترك الأمور عائمة أو غائمة.. ولابد أن يعرف الانسان ما لديه.. لكي يبلغ الهدف الذي حدده لنفسه.. وألا يكون الهدف الدنيوي خارج امكاناته أو فوق طاقته. ولكن الهدف الأخروي غير ذلك.. فمن رحمة الله.. أنه هدف يستطيع كل انسان أن يبلغه.. مهما تكن ثقافته أو سعة ادراكه.. وهل هو صحيح البدن أم لديه إعاقة ما.. وهل هو مرتاح في حياته أم مثقل بالواجبات والأعباء؟ لأن هذا هو الهدف النهائي والأهم لكل منا.. فقد جعله الله متاحا لكل منا بالسعي.. ومن أراد الآخرة وسعي لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا..( الإسراء19 ). فمن سعي للآخرة سيصل إليها بعون الله مشكورا.. راضيا مرضيا.. هنيئا لمن سعي للآخرة وفاز بجنة الخلد التي وعد المتقون.. جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا.. لهم فيها ما يشاءون خالدين كان علي ربك وعدا مسئولا..( الفرقان15 16 ).