ثمة ما يشير إلي بدايات تصدع تهدد جبهة الانقاذ بالتفكك أو الانشقاق, تكشفه أعراض طارئة تظهر الآن علي سطح الأحداث تتمثل في سعي البعض إلي إقامة تحالفات ثنائية خارج الجبهة, ومحاولة تقسيمها إلي ثوريين ومعتدلين وفلول, والخلط الخاطئ بين الانتخابات البرلمانية التي تتطلب توسيع دائرة التحالفات الحزبية ومتطلبات الانتخابات الرئاسية التي لم يأت أوانها بعد, إضافة إلي تفكير البعض في أن يكون هناك اكثر من قائمة انتخابية, قائمة للثوريين وقائمة للمعتدلين بعد أن كادت كل الأطراف تتفق علي النزول الي المعركة الانتخابية بقائمة واحدة! يزيد من خطورة هذه الأعراض أن الشركاء الاساسيين في جبهة الانقاذ لا يعملون بشكل مؤسسي يزيد من تماسك الجبهة, ويضمن وحدة الصف ووحدة الهدف, ولا يتحدثون بلسان واحد يؤكد للجميع انهم كتلة صلبة عصية علي التفكيك, ولا يتوافقون علي خارطة طريق واضحة المعالم تحدد أهدافهم علي نحو واضح وترسم الخطوط الخضراء والحمراء التي لا ينبغي لأي من أطراف الجبهة أن يتجاوزها, وتحدد شروط التفاوض مع الحكم دون مغالاة, وتضع ضمن اولويات شروط التوافق الوطني ضمان تعديل مواد الدستور المختلف عليها, من خلال وثيقة ملزمة يودعها رئيس الجمهورية مجلس النواب يوم افتتاح دورته. الحق أن تفكيك الجبهة في هذه الظروف أيا كان سببه وبصرف النظر عن الضالعين فيه, سوف يكون عملا سلبيا خطيرا يفقد الساحة السياسية بعض التوازن الذي حققته في معركة الاستفتاء علي الدستور, فضلا عن أنه عمل يتسم بالانانية المفرطة وقصور النظر, والعجز عن استثمار فرص نجاح واسعة, تكشفها حالة الغضب والنفور الشعبي المتزايد من سوء تصرف الحكم وإصرار جماعته علي معاندة الواقع وانكاره, وضعف آمال فئات واسعة من المجتمع في تحسين أحوالها التي تزداد سوءا, في ظل أزمة أقتصادية خطيرة تعتصر غالبية المجتمع خاصة أصحاب الدخول المحدودة, وغياب اليقين لدي هؤلاء بما سوف تكون عليه احوال البلاد غدا, والخوف القابع في أعماق النفوس من أن يبقي الحال علي ما هو عليه. أخطر ما يمكن أن تقع فيه جبهة الإنقاذ او بعض أطرافها, أن تخلط بين المراحل والاهداف, وتتصور ان المطلوب في هذه المرحلة إضعاف الحكم أو الطعن علي شرعيته, ومحاولة تقويض أركانه, بينما الهدف الصحيح هو حصول ممثلي جبهة الانقاذ علي أكبر نسبة ممكنة من مقاعد البرلمان في الانتخابات القادمة, خاصة ان هناك فرصا يمكن ان تساعدهم علي الحصول علي نسبة تقرب أو تزيد علي أربعين في المئة, تكسر احتكار الحكم والسلطة وتحد من غرور جماعه الاخوان, وتلزمها الاعتراف بانها لن تستطيع وحدها ان تحكم البلاد, لأن هناك شركاء آخرين في هذا الوطن لا يمكن إهدارهم يستندون الي قواعد جماهيرية واسعة. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد