لقد كانت آخر صفحة من كتاب أسرار أسرة الملك الذهبي توت عنخ آمون.. إننا عرفنا من تحليل الDNA من هو أبوه؟ إنه أخناتون العظيم.. صاحب أول دعوة للتوحيد عرفها الإنسان.. وعرفنا من هي أمه؟.. إنها الملكة العظيمة تي زوجة باشا الملوك الفراعنة الملك أمنحتب الثالث ولكن كانت في انتظار فريق الكشف العلمي المصري مفاجأة كبري.. بعدما تم الكشف عن المومياء التي تعرف باسم مومياء السيدة الصغيرة, والتي كان فيكتور لوريه قد كشف عنها ضمن مومياوات أخري في المقبرة رقمKV35 الخاصة بالملكأمنحتب الثاني وذلك عام1898... وقد اعتقد البعض من قبل أن هذه المومياء هي مومياء الملكة نفرتيتي! وقامت الباحثة الانجليزية جوان فلتشر من خلال فيلم أنتجته قناة الديسكفري بالقول إنها كشفت مومياء الملكة الجميلة نفرتيتي, والتي تزوجت من الملك أخناتون وأنجبت منه ست بنات ظهرن معه والملكة في مناظر العمارنة. وقد اعتمدت فلتشر علي العديد من العلامات التي تأكدنا من عدم صحتها, ومنها الكسر الموجود بالفم وأشارت أنه انتقام من الملكة. وقد عارضت أنا هذه السيدة في مناظرات علمية كثيرة في وقت إعلانها الكشف عن مومياء الملكة نفرتيتي وكانت قد قامت بالإعلان عن هذا الكشف دون الرجوع إلي المجلس الأعلي للآثار طبقا لقوانين المجلس, وتناقلت الصحف خبر هذا الكشف الكاذب في كل مكان, ونحن لانعلم شيئا عما يجري! ولذلك قام المجلس الأعلي للآثار باتخاذ قرار حاسم بعدم التعامل مع هذه السيدة, وقد أدي ذلك إلي قيام بعض من أصدقائها الصحفيين في لندن بنشر موضوعات تهاجمني. وأنا لا أعرف ما هو موقف هؤلاء الصحفيين الآن والباحثة الإنجليزية بعدما أثبتنا من خلال تحليل الحمض النووي الDNA أن هذه المومياء المعروفة باسم السيدة الصغيرة هي ابنة الملك أمنحتب الثالث والملكة تي وهي أم الملك توت عنخ آمون الأمر الذي يعني أن الملك أخناتون قد تزوج من أخته الشقيقة, وقد أثر زواج الأشقاء علي صحة الملك توت والذي عرفنا الآن لماذا كان مريضا طوال حياته القصيرة؟ وعلي الرغم من معرفة شخصية صاحبة المومياء إلا أن اسمها لايزال غير معروف لنا إلي الآن, لأن الملك أمنحتب الثالث والملكة تي كان لديهما خمس بنات نعرف أسماءهن وصورهن من خلال النصوص والتناثيل الخاصة بالملك أمنحتب الثالث وزوجته الملكة تي وقد عثر أيضا داخل مقبرة خرو إف بالعساسيف علي مناظر يصور الملك وزوجته ووراءهما36 ابنة عددا فقط دون كتابة أسمائهن! بل تشير النصوص أن هؤلاء النساء هن بنات الملك أمنحتب الثالث والملكة.. بالإضافة إلي عثور ليجران علي أسماء بنات ملكين علي أواني كانوبية بالملقطا, وقد يكونوا نفس الأسماء التي عثر عليها داخل مقبرة العساسيف.. ولذلك سوف يكون من الصعب أن نعرف اسم الأميرة التي تزوجت أخناتون.. وهنا يمكن أن نتساءل: هل أم الملك توت عنخ آمون هي كيا والتي غيرت اسمها بعد زواجها من أخناتون, وولدته ثم ماتت مباشرة؟ وتدل النصوص والآثار من العمارنة علي وجودها, ولذلك أعتقد أن كيا ربما تكون ابنة الملك أمنحتب الثالث! وهنا قد يعبر خاطري سؤل: كيف قام الملك أخناتون بالزواج من أخته؟ الجواب: نحن نعرف أن الملكة تي ماكانت لترضي بعدم وجود ابن ذكر ل أخناتون يتولي حكم مصر من بعده. وقد يكون هناك اتجاه من الملكة نفرتيتي أن يتزوج أخناتون الملك من ابنته الاميرة مريت آتون ولكن جاءت الملكة تي لتقنع ابنها أخناتون أن يتزوج من إحدي بناتها. وقد يفسر ذلك وجود مومياء الملكة تي( السيدة الكبيرة) بجوار مومياء ابنتها داخل مقبرة الملك أمنحتب الثاني رقمKV35 والتي تعتبر الخبيئة الثانية التي عثر عليها بوادي الملوك.. ولكن سيظل هذا محل افتراض دون وجود دليل مؤكد عن كيفية حدوث ترتيبات الزواج الملكي الثاني للملك أخناتون من أجل أن ينجب أبنا ذكرا يخلفه علي العرش! والذي حدث أنه بعد تحديد شخصية مومياء السيدة الشابة اتجه بنا البحث الي الجنينين, والذي عثر عليهما داخل مقبرة الملك توت عنخ آمون داخل الحجرة المعروفة باسم الكنز وبها عثرنا علي مقصورة أنوبيس الشهيرة.. وقد قام دوجلاس ديري أستاذ التشريح بالقصر العيني, والذي كان يعمل مع الاثري هيوارد كارتر بعد الكشف عن مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون في الرابع من نوفمبر عام1922 بنقلهما إلي كلية الطب جامعة القاهرة في عام1930, وأشار إلي احتمال كونهما لأنثيين وأنهما ربما يكونا ابنتي الملك الشاب توت عنخ آمون وقد كنت اعتقد من قبل أن الاجنة ليس لهم صلة بالملك الصغير, وقد شاهدت وأنا أعيش بالعرابة المدفونة موت رجل مسن تم دفنه بمقبرته, وبعد شهر تقريبا مات وليد بعد أن ولدته أمه مباشرة, وقد طلب أهالي الرجل أن يدفن هذا الوليد مع الرجل لكي يمحي خطاياه ويصبح نقيا مثل الطفل الوليد تماما!. وقد تأكد لدوجلاس أن الجنينA أصغر من الجنينB والذي أجهض عن عمر مابين5 7 شهور, واتضح ليهوراد كارتر عدم وجود أي نقوش علي التوابيت الخاصة بهذه الأجنة, ولذلك كان السؤال: ماعلاقة هذه الأجنة بالملك؟ وقد اتصلت بصديقي الدكتور أحمد سامح فريد عميد كلية الطب جامعة القاهرة, وطلبت منه أن يوافق علي القيام بالفحص عن طريق الأشعة المقطعية وكذلك الDNA للجنيين. وقد أصبت بالرعب وأنا أشاهد الجنين الأصغر في حالة سيئة جدا لا تسمح بنقله إلي المتحف المصري للدراسة.. ولذلك استطاع الدكتور يحيي زكريا والدكتورة سمية محمد إسماعيل أن يحصلا علي عينة فقط من الجنين الكبير, وكان من الصعب أن نحصل علي عينة من الجنين الصغير.. وسوف يعاود الفريق العلمي المحاولة للحصول علي عينة للحمض النووي لكن هناك شبه استحالة بالنسبة للحصول علي أي معلومات عن الجنين الصغير من خلال الأشعة المقطعية. وقد أثبتت الاشعة المقطعية أن الجنين الكبير يبلغ من العمر تسعة شهور وأنها طفلة, كما اشار إلي ذلك ديري, ولذلك وجهنا الدراسة لاستكمال شجرة العائلة حيث يتضح لنا أن شجرة العائلة مكتملة عدا العثور علي مومياء الملكة عنخ إس إن آمون وأمها الملكة نفرتيتي وقد وجهنا أجهزة البحث إلي اثنين من المومياوات عثرنا عليهما داخل المقبرةKV21 بوادي الملوك.. وهذه المقبرة هي التي عثر عليها جيوفاني بلزوني عام1817 وبداخلها عثر علي المومياوين علي الأرض بدون غطاء أو تابوت, ولكنهما في حالة جيدة, وكل مومياء تضع الذراع اليسري علي الصدر, مما يؤكد أن المومياء تخص ملكة أو أميرة. وبعد ذلك جاء جيمس بورتون عام1825 وشرح المومياوين, وذكر أنهما لسيدتين بشعر علي الرأس. وزار هذه المقبرة بعد ذلك إدوارد لان عام1826, وكان قد حدث فيضان داخل الوادي دمر المومياتين.. وعندما جاء الأثري دونالد راين من جامعة باسفيك لوثران بأمريكا للعمل بوادي الملوك عام1989 وجد أن المقبرة مدفونة في الرمال تماما ولمسافة ثلاثة أمتار تحت سطح الأرض. وقام بالحفر لإظهار المقبرة واستطاع أن يجمع بقايا المومياوين.. وعثر علي الأيدي في مكان والرأس في مكان آخر واستطاع أن يجمع كل هذه البقايا لتظهر المومياءA كاملة, ولكن المومياء الأخري عثر علي أغلب أجزاء الجسم دون الرأس التي فقدت تماما. وقد تم عمل دراسات مبدئية للمومياتين ليتأكد بعدها أنهما لسيدتين وأن عمرهما يزيد علي25 سنة. وقد قام بوضعهما داخل صناديق خشبية للحفاظ عليهما.. وقد ذهبت لوادي الملوك مع الدكتور يحيي جاد الذي استطاع أن يحصل علي عينات الDNA من المومياوين وقمنا في نفس الوقت بنقلهما إلي المتحف المصري. وقد اتضح من الدراسات المبدئية للحمض النووي وجود صلة بين المومياء الكاملة والجنين الكبير, وهذا قد يشير بصفة مبدئية إلي أن هذه المومياء تخص الملكة عنخ إس إن آمون زوجة الملك توت عنخ آمون والتي تزوجت الملك آي بعد وفاة الفرعون الذهبي, وهناك احتمال أن تكون مدفونة بوادي القرود بجوار مقبرة الملك آي.. ونقوم حاليا بعمل الدراسات الكاملة والمقارنة بين هاتين المومياتين والجنين الذي يبلغ من العمر تسعة شهور, وفي نفس الوقت نحاول الحصول علي عينة حمض نووي للجنين الصغير الذي يبلغ من العمر خمسة شهور, وذلك للتأكيد أنهما بنات هذه السيدة. وإذا استطعنا أن نصل إلي هذا الكشف فسوف يساعدنا علي كشف مومياء الملكة نفرتيتي, وخاصة أننا نعرف أن الملكة نفرتيتي كانت أم الملكة عنخ إس إن آمون زوجة الفرعون الصغير توت عنخ آمون. وقد تكون المفاجأة أن المومياء الأخري تخص الملكة نفرتيتي لتكون جوار مومياء ابنتها تماما مثل مومياء الملكة تي بجوار إبنتها أم الملك توت عنخ آمون.. ومازلنا نقرأ في كتاب أسرار أسرة توت عنخ آمون! www.zahihawass.com المزيد من مقالات د. زاهي حواس