مرة اخري عاد الحديث عن المتأخرات الضريبية وانها يمكن ان تكون موردا لتعويض نقص الايرادات الضريبية المتوقع ان نشهده العام المقبل في ظل الاحداث السياسية والاضرابات التي نعيشها التي اثرت بلاشك علي ربحية كثير من القطاعات الاقتصادية الرئيسية. وبداية فإن النظرة لهذه المتاخرات الضريبية اتسمت لفترات طويلة علي انها اموال متروكة لدي رجال الاعمال بسبب تقصير الدولة ومصلحة الضرائب تحديدا في تحصيلها وهو الاتجاه الذي تعززه حقيقة ان تلك المتاخرات تقدر بالمليارات من الجنيهات. وكما يقول المحاسب القانوني اشرف عبد الغني رئيس جمعية خبراء الضرائب والاستثمار فإن رصيد المتاخرات الضريبية تحرك خلال السنوات السبع الاخيرة نزولا وصعودا حيث بلغ ادني مستوي عام2009/2008 وسجل46.415 مليار جنيه وهو ما يمثل نحو52% من اجمالي حصيلة الضرائب المحققة بالفعل في ذلك العام والتي بلغت89.495 مليار جنيه, اما أعلي مستوي لهذه المتاخرات فكان عام2006/2005 حيث كانت نسبة المتاخرات تبلغ107% من الحصيلة المحققة, ولذا فإن النزول بها الي63 مليار جنيه تمثل57% فقط من حصيلة العام الماضي لا شك انه انجاز يحسب لوزارة المالية. وقال إن هجوم البعض علي مصلحة الضرائب بسبب تركها تلك المبالغ دون تحصيل امر يتجاهل حقيقة مهمة وهي ان90% من مبالغ المتاخرات الضريبية متنازع عليها اي انها ليست ربط نهائي واجب الاداء علي الممول, بجانب ان جزءا كبيرا منها يتعلق بضرائب جهات عامة, فمثلا هناك4 مليارات جنيه ضرائب مستحقة عن عمليات الخصخصة لم تسو حتي الآن, بجانب10.3 مليار جنيه متاخرات علي المؤسسات الصحفية, ايضا هناك متاخرات بنحو20 مليار جنيه علي قطاع الاعمال العام والقطاع العام نصفها تقريبا فوائد وغرامات تاخير. وأضاف ان هناك ايضا متأخرات ضريبية علي ممولين صدرت عليهم احكام باشهار افلاسهم وآخرين صدرت قرارات بالتحفظ علي اموالهم وفريق ثالث توفي عن غير تركة او اموال يمكن التنفيذ عليها لتحصيل حقوق الخزانة العامة للدولة. هذه الحقائق اكدها ممدوح عمر رئيس مصلحة الضرائب المصرية والذي قال ان هناك جهودا تقوم بها المصلحة حاليا لحصر هذه المديونيات علي جميع الجهات واستبعاد المتاخرات التي سقطت أو يستحيل تحصيلها, لافتا الي وجود توقعات بعدم تحصيل20 مليار جنيه علي الاقل من هذه المتاخرات نصفها مديونية المؤسسات الصحفية. واكد عمر ان هناك جزءا من المديونية لا يمكن تحصيلها ترجع لثلاثينيات القرن الماضي, فهي مديونية تاريخية متراكمة منذ بداية تأسيس النظام الضريبي الحديث, لا يتم تحصيلها, الجزء الأكبر منها علي القطاع العام, وشركات قطاع الأعمال التي تمت خصخصتها, أي أنها أصبحت مملوكة لمستثمرين آخرين من القطاع الخاص. وحول اسباب وجود متاخرات ضريبية اشار فرج عبد السميع وكيل وزارة المالية السابق الي ان الاسباب تتعلق بممارسات خاطئة من الممولين بجانب عدم التزام بعض الجهات العامة بتحصيل الضريبة وتوريدها نيابة عن المصلحة مثل جهاز المدعي الاشتراكي, والذي لم يلتزم بتضمين الضرائب المستحقة علي من فرضت الحراسة علي أموالهم ضمن المديونيات المستحقة عليهم عند تقديم كشف بها للمحكمة المختصة لاصدار حكمها ببيع اصول هؤلاء الممولين لسداد تلك المديونية. واوضح ان من الاسباب الاجرائية التي تتسبب في تراكم المتاخرات الضريبية حساب الممول علي ضرائب عدة سنوات دفعة واحدة وليس علي سنة واحدة في كل مرة ايضا فان القانون الحالي قصر سلطة اسقاط الضريبة في يد وزير المالية وهو ما يستغرق وقتا طويلا في حين ان القانون السابق كان يضع حدا أقصي لقيمة المبلغ المراد اسقاطه لكل مستوي اداري بمصلحة الضرائب وبالتالي يتخذ القرار سريعا. وكشف فرج عن وجود نزاع بين الضرائب والشركات والهيئات العامة يؤدي لزيادة قيمة المتاخرات الضريبية يتمثل في ان بعض هذه الجهات العامة تحقق فائضا ماليا في سنة ما وتقوم بتوريده بالكامل للخزانة العامة, ولانها لا تحاسب سنة بسنة تفأجا بان عليها ضرائب مستحقة عن سنة الفائض ولانها حولت الفائض بالكامل لوزارة المالية فلا يمكنها دفع هذه الضرائب وتطلب خصمها من الفائض المدفوع بالفعل للمالية, لكن هذا الطلب لا يمكن تحقيقه لاعتبارات خاصة بالحسابات الختامية للموازنة العامة والتي تم اقرارها بالفعل من الجهات التشريعية المسئولة ولا يمكن فتحها مرة اخري لتخفيض قيمة الفائض المحول للموازنة العامة. ووضع فرج عدة توصيات لعلاج مشكلة المتاخرات الضريبية تتمثل في وضع خطة شاملة لتحصيلها تراعي الوضع الاقتصادي الحالي وفي نفس الوقت تعالج اسباب ظهور متاخرات جديدة وذلك بالعمل علي تفعيل دور التوجيه والرقابة في متابعة سرعة الربط واتخاذ اجراءات التحصيل بالنسبة للملفات المتنازع عليها والتي صدر فيها احكام قضائية نهائية او قرارات من لجان الطعن او اللجان الداخلية. وبالنسبة للمتاخرات علي المؤسسات الصحفية فطالب باصدار تشريع لإعفائها من سداد المتاخرات او ايجاد حل تفاوضي بين الحكومة والمؤسسات الصحفية, وبالنسبة للضريبة علي ارباح الخصخصة والفائض طالب باصدار قرار من وزير المالية لخصم تلك المبالغ من ضرائب هذه الجهات باعتبار ان تلك الاموال دخلت بالفعل الخزانة العامة للدولة. وبالنسبة لتسهيل عمليات الاسقاط الضريبي طالب بانشاء3 لجان عامة للاسقاط بدلا من لجنة واحدة, مع حصر القضايا المنظورة امام القضاء خاصة التي مضي عليها فترة زمنية طويلة وذلك للتنسيق مع وزارة العدل لسرعة انهائها وحسم الضريبة المستحقة.