مازال الإعلان الدستوري الجديد محل جدل ما بين مؤيد ومعارض سواء من القوي السياسية أو رجال القانون والفقهاء الدستوريين, ومنهم الدكتور عاطف البنا الفقيه الدستوري الذي يري أن من حق الرئيس إصدار أي إعلانات دستورية أو تشريعات. واستند في حواره مع الأهرام إلي الدساتير علي طوال التاريخ المصري بداية من دستور1923 إلي دستور1971 الذي يمنح الرئيس حق إصدار القوانين في حالة غياب البرلمان. كيف تري المشهد الحالي في مصر وما تقديرك له؟ المشهد مزعج للغاية وذلك بسبب موقف القوي التي تسمي ليبرالية وعلمانية ويسارية والنخب وأغلب الإعلاميين سواء من صحافة أو إذاعة أو تليفزيون التي تؤدي إلي بلبلة وعدم استقرار, بالإضافة إلي استخدام البلطجية الحجارة والمولوتوف لقطع الطرق والاعتداء علي المقرات الحكومية, مما أدي إلي وجود ضحايا, وكل هذه الأفعال تقع تحت طائلة العقاب, ولذا يستوجب الأمر اتخاذ إجراءات قانونية شديدة لمنع هذه الظواهر. ما هو رأيك في الإعلان الدستوري الصادر في22 نوفمبر الحالي؟ الإعلان الذي أصدره الدكتور مرسي في محله من ناحيتين: أولا: هو يملك حق إصدار الإعلان الدستوري لأننا مازلنا في الفترة الانتقالية التي ستنتهي بعد صدور الدستور الجديد للبلاد وانتخاب برلمان, وفي خلال تلك الفترة يملك الرئيس السلطتين التشريعية والتنفيذية خاصة بعد حل مجلس الشعب, ولذا من حقه أن يصدر الإعلانات الدستورية أو تعديلها أو إلغاء أي إعلانات سابقة, كما أن من حقه أن يضع قواعد دستورية في الفترة المؤقتة. ولكن البعض يري أنه لا يجوز أن يجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في وقت واحد؟ هذا أمر مسلم به بعد الثورة, فالسلطة التي تتولي أمور البلاد تملك سلطة التشريع وعمل إعلان دستوري, وكان المجلس العسكري يمارس تلك السلطات. ولا نستطيع عند وجود رئيس منتخب أن نقول له إنه لا يملك هذه السلطات, فهذا أمر غريب لمن يقولون إنه لا يملك إعلانات دستورية, فكل دولة يجب أن توجد بها سلطات تمارس التشريع وتتخذ إجراءات تعديل الدساتير. والرئيس استخدم سلطة التشريع في حالة الضرورة التي تمر بها البلاد من أجل الحفاظ علي الدولة ومؤسساتها وحماية الثورة التي ركبتها بعض القوي وتدعي الثورية, مع أن منهم الكثير من الفلول الذين تولوا مناصب وزارية في النظام السابق. ما ردك علي أن الإعلان الدستوري الجديد سابقة لم تحدث من قبل وتجعل منه فرعونا؟ هذا كلام غير حقيقي, فسلطة التشريع يملكها رئيس الدولة في حالة غياب البرلمان, ولها سوابق في التاريخ المصري, فدستور23 في عهد الملك نص فيه علي أنه إذا حدثت غيبة للبرلمان ووجد ما يستوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير أن يصدر الملك مراسيم بقوانين لها قوة القانون, ثم جاءت الدساتير في العهد الجمهوري بدءا بثورة23 يوليو ونص فيها علي أنه في غيبة البرلمان من حق الرئيس أن يصدر قرارات لها قوة القانون, وبالتالي مستقر لدينا منذ العهد الملكي علي مدي90 عاما أن الرئيس أو الملك له الحق في أن يصدر قرارات لها قوة القانون. ما رأيك في الآراء التي ذكرت أن الإعلان قلص من دور المحاكم والرقابة علي القرارات؟ المحكمة الدستورية تملك الرقابة علي دستورية القوانين بأن تفحص مدي اتفاق القوانين مع القواعد الدستورية سواء كانت إعلانات دستورية أو مؤقت أو دائم وهي المستوي الأعلي الذي لا تراقبه المحكمة الدستورية. وبالتالي هذا الإعلان الدستوري من الإعلانات الدستورية المحصنة مدة تطبيقها ومن يعدلها أو يلغيها هو رئيس الجمهورية ولا يملك أحد الرقابة عليها. هناك من يري أن القرارات التي يصدرها الرئيس محصنة تجعله فرعونا فما رأيك في ذلك؟ هذا كلام فارغ, فالإعلان الدستوري يملك إصداره وحصن به هيئات منتخبة سواء كان مجلس الشوري أو الجمعية التأسيسية التي انتخبت علي مرحلتين من مجلس الشعب والشعب. وعلي الرغم من أن هذا التحصين لمدة شهرين فقط وينتهي من عمل الدستور خلال أسابيع, وسيتم وضع مشروع الدستور وطرحه للاستفتاء الشعبي وبعدها سينتهي العمل بالإعلانات الدستورية. هناك من يقولون ما جدوي إصدار مادة بإعادة المحاكمات طالما لم توجد أدلة جديدة؟ النظام الحالي أظهر إرادة سياسية لمحاكمة كل من ارتكب جرائم وقتل الشعب وشكل من أجل ذلك لجنة تقصي حقائق برئاسة شخصيات قضائية وتلك الجنة أعلنت أنها توصلت إلي أدلة كانت خفية وفي ضوئها سوف تتم إعادة المحاكمات. ما هو وضع الجمعية التأسيسية بعد انسحاب القوي المدنية؟ ينسحب من ينسحب, فالجمعية التأسيسية بالرغم من حرصها علي وجود الجميع إلا أنها تكمل عملها, فهناك أعضاء انسحبوا من أشهر ولم يحدث شيء, وهناك نية مسبقة لغرض في نفس يعقوب ولا ندري ما هي أسبابهم للانسحاب وإذا لم يعودوا إلي الجمعية فلا مناص من إحلالهم بالأعضاء الاحتياطيين من داخل الجمعية لكي ينتهي العمل, فلا نعطل من عمل الجمعية أكثر من ذلك لمراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية التي لا تحتمل الانتظار أكثر من ذلك دون وجود دستور. هل هذه السرعة تعني أنه سيكون دستورا مسلوق؟ سيكون من أحسن الدساتير التي وجدت في مصر علي مدار تاريخها كله. هناك من يرون أن الدستور سيخرج معبرا عن التيار الإسلامي فقط فما ردك؟ هذا كلام كاذب, وليس هناك من يسيطر من أي اتجاه علي عمل الجمعية وهم يعلمون ذلك وكثيرا منهم كانوا في الجمعية إلي وقت قريب ووافقوا علي أغلب المواد بالدستور, إلا أنهم لا يريدون الاستقرار للبلد ولا يرغبون في التحول الديمقراطي والوصول لمجالس منتخبة ورئيس منتخب, فتلك القوي هي التي طالبت المجلس العسكري بالبقاء وتعيين مجلس رئاسي منهم. هل تري أنه من الممكن الوصول لتوافق؟ في تفسيري أن التوافق أصبح صعبا خصوصا من بسبب التصعيد من تلك العناصر, بالرغم من أن التوافق مطلوب علي أن يقبلوه, فمطلوب من تلك القوي التوافق علي مصالح مصر, فالدستور يكاد ينتهي وتم التوافق علي مسائل كثيرة منها والاتجاهات التي يتهمونها كانت من أكثر الناس توافقا وتنازلا عن مطالبهم, والدستور ليس به شيء يؤدي إلي الاعتراض. وكيف نصل للاستقرار؟ أري أن الأمور ستهدأ وستجد هذه التيارات أن ما يفعلونه من هدم لأركان الدولة أنها محاولات بائسة ويائسة وسيلاحظون انصراف الناس عنهم ولن يتجمع حولهم أحد.