شعر: فتحي عبد السميع: للمرة الثالثة خلال الأسبوع سال لعابي فجأة, وسقط علي الأرض. نصف مخضوض يدي علي فمي وحذائي علي أثر الفضيحة. كأي لص, صعد من تجويف الفك وقفز بهدوء. وكأي مهووس باللصوص انتبه سريعا أحاول غلق فمي غير أن لعابي يفلت مني. عندما كنت صغيرا كانت أمي تشتم النسوة كلما سقطت عيونهن علي لعابي وعايرنها دون كلام بعبيطها. أزم شفتي ولا أفكر في شتم أحد لا أفكر في الكلام حتي لا يخذلني لعابي علي حين غرة. و أبدو عبيطا. أشياء كثيرة ستفهم خطأ أن لعابي سال من أجلها لعابي الذي حفظته بصلابة الزهاد لعابي الذي لم أجد ما يستحق أن يسيل من أجله ها هو يسيل بلا سبب. برفق أدعك خط سيره علي ذقني شاردا كمن خسر معركة العمر. إلي سيدي عبد الرحيم أخذتني أمي خبط الدرويش فمي بفم القربة وناولني كوبا شربت, وأنا اصرخ, ولم يسقط لعابي مرة أخري. الدرويش يناديني أم لعابي يقودني إلي نزوات فاتتني ولا يصح الكمال بدونها ؟ تراه, مجرد بصقة رقيقة خرجت من تلقاء نفسها. لماذا لم تحتشد مثل عيار ناري؟ لماذا لم تندفع مثل فتوة في منتصف الطريق ؟ لماذا سالت من جانب الفم خجولة وعينها علي الأرض ؟ كم يعز علي خروج بصقة بهذا الذبول ودون أن تترك ظلها إلي الأبد في وجه يستحق ؟ بصقة, ربما, وربما دموع, رجل مكابر يبكي بشكل مختلف. أتذكر أفلاما كثيرة رأيت فيها أبطالا يسقطون صامتين وفي ظهورهم تنتصب الثقوب الطازجة أو أنصاف السهام يسقطون ببطء ودم يسيل من جوانب أفواههم أفكر فيهم كأشقاء وكما يختلف لعابي عن دمهم وصمتي عن صمتهم أفكر في اختلاف ثقوبهم عن ثقوبي وسقوطهم عن جلوسي وموتهم عن حياتي والأم التي تجمعنا.