بقرارها سحب سفيرها لدي تل أبيب, بعثت مصر برسالة قوية إلي إسرائيل مفادها أن مصر ما بعد الخامس والعشرين من يناير مختلفة تماما عما تعودت عليه خلال حكم الرئيس السابق حسني مبارك. وأنها لن تصمت علي اعتداءاتها الجائرة علي اهالي غزة, الذين يتعرضون لهجمات وغارات وحشية منذ مساء الأربعاء الماضي, وأنها ستتصدي بكل ما لديها من مقومات للغرور والعربدة والبلطجة الإسرائيلية في المنطقة. إن رد الفعل المصري السريع علي مهاجمة غزة كان واجبا يحتمه حرص القاهرة علي حماية أمنها القومي, واستعادة دورها الاقليمي الذي قضي عليه النظام السابق, فإسرائيل تنفذ فيما يبدو مخططا شيطانيا لجر الشرق الأوسط لحرب ظالمة, ومن غير المستبعد أن تكون إسرائيل ضالعة بشكل أو بأخر فيما جري ويجري حاليا في سيناء, حتي تبرر للعالم المتخاذل أمامها استهدافها غزة في هذا التوقيت, والزعم بأنها تحارب جماعات الإرهاب والتطرف التي استقرت في شبه جزيرة سيناء, وتربطها علاقات تنسيق وتفاهم مع اقرانها في قطاع غزة. ومن ثم فمن الواجب علي مصر في هذا الظرف الدقيق توخي الحذر وعدم الوقوع في فخ تنصبه إسرائيل بمكر ودهاء, فقد ارتفعت أصوات في الداخل تدعو لقطع العلاقات الدبلوماسية مع الجانب الاسرائيلي, بينما تحدث البعض الأخر عن أن خطوة التدخل العسكري المصري ستأتي لا محالة في المستقبل القريب, تلك الأصوات وغيرها عليها التحلي بقدر من ضبط النفس والتعقل, فمصر اتخذت عدة إجراءات جيدة أخرها كان فتح معبر رفح علي مدار الساعة, ومنع أجازات العاملين فيه للتخفيف علي الفلسطينيين, ودعت لعقد اجتماع لمجلس الأمن والجامعة العربية. فتحرك مصر بمفردها لن يكون مجديا, علي الرغم من أهميته, فالعرب عليهم دعمها والاصطفاف خلفها جبهة واحدة, للحد من الغرور الإسرائيلي, وإعداد ملف محكم لجرائم القوات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة, تمهيدا لمحاسبة مرتكبيها.